باقة غنائية استثنائية رائعة للفنان البصري تطلق في مجموعة بعنوان ترحال

باقة غنائية استثنائية رائعة للفنان الدكتور حميد البصري تطلق في ألبوم بعنوان ترحال. وسيجري لها جلسة استماع وقراءة غناسيقية متخصصة يوم السبت 25 فبراير شباط إذ يلتقي الجمهور مع مجموعة (ترحال) الغنائية ويمكن فيها لعشاق الأغنية شراء السي دي مباشرة؛ والمجموعة تتميز بالاحتراف والخبرة والتسجيل الرائق الصافي في أحدث ما تنتجه الاستوديوهات المتخصصة.  بانتظار حضور جمهور الأغنية الشرقية من مختلف جاليات الناطقين بالعربية من عشاق تلك الأغنية وألوانها. هذه قراءة موجزة وإضاءة في المجموعة وما تشتمل عليه.. بانتظار القراءة الأشمل والأوسع التي ستنشر لاحقا بعد الأمسية.

 
نحن على موعد مع مجموعة (ترحال) التي تمثل منجزاً غناسيقياً يلخص تجاريب الموسيقار الدكتور حميد البصري متجولاً بين مدن العراق وسوريا واليمن وهولندا بمراحل مختلفة، انصبَّ في سبعة أعمال كلٌ منها بلون غناسيقي بعينه، تعبيراً عن تنوع اشتغال البصري الإبداعي موسيقياً غنائياً.. ونحن  نتحدث هنا عن الأغنية في فضائها المعبر عن العواطف الإنسانية بغناها، طبعاً من دون التخلي عن الالتزام والإيجابية في التعامل مع أسلوب معالجتها مادتها.. إنها شجن الروح العراقي وترنيماته المميزة بجملته الموسيقية وبأدائه المخصوص..
تبدأ المجموعة الصادرة بعنوان ((ترحال)) تعبيراً عن التسلسل الزمكاني  بأغنية من الـ (يا مال) التي سيتفاجأ الجمهور بذياك الأداء الاستثنائي النابع من عمق الروح والحنجرة وطاقاتها.. هنا سنعود بالصفكة البصرية إلى وحدة أصوات الآلات وأدوات أخرى غير الحنجرة لتقديم هذا الشجن وحرارته متهدجا متكسرا كتكسر مويجات الخليج العربي على شطآن البصرة. وإذا كان أحدنا سمع الجزء الأول بمناسبة سابقة فإن جزءا مهما جديدا يجده في ترحال...
 
وفي ثاني أغاني مجموعة ترحال تأتي قصيدة دجلة الخير للشاعر محمد مهدي الجواهري ويقدمها البصري بمقام رست الأبرز في التعبير عن الموسيقا الشرقية أجدني أرى أن توظيف الموسيقار البصري لهذا المقام بمعانيه ودلالاته في تقديم قصيدة الجواهري كان جد موفق لاستعراض امتداد أفقي مستقيم لبنية البيت الشعري التقليدي وفي تنقلات القصيدة ومعالجتها مادتها بوقار موسيقا شرقية ومقام يعد من مقاماتها الرئيسة…
 
في العمل الثالث من ترحال يقدم لنا البصري رحلة إلى عدن اليمن الجنوبي. إننا بصدد قصيدة أخرى للجواهري الكبير هي قصيدة سلام التي نلاحظ ظهور نغمات اليمن وجملها الموسيقية ممتزجة بالجملة الموسيقية العربية وأصلها العراقي في هارمونيته وتوظيفه الآلات بطابع أوركسترالي لعوامل إنتاجية من جهة وأخرى فنية مخصوصة..
 
وفي موشح يا نسيم الريح من شعر الحلاج يقدم البصري تنويعا آخر لمنجزه الفني. والموشح نظم شعري عربي (مولّد) بالميل إلى الأصل الأندلسي للموشح. حيث كل شيء في الأندلس جاء مولّداً من امتزاج حضارتين وقيمهما كافة وحيث الانعتاق من القيود فسح مجالاً للتجديد وكسر الرتابة والنمذجة المقيِّدة للإبداع.  
 
في العمل الخامس لشعر كامل الركابي “عاشك حنين الناس” نتأكد من فلسفة موسيقية غنية للموسيقار البصري لا يغادر فيها الموسيقا العربية العراقية الأصل من جهة بناء المقدمات الموسيقية ووضع المتلقي بأجواء اللحن ومقامه ووجود اللحن بمعمار موسيقي محدد الهوية. ها هو يقدم كيفية لاتحاد التقطيعات والأوصال الموسيقية للشعبي العراقي فيما بينها ثم يفصّله مع اللحن برؤية الملحن… نحن نرى البصري ملحناً هنا يستدعي التنويعات الغناسيقية من توشيحات وتلميعات مقامية لا يغادر فيها تبحره في الأغنية والموسيقا العربية متخصصا دارسا باحثا ومبدعاً
 
ونتابع اللقاء مع حنجرة البصري في الأغنية السادسة من ترحاله جغرافيا زمكانيا، بأغنية سهرنالك دهر فيحط الرحال في هولندا. إن البصري يدري معنى أن يغني قصيدة للنواب وهو الشاعر المبدع كتابة وأداء إلقاء لقصائده ومعنى حفر الشاعر لصوته وإيقاعات قصائده في ذاكرة المتلقي؛ لهذا السبب يكتفي بتسجيله هنا على آلة العود تطارد الحنجرة في اشتغالها الملهم. إنه يربط بين أنّات الروح العاشق من دون تنقلات وفواصل لأن الأداء هنا يعبر عن تداعيات واستمرارية انسكابها في ألفاظ معبرة.
 
أما في خاتمة السباعية لمجموعة ترحال وما رسمته من كثير الآلام والجراحات فيشجينا الموسيقار البصري من مقام حكيمي بإبداع من يوم فركاك مأخوذة من حفلة اقيمت في هولندا المغترب الراهن… والكلمات من تراث الحاج زاير.. أما اللحن فإن البصري مجددا يرفض غربته بإعادتها إلى البصرة والصفكة المخصوصة يفتتح بها لحنه هذا.
 
أتمنى لعشاق الأغنية أن يلتقطوا هذا السي دي ومجموعة الأغنيات المعبرة عن ترحال يختزل مهاجر العراقيين وتنقلاتهم وارتحالاتهم بين المدن والدول، بين المهاجر والغربات القصية ليعبر عن القلوب الكليمة بغربتها الزمكانية وعشق الوطن والحياة والترنم بإبداعات وجماليات مؤكدة أن صنع الحياة وجمالياتها لم ينقطع عن مبدعي الوطن والناس وأنهم مازالوا يمتلكون ذخيرة من الحب بحجم وجود الشعب وثراء تاريخه ووجوده
نداء للقاء يتجدد ولعل أمسية الاستماع في غربتنا هي هنيهة نتلمس فيها مواجع أفئدتنا والروح العراقي السامق كما شموخ النخلة البصرية الباقية.. واثقا من روعة اللقاء كما روعة المنجز المميز البهي بأفضل تقنيات التسجيل ومؤثراته
 
ولنا لقاء يوم السبت 25 فبراير شباط الجاري على قاعة البيت العراقي عند الساعة السابعة مساءً ولربما أتيح لي وقت لمتابعة بعض تفاصيل في الأغنية وتحليلها نقدياً لكن الأهم والأشمل سيكون بعد الاستماع للسي دي ممثلاً في شروحات ضافية ومهمة سيقدمها الدكتور حميد البصري.. فمرحى بمحبي الفن والأغنية العراقيين، مرحى بلحظات جمالية 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *