حالات التمييز الديني واحتمال وجود سلطة دينية متشددة في دولة علمانية ديموقراطية؟

التمييز العنصري الديني وأية سلطة دينية كهنوتية متشددة غير مسموح بها في هولندا ودول أوروبا العلمانية على وفق الدساتير الديموقراطية وقوانين حقوق الإنسان. لكن أحياناً نجد حالات من خروق وأشكال اعتداء على خلفية التمييز، تجري هنا وهناك وهي تبقى محدودة وهامشية وتعالجها منظمات وجهات مدنية حقوقية ورسمية وتحسم الموقف بشأنها. وقد تمَّ مؤخراً؛ رصد حالة من هذا القبيل جرت في بلدية هولندية. تم فيها فرض تغيير اسم مطعم لأنّ الاسم غير مريح وسلبي من وجهة نظر جهة (دينية) كنسية بعينها. وبغض النظر عن الخسائر المادية لأصحاب المشروع وبغض النظر عن كل الجوانب الشخصية والخاصة.. فإننا نتناول الجانب العام والقانوني وثقافة التنوير لنتساءل هنا: ما موقف الإعلام والساسة وقوى التنوير العلمانية بهولندا من جريمة التمييز الديني؟ وما المعالجة الأنجع والرد الموضوعي والقانوني، عندما نرصد جهة دينية تفرض على جمهورها أن يمارس حصارا ومقاطعة على مطعم  بسبب (اسمه) الذي تراه تلك الجهة الدينية اسما سلبي المعنى عندها أو مرفوضاً في تفسيرها ووجهة نظرها أو معتقدها؟

وفي إطار تركيز معالجتنا هذه على الشأن العام وثقافة التعايش بمنطق الدولة المدنية وآليات قوانين العلمانية والمساواة واحترام هوية الآخر ف،،ا نشير إلى موقف أبناء الجاليات المقيمة بهولندا كونه الموقف الذي يتمثل بالأساس والجوهر في تبني مبادئ المجتمع التعددي واحترام الآخر والبحث في أفضل وسائل التعايش وتجنب الاستفزاز والبحث بوسائل التفاهم ونشر قيم المحبة والتآخي الإنساني والتسامح.. وهو موقف يدعم مهمة الاندماج والعيش بصفة مواطنين بدولة مدنية ديموقراطية متقدمة. ولكن عندما يختار أحدهم أمراً أو يمارسه وهو بقصد أن يخدم به المجتمع ثم يتفاجأ بأنه وقع بمصيدة التمييز الديني لمجرد أن اسم مشروعه غير مرغوب فيه عند طرف آخر، ما العمل بتلك الحالة؟ اين الخلل؟ وما المعالجة والبديل؟

هذا السؤال مطروح على الجميع للتفاعل ولشن حملة تنويرية تخدم قيم التسامح من جهة وتضع حدا لأي حالة تمييز يدينها القانون ويحاسب من يرتكبها. من جهة أخرى فإن التساهل مع ظاهرة التمييز العنصري قد تكون بوابة ليس لطعن الديموقراطية ومبادئ الدولة العلمانية ولكنها تطعن بالقيم الإنسانية وتوفر فضاء لاتساع الخروق وتحولها إلى معضلة أو مشكلة عميقة بلا حل؛ يمكن أن تقوّض الدولة المدنية وتنتصر للعدائية والمواقف الهمجية والاحتراب بين الشعوب، الأمر الذي ينبغي منع أية فرصة لوقوعه، بإعلاء قيم المواطنة والحريات والحقوق وحظر التمييز بأشكاله مع وجود الوعي الكافي للتصدي لحالات ظهوره ولو كان ذاك الظهور هامشياً ومحدودا ضيقاً لأن حالة الظهور تلك تبقى حالة إرهاب فكري تجاه الآخر واختلاق للحساسية بين أطراف المجتمع ولاصطناع الخشية من الاندماج ومن احتمالات الوقوع بما يستفز الآخر من دون قصد وتشكل ضغطاً لحالات اختلاق الغيتوات المنعزلة.

لنستثمر كل الفرص لتحقيق مزيد حالات الاندماج والتفاعل الإيجابي بين الجميع في مجتمع تعددي متنوع الثقافات يحترم إنسانية الإنسان وحقوقه وحرياته ويمنع محاصرته وابتزازه وإيقاعه بسطوة بلطجة التمييز بأي ذريعة أو حجة مختلقة. وبالتأكيد فإنه كلما تعمقت ثقافة احترام الآخر واستقباله إيجابيا والتفاعل معه من منطلق المساواة واحترام حقوقه وحرياته، ازدادت فرص معالجة النزعات العزلوية والمرضية التي قد تكون موجودة عند عناصر تنتمي لجميع الأطراف… وشكرا جزيلا لكل تفاعل موضوعي يعزز نهج التفاهم واحترام قانون الدولة المدنية ومنطق سيادة الحقوق والحريات وسلامة العلاقات المجتمعية الإنسانية الرحبة

يمكنكم البحث عن اسم المطعم والبلدية

Barneveld/ Noura: Babylon eethuis

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *