مقارنة ودروس وعظات بين استقلالية التنويري والتبعية أو التجيير للطائفي

ومضة وتوطئة:  هذه مجرد ومضة علّها تضيء ويصحو من يعنيه الأمر… فبين من ربط جهده بحضيرة النظام وطائفيته وفساده عبر تحالف أوقع مزيد خسائر استراتيجية وبين وعي المرحلة والتمسك بالتغيير بديلا هناك تعارض وتناقض كلي يتطلب إدراكه موقفا نوعياً مختلفاً فهل سيتم اتخاذه..؟

إن المرحلة بكل تعقيداتها تمتلك ما يضيء الطريق ولعل أبرز الدروس والعظات نراها ساطعة اليوم، في مواقف الشعوب وحراك التغيير فيها. وبإطار حوار صريح يستهدف تنضيج الموقف وفكرته السديدة ولا يستهدف تجريحا أو تثبيطا لهمة طرف أو شخصية او أخرى أواصل وضع ملاحظاتي ومحاور جدلية عساها تكتسب التنضيج بحوار شجاع جريء يعود عن الخطأ ويتبنى صحيح المسار وصائبه.. وكما أشرت أسجل هنا غشارات لبعض التجاريب في المنطقة التي تغلي بمسيرتها…

ففي الجزائر يصر الحراك على عدم إجراء انتخابات قبل أن يُزاح كل عنصر من عناصر النظام القديم

بخلاف ما يجري في العراق إذ يدخلون اللعبة على الرغم من سطوة سلاح ميليشياوي ومال سياسي فاسد ويتحاصص المنتفعون المفوضيةَ الانتخابية إلى درجة أن 20% ممن ساهم بآخر انتخابات جرى تزييفها واقتسامها بالطريقة التي شاؤوها وتم ضرب الـ80% الذين رفضوا اللعبة حتى من قوى نزيهة كان عليها إعلان الانسحاب مع ملامح رفض الشارع للعبة ولكنها انجرت وراء بعض عناصر فيها…

وفي السودان رفض المفاوضون باسم قوى (التغيير) منح أية فرصة للتلاعب بمعنى التغيير وأصروا على تشكيل حكومة (مدنية) بجوهرها ((العلماني)) ورفضوا أي وجود للإسلام السياسي حتى بإطار الدولة وقوانينها ولا نقول الهبوط لمستوى تحالف أي طرف من قوى التغيير مع الإسلامويين بتلاوينهم..

في ليبيا التي يسخر بعض قاصري نظر من طابع بدواة فيها! فيما أكَّد الرد شعبُها وجيشُها الوطني، بموقفهما البهي المشرق في رفض الميليشيات وكل مجموعات الإسلام السياسي؛ بالتحديد منها اليوم، تلك التي تريد فرضها بعض قوى دولية على أنها الوفاق والشرعية ولكن الشعب الليبي يتمسك بوعي ونضج وسلامة منطق علمي أصيل رفض اللعبة التي تريد امتصاص ثرواته وإبقائه بخانة الاستعباد وهو يرد بصرامة وقوة، مهما كانت التضحيات، بأنه سيحسم المعركة بتحرير ما تبقى ومتابعة خطى تحرره وبناء دولته الديموقراطية بحق من دون إسلام سياسي يتبع أردوغان أو الأخوان وغيرهما…

قبل تلك التجاريب، في مصر وبتجربة فذة خرج عشرات ملايين الشعب رفضا لحكم الإسلام السياسي ومحاولات أخونة مصر وأطاحوا بهم ولفظوهم ومنعوا وجودهم في أية انتخابات تالية؛ لأن بناء الدولة ، بحق، لا يمكن أن يتضمن أحزابا تقوم على أسس دينية مذهبية من أي شكل يدعيه أصحابه، فتلك الادعاءات ، إنّما غلَّفت مخططات تشكيل قوى إرهابية من جهة وتمزيق الشعب من جهة أخرى وهو ما نشهد كوارثه اليوم من تفجيرات تسبب بمزيد ضحايا أبرياء وتحاول إعاقة البناء والتنمية!!

ما جرى في العراق كما رأى العراقيون وحراكهم الشعبي هو أن ((بعض)) قوى التنوير انحرفت بالحراك الذي انتفض بملايينه، نقول: إن (بعضهم) وفي غمرة التجييش الطائفي الظلامي للإسلامويين اندفع نحو مزيد انكسارات بخطط وقعت بمصيدة التضليل والمخادعة، ما دفع لانفضاض الجماهير عن الحراك! اتسم الانفضاض بيأس وإحباط وانكسار وخيبة أمل وبتشوش بعضٍ واندفاع بعضٍ آخر لمناطق جد متشددة فيما الجمهور العريض كان ومازال يتطلع إلى: ((قيادة تنويرية واضحة الموقف والبرامج والخطى موحدة تنظيمياً ومستقلة {استقلالية حقيقية تامة} عن مجمل اللعبة وليس استقلالية البيانات فيما تلك العناصر موضوعة بجيب الطائفي وعبثه ومخططاته…))

مع الأسف هناك اليوم بإطار بعض القوى ممارسات تدخل بمنطقة التشنج والتشدد حد تبادل الاتهام والتخوين و\أو استئصال الحوار الجدلي الموضوعي الرصين باستعمال سلطة الفصل \ الطرد والإقصاء من عمل منظم حيث شهدتمرحلة ما بعد التحالف مع إسلاموي طائفي الحدث بصورة ارتقت لظاهرة وهي من الحجم ما يشكل خطرا لا على الحوار الداخلي بل على وجود تشكيل تنويري قارع القمع عقودا تكاد تكون بعمر الدولة!!؟  أتمنى مراجعة الموقف ومعالجته بهدوء من أطراف الظاهرة ذاتها 

اليوم، بعد ما مضت سنوات تناهز العقدين على التغيير الراديكالي في العراق؛ ما عاد سليما ولا موضوعيا أي شكل للاشتراك في سلطة إسلاموية لفظتها شعوب المنطقة فيما يجاملها بل يتحالف معها بعض تنويريين!!!

الشعب العراقي يقول كفى…

وحراك الشعب يقول كفى…

وشعار جوهرة الحراك الشعبي هو (التغيير) لا (التجيير) لهذا أو ذاك…

فيما يصر بعضُ (أفرادٍ) وصلوا القيادة بظروف بعينها، يصرون على فرض منطقهم المتبقرع بـ(الإصلاح) وما فيه من (الإصلاح) سوى اللفظ وتلاعبه بالعقول!! فالحقيقة تتجسد في مسلسل وحلقات مآسٍ بلا منتهى يحياها الشعب يومياً وهو ليس بحاجة لمن يدله عليها.. وهي مآسٍ متوالدة بعناصر النظام المقفلة على اتجاه أحادي منفرد هو: اتجاه منظومة الطائفية الكليبتوقراطية، بما فيها من محاصصة لا تسمح إلا بعناصرها وبما فيها من آليات مافيوية فاسدة لا تسمح إلا بمن يتقاسم وإياها البلاد والعباد كعكة وغنيمة…!

فماذا تنتظرون يا بعض قوى التنوير في العراق!؟ إن وجود عناصركم في مؤسسات الدولة؛ أمر متاح وطبيعي مثلما وجود جميع أبناء الشعب وحقهم في الوظيفة والعمل، لكن ذلك قطعا لا يعني التحالف مع قوى التحكّم بالدولة فذلك أمر آخر تماما، وهو أمر مرفوض منطقيا موضوعيا لأنه تكريس لبرامج الطائفية وحكمها المتعارض مع أية فلسفة ديموقراطية تنويرية اختارها الشعب ويريد بحق اتخاذها سبيلا وحيدا لوجوده ومساره…

وعليه، فأما أنْ يتمَّ اتخاذ قرار الانسحاب من الحلقة المفرغة المقفلة على الطائفيين أو أنَّ مزيداً من انفضاض فقراء الناس وبسطاء الشعب من حول أية قوة تتحالف مع الطائفي أو تضع حراكها مجيَّراً لمصلحة الطائفية..  وبهذا الانفضاض، أؤكد، سيكون قسم محبط منكسر مشوش وقسم، ربما أصغر، لكنه واقع بالتشدد والكفر بكل شيء!! فهل سيواصل من رسم تحالفه مع الإسلاموي أوهامه بل محاولته إيهام (الناس) المكتوين بنيران الطائفية ومذابحها، بسلامة قراره وتخندقه مع قوة طائفية أو أخرى!؟

 لعل هذه المعالجة إذ تحاول أن تفتح حوار هادئا موضوعيا ستكون فرصة وفعلا جدياً ضد الإرهاب الفكري وليس ضد شخص لشخصه أو طرفا بعينه فهي محاولة للتكامل حواراً قد يفضي إلى الوقوف بوجه احتمالات الشخصنة والشللية وأية ظاهرة تُضعِف العمل المنظم للتنويريين.. فهلا أدركنا الرسالة وتبنيناها!؟

أي حضيض ذاك الذي وصلته البلاد وقيّد العباد!؟ أي واقع تراجيدي كارثي جرى ويجري؛ ومازالت روح مراهقة فكرٍ سياسيٍّ في ضفة تتحالف مع الزعرنة السياسية في ضفة أخرى وكلاهما ليسا سوى مفردة من إكسسوارات النظام الطائفي وإن أعلنا (شكلياً) التمرد عليه! بالمناسبة ذاك التمرد المفرغ من المضمون بين يقع بين مهمة تفريغ الشحن والاحتقان الشعبي من جهة وبين تضليل الجمهور وهو يظل مطلوباً ضمن رتوش النظام وآليات وجوده فضلا عن استمراره كونه مجرد صراعات بين مقتسمي البلاد والعباد حصص غنيمة أخذوها ولن يعطوها كما يصرحون…

ألا فلنتنبّه ولنتفكر ونتدبر!! ولنكن معاً وسوياً في: ((طريق الشعب)) الذي مشيناه وخضناه معاً؛ سواء فكرياً سياسياً أم علمياً عملياً حيث منجز الشعب وإنتاجه، على مدى تاريخ الدولة العراقية منذ مائة عام باختلاف النُظُم التي تعاقبت عليه…

ألا فليدرك الجميع ما يحيق بهم وما ينتظرهم قبل فوات الأوان، فجميع قوى التنوير مستهدفة سوى أنها موضوعة بالترتيب وبالتسلسل على مذبح الظلاميين وإرهابهم.. والدليل مسلسل الذبح اليومي من اختطاف وتصفية واعتقال وتغييب واغتيال بل ومن مذابح إبادة جماعية! فهل فيكم من يقبل انتظار أن يكون أصحية معابد الفساد المعممة المتجلببة بالتدين المزيف لأي ذريعة أو وهم!؟

 

 

*

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *