العراق والمقدسات الدينية: المسيحية واليهودية  مثالا \ مطلوب رؤية استراتيجية تضمن مصالح الناس وتؤمّنها

يعيش العراقيون اليوم تحت ضغوط أزمات داخلية ولكنهم ليسوا بعيدين عن الأزمات الدولية المحيطة بهم.ولأن العالم مال اليوم إلى مشكلات تـُحمَّل محملا أو تأويلا دينيا في كثير من الأحيان فإنَّ للعراق نصيبا مهما في إمكان أن يشرع بحلول مناسبة في هذه القضية.. ولأن العالم كذلك صار يبحث عن وسائل جذب الاستثمارات فيما الأموال تنتكس بين ساعة وأخرى كما هي حال انهيار الأسواق المالية العالمية والإقليمية الجارية، لأنّ ذلكم واقعُ حالِ الأمور، فإنّ التفكير في ثروات استراتيجية مضافة يبقى مطلوبا على الرغم من وجود البترول بآخر قطرة منه في باطن الأرض العراقية.. وعلى الرغم من وجود ثروات متنوعة غنية أخرى..

إنَّ العراق موئل تراث الإنسانية وفيه من الآثار التي تحتفظ البشرية لها بأهمية ومكانة مميزتين مثلما فيه المعابد والمراقد الدينية الأكثر أهمية عالميا.. ففيه أماكن ومزارات دينية لأنبياء وكنائس تبقى في صميم الذاكرة الإنسانية المسيحية منها تحديدا وسيكون أولا وكمبدأ يعمق احترام العراقيين لمكوناتهم من المجموعات الدينية أن يفسحوا المجال واسعا للمسيحيين كيما يتحدثوا عن تلك الأماكن المقدسة ويستقدِموا مسيحيي العالم متحدثين عن عزة هذه الأماكن المقدسة المتأتية من علو مكانة المواطن العراقي المسيحي واحترام المجتمع لديانته ومعتقده في ضوء مبادئ المساواة والعدل والإنصاف..

إن القضية ليست مجرد قضية أزمات اقتصادية وجذب استثمارات وسياحة دينية تجذب الأموال للعراق بعامة ولكنها قضية توكيد مبدأ لأنفسنا وإعلانه للعالم.. أقصد مبدأ تساوي العراقيين وتآخيهم وعيشهم في حال من احترام بعضهم بعضا من جهة وفي حال من مواصلة مشوار كتابة المعارف والقيم السامية التي سطروها في سجل تراث الإنسانية هنا في أرض سومر المقدسة.. حيث بيوت أنبياء ومراقد ومقامات وأضرحة ومعابد وكنائس وأديرة مهمة نبعت منها الرسالة المسيحية وينبغي أن يُحفظ لمعتنقيها قدسية علائقهم بها..

ولا مجال للحديث عن زيارات لمسيحيي العالم هنا إلى موئل الأنبياء والكنائس التاريخية بلا رعاة لهذه الكنائس والأديرة وبلا أهلها من العراقيين المسيحيين أنفسهم.. أما وقد نشهد عدم حسم أمور من نمط الجرائم التصفوية الجارية بحق المسيحيين فقد تستمر الجرائم حتى نصحو على كارثة قطع عضو من الجسد العراقي بما يمثل قتلا مؤجلا للعراقيين وللوجود العراقي..

وفي ضوء هذه الحقيقة يبدو لي أن أول من ينبغي أن يهتم بأبنائه وببيوتهم وبمعابدهم وكنائسهم هم أهل البلاد حتى لو كان من بين خطوات الاهتمام دعوة الجهات الدولية المختصة للمساعدة لا في قضايا الاستقرار حسب بل وفي قضايا التعمير وحماية المباني وترميمها وليس أدرى بالكنيسة أكثر من أهلها من العراقيين المسيحيين ومن مسيحيي العالم وعلى رأسهم بابا الفاتيكان والبطاركة والمعنيين من مختلف مسؤولي الكنيسة عالميا… وهؤلاء لن نجد منهم إلآ سرعة استجابة لأنهم أصحاب رسالة سلام ومحبة وحاملي مشاعل التعايش بنور الإخاء الإنساني…

وفي السياق حيث مبدأ احترام مشاعر الناس وطقوسهم وعباداتهم ومن ثم توكيد أن العراقيين كانوا وما زالوا رسل وحدة البشرية وتعمقها في علاقات إيجابية بناءة، ينبغي أن يشرع العراقيون أولا بتطمين علاقات شعوب الشرق الأوسط جميعا وفتح باب يؤكد مصداقيتهم في مبدأ الإخاء والتعايش السلمي ويطمن حاجة ملايين البشر ممن يعتنقون ديانات لها مقدسات هنا بين ظهراني العراقيين ومن ذلك كون العزير محج يهود العالم…

والعزير في غنى عن تعريفي به ولكن الأمر بقدر تعلقه بالعراقيين، ينبغي أن أشير إلى موئل وجوده في مدينة العمارة ناحية العزير وبالتأكيد سيكون مفيدا لو أننا ابتنينا مطارا أو أكثر قريبا من هذا المحج وفنادق ليزوره المعتقدين به بعد أن نكون أزحنا عوامل منعهم من زيارته وأداء طقوسهم الدينية المقدسة… وحيث لكل مجموعة دينية حج سنوي يؤدونه يلزم أن نعطي لملايين يهود العالم حقهم في زيارة محجهم سنويا ولو مشروطا بحدود المكان المزار…

ومرة أخرى سيؤكد هذا فلسفتنا المتفتحة ومنطقنا العقلي المتنور ومبدئنا وقيمنا التي نتمسك بها في العيش بسلام وإخاء مع الآخر وفي احترامنا لمقدسات الآخر وطقوسه وحقوقه في ممارستها بلا عرقلة نكون نحن السبب فيها..

فإذا نهضنا اليوم بالأمر فسيحسب ذلك لنا وسيكون مردوده لنا وإذا أغفلناه وأهملناه فلن يأتي من وراء ذلك إلا ندامة على تأخر لن يمنع في النهاية ملايين البشر من إيجاد وسيلة لهم لأداء ما يستجيب لمعتقداتهم.. فلماذا نؤجل أمرا منتظرا كهذه المسألة التي سيكون في التعاطي معها واحدة من خطوات  أو جزئية من  مفردات الحل لمشاكل تعصف بنا..

إذ بوجود الثقلين المسيحي العالمي واليهودي العالمي سنعمِّد مسيرتنا لتطمين الأوضاع والاستجابة لحلول ذات آفاق استراتيجية ثابتة ومكينة.. ولابد أن نستذكر هنا توجه دول مهمة في المنطقة لحمل رايات الحوار بين الديانات [بخاصة منها الإبراهيمية أي النابعة هنا من أرض أور وبابل] وخلق أرضية التعايش بين المجموعات البشرية بما يفضي لمزيد من تبادل الاحترام وتحقيق العيش بلا عداوات تفتعل أسباب الاختلاف والتقاطع والتطاحن.. وفي زمن تتصاعد فيه وتائر تستخدم الإيقاع بين البشرية على أسس دينية، ينبغي للعراق أن يعلن مشروعا استراتيجيا في حمل رسالة الحوار والتسامح من هنا من حيث المعابد والكنيس والكنائس اليهودية والمسيحية الموجودة في أرض الرافدين…

وليس بعد معالجة مثل هذه القضية سوى استفتاء العراقيين أنفسهم في قبول هذا المشروع الوطني والإنساني والديني القائم على مبادئ التسامح والتعايش السلمي وقبول الآخر واستثمار ذلك في خير أبناء المنطقة وتطمين مطالبهم ومطالب ملايين ممن يعتنقون الديانة أو العقيدة ذاتها في بقاع الأرض كما أن لمسيحيي العراق حقهم في استقدام زائريهم وضيافتهم في موئل أنبيائهم ورسلهم وحق الكنيسة في حمل رسالتها لوحدة مسيحيي الشرق وتوجههم لمسيحيي الغرب يرسائل تفاهم وتعايش بعد أن صار يعيش في المهاجر الغربية عشرات ملايين من مسيحيي الشرق..

والقضية التي تخص مسيحيي الشرق ليست جريمة بحدود مطاردات في مدينة عراقية أو أخرى بل هي قضية تخص وجودهم في بلدان الشرق وانتشارهم في مهاجر قسرية قصية مذ أول مذابح طاولت الأجداد حتى آخر هولوكست ما زال يجري بحقهم.. أما القضية اليهودية فسيبقى جزء منها بيد التشدد والتطرف وسيفرز الأمر مشكلات وحروبا كما هو جارِ ِ ولكن توفير الحلول المناسبة وتطمين ممارسة الطقوس والعدل الذي سيعود على المؤمن بما يريد من زيارة وحج لن يكلف سوى استثمار يبني ويفيد ويغدق على أهله وعلى البشرية لا بماديات حسب بل وبمعاني لعالم جديد…

إنني أضع بين يدي أخوتي من العراقيين أن يبدأ مشروع استراتيجي يبدأ من بيت إبراهيم والعزير في الناصرية والعمارة أو أور والعزير ومن الكفل ومار متي وغير هذه الأماكن لبناء مطارات وفنادق لاستقبال الحجيج وحسب فقط لا غير فما الضير؟؟؟؟؟؟؟؟

هذه دعوة فوق الحواجز المؤدلجة والمسيَّسة ولننظر لما قامت به دول جوار؛ فإيران ويهودها والسعودية ومبادرة مليكها في حوار الديانات وهي مواقف وسياسات تمثل الأكثر صوابا في توجه اليوم وقيم الغد ولنبدأ:

شخصيا أدعو كل مواطن عراقي مسيحي أو يهودي بل وقبلهما المسلمين وكل العراقيين من مختلف الديانات ليقولوا كلمتهم: ألا تريد يا ابن ناحية العزير أن تقول موقفك الإنساني المتفتح في التعايش مع أخوتك من بقية الديانات؟ وفي غير هذا ألا تريد أن تأتي إليك استثمارات لها أول وليس لها لا آخر ولا نهاية فتحيي بها مدينتك المهملة وتعيش رغدا بعيدا عن آلام الفقر المدقع والحاجة والفاقة والمرض وأصناف المشكلات؟     كلها تنتهي بالتفكير بمشروع كهذا ينظر بمصداقية لهذه الثروة المطمورة تعبيرا عن استغلال لك وللآخر.. وليبدأ التصويت من لحظة قراءتك هذا المقترح أرسلوا التأييد وسنبدأ سويا..

أوجه دعوة التصويت هذه للمواطن البسيط وللكنيسة والكنيس وللحكومة المحلية في محيط كل أثر ديني مهم وللحكومة الوطنية ولممثلي الديانتين الميسيحية واليهودية في العالم…….وعساني أصبتُ كبد الحقيقة ليكون ذلك مفتاح أمان وسلام للجميع.

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *