كلمة الدكتور تيسير الآلوسي باسم جامعة ابن رشد في افتتاح مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول 

مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول هو جهد ثقافي تنويري بامتداد بلدان المنطقة وتنوعات أطيافها يُعنى بتأصيل التنوير واحترام الآخر وقدسية التنوع والتعددية بأسس العدل والمساواة ووحدة المسيرة الإنسانية بمختلف الانتماءات القومية مع شحذ الهمم بصوتها العربي كي تواصل التمسك بمثل تلك المنظومة القيمية التي تكافح العنصرية والشوفينية وتعاضد الجهد الرسمي كونها جهدا لمؤسسات مجتمع مدني ثقافية.. نضع هنا كلمة افتتاحية باسم أحد رعاة المؤتمر ومنظميه هي جامعة ابن رشد مع عدد من عناصر الاشتغال المضني الذي حملته مؤسسة العنقاء ومؤسسها أستاذ محمد رشيد

القمة الثقافية ليست هرم شخصيات مسؤولة بمقدار ما هي هرم منجز الثقافة تنويرا لطريق التقدم…   وإذ ينعقد المؤتمر فإنه ليس تزكية لطرف رسمي حكومي ولا لنظام سياسي وخطاب حزبي ضيق له،  بل هو ممارسة حرة لـ(خطاب الثقافة) بتنوعات وجوده بأطر مؤسسات المجتمع المدني وحركة الثقافة التنويرية المستقلة، غير الخاضعة للروح الحزبي ولا الفئوي أو العنصري فهي إنسانية المنحى بمجمل عطائها.. فمرحى بجميع الأصوات الثقافية الحرة المستقلة لاستعادة الشخصية الإنسانية في منطقتنا، بصحتها وسلامتها بعد كل هذا الخراب الذي أوقعوه فينا وفي جغرافيا وجودنا

ينعقد بهذه اللحظات مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول وتلقى كلمة جامعة ابن رشد في الافتتاح: كلمة البروفسور الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي رئيس جامعة ابن رشد

كلمة الدكتور تيسير الآلوسي باسم جامعة ابن رشد في افتتاح مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول  

المحفل البهي الكريم من نخبة الثقافة التنويرية بامتداد دول المنطقة واتساع شعوبها وأطياف وجودها

أيها الأجلاء جميعاً

إنه لمن دواعي المسرة والسعادة تجديد التحايا والاحتفال بحضوركم البهي المميز اليوم.. ولمن دواعي الفخر أيضاً أن تنطلق اليوم أعمال أول مؤتمر ثقافي يجمع العقول العلمية ومنجزها التنويري بقصد دراسة بحثية استقصائية معمقة لأوضاعنا بمناحي خطاب معرفي قيمي يعبر عن الشخصية الإنسانية وهويتها العربية بالخصوص.

وبودي أن أؤكد أن هذا المؤتمر ليس وليد لحظتنا الراهنة بل يغوص بعيداً لأكثر من عقد ونصف العقد زمناً ولكنه لا ينافس في الأولوية وسياقات المبادرة مع أطراف أخرى بافشارة منها تحديداً غلى مبادرات جرت في إطار القمم العربية وحوارات بين بيروت والقاهرة وليبيا وحتى وصل الصوت لليونسكو وباريس…

إن ما يهم هذا الملتقى يتركز في الانتماء إلى المبادرة المستقلة بإطار القيادات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني ومنجز العقل الإنساني العلمي التنويري..

إذ يجابه مجتمعاتنا تحديات خطيرة لا تقف على أعتاب السياسة والاقتصاد ولكنها باتت تغوص جوهريا في البُعد الوجودي لنا.. أي في خامة العقل بين العلمي والخرافي وفي منجز العقل العلمي سواء ببعده المعرفي أم القيمي السلوكي، إذ الثقافة وخطابها ليس تنويراً معرفيا يلهث وراء التطورات التكنولوجية الجرداء بل وراء قيم التقدم والتفتح قيميا سلوكيا حيث أنسنة وجودنا لا انفلاته وتحوله لصراعات همجية وحشية كما يُراد لنا أن نكونه وسط صراعات الإرهاب وفكره التكفيري المتشدد المتطرف.

 وحربنا بهذا الموضع تكمن في استعادة مرجعية العقل العلمي وإبعاد تأثير وبلطجة التكفير الزاعم تجسيده التمثيل الحصري للإله والداعي لمنطق الخرافة وتقديس إفرازاتها المرضية…

إننا نحن نخبة الثقافة التنويرية، ندرك حجم الكارثة في جريمة تخريب منظومة قيمنا التي استهدفت جوهر أقصد العقل وأنوار منجزه.. إذ أن القوة الحقيقة لدولة يكمن في منجز خطابها الفكري المعرفي وفلسفته التنويرية لا تلك الارتدادية التي لا تتكئ على أعتاب التراث ووسائده حسب بل تحيا على اجتراره الجامد بكل ما فيه من أوبئة وصفحات خراب وظلام..

ولعل انعقاد مثل هذا المؤتمر اليوم يمكنه أن يرد على التشظي من جهة وما فرضوه على شعوب المنطقة من تمزق وأشكال احتراب ويتبنى مؤتمرنا منجز الثقافة هويةً بهية تنويرية تستعيد قيم مجتمعاتنا لتدحر ظلام ما فرضه الإرهابيون وهمجية عنفهم وتردي وتخلف طروحاتهم…

إن انعتاق مجتمعاتنا اليوم، لن يتحقق إلا عبر تمسكنا بمحورَي الثقافة: المعارف والقيم السلوكية السامية وكلاهما مما لا محيد عن مهمة الدفاع عنهما وعن استعادة تفعيل منجزهما..

وعليه فإنَّ انعقاد مؤتمرات بمستوى القمة وبتخصص الثقافة وخطابها واشتغالها هو ما نستهدفه وإياكم في الانتصار لا للهوية بحدودٍ واشتراطاتٍ سمترية بل لأنسنة وجودنا واستعادة وحدتنا (الوجودية) خلف خيار التنوير وفي ضوء تلبية حرياتنا في الإبداع وإنتاج خطابات الثقافة بتنوعاتها بمعنى تحرير العقل من قيوده جميعاً..

باسمي وباسم مؤسسة التنوير والروح العلمي، جامعة ابن رشد نتمنى لمؤتمر القمة الثقافي كل التوفيق والنجاح بفضل محاور اشتغاله البحثي لا ذاك القائم على أداءات جرداء كما تتبدى بعض السجالات السياسية وما تثيره من اختلافات وخلافات أو تمزقات.. مؤكدين هنا على العمل وإياكنّ وإياكم كافة على تحقيق الأهداف والوسائل وأشكال النهج بجواهر ما لكل هذه المصطلحات العميقة ثقافيا معرفيا وقيميا تلك التي تحمل شعارنا بإنهاء مرحلة العتمة والظلمة والشروع فورا بمهامنا تنويرا وبناءً للأنفس والأرواح بهية بين حواضر الشعوب والأمم بعصرنا..

لدينا كل الثقة بكنّ وبكم، أنتنَّ وأنتم نبراس المسيرة وقناديل الطريق ورواد انتصار ثقافتنا تستعيد مجد الفلاسفة والمتكلمين وذياك التنوير لابن رشد ورهط فلاسفة التنوير عندنا ومؤسسات العلوم والمنجز الذي زخرت به مكتباتنا في بغداد والقاهرة ودمشق وفي البصرة والكوفة والقيروان وكل ميادين العقل العلمي وتنويره عبر مراحل تاريخ شعوبنا..

لقد بذلت الجهات المبادِرة وتلك الراعية والداعمة مختلف الجهود والتضحيات في سبيل هذه الانطلاقة، كان الجميع وبينهم العزيز السيد محمد رشيد بحيوية الحركة والبذل والعطاء من أجل هذا المحفل الأبرز والأهم نوعياً على مستوى القمم الإقليمية بتنوعاتها، شاكرين لهم هذا الفعل مثمينه واثقين أن المردود يمثله منجز المؤتمر؛

فإلى بدء مؤتمرنا هذا، نضعُ أوسمة الثقافة العربية المتنورة إنسانياً المعترفة بالآخر المتعايشة معه بمبادئ الحرية والمساواة والعدل..

ها هي بين أياديكم أمانةَ انطلاق وتأسيس بكل الثقة وبكل العزيمة على تحقيق الهدف الأسمى.

شاكرين لكُنَّ ولكم الحضور البهي بمنجز البحث والاستقصاء والمعالجات الثقافية مُحيِّين الجهود الساطعة شموسا وكواكبَ وفاءٍ للهويةِ، إنسانيةً بالمقام الأول، بعيدا عن العنصرية والشوفينية وعن أشكال التطرف والتشدد وظلامياتها..

فمرحبا بالجميع،    والبركة في الحركة.. وسلمت حركةُ التنويرِ، تجسدونها بروائعكنَّ وروائعكم

بروف. د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

رئيس جامعة ابن رشد في هولندا

********************

من بين الدعوات لحضور القمة الثقافية العربية الأولى وهي ثمة تأسيسية تدفع لتفعيل جهود مؤسسات المجتمع المدني الثقافية العربية من جهة وتساهم في معاضدة جهود مؤتمرات القمة الثقافية العربية الرسمية عبر المتاح وبوساطة الدراسات والبحوث النوعية المتخصصة بميادين الثقافة وخطابها؛ وتتسم الدعوات بهذا المؤتمر بإعلاء مكان ومكانة الفن والفنانين من بوابة البحث عن سمة في كل مؤتمر..

قائمة ببعض المدعوات والمدعوين على وفق ورودها في القرار:

زهراء خليل                    البحرين

خالد يوسف                      مصر

لطفي بوشناق                   تونس

سعيدة بنت خاطر بن حسين   عمان

عبدالرزاق صالح               اليمن

إياد البرغوثي                  فلسطين

كارولين مالك عبدالعزيز     الأردن

علي ميرزا                     قطر

عليه بنت علي بن مكي      السعودية

حسن محمد بو هزاع        البحرين

سامية حسين علي عباس   البحرين

ضحى السعيفي               تونس

مالك ماضي                  الأردن

***********************

تعليق أول:

ينبغي هنا بإطار خبري يحمل حوارات الثقافة ومواقف المثقفين أن نؤكد أن الفعل التحضيري وما يجابهه من مصاعب وتعقيدات ربما يفسح مجالا ولو من بعيد في ظهور تنوعات أو اختلافات بصيغ الاشتغال لكنها دلالة على التنوع والتعددية أكثر منه على الخلاف وبهذه المنطقة فإن الأساس الذي يراد له الانطلاق بهيا يكمن في الحركة ومن ثم ستأتي فرص وإمكانات التعديل والتقويم.. نحن بوجود اسمنا بين المنظمين نؤكد على رؤانا الحرة المستقلة وعلى أن أي وجود رسمي لا يمكن أن يجبَّ الاستقلالية التامة في الحراك الثقافي كما أن نوعية الحضور تحتضن مختلف مستويات الأداء الثقافي إذ أن المعنى من المؤتمر بعيد عن المحددات التقليدية التي تحاصر العطاء التنويري بمسؤولين ووظائفهم التابعة المشروطة لكننا هنا ننفتح على مجمل الأنشطة الثقافية ليس معرفيا حسب بل وقيميا سلوكيا بما ينبع من حركة المجتمع لأنسنة وجوده… سنوافيكم بالحوارات في عمق اشتغالها وتطلعاتها وما جابه من تقطعات وعراقيل وربما ثغرات.. بالتوفيق لمن حضر في إعلاء نسمات ثقافة التنوير على الرغم من كل ضوائق الزمن 

***************

مادة أولى من مواد المؤتمر كلمة افتتاح للبروفيسور الدكتور قاسم حسين صالح

 مؤتمر القمة الثقافي العربي الأول في ميسان – كلمة الافتتاح 
أ.د.قاسم حسين صالح
أمين عام تجمع عقول
الحضور الكريم
 بدءا تحية من ميسان التي ينطلق منها هذا اليوم صوت يوحّد المثقفين العرب في بلدانهم بالمشرق والمغرب.واذا علمنا ان ميسان تعني في قواميس اللغة العربية التبختر والتمايل والنجم الشديد اللمعان،فان من حق ميسان هذا اليوم ان تلمع في سماء العرب وتمشي متبخترة مزهوة فرحا بانعقاد اول مؤتمر عربي لأرقى فئة في المجتمع تعشق اجمل ثلاثة: الحرية والحب والجمال.
 ايها النخبة الراقية فكرا واخلاقا
 ثمة اكثر من اشكالية يعيشها المثقف والثقافة العربية،نبدأها بان العقل العربي يحمل فكرة خاطئة عن الثقافة،بنظرته لها  على انها  نوع من الترف،ولا يدرك ان الذي يصنع اهدافه ويحدد سلوكه وعلاقته بالآخرين..هو الثقافة. فاغلب العرب غير منتبهين الى ان اختلاف الناس في سلوكهم يعود الى اختلافهم في مضمون ثقافتهم،لأن الثقافة هي قيم وافكار ومعتقدات توجّه السلوك،وان نوعية اختلافنا فيها هو السبب في اختلاف سلوكنا..ولك ان تلحظ ذلك لدى مقارنتك بين سلوك رجل دين وفنان عشق الموسيقى..بل لك ان تقارن سلوكك انت بسلوك شخص داعشي،فالفرق بينكما يعود الى اختلاف افكارك ومعتقداتك عن افكاره ومعتقداته..هذا يعني ان حال الثقافة الآن هو السبب الرئيس لما عليه تردي الحال في العرب،وما حصل ويحصل بينهم من نزاعات واحتراب.
 والمشكلة ايها الأحبة..ان المثقف العربي،واقصد هنا المثقف الحقيقي لا الذي وضعه السياسي في جيبه،او المثقف الانتهازي الذي ينتظر نهاية المعركة ليكون مع المنتصر..يعيش اكثر من محنة،الأولى محنته مع ثلاث سلطات لها سطوة  ترعبه:
         سلطة النظام،الحكومة،بضمنها مفارقة سيكولوجية:شعور السياسي بالنقص الثقافي امام المثقف،وشعور المثقف بالاستعلاء عليه.
         سلطة المؤسسات الدينية،بضمنها التي تدعو الى تحريم الموسيقى والمسرح والسينما وحرق الكتب واباحة دم المثقف علنا او بكاتم الصوت.
         وسلطة القيم والتقاليد والعشيرة.
 
 والمفارقة ان هذه السلطات يوحّدها،على اختلافها،هدف واحد هو ان تحصر المثقف بين خيارين:اما الخضوع لها او مواجهته لاربع عقوبات:السجن ،قطع الرزق،التكفير،والنبذ الاجتماعي.
 
المحنة الثانية:محنته مع ابناء صنفه من المثقفين،فلقد افرز ما سمي (تسونامي العرب -2011) الذي انطلق من تونس الى ليبيا الى مصر..ثلاثة أنواع من المثقفين:(مدّاحون،ومعارضون،وموظفوثقافة)بتوجهات مختلفة. فالمدّاحون كانت مهمتهم،
تجميل الوجه القبيح للسلطة وتبرير التجاوز على الحريات والسكوت عن جرائم البوليس السّري والمخابرات.ومع أن معظم المدّاحين الذين سيطروا على وسائل الثقافة الرسمية:صحافة،اذاعة،تلفزيون..حظوا بالامتيازات،الا أنهم كانوا يدركون أن مهمتهم لا تختلف عن شاعر أموي أو عباسي يمدح الخليفة ليجزل له العطاء،وانهم كانوا يحتقرون أنفسهم حين يختلون بها،الا المسيّسين الذين ربطوا مصيرهم بالنظام،او الذين خدّروا ضميرهم الأخلاقي.
 
   أما موظفو الثقافة،بمؤسساتها الرسمية،فكانوا رماديين في علاقتهم بالسلطة بين من اتخذ الثقافة مصدر عيش فتعامل معها  بالطريقة الشعبية (الياخذ أمي يصير عمي)،وبين من وازن بين (أناه) الثقافي والسلطة بعلاقة شبيهة بشعرة معاوية..فيما توزع المعارضون،وهم القلّة، بين من انكفأ على ذاته أو هاجر الى بلاد نائية فمات قهرا أو طلّق الوطن أو..قتله ابداعه فمات منتحرا!
 وفي ثقافتنا العراقية بعد 2003،والثقافة العربية بعد تسونامي العرب،كان أغلب المثقفين من نوعي المدّاحين والموظفين قد صاروا في محنة.أذكر لحضراتكم مثالا..أن المثقفين العراقيين عقدوا بعد اسبوعين من سقوط النظام(نيسان 2003)،اجتماعا غصت بهم قاعة الأدريسي بكلية الآداب،وكنت حاضره..فقال أحدهم لشاعر شعبي كان معروفا بمدح “القائد” بقصائد نارية:
-ألا تخجل..كيف تأتي وأنت مدحت “صدّام” بقصائد رفعته بها الى السماء..فأجابه:
+ والآن أمسح به الأرض..ومستعد أن أمدح معمما” أو ملحدا”..اريد أعيش أخي.
ياللكارثة!..ان اتعس حالات الثقافة حين تمتهن وتكون مصدر عيش..يتحول فيها المثقف من أفضل ناقد اجتماعي وانقى عقل في عملية تقدم المجتمع وازدهار الوطن،الى “موظف ثقافة” او ممارس زيف على (أناه) أو انتهازي يبيع ضميره الثقافي لمن يدفع أكثر.ومحنة كثيرين منهم أن السلاطين قد ولّوا فأين يولون وجوههم؟ولمن سينظم الشعراء ويغنّي الفنانون:”العزيز أنت” و”عاش الريس”؟..و”ارجع ياريس احنه بنهزر”.
ثالث المحن..واقساها هي شعور المثقف بالاغتراب وسنتجاوز ماركس وسارتر والوجوديين الذين انشغلوا به لدراسات سيكلوجية اخذت ادباء ومفكرين وفنانيين فوجدوا ان المثقف المغترب يعاني من تسعة اعراض نفسية نلتقط منها اربعة:
1.شعوره بالعجز لأن انظمة المؤسسات السياسية والدينية والاجتماعية..هي التي تقرر مصيره وليس هو.
2. احساسه بأنه لا معنى لوجوده في الحياة..يتساءل:(أيش او شنو المعنى من وجودي؟! ولويش عايش اصلا بحياة ما فيها اي معنى).
 3.تناقض قيمه مع قيم مجتمعه (يرى نفسه متحضرا ومجتمعه بدويا)..فينسحب هو عنه او يعامله  مجتمعه كما لو كان منبوذا.
4.شعوره بالاغتراب النفسي..(انا لم أعد انا).والخطورة هنا حين يصل حد الشعور بأن ذاته اصبحت غريبة عليه،فيحقد عليها،او ينهيها بانتحار بطيء بالادمان على الكحول،او بانتحار سريع بطلقة..وحصل هذا لمثقفين عراقيين ومصريين واردنيين وسوريين..بينكم من استحضره الان من الذاكرة.
  نضيف لها محنة رابعة هي محنتنا مع امريكا..حليفة حكام النفط الذي اوصلنا تردي الوعي الثقافي الى ان نتوسل بها لتحمينا من بعض قومنا!..فصرنا نسخر على عجزنا من انفسنا..ليأتي يوم يقول فيه احفادنا اننا كنّا نكتة زماننا!.
  عذرا انني تحدثت عن الجانب المظلم في الثقافة العربية والمثقفين العرب لأنه هو الطاغي فعلا وهو سبب تخلفنا عن العالم المتقدم الذي سادت فيه ثقافة تحترم كرامة الأنسان وتأتي بحكومات تخدم المواطن لا ان تهمله او تهمشه او تستعبده او تحتكر الثروة لها وتفقره كما هو حال العرب الآن.
بالمقابل لدينا الجانب المشرق في ثقافتنا العربية،فهنالك مثقفون كما الأنبياء يحملون رسالة التبشير بالخلاص لشعوبهم،وبينهم من استشهد على طريقة الحسين الذي امتنع ان يقول كلمة (ابايعك) لحاكم فاسق..كذاك بين المثقفين العرب من دفع حياته ثمنا  ولم يحني رأسه لطاغية.
ختاما ، في قصيدة لوركا..يتساءل الشاعر:
ما الانسان دون حرية يا ماريانا؟
            قولي لي: كيف استطيع ان احبّك اذا لم اكن حرّا”؟!
            كيف اهبك قلبي اذا لم اكن حرّا”؟.
    هذا هو “المثقف”الحقيقي..اكثر الناس حاجة الى الحرية،واكثرهم هموما” ومتاعبا” واشدهم حساسية، واصدق من يشخّص الحقيقة،وافضل من يوقظ الوعي في الانسان ليدفعه الى  التغيير الايجابي، وهذا ما تحتاجه الآن شعوبنا العربية.
 شكرا لحضوركم البهي هذا.
شكرا للسيد  وزير الثقافة الجديد الاخ الدكتور عبد الامير الحمداني الذي حملني اعتذاره لحضراتكم بعدم الحضور لتزامن انعقاد المؤتمر مع استلامه للوزارة.
شكرا لميسان التي تالقت هذا المساء لتكون ثريا الثقافة في سماء العرب.
شكرا لعاشق الثقافة الميساني الاصيل الاديب محمد رشيد الذي لولا جهده الاستثنائي لما كان هذا اللقاء الجميل.
محبتنا لكل من يجعل رسالة الثقافة تبشر بشيوع اجمل ثلاثة تليق بالبشر:الحرية،الحب، الجمال.
******************************************
مادة أخرى: البيان الختامي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *