نداء بشأن مجريات الأوضاع في كوردستان العراق

نداء بشأن مجريات الأوضاع في جنوب كوردستان
إلى شعب كوردستان بأطيافه جميعاً
إلى قادة حركة التحرر القومي الكوردية
إلى النخب الكوردستانية المثقفة
إلى قوى المجتمع المدني
إلى كل من يعنيه استقرار كوردستان ومضيها في طريق التنمية والتقدم والسلام

تمر كوردستان العراق بأوضاع معقدة وبتداعيات تتسارع بعنفها وشدتها بسبب من خروقات واحتقانات تتفجر بلا ضابط، نجم وينجم عنها جملة من الضغوط الاستثنائية المصيرية فداعش وإرهابها يقبعان على حدودها والأزمات الاقتصادية في العراق الفديرالي والتباس إدارتها من طرف الحكومة الاتحادية وما يترحل منها من قبيل اقتطاع أكثر من نصف المستحقات المالية عن كوردستان، فضلا عن تداعيات ما يجري من خلافات بين الأحزاب الخمسة وسياسة حصر قرار اختيار النظام السياسي وقضية الرئاسة بسجالها الذي تُهمِلُ بعضُ الأطراف فيه إرادة شعب كوردستان وقراره.
إنَّ تعقيدات التداعيات لا تسمح بمزيد تماهل تجاه النتائج الخطرة التي تُقاد الأزمة إليها. وتتطلب موقفا عاجلا من جميع الأطراف للالتئام في اجتماع طوارئ عاجل يرتقي لمستوى الحدث ويتصدى للتدخلات والصابع الخارجية التي يهمها مزيد إلهاب الأوضاع ولعناصر المراهقة السياسية المتطرفة التي لا يعنيها ولا تدرك معاني أدائها المتهور ولما يجره هذا وذاك من خطاب سياسي وغعلامي مشحون بل ملغوم بقنابل لن تتأخر في الانفجار سياسيا بنتائج كارثية، غذا لم يجر حسم الموقف بروح وطني مسؤول، من جميع الأطراف بلا استثناء.
إن قراءة المجريات، في ضوء مجمل هذه القضايا المتأزمة، يكشف أنها وقعت في الغالب بآثارها على الطبقات الفقيرة.. ويأتي تأخر صرف مرتبات ذوي الدخل المحدود وقطع مصدر عيشهم ليعقّد الأزمة وينهك كواهل المواطنين في إطار معاناتهم من بعض الارتباكات الجارية في تفاصيل اليوم العادي لهم.. وأمام تفاقم ما يجابهونه، خرجت قطاعات شعبية في تظاهراتها السلمية المطلبية، ونحن ومنطق الحق بالتأكيد نقف مع تلك المطالب العادلة بثبات، بوصفها حقوقاً مكفولة دستوريا قانونيا. فهي حقوق ثابتة وأساس، يجب تلبيتها من دون تأخر أو تقصير…
ونشارك وكل الضمائر الحية تلك المطالب السلمية العادلة بندائنا هذا الذي نتوجه به إلى الحكومة الكوردستانية كي تعمل بسرعة على تعديل السياسات الاقتصادية ومعالجة كل ما يقف بوجه وصول المستحقات المالية والمرتبات بشكل جوهري لمستحقيها ومن دون تلكؤ أو تأخير. وإنهاء الاختلالات الاقتصادية على أساس برنامج الإصلاح الشامل الذي يتضمن كذلك، معالجة القضايا العامة العالقة بالعودة إلى صوت شعب كوردستان استفتاء وانتخاباً مباشراً.
إننا نتابع بقلق شديد تداعيات الخروق الخطيرة التي جرت في التظاهرات لإخراجها عن سلميتها وممارسة العنف المسلح، الأمر الذي أودى بحيوات عزيزة غالية وإلى جرح وإصابة العشرات من الكوردستانيين، مواطنين أو بيشمركة وأسايش. وإذ ندين بشدة كل أشكال ممارسة العنف من جميع مصادرها وأطرافها؛ فإننا في الوقت ذاته نؤكد حتمية تعاون الجميع على ضمان الاستقرار والسلم الأهلي ومنع أي خرق عنفي في كوردستان، المحاطة بمشكلات وتهديدات إرهابية بشتى سياساتها وتفننها بمحاولة الاختراق وطعن الأوضاع لاجتراح ما يهددها وشعبها ووحدته..
ونحن إذ نجدد تضامننا مع مطالب شعب كوردستان بكل أطيافه وبمختلف المطالب العاجلة منها والاستراتيجية بعيدة المدى وبمختلف الخطابات الاقتصادية والسياسية، ندعو الحكومة للعمل بجدية أكبر وبسياسات استثنائية جدية ترقى إلى تلبية الآتي:
1. العمل على تأمين المرتبات بوجه عاجل بما يلبي مستلزمات العيش الكريم للعائلة الكوردستانية.
2. تأمين الحماية التامة للتظاهرات السلمية ومحاسبة العناصر المتجاوزة من أي طرف كانت وسرعة معالجة خروق المشاغبين ومثيري العنف ومحاسبتهم قضائيا وبشفافية تامة.
3. توفير الحماية لجميع المؤسسات والعاملين فيها وضمان وصولهم غلى مؤسساتهم وممارستهم أعمالهم بحرية.
4. أن تلتزم جميع الأطراف المعنية بضبط النفس في خطابها الإعلامي وأن يتم وقف التراشق الإعلامي و-أو نشر ما يضير بالوحدة المجنمعية السياسية، في إطار ضمان حرية الإعلام والصحافة وكفالة حماية العاملين فيها والتزامها الحيدة والمهنية والمصداقية وممارسة العمل على وفق القوانين المرعية.
5. واستراتيجيا، ينبغي مواجهة ظواهر الفساد والفقر وإن كان وجودها ليس كبيرا ولا يقاس بنسبه في الأقسام الأخرى من العراق الفديرالي..
6. سرعة حسم صياغة دستور مدني علماني وحسم مسألة الرئاسة، بخيار طريق الإصلاح الشامل، وبمرجعية شعب كوردستان واستفتائه الرأي بالخصوص.
7. تأمين حلول الأزمات على أساس الوحدة الوطنية والتوافق السياسي الذي يبتعد عن خطاب القسر والفرض من أي طرف ووقف التداعيات المؤدية إلى الانقسام أو أي شكل لتعميق الاصطراع.
8. ممارسة الشفافية وتجنب احتكار الحوار على أحزاب الحكومة والانفتاح على جميع القوى والحركات العاملة والعودة للشعب بالقضايا الرئيسة الجوهرية.
إن كل منصف وصاحب منطق حكيم وحصيف يقف اليوم معنا في إدانة كل أشكال العنف ومنها مهاجمة المقرات الحزبية وحرقها وشجب جرائم التعرض للممتلكات العامة والخاصة ومحاولة إشاعة لغة العنف والجريمة.. وبهذه المناسبة، نتوجه بندائنا إلى كل الحركات والقوى الكوردستانية من أجل مزيد من ضبط النفس وممارسة الجهد الوافي لتوحيد الصفوف والعمل على تحصين المجتمع ضد الانقسامات وضد خطابات العنف والاحتراب ومنع ما يخلق الاحتقانات وردود الفعل المحتدمة السلبية..
تحية إلى شعب كوردستان وإلى عمق وعيه لنضالاته السلمية التي ترفض خطابات المراهقة السياسية التي لا يوجد من يغذيها إلا أعداء كوردستان من خارجها ومن يُمالئهم من الآخرين.. تحية لوعي النخب المثقفة وهم يرسمون الخطى الأنجع والأنضج في الحراك المدني بما يجنب الشعب أي مزالق لتداعيات سلبية خطيرة يغذيها الأعداء، ونطالبهم جميعا لإعلان وثيقة عهد بالتمسك بالمصلحة الكوردستانية العليا بالتمسك بالروح السلمي وبالحوار أداة أولى ونهائية أخيرة ومطلقة للوصول إلى الحلول المثلى… ولدسنا الثقة التامة بأنّ النصر سيبقى حليف الشعب يحيا في ظل العدالة الاجتماعية ولكوردستان الحرية والسلام والتقدم، بفضل التماسك والوحدة ورفض منطق العنف ورفض أن يسلم الكوردستانيون أمورهم لعدوهم المتمثل بالشقاق والاحتراب ومن يريده لهم..
أيها الكوردستانيون، احذروا من يريد لكم العودة إلى دائرة الاحتراب والانقسام.. واحذروا تسليم مقاليد وجودكم لنكسات التحول من الاستقرار والسلم إلى الكوارث وأنهار الدم! وعيكم وغرادتكم هي من يحمي حاضركم وغدكم.. لا تسمحوا لحفنة متشنجة مندفعة أن تفجر الاحتقانات أو تتحول بالأزمات إلى مرحلة اللاعودة.. أنتم أقدر على التصدي فليقرأ كل عاقل ما ينتظره إذا ما اختار الاندفاع والتهور.. وليس بين قيادة حركة التحرر القومي الكوردية ما يسمح بوجود مثل هذه الثغرات..
نعول على الشعب ووعيه.. نعول على النخية وإدراكها.. نعول على إرادة الجميع وتمسكهم بمنع تفاقم الأمور ومنع تضخيمها والتصدي لمحاولات التفجير.. لقد عجز أعداء كوردستان عن ضربها فلجأوا إلى هذه اللعبة العبثية الماكرة.. لن تلبي الحرب حقوقا ولن تمنح أحدا استقرارا وأمنا وأمانا.. فالحرب مطحنة تأكل الجميع.. فلا تسمحوا لعنف اللحظة أن يتسع..
أناديكم ومعي أنصار السلام ورفاق دروب الحرية وزملاء مسيرة البناء والتنمية، أن تلتزموا عهد التمسك بالحوار الأخوي وتمنعوا الشحن الإعلامي وتوقفوا القطيعة والتزمت بالمواقف وان تحصروا الوصول إلى الحلول بالحوار الودي الديموقراطي..
دمتم للسلام والتقدم الاجتماعي وللتنوير في بيئة ظلامية تهددنا جميعا
والنصر لكم أهلنا في كوردستان بكل أطيافكم

صديق الشعب الكوردي
الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي
لاهاي هولندا 12-10-2015

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *