لنوقـِّع على حملة: “المشروع الوطني للتسامح والمصالحة العراقية

قراءات في شؤون التحالف والتسامح وثقافة الحوار

إلى الزعامات والقوى الوطنية والرئاسات العراقية الثلاث:

دَعْوَةٌ لِتفعيلِ مَسِيرةِ التّسَامُحِ والتّصَالحُِ وتَمْتِينِ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَة

لنوقـِّع على حملة: “المشروع الوطني للتسامح والمصالحة العراقية”

لنُنـْشئ مكتب التنسيق للمشروع الوطني للتسامح والمصالحة العراقية

يكادُ العراقيون يصافحون خبرَ الانتهاءِ من تشكيلِ حكومتهم الدائمة ولو بولادة قيصرية متعسرة وبثغرات ليست خافية عن أحد من جهة طبيعة السِّجالات التي أنجبت تلك الحكومة.. كما يجد العراقيون اليوم فرصاَ َ تُتاح ومنافذ تتفتح بفعل أنشطة عدد من الشخصيات الوطنية المسؤولة في أعلى أجهزة الدولة وفي خارجها أيضا، وتجري في ضوء ذلك محاورات مع أطراف “عراقية” ما زالت ترفض الدخول في العملية السياسية حتى الآن…

كما تبدي قوى وطنية عديدة عبر برامجها وأنشطتها محاولات جادة من أجل إقناع أوسع الفئات بالمسيرة السلمية لتغيير الأوضاع إيجابيا بدلا من انحدارها في ما صار أبعد من الانفلات أو ما نحتنا له مصطلح “الانفلاش” بمعنى الانفلات غير المحدَّد مع عملية هدم واسعة وسحق مأساوي دامِ ِ..

لقد توسَّعت أرضيةُ تأييدِ العملية السلمية بالاستناد إلى تجاريبِ الواقع المُعاش وتداعياتِهِ.. فلقد صار المشهدُ الدموي، للاختطاف والاغتصاب والاغتيال والتقتيل الجماعي، أفظع مما تتناقله وكالات الأنباء؛ ما أدى إلى دفع (فضلا عن) أوسع جمهور، مجموعات عديدة جديدة إلى التفكير الجدي بحلول بديلة من نمط تفعيل مسار العملية السياسية والانخراط فيها من باب محاصرة دائرة العنف وقسوته الطاغية..

وصار بيِّنا واضحاَ َ أنَّه لابد من اتخاذ قرار قاطع يحسمُ المسار والوضع ويؤكد بدائل يمكنها أن تقطع الطريق على وقائع الأحداث المتردية ومن يقف وراءها.. ومن الطبيعي أنْ يكونَ البديلُ متمثلا في أعرض تحالفات تتسع قواعدها وعيونها لرصد تحركات القوى الدخيلة الأجنبية منها وبعض البؤر المحدودة التي قد تتبقى..

ولأنَّ المسيرة السلمية هذه بحاجة للدعم والمناصرة، سنضع آية موقفنا في الأمر وراية أنشطتنا  مشروعا وطنيا نسميه “المشروع الوطني للتسامح والمصالحة العراقية” لأنَّ أوضاعنا ما زالت في مرحلة الانطلاق والشروع والتأسيس لعراق جديد بحاجة لإعادة ترميم الذات من جراحها وتطهيرها من أدران زمن ثقيل ناء به الوضع العام فاحتاج إلى تحريك وتفعيل من مثقفيه ومفكريه وسياسييه.. ونضع بين أيدي عراقيينا حركات ومنظمات ووجودا شعبيا عريضا هذا المشروع للمضيّ به وبعراقنا نحو غد نتطلع إليه سويا..

إنَّ مسوّغ المشروع هو حاجتنا للعمل المشترك من جهة ولتوكيد هويتنا الوطنية الواحدة وجذورنا الحضارية من نَبـْعَي الفراتين؛ ولكي نؤكد اعترافنا اليوم بالآخر العراقي ونعلن مساواتنا جميعا بكل أطيافنا ومكوناتنا بلا منّة من طرف على آخر بل بممنونية روح عراقي ومصداقية توجه وحسن ثقة وطيب علاقة ووفاء عهد.. فقط من هذه السمات العراقية الأصيلة سيكون لنا أنْ نتقدم باتجاه الحل الحقيقي المؤمَّل فينا لا بغيرنا وكما هو مضمون الآية الكريمة “لا يغيِّر الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” أي أننا نبقى أنفسنا المسؤولين عمّا نريد وعن مساراتنا وتطوراتها ومجريات ما كان ويكون وسيكون لنا سويا بهويتنا العراقية الشامخة راية فوق قمة جبل وهي كذلك أم خرقة مهملة في قعر وادِ ِ سحيق وهو ما يسعى إليه أعداء العراق والعراقيين…

أما مقترحي في الأمر فيبدأ من تشكيل مكتب تنسيق تشترك فيه كل القوى العراقية بأطيافها الموجودة في البرلمان والحكومة أم خارجه والتي سارت في العملية السياسية أو بقيت حتى اللحظة خارجها.. لا شروط مسبقة إلا على من كان ركب أو يركب اليوم مركب الجريمة والتقتيل ومسارات العنف وهو ما تحكمه القوانين والأعراف “الوضعية” و “السماوية” وما يمكن فرزه بغير تعقيد من لغة الخطاب الخاص بمجموعة وجهة ما وبإجماع في الحكم والتشخيص لاستبعاد مثل تلك  الجهة أو المجموعة…

يكون هذا المكتب مدعوما من الحكومة وبإشراف الجمعية الوطنية ومتابعتها ولكنه بتوجيه مستقل من أعضائه وما يتوصلون إليه من مقررات.. وقد يقول قائل: إن المؤتمر الوطني المنشود موجود فلماذا مكتب التنسيق الوطني للتسامح والتصالح؟ ويكون الجواب كامنا في الجهة الرسمية التنفيذية التي تتابع شؤون تعضيد المؤتمر المعني وتفعيل خطواته لا يأتي إلا من خلال مثل هكذا مكتب مدعوم بآليات عملية تنفيذية وبإجراءات متصلة مستمرة لها ملموس إجراءاتها التطبيقية لخطابها ولفلسفتها ورؤاها ومشروعاتها..

ويمكن اقتراح  تركيبة للمكتب من عضوين أو ثلاثة أعضاء يمثلون كل مجموعة ولهم قوة تصويتية واحدة على أن يتم معادلة التركيبة بأعضاء من الشخصيات الوطنية والخبراء والمفكرين العراقيين المستقلين المشهود لهم بالنزاهة والمصداقية والخبرة وبالمتابعة في الشأن الوطني والارتباط بمصير العراقيين عبر تاريخهم الشخصي ومثل هؤلاء يعوَّل على وجودهم ليكونوا عامل تنشيط وتفعيل للحظات الجمود في الحوار ولحل التقاطعات واستشارتهم في مسائل عقدية بين الأطراف السياسية…

وهذا المجلس التمثيلي للعمل الوطني يؤدي أنشطته بجلسات دورية وبمتابعة عبر مكتب عمل مصغر مهمته اتصالية تنسيقية فيما المكتب العام لاتخاذ القرارات ورسم السياسات وتوجيه الاستشارات وتقديمها لمجموعات العمل من أجل إشاعة خطاب التصالح والتسامح.. على أن ينشط المكتب في عقد الملتقيات الوطنية والإقليمية والدولية المناسبة لحشد الدعم لمسار العملية السياسية وتبقى مهامه في الإطار الاستشاري ولكن المسموع صوته على أساس كونه المرجعية الوطنية البديلة للغة المحاصصة وخطابات التنافس والتسابق على توزيع العراق وخيراته ومكوناته الشعبية بطريقة مريضة…

إنّ عدم الالتفات إلى مشروعات إجرائية كهذه مما اقترحته الشخصيات الوطنية وحاولت رسم برامجه سيفوِّت علينا مزيدا من وقت ذهبي نفيس مهدور تذهب فيه سدى ضحايا بمزيد من القسوة والعنف الدموي والاستباحة لأبناء شعبنا وأهلنا.. فيما سيكون من الرشاد لسياسيينا وللجهات الوطنية ومنظماتها بكل تكوينات مجتمعنا المدني ومؤسساته أن يصغوا لرؤى مفكرينا الذين يعيشون في منافيهم ومهاجرهم ولكنهم يتنسمون هواء الوطن ويحيون في ظلال مصالح شعبه حرصا عليها وقلقا على استقرار أوضاع الأهل بمجموع مكوناتهم وأطيافهم بلا تمييز…

لقد سبق أن اقترحنا إلى جانب قوى وشخصيات وطنية أخرى تشكيل مجلس الأمن الوطني ومنحه الاستقلالية والسلطة الكافية لتسيير أمور مشتركة في شؤون الأمن وضبطه وقد باشرت الحكومة وقوى وطنية فيها للعمل على وفق جزئيات واسعة من المشروع.. وسنجد أمر تشكيل المجلس الاستشاري الوطني الموجود في مشروع سابق لنا بالخصوص أو مكتب التنسيق لشؤون التسامح والمصالحة المقترح هنا..

إذ سيكون مع مسار المؤتمر الوطني ومواصلة أعماله حاجة جدية لمكتب التنسيق المجاور لأنشطة الحكومة والجمعية الوطنية بوصفه مرجعية وطنية مشتركة لا تقوم على محاصصة ولا تقسيمات وتشطيرات أو تشظية وتتأسس على الكفاءة واستشارتها ما يؤكد رفض استبعاد كفاءاتنا وشخصياتنا الوطنية التي تتحسس هموم الوطن والناس عن كثب ولكنها اليوم تنتظر وسيلة تفعيل لدورها وليست هذه الوسيلة غير مكتب التنسيق الوطني هذا..

هل سنبدأ أم سنجد إضاعة لوقت ثمين آخر تاركين ضحايا جدد من أهلنا نخسرهم يوميا؟ هل سنتحدث سويا ونصغي لبعضنا بعضا أم نصم الآذان ويبقى حوار الطرشان سببا لمآسِ ِ جديدة أخرى؟ سنبدأ ولكن الإرادة تريد قرارا نافذا وعلى الفور.. يمكن للرئاسات الثلاث أن تتخذه أو تباشر به اليوم قبل الغد.. فلا ننتظرنَّ مزيدا من هدر جهود فمزيد من هدر دماء وحيوات بل لنكسب كل جهد ولنفعِّل أنشطتنا.. من جانبي شخصيا لدي مقترحاتي في شخصيات وطنية محددة وقائمة من مفكرينا بخبراتهم الغنية ولي متابعة في الأمر وتفاصيله الإجرائية..

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *