تهجمات مرضية تتوهم أنها تمارس النقد أو توهم به ولكنها مجرد وباء

في استمرار لتداعيات تهجمات سقيمة يطلقها (بعضهم) بين الفينة والأخرى بما يحاول النيل من شخصيات ومنظمات وطنية ديموقراطية وقوى تنويرية، شاهدنا تواصل واستمرار (تهجمات مرضية تتوهم أنها تمارس النقد أو توهم به ولكنها مجرد وباء) وفي ضوء تلك أكتب هذه الأسطر عسى تكون فرصة لحوار معمق عبر تعليقاتكم وتداخلاتكم وعبر فتح بوابة لدراسات من طرف الأكاديميين والمعنيين جميعا.. فلنعمل على تنقية مسيرتنا من تلك العناصر التي تتوهم أمرا وتمارس نقيضه ومن تلك التي تحاول تمرير مآربها عبر هذه السوقية ومنهج الانحطاط بالحوار وثقة وطيدة بأننا سنتخلص من هذا الوباء بفضل علاقة وطيدة بين الشعب ووعيه وبين قادة تنويره وتقدمه والارتقاء به

 

أقدر عالياً كثيراً من التفاعلات والتداخلات مع ما يُنشر لي هنا وهناك أو طبعا مع ما ينشره ويمارسه عديد من الشخصيات المدنية الحقوقية والأكاديمية. وشخصياً أحرص دائما على ضمان ثبات نشر تلك المواد وتجنب الحذف، تمسكاً بحرية التعبير واحترام الرأي الآخر، طبعاً عندما يكون رأيا ومعالجة وليس شيئاً آخر. بمعنى ضرورة أن يلتزم ما يُرسل من معالجات نقدية، بأسس الحوار الموضوعي وتجنب خطاب الاتهام الذي لا يستند إلى أرضية أو وثيقة أو مؤشر يبرهن عليه، وحينها يقع في مطب التعريض بالآخرين الأمر الذي يحاسب عليه القانون بدل استقباله بالترحيب سواء من القانون أم من مختلف الأطراف المعنية به.

وإذ قدمتُ موضوعاتي ومعالجاتي وكل أنشطتي وممارستي العامة بوصفها مجرد مقترحات تتطلع للتفاعلات لتنضيجها أو استبدالها، فإنني رحبتُ وأرحب بكل تفاعل موضوعي أحرص أيضا، على التفاعل معه مجدداً سواء بـتلبية صوابه أو محاورة ما أراه خطأ فيه…

ولطالما تجنبتُ إحالة الحوارات إلى ما يقع في صراعات ومشاغلات سلبية تعكس ضيق الأفق عند بعضهم أعني الشخصيات التي تتحدث بمنطق عنصري وبأشكال التمييز والعدائية في التعامل فتنحط بالخطاب وتنحدر به إلى هاوية أو حضيض الشتيمة وسقمها.. مبتعدة عن المنهجية واقعة بإطار تصفية الحساب من منطلقات ليست نقدية قطعا بل كما أشرتُ للتو هي أما أقرب للشتيمة أو أقرب للشوشرة وربما التضليل مقصوداً أو غير مقصود وبدراية أو من دونها..

وفي إطار بيئتنا ومحيط ما يُنشر ويجري التفاعل بشأنه، لنلاحظ بعض ما يرد مما يسمونه نقداً، مثل اتهام منظمات المجتمع المدني ومنها الحقوقية بالفساد لمجرد أنها عقدت مؤتمراً او نشاطاً عاماً في فندق أو آخر أو قاعة كبيرة.. وكأنما لسان حال ذاك المسمى نقداً يقول: أما تعقدوا مؤتمراتكم  في المقاهي والشوارع والساحات أو أنكم ناهبو ثروات الشعب!؟ فيما الحقيقة أن من بديهيات الأمور أن تحظى منظمات الشعب برعاية وافية لأنشطتها الثقافية التنويرية والحقوقية السامية والمدنية النبيلة السديدة.. إن ذلك ليست مفسدة ولكن الشوشرة عليه هو المفسدة لأنه يضيع بشوشرته الإشارة الأوضح والأنجع لعناصر الفساد الحقيقية ومواضع بعزقة الثروة وإضاعتها…

إن تلك الممارسات التي يسمونها دجلا نقداً، إنما هي نوازع عدوانية ونهلستية \ عدمية لا تنظر إلى هوية ممارسة نشاط أو مؤتمر وآليات الأداء فيه؛ بل تنظر إلى أمور أخرى من قبيل أنها لا ترى في قاعات مؤسسات الدولة إلا ملكاً للفاسدين! بينما هي حق الشعب كونها مبانيه وقصوره التي تبقى استحقاقا له وللناشطين كي يستثمروها في خطى الإنجاز..

ألا نريد لأبنائنا مدارس مشروطة بفضاءاتها الفسيحة ومساحات الصفوف وفصول الدراسة الوافية؟ ألا نريد لطلبة العلم جامعات ومراكز بحثية بمبان تتناسب ومحددات عالمية معروفة؟ وأيضا وبشكل أكيد ألا نريد لشعبنا ولشخصياته الناشطة الفاعلة أن تلتقي بمباني اتحادات الأدباء والفنانين والنقابات والجمعيات المهنية ومباني منظمات المجتمع المدني وفنادق وقصور ومتاحف أم أن الشعب وكل أبنائنا وشخصياتنا مكتوب عليها على وفق منطق تلك الشخوص المتشنجة ألا تعقد لها نشاطا إلا في فضاءات فقيرة وميادين وساحات جرداء مبتلاة بالاستغلال!؟

إن عقد مؤتمر أو نشاط في مبنى يُعدّ من ثروات الشعب ليس نهباً لتلك الثروات إنما يأتي الوصف بتلك الطريقة لأنها لا تمتلك النضج في قراءة صحيح الممارسة وسليمها مثلما يجري عند كل شعوب دول الديموقراطيات العريقة.. وقد يكون المبرر عند تلك الشخوص انعدام الثقة أو حتى انعدام الوعي الكافي لقراءة الواقعة وعندها كل شيء خبط عشواء يقوم على الطعن حيثما  حطت رحال (عقول) تلك الشخوص!!!

وفي ضوء هذه القراءة، فإن اتهام المنظمات والشخصيات بالفساد لمجرد عقد مؤتمر أو نشاط بمبنى من مباني الشعب الكبيرة التي تتوافر فيها بعض الخدمات، وتحديدا عندما لا يقوم على دليل ومنطق سليم هو مساهمة أخرى لصالح قوى الفساد التي يجب أن نتحد من أجل فضحها وليس إدانة منظمة جوهرها مكافحة الفساد واستعادة حقوق الناس.. والحقيقة بهذه الصورة المشوهة للنقد، تأتي بالتخبطات والاتهامات الفوضوية لتخلط الأوراق وتشوه الحقائق فتخدم أعداء حقوق الإنسان..

ومثل هذه الاتهامات ما يوجه للتعليم الألكتروني بوصفه نظاما من نظم التعليم وهو فرصة تحديث والتحاق بركب التقدم فيما يجري تشويهه عبر تضخيم ما جابهه من أمراض وبدل معالجة الخلل بسبب عدم وجود تشريعات وقوانين ورعاية مؤسسية له بدل المعالجة يجري المشاغلة كما يقول المثل العراقي (يخوط بصف الاستكان) بجانبه خارجه وليس فيه! وطبعا تكال التهم يمينا وشمالا بلا دليل لكل منصف وصاحب عقل وجهد للتحديث.. أفلا ننظر ونتمعن فيما يجري بالخصوص!؟

يطعنون بكل شخصية وطنية نزيهة كي عطوا على الشخصيات الوسخة الفاسدة أو أنهم يريدون التمظهر بشعارات ولكن على حساب الحقائق والقيم وعلى حساب تشويه أنقياء!؟

وقضايا كثيرة تدخل في خطاب الشتيمة الأرخص أو الأرعن

إن ما يرد من سرديات وترهات تسمى نقداً، بكل استرسالها إنما تجمع بغرابة جملة من الموضوعات والاتهامات لتكيل بتلك الخلطة الفوضوية الشتائم والسباب والتحقير لمن توجّه إليه ممن يربأ المجتمع به عن تلك التفاهات ويعرف سموه ونبله سواء كان شخصية نزيهة أم منظمة سديدة الأهداف…

ولست هنا بوارد مزيد انشغال ببطولات دونكيشوتية يستعرض بها صغار القوم ما يمتلكون من معاجم الشتيمة متطاولين على قامات مهمة ومنظمات كبيرة؛ ولكن من بوابة احترام حق المواطنين في الاطلاع على الردود أو توكيد شفافية الممارسة والكشف عن الحقائق يجري التفاعل هنا وهناك بحسب أهمية المادة وما تفرضه من تفاعل..ولعل هذه الأسطر هي جزئية من محاولات التنوير والتطعيم ضد ذاك الوباء…

إن لكل موضوع معالجته وتفاعلات الحوار بشأنه وينبغي أن يوجد التزام جدي مسؤول بمنهج الحوار وابتعاده عن الإسفاف وعن التشعب والخروج عن الموضوع وكذلك الابتعاد عن التفريعات التي تخلط الأوراق بعد مطولات تسترسل لإضاعة راس الشليلة على القارئ المتتبع.. طبعا فضلا عن ابتعاد نهائي وقطعي عن منطق الإساءة بشتيمة أو ما شابه من خطاب ينحدر بالحوار ويخرج به عن جادة تبادل الاحترام وأوله احترام العقل وحكمته وسداد منطقه…

إن الفارق بين التهجمات العدوانية كونها خطابا للتشويش والتشويه ومن ثم تضليل المتابعين وبين النقد البناء الذي يستهدف تصحيح المسار هو فارق نوعي كبير بين أمر بنيوي يضيف للإنسان ويتقدم به ويعزز العلاقات الإنسانية ويتقدم بالمجتمع وبيئته نحو آفاق إيجابية سامية وأمر يهدم في شخصية الإنسان ويحيله إلى مشاغلة بعدوانيات وأشكال احتراب وانحطاط الذائقة..

ومن يمارس الشتيمة دائما يزعم أنه يريد تقديم النقد ولكن القارئ الفطن سيكتشف الحقيقة مع تقدمه بمطولات الادعاء ومزاعمها لأنها حتما ستكشف عن نفسها برخيص الألفاظ التي تستخدمها والأسلوب الرديء الذي تتسم به..

في الغالب ينبغي تجنب الدخول مع الحمقى والأدعياء بأي شكل من التفاعلات لأنها قد تؤدي لانزلاقات غير مبررة.. أو تلبي مآرب العدوانيين وأمراضهم في الشوشرة والتشويه..

كم أتمنى على مجتمعنا وهو يميز بين شخصياته وقاماتها وبين شخوص مرضى وحجومهم المتضخمة لأمر أو آخر، كم أتمنى أن يحاصر تلك الجراثيم كي ينهي وجودها واحتمالات الوباء الذي قد تنشره باستفحالها وأساليبها.. وأن يُعنى بنبيل شخصياته كي يستقي منهم السمو والنزاهة والثقة بغد نظيف ناجع..

أوجه ندائي لمجتمعات الكلمة الحرة النبيلة أن يقدموا الدراسات التي تتناسب والظاهرة كي نستطيع مساعدة أهلنا وأناسنا على تبين الغث من السمين.. وكي نصل إلى بر أمان لا يسمح لعناصر مرضية أن تبث سمومها…

وما هذه الكلمة إلا مجرد مفتتح أرجو أن يكون قد أشّر على الجرح وما انتشر بيننا من غث مرضي وبات يتفشى وبائيا…

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *