في اليوم الدولي لمكافحة الفقر المطالبة بإزالة أسبابه في العراق ومعالجة جوهرية حاسمة لعوامل إدامته وإدانة من يقف وراءها

بيان المرصد السومري لحقوق الإنسان في اليوم الدولي لمكافحة الفقر: المطالبة بإزالة أسبابه في العراق ومعالجة جوهرية حاسمة لعوامل إدامته وإدانة من يقف وراءها

تبقى ظاهرة الفقر الأكثر إيلاماً وجرحاً في الوجود الإنساني وحقوقه، كما تطعن في وجود الإنسان وفرص فاعليته وتطحنه بطرق ملتوية مثيرة الاحباط واليأس وتعطيل الفاعلية وإثارة قيم الفردنة المرضية والإعراض عن المشاركة في العمل العام.. ومع تعمّق تبادل التأثير السلبي تتنامى أكثر وأكثر فجوة الفقر نفسها والتطرف في الآثار الناجمة عن توسع ظاهرة الفقر المدق عمودياً أفقياً وبالنتيجة فإن الاعتداء على المواطن يصير آفة مستديمة الأضرار وما يُرتكب في ظلالها من جرائم.

إن هذه الحقائق هي ما أكدته دراسة الظاهرة وما يُراد الكشف عنه والعمل على مكافحته باعتماد المناسبة السنوية ممثلة باليوم الدولي لمكافحة الفقر المدقع المصادف في 17 أكتوبر تشرين أول من كل عام.

وفي العراق باتت حتى الاحتفالات بالمناسبة جزئية من خطى (التضليل) حيث يجري اعتماد من منطق الصدقات والأجور التشغيلية مقابل البطالة المقنعة فضلا عن تعطيل المشاركة الفعلية للمواطن في تغيير المشهد. وفي هذا المسار باتت أرقام ظاهرة الفقر كارثية في وجودها ونسب شمولها أحجام استثنائية هي من أسوأ الأرقام والنسب عالمياً..

فعلى الرغم من الثروات المهولة ومن قدرات استثمارية كبيرة وبنية تحتية يمكن تفعيلها بإجراءات بعينها إلا أن الوقائع تشير إلى تعطيل الصناعة والزراعة وأنشطة الإنتاج كافة مع مزيد من استسلام لتوسع ظاهرتي الفقر والفقر المدقع أو تعمّق فجوة الفقر عمودياً. حتى وصلت النسب إلى أرقام كارثية غير مسبوقة بوصول مستوى الفقر ونسبه في ريف السماوة إلى حدود الـ90% والفقر المدقع بحدود بين ربع سكان المحافظة وثلثه، حيث تختفي الأرقام الحقيقية خلف أستار السياسة الحكومية التي تهمل كل أشكال الإحصاء الواقعية وتتجنب الإفصاح عن الوقائع المرصودة…

إننا بهذه المناسبة الأممية وفي ظروف البلاد وما يجري فيها نشير إلى تدني مستوى الأجور من جهة واختلالها بين طبقات الشعب بعامة وطبقة الكربتوقراط الناشئة في ظل نظام الفساد والتمييز الطائفي والطبقي. كما يجري الدفع باتجاه سياسة تشغيلية سلبيةي أفرزت دائما البطالة المقنعة فضلا عن العطل المعتمدة على مدار العام حيث التوقف التام عن أشكال العمل المنتج؛ إضافة إلى ظواهر البطالة والشلل التام في عجلة الاقتصاد برمته واعتماد التشغيل الريعي للحراك الاقتصادي…

بهذه المظاهر فإن ظاهرة الفقر ستتعمق أكثر وتزداد معها عوامل تنشيط الظاهرة وجعلها أكثر إيلاما واجتراحاً للمشكلات المعضلة اجتماعيا اقتصاديا بوجود عوامل مضافة كالجهل والتخلف والتضليل وإشاعة الاتكالية وأمراض الفردنة والعزوف عن النشاط المجتمعي العام..

إننا إذ نعمل على إزالة أسباب الظاهرة لا نتوقف عندها بل نفضح عوامل إدامة الظاهرة بالعبث الجاري بأشكال التضليل وبما يشاع من ظواهر رديفة من قبيل إشاعة خطاب الفردنة والاتناع عن المشاركة في العمل العام والسعي لتغيير الواقع.. كما ندين ناهبي الثروة الوطنية وخيرات الشعب ومنتجه وناشري الخواء الفكري الروحي ومنطق الخرافة والقدرية وصورها المرضية.. ونناشد المنظمات الحقوقية للمساهمة الجدية الفاعلة في قراءة الفقر بوصفه أخطر تهديدات حقوق الإنسان، كما ندعو المنظمات المدنية ومنها الثقافية للتركيز على تنشيط الوعي بأهمية التصدي للظاهرة وإفرازاتها ولإشكالية العمل المجتمعي المشترك..

ونؤكد هنا مطلبنا الثابت بإيجاد خطط واستراتيجيات تتناسب والحجم الكارثي للظاهرة كما نجدد المطالبة لتفعيلي العمل بتلك الخطط فعليا عمليا لا إطلاقها كغبار يستهدف العمى للبصر والبصيرة..

فهلا تنبهنا إلى المخاطر المحدقة التي تؤشر تفكيك وجودنا المجتمعي على خلفية الفقر وآثاره؟ وهلا أبدينا أولوية تتناسب وحجم الآثار التراجيدية؟

المرصد السومري لحقوق الإنسان

لاهاي هولندا 17 أكتوبر تشرين أول

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *