العراق على قوائم بلدان الجفاف قريباً..   فماذا يقول أهله؟ وكيف يردّون على مفتعلي الأزمة وصانعيها!!!؟ 

العراق على قوائم بلدان الجفاف قريباً..   فماذا يقول أهله؟ وكيف يردّون على مفتعلي الأزمة وصانعيها!!!؟ 

مقتبس: “العراق بلد الماء والخضرة والنماء؛ بات على حافة إعلانه من بلدان الجفاف، وأنّ أهله في الصيف القابل على أعتاب الموت عطشاً  مثلما جوعاً حيث الفقر يتفشى ويستفحل؛ فهل ينتظر الفقراء حتفاً بصمتهم وبعدم اكتراث أم يغيِّروا الحال ويقلبوا الموازين“.

منذ عقد ونصف العقد، والتدهور ينحدر بالعراقيين من كارثة إلى أخرى.. ومستويات الفقر تتعمق غوراً؛ فتتحول إلى جراحات فاغرة بلا ما يوقف النزيف! وصارت اللقمة المسمومة وتلك الفاقدة الصلاحية وبقايا موائد الأغنياء المفسدين عزيزة غالية! أما بيئة العراقي من هواء وأرض وماء فالتلوث يضرب أطنابه والإنسان يعزّ عليه الحصول على ما يفيد صحته ووجوده.. والأنكى فإنّه مقبل على كارثة في حصته المائية حيث الماء كالهواء في مفاد وجوده، تلك الحصة التي لا تكتفي بإحداث التصحر وموت الخضرة بل تتجه لإفناء كل حي وأولهم الإنسان…

وإذا كان المواطن العادي يرى ويعيش تفاصيل يومه ويدرك حجم الضمور في الحصة المائية، وهو ليس بحاجة للدراسات كي يعرف مصيبته، فإنّ السياسي والحكومة التي يقودها لا ينظر إلى تلك القضية لا من قريب ولا من بعيد..

وهاكم انظروا إلى حصص العراق من النهرين التي انحدرت إلى أقل من الثلث بفقدان أكثر من %60 من مياه النهرين.. لقد كانت المياه فيهما قبل عقدين، تفوق 50 مليار متر مكعب سنوياً عبر نهر دجلة، انحدرت إلى حوالي الـ20مليار، ثم هبطت إلى ما دون 7 مليار متر مكعب سنوياً مؤخراً؛ وكانت إيرادات نهر الفرات ألف متر مكعب في الثانية أو 31 مليار متر مكعب سنوياُ، لتهبط مؤخراً إلى 180 متراً مكعباً في الثانية. ومع مشروع الكاب التركي ستكون إيرادات نهر دجلة حوالي 9.16 مليار متر مكعب والفرات 8.85 مليار متر مكعب…

إنّ حاجات العراق المتحركة المتغيرة نسبيا للماء تصل بمختلف استخداماتها إلى نحو 60 مليار متر مكعب، بخلاف حاجة البلاد لإدامة الأهوار بما يتطلب منسوباً لا يقل عن 16 مليار متر مكعب سنوياً، ويُتوقع على وفق نسب متغيرات بعينها أن تصل تلك الحاجات إلى نحو 77 مليار متر مكعب سنوياً. فإذا قلنا إن ما سيصل العراق من حصته هو فقط 20 مليار مقابل حاجة تقترب من 80 مليار سنوياً فإن العجر سيكون بحجم ثلاثة أضعاف المطلوب أو ما يساوي الـ60 مليار!

أما إذا حسبنا نسبة التلوث بخاصة مع تصاعد نسب مخلفات الصناعات البتروكيمياوية وغيرها المتأتية من دول الجوار لتصيب النهرين بوضوح؛ فإن دجلة باتت الأسماك فيه غير صحية ولا تؤكل وكلفة تدوير المياه فيه تصل إلى 50 مليار دولار على مدى عقد من العمل لتخليصه من التلوث…

الكارثة ستتعمق وتطفح بمشكلاتها أكثر مع إغلاق إيران لعشرات الجداول التي تغذي دجلة… وتغييرها مجرى نهر الكارون والوند الأمر الذي فاقم نسبة الملوحة في شط العرب، وضار الأراضي الزراعية ونوعية مياه الشرب في محافظة البصرة وغيرها، دع عنك حالات الحرب المستترة تجاه الثروة الحيوانية والنباتية في الأهوار وتعريضها لسواتر مفتوحة من الأمواه المالحة والملوثة الموجهة من إيران.. ونتيجة ندرة الأمطار بسبب الاحتباس الحراري وسوء استثمار المياه والهدر فيها فقد أثر كل ذلك بشكل بالغ وضاعفه ما مساحته حوالي  127ألف كم مربع من القنوات والمبازل مع محطات الضخ هي اليوم مع إهمالها الواضح بحاجة إلى صيانة وإعادة تأهيل.

من جهة أخرى فإن المياه الجوفية ليست كافية وليست صحية دائما.. ولكن هي الأخرى لم يجر استثمارها بكفاية تامة فبينما مطلوب حفر أكثر من ألف بئر سنوياً لم تحفر الوزارة المعنية أكثر من حوالي 7 آلاف بئر…

وأيضاً، لا نجد جدية في متابعة الخطط الاستراتيجية بخاصة في بناء السدود واستصلاح الأراضي التي كان ينبغي أن تصل بجديدها إلى 7 مليون دونم لكننا فقدنا من الموجود ملايين الدونمات بمشهد التصحر واضمحلال الغابات والخضرة والبيع بما يشبه المنح المجانية.. ومازالت السدود الكبرى بحال يرثى لها حتى أن سد الموصل مازال مهددا بالانهيار بكل ما يعنيه من مخاطر كارثية..

والنتائج هنا، لا تقف عند حدود التصحر والعطش الذي باتت بوادره توقع المشكلات في مجتمع لا يجد حلولا جدية مناسبة من الدولة.. والحكومة الاتحادية لا تستجيب لمطالب الحكومات المحلية الضعيفة هي الأخرى؛ فنشأت صراعات بين الجيران مما يوصف بالصراعات القبلية وبين المحافظات بغياب الخطط المناسبة وبغياب سلطة قانون ودولة تحترم مواطنيها وواجباتها تجاههم..

كما تأتي إحصاءات دولية وإقليمية ومحلية بتوكيد انهيار النسب في حصة الفرد من حوالي الـ4آلاف متر مكعب إلى أقل من 600 متر مكعب للفرد الواحد في العراق وربما كان ذلك أفضل نسبيا من دول صحراوية لكنه غير مؤاتي وغير صحي بخاصة مع وجود حالات هدر واسعة.

إننا يمكن أن نتابع الواقع اليومي للمواطن لنشهد حالات الإصابة بالملايا وبالتهاب الكبد الفيروسي اللذين يعنيان مخاطر جدية فضلا عن مجمل الأمراض الأخرى..

لكن ما الحل المناسب وهل لدى حكومات ما بعد 2003 الطائفية بكل انشغالها باقتسام غنائمها وسد أفواه فسادها، هل لديها بدائل؟

مسؤولين تحدثوا عن انشغال ببيع ما حوالي مساحته 25 مليون دونم معظمها ملك الحكومة، حيث البيع لشركات استثمارية فيما الوارد لم يميز وجوده في الخزينة أو هكذا تتبدى شبهات الفساد في تلك العقود التي تعرض الملكية العامة للخصخصة والاستثمار…

أما جمهورنا الذي يبقى بحاجة لتوضيح الموقف والرد الحاسم والحازم فينبغي أن يدرك ضرورة وجود استراتيجيات مكينة للزراعة والمياه والبيئة والبحث في معضلة الاحتباس الحراري والتوسع بالغابات والوقوف بوجه التصحر ومعالجة التلوث استراتيجيا وتطوير استهلاك المياه ووسائل الاستهلاك تحديدا، كي يجري وقف الهدر وإنهاء الرّي بالطرق التقليدية وما تكلفنا من ثمن الهدر الباهض.

يسبق كل هذا الحرص على فرض اتفاقات مائية مع دول الجوار تستند إلى القوانين الدولية بخاصة بشأن العلاقة بالحصص بين المنبع والمصب وبين الدول المتشاطئة.. ولعل تصريح مسؤول حكومي بأن حصة العراق تصل إلى 27 مليار متر مكعب حصة قانونية لم نصلها اليوم إذ تصل نسبة 11 مليار فقط وهي بواقع الحال أرقام انتهت وحلت محلها أرقام كارثية أسوأ وستسوء أكثر بحلول الصيف القابل.

ومجددا لا نجد تنسيقا بين الوزارات المعنية ولا نجد تصورا استراتيجيا مكينا يقف بوجه الابتزاز من دولتي الجوار تركيا وإيران ولا استثمار للموقف الدولي وقوانينه واتفاقاته التي تقف بجانبنا والقضية تعود إلى حكومة تجاذبات (سياسي) غير معنية باستراتيجيات تأمين الحياة وضمان سيادة البلاد والعباد..

إن الخطط البعيدة التي يتحدثون عنها ببعض الوزارات والمؤسسات، تقتضي تخصيصات تصل إلى 150 مليار دولار حتى عام 2035 ولكن بمراجعة بسيطة لا نجد انعكاس مثل تلك الخطط في الموازنات المالية السنوية المنصرمة والحالية أو أنها تأتي بعدم تنسيق بالمرة بين المؤسسات المعنية فبين تخطيط الزراعة لمساحة 4 مليون دونم تقدم جهات الموارد المائية خطة تلبي 2 مليون فقط! وهذه الأخيرة غير مضمونة بظل الابتزاز التركي؛ بمعنى أن 2 مليون ستكون في الخسائر مع كل خطة ومداها الزمني، أضيفوا إليها قسراً 40% من مساحة الأرض الزراعية بسبب سد أليسو وخطة شرق الأناضول التركية وهي خطة خطيرة لم تأخذ بحسابها أي احترام لحصص الدول الأخرى ومنها العراق؛ ولنقرأ ما ينجم من نتائج لن تبقي ولن تذر.. بينما القوانين الدولية تحمي حقوق الأمم والدول، إذ تفرض اتفاقية هلسنكي تقاسم الحصص بحسب مساحات ما تمتلكه كل دولة من النهر بمعنى على سبيل المثال: تكون حصة تركيا بنسبة (28%) وسوريا (17%) والعراق (40%) بحسب مساحات أحواض الأنهر بينها.. لكننا نجد أن تركيا بينما كانت تستثمر 10% من مياه الفرات فقط باتت بعد السدود الـ21 عليه تستهلك 53% منه وهي ماضية في التقدم بنسبتها بكلا النهرين على حساب العراق تحديدا…

فلنقرع أجراس الحقيقة من الخطر الداهم الذي يلوح بأفق البلاد… وإذا كنتُ أوردت بعض أرقام هنا مما ورد من تصريحات على ألسنة المسؤولين في صحف الحياة والشرق الأوسط والصباح الجديد والمدى فإن الأرقام الأدهى والأبلغ هي هناك حيث الإنسان يعاني من مشكلات شح المياه وتلوثها وأحيانا من تدفقها الماساوي هو الآخر، عندما يأتي بسبب أمطار مفاجئة غزيرة من دون وجود سدود ونواظم للسيطرة بما تفرضه الأوضاع دع عنك ما تعرفه عن أمواه الصرف الصحي وكوارثه…

تلك هي حكومة الفساد وفلسفة الغنيمة تبيع كل شيء وتحوله إلى دولارات تنهبها لتهرب لاحقا بها في مافيا لا تخضع لسلطان..

فليقف الشعب وينهض ويستيقظ ويصحو من غفوة أو استرخاء لقشمريات تمنحه انشغالا بطقسيات ما أنزل الله بها من سلطان فيما سيترك وحيدا يجابه الموت الزؤام بمشهد الجفاف في الغد القريب!

تنبهوا قبل لات ساعة مندم…

استعدوا للواقعة وقولوا كفى ولا يشاغلونكم بانتخابات لن تأتي سوى بوجوه تخدم ساسة البيع والشراء في الذمم والمصائر..

من صمت اليوم فإنه يمرر صمته الأبدي موته وموت أبنائه بلا مقابل ولكن تذكروا حتى القطط تدافع عن أبنائها عند حصول واقعة فما بالكم تمررون الكوارث فوق رؤوس الأبناء!؟

أنتم لها ويمكنكم التغيير وإعلاء الصوت.. وكارثة الماء والجفاف وتلوث بقايا أمواه تكفي للبحث عن التغيير ومن يحققه بعيدا عن كل القوى التي حكمت وأثرت واغتنت طوال 15 سنة عجافا…

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *