كيف نعجِّل من زخم الحركة الشعبية المطالبة بالحقوق والواجبات؟ البروفيسور الدكتور كاظم حبيب

ألواح سومرية معلصرة: تنشر هذا المقال عن آليات إدامة التظاهرات وحمايتها دعماً للتغيير الأشمل. المقال بقلم البروفيسور الدكتور كاظم حبيب: كيف نتصدى للأوباش مخربي المظاهرات ببغداد؟

 تبرهن الحياة، ومنذ إسقاط الدكتاتورية الفاشية عبر الغزو الأمريكي وفرض احتلال العراق وإقامة نظام سياسي طائفي تمييزي خانق للحريات والحقوق، على أن تراكم الظواهر السلبية في أوضاع العراق والتي ألحقت أفدح الأضرار بالمواطنة والمواطن بالعراق، قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحولها إلى كيفية أو نوعية جديدة، إلى انتفاضة شعبية تغير الأوضاع كلها. إنه واحد من القوانين الموضوعية الذي لا فكاك من فعله حين لا تجد المشكلات المتراكمة حلولاً لها.

كانت المظاهرات السلمية الاحتجاجية والمطالب المشروعة التي رفعها المتظاهرون يوم 31 تموز/يوليو 2015 هي التعبير عن اقتراب عملية النضوج والتحول المحتمل. وكان، كما يبدو لي بوضوح، إن المرجعية الدينية بمدينة النجف قد أدركت بحس سليم هذا الواقع، خاصة وقد تلمست إن إيران تريد فرض سيادتها على العراق بأي ثمن وأن خيوطاً تحاك خلف الكواليس ضد استقلال وسيادة العراق وضد دور المرجعية الشيعية العراقية في علاقتها الاجتماعية وليس السياسية مع الشعب، فبادرت إلى توجيه تنبيه قوي جداً إلى السيد حيدر العبادي الذي كانت له الرغبة في ذلك، ولكنه كان يحسب لميزان القوى المختل ألف حساب وحساب. فجاءت المظاهرات الشعبية من جهة، وموقف المرجعية الشيعية من جهة أخرى، محفزاً ومنشطاً وفاعلاً في تحرك السيد العبادي وإصداره قراراته الإصلاحية المعروفة التي نال بها تأييد الشعب، بل حتى أعداء الشعب والمستفيدين من الفساد والمفسدين ومن استمرار الفوضى والإرهاب والقتل والتشريد والنهب والسلب، رفعوا أيديهم وأصواتهم لتأييد حزمة الإصلاحات الأولى، ولكنهم صحوا من الصعقة الأولى التي أصابت الرأس ليبدأوا العمل المتشعب والخبيث والمدعوم خارجياً، من أجل تعطيل ونسف هذه الإصلاحات الأولية والتي سماها العبادي بالحزمة الأولى مستفيدين من الجهاز الإداري المتهرئ والفاسد بشكل عام. وهذا لا يعني في كل الأحوال إن كل العاملين في أجهزة الدولة هم فاسدون. وكان دخول جماعات من المليشيات الطائفية المسلحة إلى مظاهرات ساحة التحرير وضرب بعض أعضاء لجنة قيادة المظاهرات دليل على أثر هذه المظاهرات ودورها في تحرك أعداء الشعب لتخريب المظاهرات كما فعل المتهم بارتكاب جرائم ضد الشعب العراقي نوري المالكي في العام 2011. إن هذه العملية الجبانة يراد كبحها، يراد مواجهتها بحزم من رئيس الوزراء، ومن المتظاهرين بالإصرار على التظاهر وتعبئة أوسع للمشاركة فيها وبالطرق السلمية السليمة. إن من استمع إلى الخامنئي وهو يمدح نوري المالكي، يدرك بسرعة دور التحالف بين الخامنئي والمالكي لا ضد الشعب العراقي ومصالحه وإرادته وكل ما حصل بالعراق خلال سنوات حكم الجعفري والمالكي فحسب، بل سيدرك أيضاً بأن هذا التحالف كان وما يزال ضد مرجعية السيستاني الشيعية بالنجف، وهي التي دعت إلى دولة مدنية وليس إلى دولة دينية.

إن تسريع تنفيذ الإصلاحات يقطع الطريق على قادة الفساد والمافيا، في إفشال عملية الإصلاح. فبقدر ما يريد الشعب تنفيذ هذه الإصلاحات، سمى المالكي وإيران من خلفه، بأن ما يجري بالعراق مؤامرة ضد الدولة الدينية. ووقد حط المتآمر نوري المالكي بإيران ضيفاً على الخامنئي والذي يفترض فضح دور الاثنين في ما جرى ويجري بالعراق. وكان مقال الدكتور جعفر المظفر تحت عنوان “المالكي في ضيافة خامنئي” خير معبر عن حقيقة تآمرهما المشترك على وحدة العراق وشعبه. ومن أجل الحفاظ على زخم العملية الإصلاحية وتطويرها، يحتاج الوضع بالعراق إلى إجراءات ملموسة نشير إليها في ما يلي:

  1. تعبئة المزيد من الشبيبة العراقية وبقية بنات وأبناء الشعب للمشاركة في المظاهرات السلمية والديمقراطية لدعم إجراءات رئيس مجلس الوزراء، على أن تشمل كل العراق بما في ذلك إقليم كردستان العراق، فالإصلاحات ستؤثر إيجاباً على كل العراق، بما في ذلك الإقليم.
  2. تشكيل قيادة مشتركة وموحدة من العناصر البارزة التي تبلورت في مجرى العملية النضالية لصالح التغيير ومحاربة الفساد وتحقيق المطالب بما في ذلك شحة الطاقة الكهربائية.
  3. وضع برنامج واضح بمطالب الشعب والتي يفترض إصدارها بقرارات إصلاحية والتي يستوجب تنفيذها التعاون الجيد واليومي مع رئيس الوزراء بهذا الشأن.
  4. إصدار الحكومة ومجلس النواب التشريعات (القوانين) الضرورية التي تسهم في تسريع التنفيذ وضبط وآليات تنفيذ الإصلاح والرقابة عليها. ولا بد من ممارسة الضغط المتزايد على مجلس النواب لإصدار تلك القوانين.
  5. كما يفترض دعم نضال القوات المسلحة العراقية التي تحارب في جبهات القتال ضد عصابات وأوباش داعش.
  6. دعوة الشعب إلى فتح عيونه وآذانه وكل حواسه من أجل الكشف عن المجرمين الذين يرسلون لتنفيذ التفجيرات الإجرامية لإرباك الوضع العام بالبلاد وتبويش الإجراءات الإصلاحية وتعطيل تنفيذها. إضافة غلى ضرورة إفشال محاولات تخريب التظاهرات بالاعتداء على قادتها كما حصل يوم 14/8/2015 من عناصر من أيتام المالكي وسليماني. إضافة غلى التصدي لمرتزقة المالكي ووعاظه بالعراق وخراجه الذين ما فتئوا يدعون له.
  7. رفض أي تدخل خارجي في الشأن العراق في محاولة لوقف تنفيذ الحزمة الأولى وإصدار الحزمة الثانية والثالثة، كما نلاحظ ذلك في دور إيران التخريبي ضد العراق والذي تكثف بعد إعلان حزمة الإصلاحات. وعلينا أن نعمل على منع تأثير إيران وخامنئي على بعض مسؤولي الدولة الكبار ويتخذون مواقف ضد الإصلاحات.
  8. العمل من أجل إجراء تغييرات جدية في نظام وجهاز القضاء العراقي ابتداءً من مجلس القضاء الأعلى ورئيسه ومرورا ببقية مؤسسات القضاء العراقي.    
  9. إن حماية المظاهرات والدفاع عن المشاركين فيها ومنع تخريبها والاعتداء على المتظاهرين من مسؤولية الدولة العراقية، من مسؤولية السلطة التنفيذية، من مسؤولية رئيس مجلس الوزراء العراقي. ولا بد من معاقبة أولئك الذين سعوا إلى تخريب مظاهرات يوم 14/8/2015 المسنودة من رئيس الحكومة العراقية.  

الإصلاح والتغيير بحاجة ماسة إلى رفع معنويات الشعب والشارع العراقي وليس إلى تثبيط الهمم ونشر الإحباط.

العراق بحاجة إلى رؤية واضحة لما هو ممكن وما يفترض أن يتحقق وربط القضايا اليومية للمجتمع بالمشكلة السياسية المركزية، وأعني بها الخلاص من المحاصصة الطائفية ورفض تكريس النظام السياسي الطائفي الفاسد.

العراق بأمس الحاجة إلى دولة مدنية ديمقراطية حرة ومستقلة، وليس إلى دولة دينية ينخر فيها الفساد وتؤذي وتسيء للدين والدولة معاً.

كاظم حبيب

15/8/2015

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *