مبادرات اجتماعية لأنسنة حيوات العراقيين تضامنوا مع مبادرة جسر الحب في البصرة

على الرغم من الأجواء التي تنشرها قوى الجريمة المافيوية المنظمة والميليشيات الطائفية وكلاهما يتستر بغطاء التدين المزعوم تضليلا ومحاولة لتمرير جرائم الفساد والاستغلال واستمرار دوامة الفوضى والعنف؛ على الرغم من ذلك مازالت الأنشطة المجتمعية السلمية مستمرة بدأب تحاول استعادة أنسنة فضاء العيش بمختلف المدن والمحافظات.

وها هي الندوات الثقافية وأنشطة الإبداع الجمالي: الأدبي منه والفني تستمر في الانعقاد ويستمر معها تكريم المجتمع لمن نهض وينهض بتلك الأنشطة المدنية السلمية. ويجري الاحتفاء بجميع المواطنات والمواطنين المبادرات والمبادرين بأنشطة مفيدة للمجتمع المدني العراقي.

من بين تلك المبادرات محاولة أحد البصريين لترشيخ فكرة أقفال الحب التي يراها بعضهم منتشرة بأوروبا حيث يأتي المحبون العشاق ويضعون قفلا على الجسر المعروف ويرمون مفتاحه في النهر؛ بمحاولة لرسم طقوس مجتمعية تغذي الذاكرة الإنسانية بمعاني الحب الخالد وبديمومة العلاقة الإنسانية بين العاشقين أو المحبين.

ويذكرنا هذا بالأغنية العراقية المعرفة التي تصف كيف “سد باب گلبي ويلي و ضيّع المفتاح” ففكرة الأقفال والمفاتيح ليست مقصورة على شعب دون آخر.. ولعلها فكرة جد جميلة أن يكون هناك معلم بمدننا يعمق معاني التلاقي والمحبة ويحييها بدل معاني الفرقة والكراهية والحقد وثقافة العنف وبشاعاته…

أضع ندائي هذا للبصريات والبصريين كي يؤازروا مهمة استعادة تنفيذ الفكرة التي اعتدى عليها بعضهم على الرغم من وجود إجازة رسمية مخصوصة وعلى الرغم من مناصرة بصريات وبصريين للفكرة وممارستهم إياها بجماليات معروفة عن طيبة البصريين ونقاء سريرتهم وروح المحبة التي يحملونها وينثرونها على كل من عرفهم وزار البصرة…

إن الاعتداء الذي طعن فكرة أقفال الحب هو غلطة في رؤية الموضوع وفي طريقة النظر إليه.. ونعتقد أنها لن تتكرر إذا ما أعلن البصريون جميعا معا وسويا وقفتهم مع الفكرة ومع إعادة تنفيذها.. فهي فكرة معبرة عن مجتمع التسامح والمحبة وكل تلك القيم السامية النبيلة للبصريين المشرقين خيرا لأنفسهم أولا ولمجتمعهم حاضرا ومستقبلا وهم بهذا يحيون تاريخا من عيشهم بقيم أنسنة وجودنا وتطبيع فضاءاته بالمحبة وبالإخاء وبالوفاء لتلك القيم الشفيفة السامية..

ثقة وطيدة بأن رمز المحبة ورمز التمسك بأبديتها وديمومتها وبالتمسك بالعهد للمحبوب والوفاء له هو الرمز الذي سيُعنى البصريون به ويدعمون المبادر به لأن المبادرة تجسد طيبة أهل البصرة التي عرفهم القاصي والداني…

كل الحب لكم أهلنا في بصرة الخير وكل الوفاء لكم يامن تواصلون دروب أنسنة وجودنا ومعالجة السلبيات والعقبات بالتسامح وبمزيد تمسك بالمحبة
*********************************************
نص الخبر الخاص بالموضوع:

الميليشيات أجهضت نسخة البصرة من أقفال الحب

ترجمة عبدالاله مجيد / ايلاف

عندما وقع أيمن كريم في الحب صيف العام الماضي، أراد أن يشاركه الآخرون فرحته، وكان العراق وقتذاك يترنح تحت صدمة اجتياح تنظيم “داعش” مدنا عزيزة على العراقيين مثل الموصل، وكان أبناء البصرة، مدينة كريم، يموتون بالعشرات على جبهات القتال.
قال كريم البالغ من العمر 26 عاما “كنا في ظلام ونحتاج الى نقطة ضوء لإسعاد الناس، كنتُ سعيدا وأردتُ أن يشاركني الجميع في حبي”.

قفل الحب
وقرر كريم ان ينفذ فكرته لإسعاد الآخرين بنقل تقليد “قفل الحب” الاوروبي الى العراق بتشجيع المحبين على ربط اقفال بأحد جسور البصرة، عربون وفاء لمن يحبون.
وكان تقليد قفل الحب، انتعش وراج في اوروبا حتى أن جزءا من جسر بون دي آرت في باريس انهار العام الماضي تحت ثقل الأقفال.

حب محفوف بالمخاطر
ولكن الحب في عراق اليوم محفوف بالمخاطر لا سيما في مدينة البصرة حيث للميليشيات وجود قوي ومن يعبر عن عواطفه بمثل هذه الأشكال المستوردة يعرض نفسه الى ردود افعال قد لا تُحمد عقباها.
كان كريم التقى خطيبته الموظفة في الصيف على خلفية الحرب التي اشتعلت باعلان داعش دولة الخلافة، وقال إن العراق مجتمع محافظ لكنه التقى فتاة احلامه على فايسبوك، وكان موعدهما الأول على ضفاف شط العرب، وقال كريم “أحببنا أحدنا الآخر وكان ذلك بسرعة”.
وعمد كريم الذي يعمل مهندسا ميكانيكا الى استخدام خبرته في تنفيذ مشاريع اجتماعية لترجمة فكرة قفل الحب على ارض البصرة مع مجموعة من الأصدقاء.

موافقة من السلطات
وحصلت المجموعة على موافقة من السلطات المحلية لاعادة طلاء جسر على كورنيش البصرة وترميمه، وُمدت الواح معدنية مشبَّكة على سياج الجسر لربط أقفال الحب بها.
وأخذ بصراويون شيباً وشباناً يكتبون اسماءهم على الأقفال، وفي حين كان الأوروبيون يرمون المفاتيح في نهر السين، كان البصراويون يرمون مفاتيح قلوبهم في شط العرب.
كان البعض متزوجين يريدون تأكيد حبهم لزوجاتهم وكان البعض الآخر شباباً جديدين على الحب، ورُبطت اقفال تعبيرًا عن حب البصراويين لإخوانهم واخواتهم وامهاتم وآبائهم، وكان أشخاص يأتون من بغداد ومن مدن جنوبية مثل العمارة والناصرية والنجف الى مدينة الحب الجديدة في العراق.
ويتذكر سجاد حسين، الذي يعمل في أحد مطاعم البصرة يوم ربط قفله قائلا “أنا متزوج لكني جئت لربط قفل يكون عنوان محبتي لزوجتي”.

تهديد
وسرعان ما بدأت التهديدات تصل الى كريم صاحب المبادرة، وقال والده لصحيفة واشنطن بوست انه فتح مظروفا دُس من تحت باب منزل العائلة ليقرأ فيه “ننصحكم بالابتعاد عن ذلك الجسر، فقد يكون فيه خطر عليكم”. وكانت في المظروف رصاصة.
وحاول والدا كريم اللذان كانا معارضين لفكرة قفل الحب من البداية، اقناع ولدهما بانهاء ما بدأه.
في تشرين الثاني (نوفمبر)، وفي يوم عاشوراء على وجه التحديد، انتهى مشروع قفل الحب، إذ تلقى كريم مكالمة أُبلغ فيها بأن هناك مشكلة على الجسر، وحين وصل الى المكان رأى مسلحين ملثمين يقتلعون الألواح المعدنية المشبكة ويرمونها مع اقفالها في مياه شط العرب، وقال كريم لصحيفة واشنطن بوست “شعرتُ وكأن أحدا يخنقني”.

جسر الحب
اليوم كل ما تبقى على الجسر نقوش تركها العاشقان ” م + ز” وعبارة “افتقدك”. ولكن البصراويين ما زاولوا يسمونه جسر الحب.
وأكد حسين عامل المطعم ان زواراً ما زالوا يتوافدون باحثين عن أقفال الحب. واضاف ان ماحدث “كان محزنا وحين رأيته مدمرا لعنتهم، إذ كان مشهدا لطيفا”. وخابت آمال مجموعة من شباب بغداد حين وصلوا الى الجسر ليروه خاليا من اقفال الحب، وقال حيدر فاضل (25 عاما) انه رأى صور الجسر على فايسبوك ولكن الأقفال اختفت حين وصل مع اصدقائه الى الجسر.
ورغم التهديدات يعتزم كريم إعادة الأولواح المعدنية المشبكة واطلاق مشروع جسر الحب مجددا قبل حلول يوم الحب في 14 شباط (فبراير)، وقال كريم “علينا إيصال رسالة بأنه حتى في وضع العراق الحالي هناك حب، وهناك طيبة”.

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *