المعرض التشكيلي العراقي الثاني في هولندا

في العام 2000 أُقيم المعرض التشكيلي العراقي الأول وشارك فيه (28) فنانا .. وحينها جذب ذاك المعرض انتباها كبيرا مثيرا ردود فعل إيجابية في الوسط الفني وكذا على مستوى التنظيم وتجاوز الصعوبات التي جابهتهم.. وبإصرار كبير عمل حاملو راية الفن السومري وورثة رواد الفن العراقي المعاصر على تنظيم معرض آخر يثبت قدرات العطاء الفني ومنافسة ظروف معقدة محيطة , فجاء معرضهم مرة أخرى ليشكل محطة جديدة ليس على صعيد الاسم المحلي والخصوصية العراقية بل على صعيد مدارس الفن وإبداعه في المحيط الأوروبي الجديد .. ولقد انعكست في المعرض تجاريب واتجاهات فنية متنوعة فبين تلك الأعمال الواقعية حتى منها التي تتخذ الفوتوغرافية في معالجة موضوعها وأخرى كلاسية وبين تلك الأعمال الشعبية والفطرية والأكاديمية المتمترسة بمدارس فنية وتقعيداتها الخاصة ؛ بين كل هذه التيارات نجد بعض الأعمال التي تحمل خصوصيتها الملموسة من تصورات إبداعية مجددة تأتي من مخيلة فناننا العراقي الذي توطدت مهاراته وخبراته حتى بدأ يقدم هو تقعيداته للعمل الفني الذي يبدعه ويقدمه لمشاهده .. هنا يمكن أن نتابع بخصوصية فائقة تلك الضربات اللونية الخاصة لستار كاووش مولِّدا حركة موضوع لوحته التي يقدم فيها داخلا هو جوهر اللوحة وخارجا يعلق على المادة موضحا الدلالة المبتغاة ..وفي لوحات زياد حيدر تستبطن الأشكال الهندسية المتناظرة عالما من التموجات والتداخلات اللولبية غير المنظورة ولكنها الموحاة مما خلف عملية مزج الألوان وتدرجها أما أعمال مثل ما تقدمه فسيفساء أور البصري فنحن أمام المنمات المستوحات من الذاكرة الإسلامية بعصورها المتعاقبة ولمساته الفنية تعتمد (فرض) طبيعة تنقل معينة بين مفردات اللوحة بحيث لا تترك للعين الفاحصة فرصة الاسترخاء مع هارمونية باردة بل تستثير الوعي ليظل متنبها إلى حركة عينه داخل مادته الجمالية.. وهناك تعود إلى أحياء صائب خليل التي تزمجر سماؤها بدم لا ندري منتهاه ولحارث مثنى فكرته المخصوصة حين استخدم مدّ عمله وبسطه على أرضية المعرض وبدلا من تعلق عيون المتلقي فوق على الجدران جعلهم يبحثون بين الأقدام عن صور من عالم تمرغ طويلا وينتظر تلك العين التي تراه بمأساته فتكتشف الجماليات المطمورة في تراب تراجيدياه ! ولدى عفيفة لعيبي عالمها الذي تدعو متفرج لوحتها إلى الدخول إليه من بوابة أحلامها الواقعية الغارقة في ألوانها الرومانسية فيما حامد الصراف يغادر التقديم الكلاسي ليعالج ثيمته الأيديولوجية الثائرة المحتجة بتقاطعات اللون وتضاداته وفي تكوينات بصرية توحي بالموضوع وتلمح إليه بغير تصريح أو إشارة وألوانه ليست ثابتة فهو يستخدم ألوانا هادئة لموضوع وأخرى صارخة لموضوع مغاير … غير أننا بعيدا عن الولوج في عوالم تفصيلية نشير باختزال إلى إن خصوصية المعرض الجديد تكمن فيما يكشفه لا في التنوع ولا في الغنى الكمي والكيفي بل في المهارات والكفايات الفنية الراقية لفناني العراق التشكيليين ولنا مع كل تجربة وقفة مفصلة.

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *