الزمان والمكان في روايات غائب طعمة فرمان

تأليف : د.علي إبراهيم     عرض: د. تيسير الآلوسي

                     بين يدي القارئ الكريم سِفْر نقدي يتنقلُ عبرَهُ بين ثنايا واحدةِِ من أبرزِ تجاربِ الأدبِ العراقي الحديث .. وإذْ يقرأُ هذا السِفرَ في أعمالِ الأديبِ العراقي الراحلِ غائب طعمة فرمان فإنَّهُ لا يقف عند حالاتِ الكشفِ عن جمالياتِ نصوصِهِ وعلاماتِها الفنيةِ بلْ يذهب بعيداََ لينتقلَ بقارئِهِ إلى أجواءِ تلك السردياتِ(الروايات) وعوالمِها المرجعيةِ حيثُ أزقة بغداد وشوارعها وشناشيلها ومعالم أحيائِها ما يحملُنا على فهمِِ عميقِِ لمعطياتِ تلك النصوص والوصولِ إلى مفرداتِها المكوِّنة

لقد استطاعَ يراعُ الناقدِ تشريحَ مادتِهِ مطوِّعاََ لها أدواتِِ أكاديمية ونظريات نقدية بأسلوبِ السهل الممتنع والكتاب بعد ذلك يحتل مكانَهُ في المكتبةِ النقدية والأكاديمية ولابد أنَّهُ يتبوأ مكانه الطيّبَ عند دارسي الأدبِ وقرّائِهِ..وكتابُ الدكتور علي إبراهيم الذي صدر عن دار الأهالي بدمشق انقسم بين محورين رئيسيين هما المحور النظري الذي تناول فيه جذور الرواية في الأدب العربي وعلاقة نشأتها بتأثير الأدب الغربي وامتدادات أشكال النثر العربي المعروفة فيها .. وهنا يشير المؤلِّف إلى علاقة ظهور الرواية في الأدب العراقي الحديث بالتطورات الاجتماعية والسياسية في البلاد. ثم يتلمس آثار المنتج الروائي في النثر الأدبي مطلع القرن العشرين مشيرا لعدم اكتمال خصائص البناء الروائي حتى ذلك الحين في وقت ستكون الخمسينات نقطة انطلاقة أكيدة لهذا الفن الأدبي ؛ وبمعالجته لشؤون الرواية عند فرمان يستخدم تشريحه النظري  في مداخل مباحثه التالية كما في (خرونوتوب) أو الزمان والمكان في تلك الرواية مقدما دراسة اجتماعية لازمة للدخول إلى عوالم نماذجه الروائية حيث مدينة بغداد وأحيائها تسيطر على تكوينات إبداعه الجمالي الأدبي وهو ما أراد الوصول إليه المؤلّف باستنتاجاته.. ويظل أمر هذا الإصدار بانتظار مطالعة جدية من متابعي الأدب العراقي وانعكاسات القيم الاجتماعية والسياسية للمجتمع العراقي فيه وآليات هذا المنتج وجمالياته..

 

                                                                            نُشِر في مجلة البلاتفورم العراقي عدد 3

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *