حول أوضاع حقوق الإنسان في كوردستان بين الاستعراضات والحقيقة

في ضوء المتابعات الحقوقية للمرصد السومري كان المرصد قد دان ما اُرتُكب من انتهاكات للحقوق والحريات في العراق الفديرالي ولم تكن كوردستان استثناء فالمطالب الحقوقية ليست للصراع السياسي كما يحاول بعضهم تجييرها أو فهمها ولكنها قضية أنسنة وجودنا والارتقاء بمستوى حماية المواطنة والمواطن..وإذا كان المشهد عراقيا كارثيا مأساويا فإنه بكوردستان على الرغم مما تجابه كوردستان وشعبها من عقبات بضغط الحصار الاقتصادي والحرب على الإرهاب وتداعيات ملايين النازحين بضيافة كوردستان وظروف وضغوط أخرى فإن الوضع على الرغم من كل ذلك مازال ليس كالمشهد العراقي من مقاتل وانتهاكات ولكن التفاعل لا يمنع من رصد أي انتهاك وتحديد هويته ومعالجته بحزم وحسم.. وهنا نضع تفاعل المرصد في ضوء تقرير هيأة حقوق الإنسان بكوردستان والرصد الذي نتابعه ميدانيا

حول أوضاع حقوق الإنسان في كوردستان بين الاستعراضات والحقيقة.. مطالب ثابتة بالدفاع عن الحقوق والحريات ومنع تسييسها والاتجار بها

 

كوردستان بنت وجودها المؤسسي بمنطق الدولة العلمانية ورفض ادعاءات الإسلام السياسي وخطابه الطائفي كما هو الحال ببغداد.. وفي مسيرتها تقدمت خطى بعيداً واستطاعت تلبية الحاجات الأساس للمواطن واتجهت لاستثمارات بنيوية ضخمة ومحاولة إحداث تغييرات هيكلية عديدة. إلا أنها جابهت في السنوات الأخيرة صراعا بين من يحكم السلطة الاتحادية في العراق وتوجهاته الطائفية وبين نظام علماني في كوردستان.. ومع تعمق شروخ الصراعات تعرضت كوردستان وشعبها لجرائم ابتزاز وتهديد عديدة كان من أخطرها الحصار الاقتصادي الذي أسس له المالكي والحرب ضد الإرهاب التي انطلقت بعد أن فسح المجال لها واسعا تسليم الموصل للدواعش.. وهكذا تعرضت كوردستان لشبه تعطل في الاستثمارات ولقطع رواتب الموظفين والعاملين ولتدهور في الخدمات ومحاصرة جهود الكوردستانيين في التعليم والصحة: ولا تخفي حكومة كوردستان النتائج تلك وقد صدر عن هيأة حقوق الإنسان في إقليم كوردستان تقريرا نُشر، يوم 25 يوليو تموز الجاري، ليشير إلى الوضع المتدهور والسيء له. بالإشارة إلى أسباب من قبيل نتائج العلاقة المتفاقمة مع بغداد وتمظهرها بالحصار الاقتصادي ومفرداته وإلى ظروف تعترض تطبيق كامل للقوانين مع تداخل سلطات المؤسسات في ظروف المستجدات القائمة.

واشار التقرير إلى وفاة 64 عاملا أجنبيا ومحليا بسبب حوادث مختلفة منها أمور تخص ضعف توافر شروط السلامة حد الانعدام أحيانا.فيما خضعت (حرية الرأي) لتراجعات، على خلفية احتجاب حوالي 820 مجلة وصحيفة لأسباب اقتصادية وغيرها.. وما عاد يظهر اليوم سوى حوالي 20 مجلة وصحيفة فقط. وتجدر الإشارة لوجود انتهاكات وخروقات بحق صحفيين جرت الإشارة إليها من طرف المنظمات المتخصصة..

ومع مضايقات عميقة الغور في قطاعي الصحة والبيئة، اشار التقرير لوجود حوالي 5 الاف مريض نفسي بحاجة لمستشفى متخصص، يسد الحاجة في ظروف عدم وجود قدرة استيعابية كافية للموجود. علما أن ظروف الحرب على الإرهاب وعودة حجم كبير من ظروف المعركة تتطلب الالتفات إلى هذا التخصص حيث متطلبات التأهيل النفسي الواجبة، نشير هنا إلى الأيزيديات على سبيل المثال لا الحصر. وإلى اطفال التوحد الذين تشير الإحصائية إلى وجود 2900 طفلا مصابا في وقت لا توجد سوى ثلاثة مراكز لا تستوعب هذا الحجم. وهناك حوالي 10 آلاف و418 مريضا مصابا بالثلاسيميا. هذا فضلا عن ظاهرة تهريب الأدوية وتلك المشروعات غير المرخصة مما يلوث البيئة ويخربها ويشيع أمراضا لا تستوعبها القدرات الصحية مع الإشارة إلى تعرض كوردستان ومؤسساتها لضغوط مثلما حصل يوم تم قطع الأدوية عنها على وفق آلية مرور الاستيراد ببغداد.

أما بمجال التربية والتعليم فهناك ما لا يقل عن 147 مدرسة بنظام ثلاثي والقدرات الاستيعابية تحشر أعدادا في الصف الواحد غير مقبولة ونضيف حال تراجع التعليم ولو نسبيا.. وفي مجال حقوق النساء تم تسجيل استمرار تسجيل ظاهرة الانتحار وربما بعضها ليس كذلك ومنها في الأشهر العشرة الأولى عام 2016 تم رصد 66 حالة قتل وانتحار للنساء مما سجلته المنظمات الحقوقية فقط.

وفي إطار السجناء والموقوفين مازالت عقوبة الإعدام معمول بها مثلما في العراق الفديرالي وصدر حكم إعدام ضد 252 شخصا حتى الآن لم تنفذ ومصيرهم ما زال مجهولا، فيما تم رصد خروقات وظهور حالات تعذيب في معتقلات الشرطة والأسايش وانتزاع اعترافات تحت التعذيب. ويوجد أطفال في السجون مع أمهاتهم تحديدا من المعتقلات بعد معارك مع داعش..

ونحن في المرصد السومري نرى أن بعض الأطراف لا تقرأ أوضاع حقوق الإنسان دفاعا عنها ولكنها تسيسها وتجيرها وتتاجر بها لمآرب سياسية فيما نود التوكيد على أن جل واقع حقوق الإنسان وحاجات الجمهور الأوسع بما يخص الرواتب والحاجات الإنسانية الأساس من صحة وتعليم وكهرباء وواقع السوق أمر يعود لأسباب سياسية وصراعاتها تحديداً مع أحزاب الإسلام السياسي ونهجها الطائفي ببغداد ومحاولاتها مشاغلة المجتمع على حساب حيوات الناس وحاجاتهم.. وضغوط المعركة مع قوى الإرهاب ووجود حوالي مليونين نازح ولاجئ والقصور في تلبية حاجاتهم…

أما القسم الثاني من القضايا الحقوقية بما يقع في الانتهاكات والاعتداءات فهي وقائع تتابعها المنظمات الحقوقية وتتفاعل معها السلطات ومنها القضائية الأمر الذي يحد من استفحالها أو اتساع تأثيراتها السلبية وتداعياتها ويعمل على معالجتها.. وهنا وفي وقت ندين كل انتهاك للحقوق والحريات نؤكد مطالبتنا السلطات الرسمية بذل جهود مضاعفة أخرى والتفاعل أكثر مع المنظمات المعنية ومنح السلطات القضائية فرصا أوسع ودعما أكبر كي تمارس مهامها بشكل قانوني أنضج وأشمل مساحة وسلامة…

لدينا الثقة وعبر التجربة الميدانية بسلطات كوردستان وتوجهها الاستراتيجي بتفعيل الدور تجاه القضايا العامة والحاجات المطلبية الكبرى للتنسيق مع بغداد والأمم المتحدة والمنظمات المعنية لتغطيتها بشكل صحيح وشامل وللتركيز أكثر على مطلب مطاردة كل انتهاك حقوقي بشكل أكثر حزما وحسما..

إن معالجة الخلل بأنشطة السلطات كافة وتفعيل اشتغال الجهات التي تعطلت لظروف يدركها شعب كوردستان وقواه التحررية والعمل على استدعاء الطاقات الدولية لدعم مهام البناء ومعالجة النواقص التي ظهرت على خلفية الحصار والحرب على الإرهاب سيكون مدخلا مهما رئيسا لحل المشكلات التي تعرض لها الشعب أما الانتهاكات التي تقع فتطوير القضاء باستدعاء خبرات الأصدقاء الأممين وتعزيز التفاعل مع الحركة الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني سيكون افضل رد يسمو بمجمل الوضع الحقوقي وتفاصيله..

نحيي هنا جميع النشطاء نساء ورجالا ومنظماتهم الحقوقية والمدنية ونضالاتهم التي تدرك طابع الأوضاع وتتعاضد بجهودها مع مؤسسات الدولة بكوردستان لتطويرها هيكليا وللمضي باتجاه إنضاجها بنيويا قانونيا والانتصار للقضايا الحقوقية بعيدا عن التجيير السياسي والتصيد في المياه العكرة ما يخدم أعداء كوردستان في هذه الظروف العصيبة. وتبقى القضية الجوهر هي الدفاع عن حقوق الإنسان بلا تمييز وبأرضية سليمة صحية صائبة وهو ما يجري فعليا وبجدية  هناك

 تحية متجددة لجميع الأكراف المتفاعلة غيجابا مع تلبية المطالب والحقوق وحمايتها

 

المرصد السومري لحقوق الإنسان

لاهاي هولندا

26.07.2017

logosohr

 

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *