بمناسبة اليوم الدولي لذوي الاحتياجات الخاصة، نسبة خطيرة لوجودهم عراقياً! فما العمل؟

يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام ليمثل مناسبة اليوم الدولي لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يشكل هؤلاء نسبة خطيرة لوجودهم عراقياً! لظروف شتى لا تقف عند نتائج الماضي  وآثاره الكارثية بل ومجريات اليوم وجرائمها وحال الإهمال السائد.. فما العمل؟ أتطلع شخصيا لمزيد من تسليط الضوء سواء في الأمثلة العملية المباشرة أم في دراسات وقراءات تخصصية بمختلف الميادين

اعتمدت الأمم المتحدة  في عام 1992 يوم الثالث من ديسمبر كانون أول يوماً دولياً لذوي الاحياجات الخاصة أو ما يشيع تسميته المعاقين. وأقرت في العام 2006 اتفاقية دولية ضمتها لجملة المواثيق الأممية المعنية بحقوق الإنسان فكانت اتفاقية حقوق المعاقين، التي تشير في مادتها الثالثة إلى واجب “احترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم واستقلاليتهم، وحمايتهم من التمييز، وكفالة مشاركة واشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع، واحترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية، وضمان تكافؤ الفرص، وإمكانية الوصول، واحترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حقهم في الحفاظ على هويتهم”. ولقد وقَّع العراق على تلك الاتفاقية منذ حوالي ثلاث سنوات واصدر قانون “رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013” ولكنه في الحقيقة ما زال ملزماً على وفق الاتفاقية الدولية “هيأة وطنية مستقلة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وإزالة التعارضات بين القانون المشار إليه ومواد الاتفاقية الأممية التي وقعها وباتت ملزمة له…

وبقدر تعلق الموضوع بالعراق فإنّ القضية ليست محدودة كما معظم بلدان العالم ولكنها تشمل ظاهرة عميقة الغور في المجتمع العراقي. إذ يشكل ذوي الاحتياجات الخاصة اليوم نسبة قد تقترب من الـ15% من الشعب العراقي أو أكثر من ثلاثة ملايين عراقية وعراقي. وهم يزدادون يوميا في ظل استمرار الأسباب الخطيرة للظاهرة الإنسانية…

أما أبرز أسباب تفاقم حجم  ذوي الإحتياجات الخاصة في البلاد فتعود إلى جملة أمور منها:

  1. الحروب العبثية التي خاضها العراق في ظل النظام السابق واستمرارها بأشكال أخرى ما بعد 2003، تحديداً في واقع هزال مكافحة الإرهاب والانفلات الأمني حيث التفجيرات شبه اليومية التي تطيح بمزيد من المواطنين..
  2. طابع السياسات الحكومية السلبية التي تفتقد لاستراتيجيات مناسبة وموضوعية وهي بعامة سياسات خاطئة جوهريا وفي تفاصيل محاورها.
  3. مع غتياب النظام العام وسلطة القانون تشهد البلاد حال غياب الأنظمة المرورية والعناية بوسائل النقل العامة والخاصة بما يفتج جرحاً فاغراً لإصابات بحجم خطير.
  4. ومما يزيد الطين بلة ويفاقم الأزمة هناك انهيار شامل في الرعاية الصحية ما يولد فرصاً مضافة لمفاقمة أخرى وتضخم في حجم الظاهرة. دع عنك موضوع الولادات المشوهة بالاستناد إلى التلوث البيئي وغيره من أسباب وعوامل مرضية.

إنّ السبب الأشمل ممثلا بالحروب والوضع الأمني المتدهور وضعف بل انهيار الرعاية الصحية يجعلنا نؤكد على وفق القوانين ولوائح حقوق الإنسان أنّ على الحكومة تحمّل مسؤولياتها بالخصوص وأول تلك المسؤولية النهوض بالتعويضات المعنوية والمادية . بشكل مباشر للأشخاص وبشكل نوعي شامل مجتمعياً بالعمل على الدمج في البنية المجتمعية وتغعيل الأدوار ورفع النظرة القاصرة وتشوهات الثقافة السائدة وتوفير شروط خدمات بجميع مؤسسات الدولة تستجيب لحجم وجود ذوي الاحتياجات الخاصة… ولابد أبعد من ذلك أن يجري الاهتمام النوعي الذي لا يقتصر على العلاج الآني بل يتشع ليشمل مهمة التأهيل ومن ذلك بإنشاء مزيد من المراكز المتخصصة بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، وربما وجدت الحكومة شركاء في أداء المهمة النوعية بحجمها الاستثنائي بافشارة غلى القطاعات المختلفة..

وينبغي بهذه المناسبة أن نذكر بالواجبات الإنسانية للاهتمام بالرعاقية النفسية لذوي الاحتياجات الخاصة سواء بنشر ثقافة تتناسب وطابع علاقاتهم وأساليب التعامل معهم أم بإنساء مراكز تأهيل نفسي لهم أنفسهم، وإيجاد الدراسات التخصصية في الأقسام العلمية بالجامعات ومراكز البحث العلمي..

إن متابعة أولية في الشأن العراقي يكشف بوضوح مدى الإهمال والقصور في التعامل مع هذه الشريحة المليونية الكبيرة بنسبتها وبوجودها في العراق. ويفضح سلبية تعامل الحكومة وفشل البرلمان في متابعتها بهذا الشأن وفي وضع الموازنات المناسبة والخطط والاستراتيجيات التي ينبغي اتخاذها والعمل بها وأبرزها الاستجابة لما ورد في المادة 32 من الدستور العراقي بخصوص هذه الفئة الضخمة وجودا إنسانيا وواجب إنهاء التأخر في تشكيل هيأة وطنية مستقلة مع معرفتنا بطابع تعامل الحكومة مع مجمل الهيآت المستقلة وإتباعها باستمرار لها إداريا بطريقة مثلت خللا قانونيا وبنيويا في العمل….

إنّ الإعاقة هنا تشير إلى كل “تقييد يحدّ أو يشل قدرة الشخص بسبب عجز كلي أو جزئي يمنعه من أداء التفاعل بتميز عن مديات تفاعل الإنسان الطبيعي مع محيطه، سواء حدث هذا لأسباب بدنية أم ذهنية أم حسية بما يؤدي الى قصور في الأداء الوظيفي لأصحاب الاحتياجات الخاصة. وعليه نجدد التوكيد هنا على ضرورة تغيير النظرة العامة وشيوع وتفشي السلبي منها مع التزام بواجب الإعداد والتأهيل وتوفير الخدمات المهنية والصحية البدنية والنفسية والذهنية كذلك التربوية والاجتماعية بما يدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مجالات الفعاليات الوظيفية بمحيطهم وبيئتهم ويعيدهم ليكونوا فاعلين منتجين في المجتمع أو على اقل تقدير يؤنسن وجودهم بإعادة الاتزان والاندماج والتوافق .

إن الادماج في مسارات التربية والتعليم والإعداد المهني المجتمعي الشامل وتوفير فرص متخصصة لمعالجة حالات انتشار الولادات المشوهة بسبب نتائج كارثية لمخلفات الحروب من إشعاعات وملوثات ولأمور وراثية وأسباب تهديد للسلامة العامة مثلما الحوادث المتفاقمة مروريا فضلا عن الإصابات بالجرائم والتفجيرات الإرهابية وغيرها، إن كل ذلك يبقى واجبا نحن معنيون بمعالجته وبدعم الهيأت والنقابات والمنظمات الحقوقية مع إيجاد متخصصين بهذا الشأن ودعم أنشطتهم بمختلف الميادين وأمام مختلف المؤسسات..

فليكن هذا اليوم مناسبة لا للتذكير بل لوضع حجر الأساس لاستراتيجيات تدرس الحجم النوعي الكبير وطابع التوزيع بين الإناث والذكور وبين المحافظات وتوزيع مراكز التأهيل وفرص التعامل في الريف والمدينة وفي المؤسسات المختلفة وماذا التزمت به كل جهة معنية وذات علاقة مباشرة او غير مباشرة بالموضوع…

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *