من أجل دور فاعل لنا جميعاً في استلهام معاني يوم الأرض

منذ انطلق ((يوم الأرض)) لأول مرة بتاريخ 22 أبريل نيسان 1970 عندما انعقد بمبادرة السناتور الأمريكي نيلسون استهدف اختيار هذه المناسبة من أجل الاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكبنا الأرض وليشارك يوم البيئة فيما يلتقيان به ولكن بصورة أشمل بما يخص الكوكب. ثم توسع الاحتفال بهذا اليوم وانتشر عالمياً دوليا بمبادرة دينيس هايس بتأسيسه The Bullit Foundation..

AARDEDAG

علم يوم الأرض المفترض

اليوم وعلى مسافة تلك العقود جرت متغيرات بيئية لأخطر وأعقد من تلك التي كانت في العام 1970، منها انحسار سقف العالم ومساحات الفابات التي تشكل الرئة التي يتنفس بها كوكبنا، وغير هذا وذاك هناك أشكال التلوث بسبب الغازات المنبعثة التي أوجدت ظاهرة النينيو، الاحتباس الحراري  وما يعنيه ذلك من مخاطر؛ فضلا عن الإشعاعات وأشكال الاعتداء السافر على بيئاتنا من الأقرب حتى الأبعد.

إن تشكيل وعي بيئيٍّ، يدرك تراجيديا ما يتهدد كوكبنا والحياة برمتها عليه؛ يظل مهمة تشملنا جميعاً.. وينبغي أن تكون لها أولوية عليا. وبخلاف ذلك فإننا في أية لحظة لن نجد لأنفسنا جميعاً فرصة للحياة بكل ما سيتعرض له الكوكب من آثار جريمة إهماله. فالقضية هنا ليست قضية جزئية هامشية بل هي قضية مصائرنا المرتبطة بالهواء الذي نتنفسه وبالماء الذي نشربه وكلاهما في تهديد واضح من التغيرات التراجيدية الجارية ثم موضوع الغلال والمنتج الزراعي فالحيواني وما يعنيه انحسارهما لمشكلة الغذاء.. فـ((لا صحة لنا إن لم نعتنِ بصحة كوكبنا الأرض)). فلننهض بمهامنا تجاه وجودنا. إذ عبر إدراكنا هذه الحقيقة وتوفير القناعة الكافية بتبنيها ومعالجتها، سيدفع هذا إلى توحيد الجهود ونوقف كثيراً من الصراعات ونحلّ أزماتٍ، وكل ذلك بالتأكيد كما أسلفنا هنا، يوم نضع أولوية مصير الكوكب بموضعها.

إنّ  مّن لا يجد صوابا لعيش في بيت نظيف ملائم لسكن إنساني وبيئة محلية مناسبة تبدأ بالشارع والضاحية والمدينة فالبلاد، لن يهمه مصير البشرية ولن يهمه وجوده الصحي الآمن.. ولكي ندرك معنى الحديث عن مصير كوكب الأرض لنتذكر أنَّ كلَّ شيء مترابط ولكن الشيء الأهم والأبرز يتمثل في إجابتنا عن سؤال: ما أولويات عيشنا؟ وعندما نرتبها، أي نرتب الأولويات، ندرك معنى عيشنا في أجواء أنسنة وجودنا في إطار من احترام التنوع والاختلاف الأحيائي للموجودات وأهمية مراعاتها جوهراً لوجود الكوكب بوقف أشكال الاستهلاك الفردي والجمعي الضار بالأرض، بخاصة تجاه الغابات وتجاه المياه وما يخصها…

إذن، قضية (الأرض) تكمن في ثقافةٍ تدرك ارتباط الإنسان بهذا الكوكب وبثمار ما يوفره من مصادر، لا وجود لنا من دونها؛ بدءاً بالهواء والماء وليس انتهاءً بالمأكل والمأوى.. فهلا تفكّرْنا بمعاني أن نحيا بوعي ومنطق عقلي، يعرف أنّ عيش الإنسان يبدأ بترتيب بيته ومحيطه وبيئته ومن ثم أن يشارك البشرية حرصاً على هذا الكوكب من أن يُدمَّر…!؟

إنّ هذا اليوم الذي بات عند بعض من يعرف أهميته أسبوعاً سنوياً وعند آخرين شهراً يتوّج بنهايته بيوم البيئة، يفترض اهتماماً من الأفراد والجماعات المدنية ومن الحكومات كافة جهوداً استثنائية مخصوصة وإجراءات فعلية عملية تباشر مهامها البنيوية بشأنه بكل حرص واهتمام.. وليسأل كلّ منا نفسه عن عاداته وثقافته البيئية وممارساته اليومية وماذا ينتج عن أخطائه من مضار.. ولنسأل عن برامج حكوماتنا تجاه بيئتنا المحلية ومن ثمّ أممياً.. وليكن هناك صندوق له رصيده للبيئة بتنوعات ما للصندوق من مهام فردياً جمعياً.

ولست بصدد الحديث عن التغييرات البيئية في محاولة إعدام أهوارنا ومن ارتكب الجريمة.. ولست بصدد الحديث عن قطع الجداول بالعشرات من جارة العراق الشرقية ولا عن حبس الحصص المائية من الجارة الشمالية ولا عن إهمال مشروعات جمع مياه الأمطار ومنع إهدارها ولا عن صيغ التعامل مع مياه الصرف الصحي فكلها بلا التفاتة من حكومة البلاد وبرامجها المنشغلة بالنهب وبإشعال الحروب الطائفية.. ولن نسأل عن الأرض البور وحرق الغابات وتجريف البساتين واغتيال النخلة العراقية ولا عن أشكال التلوث ومن يساهم بها.. أنا بصدد سؤال المواطن عن ثقافته ومعرفته بمعنى وجود يوم للأرض عنده؟ ومعنى أن يكون إيجابياً  تجاه دلالات يوم الأرض بدل انشغاله البائس بمقولات الموت حياة ما بعد الموت  ودجل تلك المقولات التي لا يقرها أيّ دين فكل صاحب عقل يدرك أن الإنسان موجود ليعمر الأرض ليزرعها ليديم خضرتها فهي الأم لوجودنا الحي ولم يأت لينشغل بترهات الدجالين والمضللين وأدعياء التدين بتقسيم الناس بين خنادق الاحتراب ومتاريس التقاتل والتخريب..

فلننتبه أيتها السيدات، أيها السادة وليكن يوم الأرض جرس إنذار ووعي بثقافته وبغيرها مما نحياه من ثقافات وممارسات.. ولنكن إيجابيين تجاه وجودنا وتجاه أنسنة معاني حيواتنا عبر ثقافة نوعية ترتقي بنا إلى حيث القيم السامية النبيلة ومعانيها التي نستحقها بعملنا وبجهدنا وبمستوى وعينا لآليات اشتغالنا بإطارها وبحملاتنا الضاغطة على الحكومات لتنهض بمعالجة ما يتهدد كوكب الأرض ومحليا على سبيل المثال تجاه ما يتهدد العراق بل تجاه ما حلَّ به من كوارث بيئية تساهم في خراب الكوكب وليس البيت العراقي وحده…

وكل عام وأنصار كوكب الأرض أمنا الخضراء الحية الصحية جنتنا، بخير وبانتصار إرادة السلام والاستقرار فضاء للتنمية وللعناية بكوكبنا بما يستحق وبما ينقذه من أي هلاك محدق به إذا ما أهملنا واجباتنا تجاهه

وتحية لتفاعلاتكم

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *