تفاقم جرائم الاغتيال في العراق ومخاطر ما تؤشره جريمة اغتيال المحامي البصري الشهيد البهادلي

يتابع المرصد السومري لحقوق الإنسان الأوضاع الحقوقية ومجرياتها اليوم في العراق، وهو يرصد بعيون أبناء الشعب الفواجع المأساوية المهولة حجماً، تلك التي انتفض الشعب العراقي، بملايين فقرائه وعاطليه ونازحيه، بملايين الأيتام والأرامل والمهمّشين؛ لاستعادة حقوقه وحرياته.. لكنه لم يلقَ سوى العنف الوحشي الأبشع حيث الاختطاف والتعذيب والتقتيل..

الكارثة أنّ مئات المختطفين المحتجزين في السجون (السرية) ومئات أخرى في المعتقلات باتوا يتعرضون لأشكال التعذيب الهمجية، الأمر الذي يتعارض واتفاقية ضد التعذيب ولوائح وقوانين حقوق الإنسان.. ومما رصدناه ونرصده أنّ عددا من المختطفين المعتقلين قد فقدوا حيواتهم نتيجة وحشية التعذيب..

وفي وقت يجري التشويش والتعتيم وإطلاق خطابات مضللة من جهة التغطية على حقيقة حجم الاعتقالات والاختطافات والتظاهر، بانّ السلطة أطلقت سراح عدد من المعتقلين إلا أنها لم تكتفِ بذلك بل قامت بتعيين محامين ممن ىيقفون مع الجلاد لا مع الضحية، في ذات هذا الوقت ومجرياته الإجرامية القمعية تلك، تعرض المحامون المستقلون في دفاعهم عن ذلك العدد الكبير لضغوط أطلقتها الميليشيات وعناصرها الفاشية المتوحشة ودفع بعضهم للتردد في تبني تلك المهمة..

لكن ذلك لم يمنع المحامين الأحرار المتمسكين بالقسَم وبقيم العدالة من مواصلة دفاعهم عن الضحايا.. ومثل هذا دفع المحامي البصري الأستاذ جبار محمد كرم البهادلي للتطوع بمهمة الدفاع عن المعتقلين، إلا أنه سرعان ما تمّت تصفيته بدم بارد باغتياله يوم 23 يوليو نموز الجاري..

إننا نقرأ تلك الجريمة بكونها رسالة من السلطة وقواها الميليشياوية على أنها ليست جريمة قتل أو اغتيال سياسي فردية بل هي مؤشر على استكمال مهمة تفكيك الدولة وضرب مؤسساتها القانونية بخاصة هنا أبرز مؤسسة تدخل بنيوياً في إطار تحقيق العدل والدفاع عن الضحايا، في استكمالٍ لابتزاز الجهاز القضائي برمته وبكل مكوناته الأخرى وعناصر اشتغاله بأكملها.

وفي ضوء ذلك، فإننا نناشد المجتمع الدولي ومنظماته المتخصصة لمناصرة انتفاضة الشعب العراقي وتأمين حماية أرواح بناته وأبنائه وأمنهم وأمانهم، مطالبين بقوة المجتمع الدولي للتضامن بشكل فوري عاجل واستثنائي مع شعبنا عبر تقصي حقيقة استقلالية القضاء والتصدي لأشكال ابتزازه ووقف جرائم تخريبه هيكليا وحماية عناصره الرئيسة ومنها المحامون المستقلون الأباة بخاصة المتطوعون للدفاع عن معتقلي الانتفاضة.

إن جريمة اغتيال المحامي البصري السيد البهادلي تأتي بوصفها طعنة في مقتل لمؤسسة حماية العدل والإنصاف وتدمير كارثي لكل ما يصون العدل في ظروف قمعية دموية بشعة؛ عدا عن فصول استعادة جرائم التعذيب الوحشية بأبشع صورها حيث ارتكاب الجرائم الانتقامية الثأرية من الحركة السلمية الاحتجاجية المطالبة بالحقوق الأساس للشعب..

وهكذا، تمثل جريمة تصفية المحامي البصري اعتداء صارخاً على مجمل المؤسسة القضائية وقسم المحاماة في دوائر عملها ومن ثمّ اعتداء فجا همجيا على أعلى مؤسسة حقوقية في البلاد..

والسلطة التي تحتمي بالميليشيات وتمرر تفكيك الدولة، تغض الطرف عن تلك الجريمة البشعة إمعانا منها في جريمة استكمال الإجهاز على الدولة بعد أن وضعتها على أعتاب الدولة الأكثر فشلا والأقرب للانهيار تمكينا للصوص العصر وعتاة بلطجيته من الهروب من القصاص العادل..

ونحن نطالب شعبنا المنتفض في توجهه نحو تغيير النظام وتطهير العملية السياسية جوهريا من منظومة الطائفية ومافياتها أن يتصدى لمهمة التمترس مع القضاة والمحامين الأباة ودعم إضراب شامل في الجهاز القضائي برمته ضد الاعتقالات العشوائية وأعمال التعذيب الوحشية التي تدور في أقبية معتقلات السلطة والسجون السرية التي تشرف عليها الميليشيات الفاشية..

ولابد هنا من عقد الاتصال المباشر مع المنظمات النظيرة عربيا إقليميا دوليا للضغط على حكومةٍ استباحت كل القيم والأعراف والقوانين ولم يعد يكبح جماح وحشيتها وهمجية ما ترتكب أي سلطة لقانون…

نجدد التضامن مع الشعب العراقي وانتفاضته ونؤكد هنا بالخصوص على تضامننا الأسمى والأقوى مع القضاة المستقلين في الجهاز القضائي ومع المحامين الذين تعرضوا ويتعرضون لأبشع جرائم التصفية والتعسف في التعامل معهم..

لترتقي مهام المحامين إلى مستوى المهمة الحقوقية الوطنية بإطاراتها القانونية الأنجع وليجرِ اتخاذ أقوى القرارات الواجبة قبل أن تمضي جرائم النظام الطائفي ومافياته إلى منتهاها حيث تفكيك البلاد ووضعها بحروب دموية هي الأبشع مما يجترونه من مجاهل التاريخ الإنساني..

سلم العراق وأهله ولتنتصر إرادة الحق والعدل فيه وسلم محامو الدفاع عن قضايا الوطن والناس

والمجد والخلود للمحامي الشهيد البطل جبار محمد كرم البهادلي رمز الموقف البطولي للمحامين في الدفاع عن شرف القسم والكلمة دفاعا عن العدل.

المرصد السومري لحقوق الإنسان

من مدينة العدل لاهاي بهولندا

  1. 07. 2018

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *