أرقام جديدة مخيفة في العراق تتحدى العائلة وبنيتها هذه المرة.. استطلاع رأي ينتظر تفاعلاتكم

تتوالى إحصاءات بشأن ظواهر مجتمعية مختلفة، ومنها تلك الأمراض التي باتت تصيب الفرد والعائلة العراقيين لأسباب شتى. هذه معالجة لا تدعي أمراً بعينه بقدر ما تريد فتح باب استطلاع رأي بعد تفضلكم بالقراءة وليس مهما أن تصيب المعالجة أو أن تخفق ولكن المهم أن يحاول كل منا الإجابة عما فيها من محور رئيس يشير إلى (ارتفاع نسبة الطلاق بسبب الفيس بوك والواتسأب مثلما يُشاع) كما توجد أسئلة حول المحور \ الموضوع.. ويمكن للمتفاعل أن يضع السؤال ويجيب عنه.. فالقضية قضية رأي عام وعلينا معا وسويا أن نتصدى للوباء ولفيروساته وان نعزز التمسك بالقم السامية بمواجهة مع ما يُراد فرضه علينا من قيم الفساد والمفسدين من أدعياء القدسية والتدين الكاذب.. فما رايكَِ؟

أطلقت جهات عديدة تحذيرات من مغبة إهمال الإحصاءات [التي أصدرتها وزارة التخطيط العراقية] والتي تشير إلى تفشي حالات الظلاق بطريقة وبائية.. حتى وصلت آخر الأرقام إلى نسبة 50 حالة طلاق لكل 100 حالة زواج.. دع عنك نسب تأخر الزواج بخاصة لدى الفتيات بسبب هجرة تنخر في تناسب الجنسين عددياً وزيادة نسب الفقر والبطالة وتفاصيل أخرى. كما أعلنت وزارة التخطيط إلى أن عدد المطلقات حسب إحصاء وزارة التخطيط وصل 122438 منهن 105000 بأعمار بين 14-49 وما بعد عمر الخمسين بات 17432.. جدير بالذكر أن مجموعهن والأرامل بلغ 1938000 أو حوالي مليوني سيدة…طبعا هذا لم يتضمن محافظات الأنبار ونينوى وأقضية كبرى في كركوك وصلاح الدين…

والسؤال ما هي المؤثرات التي دفعت باتجاه هذه الأرقام الخطيرة؟ يمكن للباحث بل للمتابع العادي بقليل من التمعن أن يقرأ الظروف العامة بالبلاد ليجد ظواهر هجرة قسرية للشبيبة من الذكور واختلال بالتناسب بين الذكور والإناث تحديداً وعوامل الفقر والبطالة وتدهور الأحوال المعيشية وظروف السكن والصحة وانهيار شامل في التعليم مع ضوائق مصادر العيش ومشروعات العمل فضلا عن حالات النزوح الداخلي وما حملته معها من أشكال استغلال بشع وسحق للعائلة وفرص عيشها… ولابد هنا من إضافة حقيقة تكريس نظام طائفي كليبتوقراطي أفضى إلى تغيرات قيمية سلوكية حفرت عميقا في جدران العالئة ومصداتها ضد عواصف وأعاصير فوق احتمال أركان العائلة نفسها..

هذه المرة، يُطلق بعض القضاة التحذير من وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك والواتسأب) تحديداً.. وربما كان لهم بعض حق في توجيه أصبع الاتهام إلى (التكنولوجيا) بشكل ما! ولكن كيف للتكنولوجيا أن تكون عامل طلاق وتفريق؟؟

إن القضية بجوهرها لا يمكن قطعاً أن تكون بسبب عامل حيادي كتكنولوجيا الاتصال سواء الفيس بوك أم الواتسأب؛ ولكنها يقيناً تقع في إطار من يستخدمها وكيف يستخدمها وما غاياته وبنية هويته الشخصية؟؟؟

إننا نجد التواصل الافتراضي (عند بعضهم اليوم) بوصفه مهرباً من ضغوط العيش وممارسة تحاول ملء الفراغ الناجم عن دوائر الصمت المنبعثة من انقطاع الحوار بين طرفي العائلة بل أطرافها كافة بضمن ذلك الأطفال. فضلا عن الخواء الثقافي المعرفي والتخلف بخاصة في معرفة آليات اشتغال تلك التكنولوجيا التي باتت تعج بعناصر مرضية تتصيد في المياه العكرة وتوقع بين أطراف العائلة أو تورطهم في فخاخها بقصد الابتزاز…

إنّ إدمان الفراغ والتعايش معه سلبياً من دون وسائل حل بديلة ومن دون ملئه بما يفيد قيميا سلوكيا في الممارسة اليومية يؤدي في الغالب للوقوع في إدمان وسائل التواصل والتجول بينها، كمَّن يتجول هائما على وجهه بلا محددات لدخول موقع أو آخر..

الكارثة هنا أن الأمور تتداعى سلبيا وتنجر الأرجل إلى منزلقات من دون وعي في البداية إلى موطئ القدم واتجاهها.. ثم يصحو المرء على ظرف لا يعرف له طريقاً للخروج..

بين الأبوين والأطفال لا حوار لأسباب عديدة ولكن بين الزوجين هناك أسباب شتى لحجب ما يجري يوميا من جولات إدمانية أو جولات التوهان السلبية التي بدأت بمتابعة شخوص كل ما يعرفه عنهم المرء أنهم صاروا في لحظة (أصدقاء أو صديقات) وكثير منهم لا يظهر في صفحاتهم سوى أسماء مستعارة تُخفي وراءها أشباح ودودة تبحث عن جولة استرخاء جد عادية ولكنها لظروف يمكن تشخيصها تنزلق وتتورط وأشباح أخرى متوحشة عدائية، تبحث عن  ضحايا توقع بها..

لنتذكر أن الصراع المافيوي بين قوى الفساد في البلاد هي أول من أطل برأس أفعاه هنا بذريعة أو تبرير للإيقاع بأعداء من الخصوم أو بعوائلهم بقصد الابتزاز السياسي أو بصيغة أخرى الابتزاز لمآرب دنيئة لتمرير صفقة سياسية أو تجارية أو أخلاقية كالاتجار بالبشر أطفالا ونساء ورجالا أيضا… حتى صارت تلك اللعبة القذرة المرض الذي تحول لوباء!

في بلاد لا مكان فيها لثقافة سامية بأدواتها من سينما أو مسرح أو موسيقا أو معرض فني أو أمسية أدبية ممكن الوصول إليها؛ وفي بلاد لا مجال للاستمتاع بأمور قيمية مقبولة حيث الحظر والتحريم والتكفير الذي يستدعي إقامة (الحد\الحدود) من طرف العناصر المتطرفة في الميليشيات، في مثل تلك البلاد لا يبقى سوى الخروج بسياحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الافتراضية) يتخفى فيها التائه أو صاحب الفراغ أو المحاصر الباحث عن بدائل غير متعبة.. ومع تقطع أوصال المدن والأحياء والضواحي وانعدام اللقاء الاجتماعي المباشر بين العوائل والزملاء والصحبة يكون الواتسأب والماسنجر الفيس بوك وغيرها وسيلة للاتصال بوصفها عالما بديلاً…

وفي الظلمة وخلف الأحجبة وفي العالم الافتراضي يقع الانزلاق بتداعيات غالبا ما تكون غير مقصودة في بداية الأمر.. أو أنها لا تتضمن أي علاقة مرضية ولكن يجري تفسيرها بالتأويل وهاجس انعدام الثقة بكونها مرضية وهي ليست كذلك كما أشرنا.. هنا تكون قراءة الأمور سببا أو تبريراً للوقوع في براثن الاختلاف فالخلاف ومن ثمّ الطلاق..

إن هذه الإشكالية بحاجة لقراءة ضمن أطر أكثر شمولا.. وما يؤسفني أن أغلب مخرجات التعليم في مجال التخصص شبه معطلة عن أداء واجبها أو أنها مجرد مخرجات آلية لا علاقة لها بالتخصص وما ينتظرها من مسؤولية مجتمعية كبرى.. أقصد تحديداً مخرجات أقسام التربية وعلم النفس واكثر تحديداً قسم علم الاجتماع…

يفاقم هذه الأمور أمية تامة في مجال (الوعي القانوني) واستسلام واسترخاء بأحضان الأمرة العشائرية والطائفية بشأن إيقاع حالات الطلاق خارج المحاكم مما انتشر مؤخراً في ظل ما أشيع من فقه فوق القانون ومؤسساته وهو فقه لا يرتبط حتى بدين ولكنها قيم سلوكية مرضية ولا أقول (ثقافة) مرضية لأنها مجرد حالات خنوع سلبية ناجمة عن تدني الوعي القانوني وانعدام احترام مؤسساته  وأمية شاملة أبجدياً حضارياً. أذكّر بأن العراقيين كانوا لخيار الزواج أو الطلاق لا يقبلون إلا بالمحكمة (الرسمية) فماذا جرى اليوم ليلجأ الفرد منهم والعائلة إلى ما هو خارج المحاكم؟ وكيف استساغوا هذا الأداء الاجتماعي الكارثي ؟ أليس هذا هو أحد أبرز وجوه انعدام الوعي القانوني!؟

إذن قصة اتهام وسائل التواصل والوصول إلى حد تحريمها هو تشويش وتضليل وهو تعتيم على الحقيقة التي تفضح طابع النظام وما يفرزه من نتائج كارثية مجتمعياً.. إنها مطحنة آلة جهنمية لا تكتفي ببشاعاتها التصفوية الدموية ولا بوحشيتها بل توغل بهمجيتها لتنشر أوبئتها بما يتيح لها مزيد جرائم ابتزاز واستغلال وتعيث في البلاد فساداً…

أتمنى على جهات التخصص التوقف بسلسلة عند كل نقطة وتطبيقاتها بما يساعد على تجاوز الالتباسات وأشكال الاختلاف في قراءة الأمور وبما يعزز اكتشاف وسائل استعادة الثقة، بعيدا عن أفكار مرضية باتت اليوم هي الأخرى وباءً مستفحلا حتى ببلدان غير العراق بخاصة وسط الجاليات..

فثقافة الفرد والروح الفردي وعزلته وتضخم الذات والبكاء على خسارة الماضي مقابل الانبهار بالآخر والبحث عن تعويضه بطريقة عير محسوبة العواقب، هي ثقافة المجتمع في بلدان التقدم التكنولوجي. وتلكم ثقافة تنسجم وطابع النظام وآلياته بخلاف كون العائلة والعلاقات الصحية فيها أساس أنسنة وجودنا وعيشنا مثلما كان سائدا في المجتمعات الاشتراكية التي حافظت على القيم الروحية السليمة وتصدت للتشظيات  والفردنة المرضية…

لقد باتت نوازع الفردنة حال متضخمة متفاقمة حتى أوغلت لتودي بالعلاقات الإيجابية واستمرأ (نفر) وإن كان قليلا نادرا حال تبرير سلوكيات مثل التعرض للآخر و\أو الغدر به وخيانته، بالرد على خيانة مقابلة أو بالانتقام ممن ارتكبها! ولا ثقافة صحية سليمة يمكنها أن تقر ممارسة سلبية أو مرضية كالخيانة وإن برّرها  مَن يقوم بها من ذاك النفر بالرد والثأر…

والآن لنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وأترك التفاعل لكل منكم:

كيف نصل إلى استعادة القيم الصحية السليمة في بناء العلاقات الإنسانية؟ كيف تستعيد العوائل الثقة بين أطرافها أو بين الزوجين على أقل تقدير وكيف ينعكس الأمر في ممارساتهما ومنها استخدامهما وسائل التواصل؟ كيف يمكن تجنيبهما الهزات التي تقع لهما في ضوء وجودهما بوسائل التواصل؟ بخاصة هنا وقوعهما بأحابيل الابتزاز أو الانزلاق غير المقصود بخطأ أو غلط أو آخر؟ كيف نستخدم وسائل التواصل بشكل موضوعي سليم لا يوقعنا بـ(إدمانه) فيعزلنا عن محيطنا المباشر وغير المباشر؟ كيف نكون من الصراحة والوضوح بما يخدم وجودنا الإنساني الأنجع بشأن تفاصيل أنشطتنا في وسائل التواصل؟ كيف نؤكد وعينا  والانتماء لعصر المعارف والعلوم بما يجنبنا الوقوع بمطبات استخدام وسائل التواصل؟ كيف نستفيد من ذلك في تعزيز علاقاتنا الإنسانية السليمة بدءا بالعائلية (وشفافية ما نمارسه وسلامة المصارحة) وليس انتهاء بالمجتمعية الأشمل و (سلامة الاتصال) وغاياته؟ كيف نحتاط ونحذر بما يمنع الانزلاق لأخطاء و\أو أغلاط؟ كيف نستفيد من تجاريب الآخر وننفتح بأمان وسط العالم الافتراضي؟ كيف نتعرف إلى آليات ذلك العالم وما فيه من مزالق ومحاذير بمقابل ما فيه من فوائد وإيجابيات؟ هل من الاستقلالية وقوة الشخصية أن يفتح زوج أو زوجة أو ابنة أو ابن علاقات وأنشطة في العالم الافتراضي  ويخبئها على العائلة؟ أو ما السبب في إخفاء العلاقات والأنشطة في العالم الافتراضي؟ و هل من الصحيح إدارة دردشات (خاصة) (شخصية) في العالم الافتراضي بالخفاء عن العائلة؟ ما الصحيح في إدارة الحوارات وليس الدردشات مع الآخر؟ وكيف وما المحددات؟ [برجاء إعادة صياغة السؤال\الأسئلة بحال الاعتراض على صياغة وكذلك وضع أسئلة أخرى ترونها مهمة أو لم ترد هنا للاستكمال والتنضيج] ومن ثم الإجابة والتفاعل بما ترونه

أسئلة كثيرة ربما لم أضع جلّها هنا، وربما لم أتوصل إلى الإشارة الدقيقة إلى تسلسل فعلها الإيجابي و\أو السلبي ولكنني أدعو المتخصصات والمتخصصين لتناول الموضوع بطريقة بحثية في دراسات جدية علمية يمكنها وضع تغطية أشمل لأن الموضوع يمس حيوات عشرات آلاف وربما مئات آلاف المواطنات والمواطنين سواء في الوطن أم المهجر…

فهل من دراسة أو بالأحرى دراسات متحصصة ومعالجات مؤملة، للخروج من دوامة الجهل والتخلف والخراب القيمي الذي أصاب نفراً وربما حوَّلَهم إلى فيروسات وبائية لا مصد لها..!؟

ثقتي وطيدة بأغلبية مجتمعنا وثبات القيم إيجاباً ..    وثقتي بروعة صدّ التأثيرات الفيروسية الوبائية لروعة تمسك الأغلبية بوسائل السلامة… إنّ استخدام وسائل التواصل سيتعزز بمسار الإيجاب لفضح المتسبب وما يرتكب من جرم مهول بحقنا جميعا وسنكون الأقدر على مسك رأس الشليلة لفك طلاسم ما يريدون وليس مستعصٍ علينا ما فيه من غايات في أنفسٍ مريضة ولكن في كل منا الطبيب المعالج والدواء لذاك الفيروس والداء…

امتلكي الثقة\امتلك الثقة وامضيا معا وسويا في مسار قراءة ما أحاط ويحيط بكما فكثير من حالات الطلاق جرت للبس أو لانزلاق ووقوع بهفوة أو مطب أو إيقاع متعمد وتوريط وأغلب حالات الطلاق يمكنها أن تعود لقراءة ما جرى وتحل المشكلات وتستعيد أنسام العلاقة الصحية الأنجع…

عودوا إلى أنفسكم وستجدون أنكم الأجدر بالانتصار على ما أشيع من خراب وما أحدث من وقيعة..

وأتطلع للدراسات والبحوث والمعالجات وأولها من كل إنسان تجاه وجوده العائلي وواجباته في ذياك الوجود الذي يعزز تمسكه به هو شخصيته لا يلغيها كما يتهيأ له من أوهام نتيجة ضعف معرفي أو خلل ثقافي أو لأي سبب آخر وأمنيات بالخير للجميع وقراءة ممتعة لهذه المعالجة التي لا تدعي العصمة والكمال ولكنها تكتمل بالجميع وبرؤاهم ومعالجاتهم لتعصمهم إراداتهم أنفسهم وتمسكهم هم بسامي القيم ونبيلها…

لكتابة التفاعل يمكنكم التعليق بدخول رابط الموضوع في موقع ألواح سومرية معاصرة ووضع الرؤية في حقل التعليق تمكينا أفضل للتوثيق وتوحيد النص مع التفاعلات 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *