في اليوم العالمي للاجئين: مطلوب رعاية وطنية للاجئ العراقي

تمنح الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 على وفق قرار الأمم المتحدة في ديسمبر 2000، الرعاية التامة والمتساوية مع مواطني دول الاستقبال للاجئين. ومع ذلك فإنّ حجم اللجوء وتفاقم الظاهرة بوصولها إلى حجم عشرات الملايين، جعل من إمكانات الاستقبال جد معقدة ودفع للتمحيص والمراجعة وولَّد ظروفاً قاسية في الإمكانات المتاحة لاستقبال مزيد اللاجئين؛ مع ظروف الكامبات ودخول تجار البشر الذين ألقوا بعشرات آلاف طالبي اللجوء لتلتهمهم البحار والمحيطات و\أو تفترسهم الغابات بوحوشها الحيوية والبشرية..

لقد نجم عن تضخم ظاهرة اللجوء كثيراً من المشكلات الإنسانية التي تتطلب مراجعة مواقفنا تجاه من اضطرته الظروف العامة بكل انهياراتها ومعضلاتها للتوجه نحو طلب اللجوء. ولأن العراق بات اليوم من بين أكبر الدول الطاردة لمواطنيها بسبب اتساع جرائم الإرهاب وميليشياته وبسبب حجم جرائم الفساد والميليشيات الطائفية المصطرعة بجناحيها وعنفهما، وجب علينا اتخاذ مواقف جدية مسؤولة تجاه مواطني البلاد بخاصة من المجموعات الدينية والقومية المهمشة والمطاردة بشبح التصفية والإبادة..

إن أغلب الذين تضطرهم الظروف لطلب اللجوء هم أتباع الديانات والمئاهب ممن يجري بحقهم جرائم إبادة جماعية و\أو جرائم ضد الإنسانية وباتوا يخشون على من تبقى من عوائلهم وعلى حيواتهم ومصائرهم وهم يتعرضون فوق ذلك في الطريق نحو بلدان اللجوء لأبشع حالات الاستغلال من مافيات الاتجار بالبشر..

ولذا يجب أن تتخذ المنظمات الدولية والإقليمية قرارات تتناسب وطابع الظاهرة وحجمها المهول بخاصة بظرف استثنائي للعراقيين يتلاءم وحجم الظاعرة هنا.. كما يجب على الحكومة العراقية وعلى منظمات المجتمع المدني العراقية في الوطن والمهجر أن يلعبا دوريهما في التصدي لما يتهدد أولئك المتجهين نحو مستقر يلجؤون إليه هربا من مأساة تصفيتهم ونجاة بجلودهم تاركين كل ممتلكاتهم وذكرياتهم خلفهم، لكن بمجابهة مع مصائر تخبئ لهم مزيدا من مخاطر الطريق!

إن حجم اللجوء العراقي إلى دول المنطقة ودول الاتحاد الأوروبي وأستراليا يأتي في مقدمة التسلسل بعد أن انهارت مؤسسات الدولة العراقية وتراجعت إمكانات ضمان حياة مواطنيها بخاصة في المناطق التي انسحبت منها لتتركها نهبا لقوى الإرهاب وميليشياته الهمجية ووحشيتها.

في اليوم العالمي للاجئين لابد لنا من خطط استراتيجية تضمن سلامة ظروف المواطنين في المحافظات التي مازالت تحت سلطة الدولة بإنهاء يلطجة الميليشيات الطائفية وتعزيز دور المؤسسات الحكومية الرسمية وسلطة القانون وباستيعاب ملايين النازحين الثلاثة بطريقة تشعرهم بوجودهم بحماية وبمساواة مع مواطنيهم الآخرين ومنع التمييز الواقع عليهم كونهم من نازحي محافظات بعينها أو كونهم من أتباع ديانة أو مذهب آخر..

وبهذا الإطار يجب توفير أفضل فرص العيش البعيدة عن جرائم الاستغلال والابتزاز وهذه هي الطريقة الأنجع عن تحولهم إلى مصدر كبير للجوء مع ملايين أخرى يئنون من الفقر والحرمان  ليصل الحجم إلى 6 مليون عراقية وعراقي في داخل البلاد حتى هذه اللحظة.

في هذا اليوم الأممي علينا أن نحتفي باللاجئ كونه إنسانا كامل الأهلية ما يضعنا أمام واجبات تخص توفير الرعاية ومتابعة ظروف العراقي أينما حل واينما ارتحل.. لأنه لا يهرب من نظام الحكم كما حصل مع نظام الطاغية قبل عقود ولكنه يهرب من مشكلات تجابه الحكومة متجسدة في ثالوث ((الطائفية، الفساد والإرهاب)) الأمر الذي يلزم الحكومة بوضع برامج تتخلص من تأثيرات هذا الثالوث وتعيد للعراقي حقه في العيش الكريم وتدفع عنه غائلة الشتات ودول اللجوء وظروفها المركبة المعقدة بكل ما تتضمنه من مخاطر هي الأخرى.

إن منظمات حقوق الإنسان العراقية في دول المهجر للجاليات العراقية المستقرة هي الأخرى معنية بأن تكون أكثر فاعلية في العلاقة مع اللاجئين وتدخل مع جهات رسمية لتلك الدول كي تتحمل واجباتها الإنسانية في التعريف بالظروف والمستجدات والبيئة المجتمعية الجديدة وبتجنيبهم مشكلات تنشأ عن عوامل ليس أدناها مشكلة اللغة المحلية…

فما علاقات تلك المنظمات بالمحامين؟ وما علاقتها بمخيمات اللجوء؟ وما علاقتها بمنظمات اللجوء بتلك الدول؟ وما هي إمكانات عملها؟ تلك أسئلة واجبة ومنتظرة..

إن ممارسسة الواجبات تعيد الثقة بالهوية الوطنية وتصنع ظروفا أفضل للتخلص من أشكال السحق والتشويه للشخصية الإنسانية وتعرضها لمزيد من نكسات بظروف انقطاعها عن المجتمع الذي جاءت منه، حتى تتحول المشكلة نوعيا وتصبح ليست هربا من الوضع العراقي بل الهرب من الذات والتخلص من الهوية بطريقة تمزق الشخصية وتجعلها عرضة لانتهاكات خطيرة من أفعالها الخاصة قبل أفعال الآخر..

أجدني بهذه المناسبة أكثر تركيزا على واجباتنا تجاه إنسانية الإنسان وبعض تلك الواجبات والمهام تتعلق بهوية اللاجئ وأولى بنا أن نبدأ من اللاجئ العراقي بطريقة تتناسب ومسؤولياتنا الأخلاقية الإنسانية بأوسع معانيها..

ولربما وجدنا في مؤتمرات متخصصة فرصة لوضع معالم الحل والتقدم بجهودنا نحو أفضل الحلول..

وقبل أن أتوقف عند حد في معالجتي أتساءل عن معرفة الجهات الرسمية العراقية والمجتمعية المدنية بحجم الجاليات العراقية وبحجم طلبات اللجوء في شتات العراقيين بدفعتهم الجديدة التي تسببت بها موجة الحرب مع الإرهابيين والحروب مع الطائفية والفساد وقواهما التخريبية؟؟

وهل هناك توجه جدي فاعل ومؤثر لصنع استراتيجيات أو حتى حلول عاجلة وآنية تصل إلى العراقيين المنكوبين باللجوء؟؟؟

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *