بين صواب مهمة التنويري وتعويل بعضهم على وهم تحالف الأضداد 

مخاطر توجهٍ، قدَّمَ تنازلاتٍ نوعيةً؛ أولُ ضحاياها الفقراءُ ومصالحهم.. ومخاطره عندما يصرُّ عليه من اتخذه ووضع مساراً بورطة عميقة الغور بسلبية ما ترتب عليها.. كيف نقرأ المواقف بعيدا عن الشخصنة وعميقا في الموضوعية دعما لرفقة الطريق وإنقاذا للموقف وتعاضدا وتضامنا ووحدة صف..

قراءة بجزئية من جزئيات حركة التمدن والأنسنة التنويرية، وومضة تنبيه وتحذير من خشية بعض على بعض بأمل ترصين الأمور بقرار سليم.. وتحاياي للجميع من قوى التنوير يتخذون سليم القرار وصا~به ويمضون إلى أمام


إن القوى الطائفية خندقان بين ما يسمونه زعما وادعاءً شيعي و-أو سني وكل خندق يتبدى بأجنحة وتيارات وأحزاب إنها تمترسات تظهر في الكتل المفسدة لأنها بالأساس تصطرع على الغنيمة وتقسيمها وهي تستغل بفعلها وبتخطيط مرجعياتها الخارجية بالعادة، هذا التعدد لتظهر أمام الشعب أنها تتداول السلطة بخياره؛ فيما الحقيقة نعرفها: إنها إعادة إنتاج النظام بتبادل الأدوار بين تلك الأجنحة..
إن حقيقة واحدة يكشفها واقع العراق هي اتساع نسب الفقر والمرض وتعطيل دورة الإنتاج لصالح اقتصاد طفيلي ريعي مافيوي الآليات يواصل التهام الثروة ويبيع ويشتري بالناس.. ومحرك هذا النظام ليس قوانين في فراغ بل قوى فاعلة هي قوى الاستغلال التي أشرنا إليها للتو من خندقي الطائفية وأجنحتهما وتايراتها واحزابها…
ومن الطبيعي أن يكون وسط الصراعات بمجتمع استغلالي مافيوي تعدد أطرافه الطائفية واختلافات منظومتها القيمية في شكل التمظهر لكنها هي هي في جوهرها ونظامها الذي تحتمي به وتدافع عنه…
وسواء تشكلت في ظلال النظام الطائفي حكومة شراكة الطائفيين أم خرجوا علينا بحكومة أغلبية ومعارضة فإن الصيغتين يُخضعانها لإدامة نظامهم وإعادة إنتاجه ..
أما وهم بعض التنويريين الذي تخيل أن استثمار الصراع بين قوى الطائفية يتجسد بالتحالف مع الأقل سوءا للتقدم خطوة إلى أمام باتجاه التغيير أو حتى باتجاه الإصلاح ومجرد الترقيعات، فإنه وهم مرضي ينحدر لسذاجة لا تقف عند إضعاف قوى التنوير وتزكية قوى الطائفية والمساهمة في إعادة إنتاج نظامهم وإدامته بل تساهم أبعد من ذلك بتمزيق قوى التنوير وتوجيه ضربة تصفوية قاتلة لردح بعيد من الزمن الآتي…
فعن أي معارضة يتحدث بعضهم سواء في برلمان الطائفيين أم بغيره من ميادين ومؤسسات نظام ما قبل الدولة الحديثة القائمة اليوم سببا في ابتلاء الشعب والوطن!؟
إن الحديث عن ذهاب (سائرون) إلى المعارضة والتعويل على ذلك هو أسوأ من عبث؛ كونه ليس سوى تشويشا على حقيقة الصراع المجتمعي وطابع النظام الذي يختلقه، فارضاً قسرياً قوة استغلاله وتحكّمه على طبقات مسحوقة مغلوبة على أمرها.
يجب عدم التعويل على أي جناح طائفي قطعاً، فاستثمار تحالف مع جناح طائفي ليصطرع مع طائفي آخر هو سذاجة مفرطة، فأولوية الطائفي وقربه وتحالفه بالمنتهى سيكون مع الطائفي من جنسه.. وليس من جنسه ولا من أولويته تقديم تحالف النقيضين والاعتداد بأطرافه والإصغاء لهم، هذا على افتراض إقراره بالتحالف فعليا. ما هو أكيد ومن البديهات والمسلمات، أنّ الطائفي سيضحى بالتنويري لحساب حليفه الطائفي بأول فرصة يفرضها الوضع والقرار. أذكر بتحالف سائرون مع الحكمة ثم مع الفتح وإعداده وتهيئته الأجواء لما يفيد الطائفيين سواء تحالف حكومة ومعارضة أم حكومة شراكة جميع أجنحة الطائفيين بمسمى الأبوية الشاملة للكل بلا استثناء ولا إقصاء سوى إقصاء الشعب ومطالبه حقوقا وحرياتٍ…
ثم أن شخصا كذاك المستنِد لاسم عائلة دينية لا يتحالف مع حزب تنويري ولا غير تنويري فمنطقه الموصوف بـ(الأبوي) حيث يأمر فيطاع هو ما جرى وبرهنته تجربة الأسابيع المنصرمة وتؤكده القراءة العلمية الحصيفة وليس أوهام وتمنيات في مخيلة ساذجة.. إنه يقرر منفرداً وأهواؤه كل ساعة باتجاه.. ألم تثبت التجربة ذلك أم أن استيعاب الدرس مازال بحاجة لمزيد قرابين وتضحيات من الفقراء..!؟ إن قرارات القوة التنويرية ليست كقرار فرد لأنها تعني توريط البلاد والعباد بمهالك بلا منتهى..
وعليه، فإن ما يجب أن يكونه التنويري، هو قوة إضاءة للناس وألا يساهم بالتعتيم والتشويش أكثر عليهم، وسط الظلمة السائدة أصلا.. موقف بعض التنويريين في قبول التحالف مع جناح طائفي هو كالاستجارة بالرمضاء من النار وهو مناورة بائسة أضاعت البوصلة النظرية الاستراتيجية والتكتيكية.. فليحافظ التنويري على موقفه مشرقا تسطع أضواء إنارته الدرب وليس القبول بدجلٍ يبرر له بأن هذا الدجل أفضل من ذاك كما اشرنا إلى الرمضاء والنار…
إن الطائفيين يُرون الناس ويهددونهم بالأسوأ لتقبل الناس بالسيئ أو الأقل سوءا ودجلا.. والقصة تتواصل تداعياتها.. فيما المهمة التنويرية تصرخ منذ زمن: كفى، قف واستدر عائداً يا من غادرت مسار الصواب، عُدْ لموقعك بين الناس لتستعيد ثقتهم وتُنهي فرقتهم وتشظيهم بسبب ما فعلتَ وبغيره من أسباب متصلة..
لا تغادر صواب الاتجاه فإن ذلك يشق الصفوف ويمزقها؛ إنما عُد إلى حيث توحيد الصفوف رفضاً لرأيٍ برهنت الحياة على انحداره بالتنويريين وتمزيقه صفوفهم وإيقاعهم بمصيدة تصفوية ليس لرأس حربة النضال حسب بل لمجموع قوى التنوير بخلفية مشاركة بعض من أُسِر في وهم القبول بالآخر الضد بكل ما يعنيه من مخاطر فضحتها الخطى والأوضاع الأخيرة..
إن هذه المعالجة ليست سوى مقترحاً يسعى لاستعادة صواب الاتجاه وضبط البوصلة بتنضيجها معا وسويا وليس فيها من تسقيط أو اتهام بقدر ما فيها من مبادرة لحوار معمق لا يستبعد طرفا تنويريا بل يتمسك به ولربما كان الحوار قاسيا إذا ما قُرِئ مشخصنا فيما سيكون بنيويا يعمق التلاحم والتعاضد إذا ما قُرِئ موضوعيا بلا شخصنة ولا تنبيش في تأويلات الشخصنة..
إنّ قوى إقليمية ودولية تنويرية شعبية أممية تدفع باتجاه بعينه لكن الأقرب إلى قراءة واقع العراق لا يأتي إلا من داخله اي من قواه الصائبة تنويرا وتقدما من العراقيين المعنيين بأمر العراق وأهله…
ومن باب تطمين هذه القوى وكسب تضامنها الحقيقي لا يصح تصوير انتصار جناح طائفي على انه انتصار قوة تنويرية موجودة بهامشه في حقيقة أمرها وهي لم تستطع أن تقرر حتى الآن ولن تقرر على وفق ما يفرضه منطق تلك القوة الطائفية ..
لابد من الفصل بين تنسيقات تفرضها ميادين الاشتغال الرسمي وبين تحالفات مكانها وسط الناس وأوضاعهم ومطالبهم لكي نحدد آليات الاشتغال بعيدا عن الوقوع بمصيدة وفخاخ اللعبة الطائفية وظلامية النظام بقصد ((التغيير)) من أجل بناء ((دولة علمانية ديموقراطية)) تحقق العدالة الاجتماعية.. وإلا تحول من يلج تلك التحالفات من تصدّر الحراك الشعبي إلى مجرد هامش مجيَّر لمنظومة طائفية معطل عن الفعل بإحالته إلى مجرد ظاهرة صوتية يمنحونه فرص الهتاف عاليا بقضية ولكن جعجعة بلا طحن وهو المقصد يطيحون به في عيون من يريد التعبير عنهم!!
هل يقبل تنويري بذلك!!!؟
عدم القبول لا تأتي من اي صوت مهما علا بل تأتي من أفعال بعينها، لا أنفيها وأعرفها ولكنها ستمَّحي وتُنسى في غمرة الظاهرة الصوتية إياها مع مرور الوقت.. فاحذروا إضاعة دماء من ضحى بمسيرة نضالية شعبية مشهودة وبكل ضحايا الشعب من قرابين سحقتها الآلة الجهنمية لمختلف النُظم..
التمسك بوحدة الحراك التنويري واستقلاليته يجذب مساندة وتضامنا إقليميا ودوليا شعبيا وأمميا فلا تتنازلوا عن ذاك الشموخ الذي كنا اقتربنا من تحقيق تغيير نوعي مناسب قبل طعنه بتحالف الأضداد وتشويهاته وبؤس مخرجاته وما أوقع النبلاء فيه من فخاخ..
وبالنهاية لا يصح إلا الصحيح
وإنني لأثق باستعادة السير بطريق الصواب، طريق الشعب العراقي ينتمي لخطى بناء السلم الأهلي وتوفير أسس إطلاق حركة تنموية تتقدم به وتُعلي صروح الدولة الحديثة بعد إنهاء منظومة الطائفية وخزعبلات أضاليلها..

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *