إدانة توجهات مشرّعي أحزاب الإسلام السياسي يروم الإمعان أكثر في خلق مناخ الدولة الدينية وديكتاتوريتها

اطلعت منظمات حقوق الإنسان العراقية على إقرار قانون البطاقة الوطنية الموحدة، ووجدت فيه إمعاناً من جانب مشرّعي أحزاب الإسلام السياسي على خلق فضاء الدولة الدينية وممارسة دكتاتوريتها بمنطق استبداد الأغلبية عبر فرض خطاب سياسي عقيدي بالإكراه ومصادرة حقوق الاعتقاد والتدين عند غير المسلمين.

ومع ظهور قانون البطاقة الوطنية الموحدة بوصفه جهدا متفرعا عن قانون الأحوال المدنية رقم 65 وإقراره، تظهر معه تبعات خطيرة بسبب صياغة بعض فقراته بالتناقض مع ما كفله الدستور العراقي من حقوق المكونات الصغيرة والحريات الدينية في البلاد، وفي حال تعميد القانون الجديد ودفعه للتنفيذ فإنّ فرض تغيير الديانة سيكون بالإكراه والقسر وذلك بإلزام الأبناء القاصرين على اعتناق الدين الإسلامي وراثةً عند تحول أحد أبويهم للإسلام.. ومع وجود عناصر إيجابية في القانون إلا أنه كغيره من القوانين المرعية من أحزاب الإسلام السياسي يجري تمرير سياسات خطيرة عبرها ببرواز منمق. وفي قانون البطاقة الجديد تخترقه خطابات فوقية استعلائية مجحفة؛ مثلما ورد في المادة 26 منه التي جاءت تجسيداً للاتجاه نحو النظام الديني لا المدني وبالمخالفة مع خمس مواد دستورية..

إننا إذ ننبه إلى واجب المشرعين والقضاء الأعلى تجاه هذه المخالفة الدستورية الخطيرة فإننا لا نتوقف عند المفردة وحدها بل نشدد على المبدأ الدستوري بعامة وواجب التعديل بما يتفق وروح المادة الثانية من الدستور بفقرتيها ب و ج التي تتضمن حماية حقوق أتباع الديانات وبما يستعيد النصوص الإيجابية المهمة التي وردت في قانون الأحوال الشخصية.. ومن الواجب إحقاقا للمساواة وإنصاف المكونات ومنهم أتباع الديانات تحديداً، أن نعيد الصياغة بما يتفق والمواد 3 و39 و40 التي تحمي حقوق المواطنين وتمنع محاولة فرض الدين أو الفكر أو العقيدة بالإكراه. ولا يجوز بمنطق القانون الدستوري وبمنطق حقوق الإنسان والعدل أن يجري تمرير مثل هذه المخالفة بالتذرع والتعكز على عبارات مقتطعة من نصوصها بما يفضي لتبريرات لا يمكن إلا أن تؤكد نهج استبداد الأغلبية الذي افرغ العراق من مكوناته ونزل بتعداد المسيحيين من حوالي مليونين إلى ما هو عليه اليوم! ومثل ذلك جرى مع المندائيين ومع الأيزيديين وغيرهم من أتباع الديانات من أبناء الوطن الأصائل. فإن كان أولئك الذين مرروا القانون الجديد بثغراته وإجحافه لا ينظرون باحترام للمكونات المهمشة بمصطلح الأقليات فعلى الأقل يلزم لحامي الدستور ممثلا بشخص الرئيس أن يرد القانون لتعديله بما يلتزم بالدستور..

إننا في الحركة الحقوقية العراقية وباسم كل من: هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق ومنظمة أصدقاء برطلة لمناهضة التغيير الديموغرافي لمناطق المسيحيين في العراق والمرصد السومري لحقوق الإنسان ندين مثل تلك التوجهات وما يختفي وراءها من مآرب ونطالب بقوة مراجعة القانون من الجهات المعنية في السلطتين التشريعية والقضائية وتعديله على وفق الأصول الحقوقية والدستورية وبما لا ينسى أن كل القوانين ستخضع لمراجعة المجلس الاتحادي الممنوع من التشكيل حتى يومنا بمحاولة مبيتة لتمرير القوانين التي تعتدي على حقوق المكونات وأتباع الديانات وتعمل على تصفية خطاب التعددية والتنوع المعبر عن الوجود العراقي الحقيقي.

 

 

الأمانة العامة لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق  

الأمانة العامة لمنظمة أصدقاء برطلة لمناهضة التغيير الديموغرافي لمناطق المسيحيين في العراق

الأمانة العامة للمرصد السومري لحقوق الإنسان

30\ تشرين أول أكتوبر \ 2015

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *