صوت الآخر تحية وتقدير وبانتظار العودة القريبة بحيوية العطاء الذي حملته هوية كوردستانية وأممية مميزة

صوت الآخر تحية وتقدير وبانتظار العودة القريبة بحيوية العطاء الذي حملته هوية كوردستانية وأممية مميزة رسالة مفتوحة بقلم أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي؛ وهي موجهة إلى الضمائر الحية والقوى ذات المصلحة في إعلاء كلمة العدل والإنصاف والتقدم بمسيرة التفاعل الأخوي بين الشعوب وفي فتح منافذ حوار للتعايش السلمي وللارتقاء بقيم التآخي والتسامح والسير معا وسويا من أجل تلبية حق تقرير المصير لجميع الشعوب المكافحة من أجل الحرية.. دعونا ننتصر معا وسويا بطريق تعزيز تلك الجسور المفتوحة بيننا وبتلك النوافذ الحرة الطليقة بين شعوبنا وبوسائل إعلام وصحافة تمثل مدارس نوعية مؤثرة بالاتجاه الأنجع

 

جاء العدد الأخير من صوت الآخر بنبأ تراجيدي بمعانيه، فهو يؤكد توجهاً أضعف الجهد الصحفي، وطعن في مساره. فمجلة مثل (أسبوعية) صوت الآخر كانت إشراقة مميزة.. وقد ضمت كوكبة من الكتّاب الذين أداروا مهام التحرير بتضحية ونكران ذات… وشارك في الكتابة لصوت الآخر شخصيات مجتمعية كبيرة ومهمة، ولها باعها الواسع في الانتشار والتأثير بجمهور يمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي فضلا عن الانتشار بمساحة المهجريين من أبناء الجاليات في مختلف بلدان العالم.

وبهذا كانت صوت الآخر الجسر الأكثر أهمية الذي حمل الرسالة الكوردستانية لملايين القراء بالعربية. فأكد مسيرة التحالف الاستراتيجي على أساس المساواة وحرية الاختيار وتوضيح معاني تقرير المصير وتنقية أجواء الحوار الأخوي بين ممثلي الأمتين الكوردية والعربية.. وعملت صوت الآخر على أن تكون الأداة المكينة لإزالة كل ما خدش ويخدش العلاقات التاريخية بين الأمتين ومحو ما افتعلته قوى متشددة متطرفة لا تمثل الطرفين.

إنّ إيقاف اشتغال المجلة السبوعية الناطقة بالعربية لا يكتفي بحجب تجربة صحفية مهمة وتعطيلها، ولا ينتهي عند إلقاء محرريها على قارعة رصيف البطالة ولكنه يسد نافذة مهمة بل بوابة كبيرة للحوار بين طرفين يظل في قمة الخطورة ما سينعقد عليه من نتائج.. وبدل الوصول بالمجلة ورسالتها المهمة إلى أماكن أبعد وأكثر انتشاراً، يجري التضحية بدورها ووظيفتها الفكرية السياسية والمجتمعية المميزة..

صوت الآخر مجلة لأطياف العراق الفديرالي برؤية كوردستانية، وهي أداة بمنتهى الخطورة في حملها رسالة كوردستان إلى جمهور بحجم بلدان المنطقة بعشرات وجود تلك البلدان وبمئات ملايين أبنائها.. من هذه الرؤية ينبغي النظر إليها…

وإذا كانت الظروف المادية تطحن فضائيات وأجهزة إعلامية وصحف كبرى فإنّ هذا لا يمتد إلى مؤسسات صحفية كوردستانية مثل صوت الآخر، بالتحديد في ظروف المعركة التي تخوضها قوات البيشمركة فميدان القتال يتطلب أن يرافقه في التقدم والانتصار ميادين الحياة الأخرى والوصول بأدوات متعددة متنوعة عديدة إليه..

لن تكفي دورية شهرية أو أسبوعية ولا حتى يومية واحدة بل ينبغي الانتباه على أهمية تعدد التجاريب الإعلامية والصحفية بخاصة وهي تنطق بلغة الجمهور الذي تتجه إليه.. ومدرسة صوت الآخر باتت اليوم تحتضن كبار القامات المجتمعية السياسية المتنوعة وعمالقة الفكر السياسي وفلسفته التنويرية، وهم يشاركون بروح إنساني وحدة شعوب المنطقة وحقها في تقرير المصير والاستقلال وبناء التحالفات بأسس جديدة تقوم على مبادئ المساواة والإخاء والعدل..

إن نقل هذا الفكر وتأصيله بين شعوب المنطقة يتطلب مثابرة واتساعاً بالجهد وتنويعا فيه وبمدارسه وليس التقصير عليه أو عدّه خارج الأولويات في الموازنات والتخطيط. ومن هنا فإنني ليس بوصفي أحد كتاب صوت الآخر الذين رافقوها مسيرتها ولكن بوصفي قارئاً لاستراتيجيات المنجز الإعلامي وخطورته في عالمنا؛ فمنذ سبعينات القرن الماضي كنتُ قلتُ أن المعارك الأهم والأبرز في التاريخ البشري ستكون بميدان الإعلام وأدواره ووظائفه، واليوم بعد حوالي نصف القرن ترسخت الفكرة وتعمدت بمعالجات ورؤى المؤسسات البحثية وكبار الشخصيات التي ترسم استراتيجيات العصر.

إنني ضمناً أحيي كل زميلاتي وزملائي في صوت الآخر من الكتاب العمالقة الكبار وأدوارهم في معالجة موضوعات غنية متنوعة، كما أتقدم من هيأة التحرير برؤسائها الذين بدأت بهم المجلة وانتهت اليوم وبأعضاء هيأة التحرير وأقلامهم الفذة التي حاكت نسيج مسيرة مميزة عامرة بما يؤكد طابع أو هوية المدرسة الصحفية لصوت الآخر.. تلك الخبرات لا ينبغي أن تكون مارة عرضاً، بل هي في صميم الجهد المكين المعبر عن الرسالة الكوردستانية…

إنّ الجهد الإعلامي والصحفي بمدارسه التي وقف وراءها حزب تنويري تقدمي ديموقراطي، لم تكن أسيرة نظرة حزبية ضيقة وإنما عبرت عن التجربة الكوردستانية وحملت رسالتها باللغتين الكوردية والعربية وبلغات أخرى فكانت لسان شعب كوردستان وينبغي أن تستمر وتتنامى أكثر اليوم وفي الغد تعميداً لمسيرة انتصار لحرية التعبير وحقوق الفاعلين في رسم مسيرة إعلام حر يرقى للاشتغال المعاصر…

إنّ فقدان صوت الآخر من عائلة الصحف الكوردستانية حدث جلل، لابد أن يجري التمعن فيه وبالخسائر التي ستنجم عنه بإغلاق بوابة أمل في إعادة صياغة العلاقات بالمنطقة وحمل منجزها على اساس اقيم الإخاء والتسامح والإخاء وعلى أساس حق إعمار الذات والتمتع بالاستقلالية..

إنني أرى ضرورة الاهتمام بمن سيجري تسريحه من العمل الصحفي وهذه قضية جد خطيرة وذات أولوية أخرى غير قضية استثمار عمالقة الفكر الذين حملوا جانباً من مهام المؤازرة والتفاعل في لحظات الضيق المادي مقابل التمسك بمسيرة كبيرة تتسع لعالمنا ومجرياته اليوم عبر معالجاتهم، إن كتابات تلك الكوكبة لا تقيم بثمن في وقت جاءت دعما ومؤازرة طوال وجودهم بخاصة في السنوات الأخيرة..

من المهم والخطير ألا تفقد حركة النضال والكفاح ضد أعداء كوردستان وشعوب المنطقة بوابة تطل على جماعير بالملايين بجرة قلم توقف تلك المدرسة الصحفة العريقة التي تمتاح من أول جريدة كوردستانية حتى يومنا فيما تقف على أرض صلبة فيحاء بمئات المفكرين الكورد الذين كتبوا بالعربية وشاركوا في بناء المسيرة الحضارية فيما اليوم هذه المدرسة الصحفية تشكل وتجسد حديقة تتبنى قروناً من العطاء الفكري الأشمل بما يوحد شعوب المنطقة ويحفظ هويتها واستقلالها بشخصياتها القومية عريقة التاريخ…

وإذ أدرك طابع الظروف المادية المتعثرة وضغوطها الآنية الراهنة فإنني أدرك حجم المعاناة وواجبات التحدي للتصدي لتلك الضوائق وإيجاد حلول ما وبدائل تحفظ لتلك المجلة وهيأة تحريرها وعمالقة الفكر الموجودين فيها أدوارهم في خدمة المسيرة ومرافقة انتصار البيشمركة بانتصار بارز وخطير آخر في ميدان الحوار الفكري الفلسفي السياسي…

ثقتي أن توقفاً لعدد أو أكثر لن يعني توقفاً نهائيا ومع الحرص على تلبية كثير المهام فإن الحرص على استعادة صوت الآخر مكانها سيكون ضرورة بل حتمية ينبغي التمسك بها.

اسمحوا لي باسم ملايين قراء المجلة أن أوجه التحايا لعمالقة القلم والفكر من كتابها وإلى هيأة التحرير وإلى من وقف مع المجلة وآزرها ويواصل التمسك بها.. واسمحوا لي أيضا أن أسجل شهادة تكريم وتقدير لمحرريها جميعاً فهم قامات صحفية مهمة بارزة وأسمح لنفسي أن أحيي عوائل تلك القامات التي ضحّت وتضحي من أجل القلم والصحافة كوردستانية الهوية شامخة الوجود والأثر..

أتوجه مجدداً بمقترحي إلى القيادة التي وقفت خلف تلك الإصدارات المهمة لتجد حلا وبديلا موضوعيا مثلما التحول بالمجلة إلى وزارة الثقافة وموازانتها ذات الأولوية و\أو إلى مؤسسات قائمة بذاتها ترعى منتسبيها وتحفظ حقوقهم وعوائلهم مثلما تتمسك بأهمية وجود جهودهم متصلة مستمرة تحمل الرسالة الأبرز في عصرنا باسم كوردستان وشعبها الحر المستقل. 

صوت الآخر في أحد أعدادها عبر هذا الرابط

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *