خطابُ يسقطُ، يعيش: انفعاليةٌ متطرفةٌ لتوجهٍ أحاديٍّ يُلغِي الآخر

من وحي بعض التغريدات التي كتبتها في هذا الشأن، وجدتُ من المفيد التوكيد على معالجة خطاباتنا التي تتحنط في توابيت التعصب والتعنصر، استناداً إلى تقديس الأحادية وتضخيم الأنا والمبالغة في تصوير صواب معالجةٍ، حدّ توهم بلوغ المطلق في صحة الرأي؛ ومن ثمّ امتناع صاحبه عن التفاعل مع الآخر. وفي ضوء تمترس أصحاب ذاك الاتجاه الأحادي في تخندقاتهم، لا نجد منهم سوى صيحات يسقط الآخر يعيش الأنا و\أو من يخضع له أو يتسق وتوجهه؛ و “لا مساومة أبداً” فكل شيء عندهم أما أبيض أو أسود…

في ضوء تلك المعالجة ومحاورها وما تستهدفه، نسوق تغريداتٍ قد تعبر عن معالجة لموضوعة خطابُ (يسقط، يعيش) من بعض زواياه، وليس بالضرورة من مقدمتنا المسجلة هنا. ولابد أن تكون تفاعلاتكم هي الموجّه الذي سيغني ويضيف، سواء بما تضعونه هنا أو تسجلونه بأيّ موضع آخر..

أما التغريدات التي نعدُّها عنواناتٍ ومحاورَ لمعالجاتٍ أكثر عمقاً وتفصيلاً فقد وردت كالآتي في حسابي على تويتر:

  1. خطابُ (يسقط، يعيش) لا يقفُ عند تخومِ السياسةِ حسب بل ينتهكُ قيمنا السلوكية الاجتماعية فيُمرضُها منتشراً بطريقة العدوى الوبائية.
  2. عالجوا أنفسَكُم من خطابِ (يسقط، يعيش) الأحادي، حتى لا تكونوا مثلَ المتطرفِ المتعصب وخطابِهِ المتشدِّد الأحادي الذي لا يؤذي إرهابُهُ وانتحاره إلا الأبرياء.
  3. خطابُ (يسقط، يعيش) يتخبطُ بين عنصريةٍ تهينُ حقوقَ الإنسان ورؤيةٍ فكرية سياسيةٍ قاصرة عن إدراكِ الواقع. وبأغلب الأحوال يتعكزُ على الادعاء والتضخيم وتصيّد الأخطاء.
  4. خطابُ (يسقط، يعيش) في الغالب مزايدة بخلفيةِ اعتقادٍ أو رؤيةِ شخصية ومن ثم فهو خطابٌ مفرَّغٌ من احترامِ مطالب الحياة وقوانينها وفروضها الموضوعية والذاتية.
  5. خطابُ (يسقط، يعيش) أحاديُّ الاتجاه لا يقرُّ التنوعَ في وجودنا ولا يتفاعل مع كثير الرؤى المحيطة به ولا يُدْخِلُها في معالجاتِهِ وقراءاته فرؤيته هي صوابٌ مطلقٌ.
  6. خطابُ (يسقط، يعيش) هو واحدٌ من خطاباتِ التطرّفِ التي تنحصرُ رؤيتُها بالأبيض والأسود متحدّداً بما يظنونهُ صواباً مطلقاً، مما لا ينسجمُ وحقيقة الحياة وطبيعتها.
  7. خطابُ (يسقط، يعيش) ليس مجرد هتاف بوجه الآخر ولكنه مقدمة لتبرير محاولات التسقيط و\أو التجريح فيه والنفخ في الأنا وحلفائه لتكريس الخطأ والإيهام بصوابه وأحقية أفاعيله المرضية.

ومن قبل ومن بعد فإنّ خطابَ (يسقط، يعيش) حتى عندما يصح شكلاً في موقفه، لا يمكنه أنْ يكون جوهراً، آلية الحل الموضوعي. والسبب في هذا أن عصرنا قد غادر زمن الاستبدالات الراديكالية التي عادة ما يدفع ثمنها، أو ثمن قرابينها وتضحياتها الأبرياء بلا مقابل، يحترم ولو أوليات حقوق وجودهم الإنساني.

إننا بحاجة لمراجعة في خطابنا جوهرياً نوعياً؛ وبحاجة لمراجعة في آليات اشتغالنا وتوجهنا نحو وضع البدائل والحلول. فعندما يتعلق الأمر بالآخر لابد من الانتباه على ألا نضعه بموضع يدفع فيه الأبرياء ثمن التغيير قاسياً. إذ لحظتها لن يولد البديل الذي نتطلع إليه طالما أنه جاء من دون احترام للإنسان بوصفه الهدف بل سيأتي مستغل آخر في الغالب سيكون اسوأ من سابقه بخاصة أنه سيدعي كونه المنقذ الذي قدم تضحيات جسام يزعم أنها كانت منه وهي ليست سوى أرواح أو حقوق بل عذابات الناس الذين يرى فيهم عبيده خاصته وملكيته!

من المفيد والمهم أنْ نجد في الآخر وجوداً يحتفظ بحقوقه حتى عندما يُخطِئ، وأننا نستهدف معالجة الخطأ لا الإطاحة بالمخطئ بانتهاك حقوقه وبتجريحه وتشويهه بالمطلق.. وحيثما احتفظنا للآخر بحقوقه مثلما ندافع عما لنا من حقوق وحيما أكدنا أن معالجة الخطأ هو حق للآخر وليس ذريعة لامتهانه كنّا المدافعين عن الصواب بموضوعية وسلامة وباتجاهين متفاعلين لا أحادية تضخم الأنا وتلغي الآخر بطريقة خطاب أو آلية يسقط، يعيش… وهذه في الحقيقة إحدى نتائج ما نضع من نظرية.. وبجميع أحوال معالجتنا ونتائجها وتطبيقاتها الاجتماعية والسياسية، الخاصة والعامة فإنها تنتظر الإغناء من الآخر وتعميقها وتصويب مسارها..

فهلا تنبهنا، هلا تجنبنا هذا الخطاب [خطاب يسقط، يعيش] وآلياته ومفردات إيذائه وجرحه لكل موضوعي عقلاني سليم!؟ هذا مجرد تساؤل قد يكون بقعة ضوء تنويرية لمن يدرك معانيه أو لمن يختار منه ما أصاب وترك ما أخطأ….

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *