قسوة مضاعفة على النسوة الأرامل، تتطلب حلولا استراتيجية ومعالجات مباشرة عاجلة!

فُرِضت على الشعب العراقي طوال العقود الأخيرة حروب همجية راح ضحيتها مئات ألوف المواطنين.. وضاعف الأمر وفاقمه دخول العراق مرحلة أخرى من حروب عبثية جديدة قادتها قوى الطائفية السياسية وميليشياتها التي أودت بحيوات جمع آخر من العراقيين نقل حجم الأرقام إلى الملايين.. والنتيجة الكارثية أفرزت حجماً مهولا من النساء الأرامل اللواتي أمضين السنين الأخيرة تحت رحمة الأزمات العاصفة. ومع انضمام مئات ألوف جديدة لقوائمهنّ بات المشهد المأساوي أشد عتمة وأعمق غورا بجراحاته..

ففي الظروف الحالية حيث انعدام الأمن والأمان والافتقاد للسلم الأهلي وتراجع القيم الاجتماعية السائدة ومحاولات إعادة المرأة إلى البيت وأسرها فيه بإطار من الانكفاء باتجاه قيود التقاليد البالية لتتحكم بهنّ مع سطوة ظاهرة التبطل والعطالة فضلا عن اتساع ظاهرة الفقر أفقياً عمودياً كل ذلك وضع الأرامل في مواضع كارثية تتفجر باتجاه مخارج سلبية أخرى…

وعلى سبيل المثال لا الحصر، بتنا اليوم بمجابهة مع أشكال التزويج القسري خارج المحكمة وكذلك ظهور أشكال زواج ليس من بينها ما يضمن للمرأة حقوقها.. مع إضافة جرائم الاتجار بهنّ حد ظهور أسواق نخاسة للنسوة! إن جرائم خطيرة صارت تخضع لها الأرملة في ظروف العوز والانفلات الأمني وعدم توافر الحماية المجتمعية الكافية.. وهذا تطلب اليوم موقفا حازما وحاسما نحاول هنا الإشارة بعض عناصره وبعض المقترحات بشأنها بانتظار دراسات جدية متخصصة:

  1. إيجاد مصادر عيش واستقرار تكفي الأرملة بخاصة اللواتي يرأسن عوائلهن ويعلْن أيتاما.. ومطلوب هنا رفع ما يتسلمنه شهريا من دعم الضمان الاجتماعي بما يوفر القدرة الشرائية الكافية لتغطية مطالبهن وعوائلهن..
  2. توفير الرعاية والدعم لمشروعات اقتصادية صغيرة بإدارتهنّ وجهودهن تلك التي تعالج جانبا من ظروف التبطل والعطالة مع تعزيز مهام التدريب والتأهيل باتجاه إدماجهن في سوق العمل المنتج.
  3. تعزيز مهام التأهيل النفسي الاجتماعي لإدماجهن وتوجيه برامج رعاية مخصوصة لمعالجة ما يجابههن من مشكلات وعقبات حياتية.. وبهذا الخصوص توفير الرعاية الطبية الكاملة ومنها الرعاية الصحية النفسية..
  4. تتعرض الأرامل لمشكلات مركبة بسبب ضعف هذه الفئة وهشاشة إمكاناتهن ما يزيد نسبة ما يتعرضن له من جرائم الاعتداء والابتزاز المجتمعي ومنه تعرضهن للجرائم الجنسية الأمر الذي يتطلب وعياً وحماية مخصوصة بتلك المشكلات.
  5. هذه الفئة تتعرض أكثر من غيرها للازدراء والطعن المعنوي الأدبي والنفسي والبدني.الأمر الذي يبقى بحاجة لمعالجات بديلة لما يسود في ظروف التراجع القيمي في المجتمع؛ بمعنى أدق مكافحة قوانين العيب وأعرافه التي نشطت في فضاء خطاب التدين السياسي…
  6. ضرورة توفير فرص مخصوصة من الدراسة وأشكال التعليم بخاصة للائي مازلن بأعمار فتيات بأعمار صغيرة.. كي لا يفقدن فرص الاندماج المجتمعي وكذلك إيجاد فرص مناسبة لبناتهن وأبنائهن بما يساعد على مواجهة ظروف العيش المعقدة.
  7. التصدي لجرائم التمييز في التوظيف والتشغيل والتعليم وغيرهما باتخاذ إجراءات قانونية تتناسب والتشريعات المدنية الحامية للمرأة بصورة عامة وللأرامل منهن بصورة خاصة.
  8. إيجاد جهاز مخصوص في المستويين الرسمي وبإطار مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته لزيارة البيوت ومتابعة الظروف البيتية التي تخضع فيها الأرامل لمعاناة استثنائية بخاصة هنا الأرامل بالإشارة إلى العنف الأسري سواء منه الأدبي المعنوي أم البدني..
  9. مجابهة الضخ الإعلامي السلبي بخاصة مع سيادة الفضائيات التابعة لأحزاب الطائفية المتسترة بالتدين زوراً فيما تضخ بألاعيبها وفلسفتها الظلامية كل ما يثير قمعا نفسيا ومجتمعيا شاملا للشخصية النسوية ويتدنى بأوضاعهن ومن ذلك ما يخص الأرامل.
  10. لعل من أخطر الجرائم التي تُرتكب اليوم تتمثل بالمتاجرة بالأطفال والنساء! لمقاصد جنسية ولاستعباد مُذِل وتناقض مع قيم الحرية والإنسانية. ولا يمكننا هنا إلا أن نشير بخصوصية إلى بنات الأرامل وأبنائهن.
  11. تراجع العمل المنظم بجمعيات متخصصة ومحاصرة ما موجود منها بظروف حرمانها من مصادر الدعم والرعاية.. ما يتطلب تفعيل أشكال الدعم المجتمعي والحكومي لمنظمات وجمعيات ترعى قضية الأرامل..
  12. تفعيل برامج متخصصة بدراسة قضايا الأرامل ومشكلاتهنّ بمستويين رسمي ومجتمعي مع توفير الإحصاءات اللازمة لدراسة الظاهرة وتفاصيل المعاناة في إطارها.

إنّ مجرد التوقف عند الحجم السكاني لهذه الفئة يجعلنا أمام معضلة بالمستوى الوطني تتطلب عقد مؤتمرات متخصصة كما تتطلب استحداث مراكز بحثية علمية وتفعيل أدوار الجهات المعتمدة حكوميا ومدنيا بخاصة هنا بحث المنظمات النسوية تلك القضية بشكل مشترك تفعيلا وارتقاء بمستوى مسؤولية ينبغي أن يكون النهوض بها بشكل يتكامل مع الحلول والبدائل المطروحة بقضايا أخرى ذات مساس بالقضية النوعية لفئة الأرامل…

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *