إدانة جرائم الاعتداءات والانتهاكات على حقوق المندائيين والمطالبة بضمان ممارستهم طقوسهم

بمبادرة من المرصد السومري، أصدر كل من هياة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق والمرصد السومري لحقوق الإنسان بيانا يستنكران فيه ما يتعرض له المندائيون في البصرة من مضايقات ومصادرة لحرية المعتقد وحظر ممارسة طقوس التعبد ودانا تلك الجرائم المتعاقبة المستمرة وطالبا بالكف الفوري وبتحمل الحكومتين المحلية والاتحادية لمسؤولياتهما في فرض قيم الدستور ولوائح حقوق الإنسان المكفولة لجميع العراقيات والعراقيين بعيدا عن التمييز الديني والمذهبي

إدانة جرائم الاعتداءات والانتهاكات على حقوق المندائيين والمطالبة بضمان ممارستهم طقوسهم

تُعدُّ الديانة المندائية من أقدم الديانات الحية في العراق، ولعلها أول ديانة موحدة في تاريخ البشرية، ومازال أتباعها يحيون في محافظات جنوب العراق وفي جنوب غرب إيران، فيما اضطرت أعمال التنكيل والتصفية وجرائم ضد الإنسانية التي تعرضوا لها، عشرات الآلاف منهم للهجرة القسرية، ليعيشوا اليوم في عدد من دول أوروبا أبرزها هولندا ودول اسكندنافية والمملكة المتحدة.

ومازال ما يزيد عن 200 عائلة مندائية تحيا في البصرة بعد اضطرار آلاف المواطنين المندائيين للرحيل كرهاً، عقب سنة 2003، حيث اُرتُكِبت أعمال خطف واغتصاب وقتل ومضايقات وصلت حد محاولات نبش القبور العائدة لأتباع المندائية والاستيلاء عليها في ظل تعتيم شامل وتكميم للأفواه واستغلالاً للروح المسالم لأتباع هذه الديانة ومعاني ذلك بقصد دفن تفاصيل المجريات تحت سيف الإكراه وجرائم التصفية ومقصلتهما..

  إنّ أبرز أماكن عيش العوائل المتبقية في البصرة تحديداً، هي: الحكيمية والعباسية والجمهورية، والمندى (المعبد) الوحيد المتبقي بالبصرة يوجد في الطويسة.

ومع كل التضييقات التي يتجاوزها أتباع هذه الديانة المتسمة بقيم التسامح والسلام تطفو جرائم استغلال أتباع الديانات والمذاهب غير المسلمة ليتبدى منها اليوم، الاعتداء على المندائيين الذين اشتروا قطعة أرض صغيرة على شاطئ النهر لإقامة طقوسهم التي كفلها الدستور وتضمنها لوائح حقوق الإنسان.. ومع أنّ مطلب أتباع المندائية في البصرة لا يتعدى بناء سلالم حجرية على الشاطئ، مع سياج يوفر الخصوصية للعوائل التي تشارك في طقوس التعميد، وملحقات بسيطة لا تزيد عن حمام وغرفة لتبديل الملابس؛ إلا أن البلدية والقائمقامية وجهات رسمية بصرية منعتهم من إقامة ذلك على أرض ملك لهم رسمياً..

من جهة أخرى قامت الإدارة المحلية بشق طريق وتعبيده، قاسمة الأرض نصفين ما لم يعترض عليه المندائيون لكنهم يستغربون منعهم من إقامة السلم الحجري الصغير المحدود في المتبقي من قطعة أرضهم!

إننا في المرصد السومري لحقوق الإنسان وهيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق، نجدد نداءاتنا بشأن حماية أتباع الديانات في العراق على وفق الحقوق الدستورية وما تكفله لوائح حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ونصوصه القاضية باحترام إقامة الطقوس وحرية المعتقد وضمان سلامة أتباع الديانة وكامل حقوقهم وحرياتهم التي تتعرض لمسلسل إجرامي يبدأ بالمضايقات ولا يقف عند تخوم جرائم ضد الإنسانية ليصل إلى حدود جريمة الإبادة الجماعية…

إن إهمال هذه الوقائع الخطيرة وتكرارها والتغييرات الديموغرافية ومحاولات محو الهوية مثلما يقع على الآثار الروحية والثقافية والاستيلاء على المقابر والممتلكات العائدة لأتباع المندائية هي عملية منح الضوء الأخضر لاستمرار مسلسل الجريمة سواء ضد المندائيين أم ضد أتباع الديانات الأخرى..

ولهذا فإننا نحمِّل المسؤولية كاملة لحكومة البصرة وللحكومات المحلية في المحافظات المعنية وللحكومة الاتحادية بوصفها السلطة التنفيذية الحامية للدستور..

ونطالب الرموز العليا في تلك السلطات لاتخاذ الإجراءات العاجلة الكفيلة باستعادة الحقوق وضمان عدم تكرار الجريمة وأي شكل للابتزاز والبلطجة المرتكبة يومياً في ظل الانفلات الأمني وسطوة قوى وجهات تنفّذ برامج وسياسات طائفية مؤداها مصادرة حق المعتقد وحظر ممارسة الطقوس لغير أتباع تلك الجهات الطائفية المتحكمة بالسلطات المحلية والعراقية بنهج طائفي مفضوح.

إن الانتهاكات المتكررة لا تقف عند حقوق أتباع الديانات والمذاهب في ممارسة طقوسهم بل تشمل مجمل تفاصيل حيواتهم ووجودهم في الوطن ذياك الوجود الذي يعود لجذور وجود الدولة العراقية في الحضارات القديمة وكذلك منذ انطلاقة بناء الدولة العراقية المعاصرة..

إننا نتطلع إلى وعي الأغلبية العراقية للمجريات وتبنيهم مهام الدفاع عن حقوق أخوة الوطن بمبدأ المواطنة والمساواة وعدم التمييز على خلفية الانتماء الديني المذهبي التي يجري ارتكاب الجرائم في ظلال تلك الخلفية..

واثقين من انطلاق حملة شعبية شاملة للضغط على السلطات كي تنهض بواجباتها المقررة دستورياً.. وبخلافه فقد باتت تنشأ شروخ خطيرة في النسيج المجتمعي الأمر الذي لم يشهده العراق في تاريخه.. فهل نقف على أرصفة السلبية والتفرج العاطل عن أيّ فعل إيجابي؟ أم ننهض بمهامنا؟؟

نناشد منظمات حقوق الإنسان المحلية والوطنية والدولية الالتفات إلى القضية كونها ليست قضية عابرة عارضة أو منفردة بل تقع في مسلسل خطير لتغيير النسيج المجتمعي العراقي الذي اتسم بالتنوع عبر آلاف سنواته وكونها مفردة من جريمة تصفوية كارثية فضلا عن تأسيسها لمنطق العنف والتوحش والهمجية في دولة يكافح شعبها للانعتاق من ثالوث الجريمة الطائفي الإرهابي وبلطجة مافيات الفساد..

كل التضامن مع أهلنا المندائيين العراقيين الأصائل ومع حقوقهم وحرياتهم في وطنهم وفي وجودهم.. والاندحار لمخططات جرائم إبادة وجودهم الإنساني وإبادتهم ثقافيا..

البقاء والثبات لإرادة الشعب العراقي وانتصاره لأطيافه ومكوناته العريقة التي شكلت وتشكل نسيجه غني التنوع.

ولتندحر قوى الجريمة ومثيري الاحتقانات ومنهم أولئك الذين ياعكزون اليوم على برامج تخدم سياسة التشويه والمصادرة والإلغاء بذرائع مرضية واهية.

المرصد السومري لحقوق الإنسان           –          هيئة أتباع الديانات والمذاهب في العراق

لاهاي هولندا

23.07.2017

logosohr logohaiaeh

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *