مظاهرات بين هدف التغيير أو بيعها للمروِّضين

مظاهرات أو ما بقي منها ومن محاولات إدامتها بين هدف التغيير أو بيعها للمروِّضين  مقابل اشكال تظاهر هي بوابات ووسائل لامتصاص الغضب وتشويه الحراك بقصد تجيير الأمور وتشويه الحراك الشعبي نفسه.. فكيف نقرأ تلك المظاهرات وما بديلنا الشعبي ومن يعنيه مسؤولية قيادتها بسلامة وسلمية ومنطق عقل علمي وغايات تنويرية؟؟؟

هذه معالجة ربما أولية عسى أن تجد من ينضجها ويضع تفاصيل محاورها الرئيسة موضع الاحتجاج والمحاكمة بما يصل إلى نتيجة موضوعية مثيرة للأمل ولشحذ الهمم والإنجاز… فمرحبا بتفاعلاتكن وتفاعلاتكم كافة

هذه قراءة تتطلع لمزيد تفاعلات بشأن التظاهرات المعبرة عن الحراك الشعبي في العراق ومحاولات اختراقها و\أو إضعافها مرة بالترهيب والقمع الدموي الأبشع بمعارك شوارع ارتكبت الفظاعات واعتقالات واغتيالات لقادتها ومرات بأشكال التضليل والاندساس وتشويه الشعارات والدخول عليها بجمهور يخضع لألاعيب أطراف من داخل النظام تقوم بأدوارها على وفق خطط مرسومة بتوزيع مهام وأدوار…فما سبل استعادة (استقلالية) التظاهرات وسلامة برامجها وقوة تحشيدها وتحويلها لانتفاضة سلمية تلبي مطالب الشعب في خيار طريق الديموقراطية وقطع السبيل على نظام الطائفية الكليبتوقراطية!؟ مقترح إجابة عن السؤال يبقى حريصا على كل التفاعلات التنويرية البناءة وهي تتمثل باصوات الناس حتى بصيغ التساؤل أو النقد بما يصل إلى برنامج البديل الأنجع والأكثر سلامة فمرحبا واهلا وسهلا

منذ 2003 كان الحراك الشعبي العراقي بين شد وجذب، يموج بلا قيادة وطنية ديموقراطية موحدة وناضجة ببرامجها ووسائل اشتغالها. وبظلال سطوة جزرة المال السياسي المفسد القائم على النهب والسرقة وعصا البلطجة الميليشياوية، وقعت كثرة من المحاولات الفردية أو الجمعية المحدودة بين فكي رحى الهمجية الظلامية التي تحكمت بالمشهد…

وشيئا فشيئا جرى اصطناع طبقة الكربتوقراط وهي طبقة الفساد المافيوي وشللها بكل ما تحمل من بشاعات أوغلت في البيع والشراء إلى درجة استغلال منطق العنف ووحشيته في تكريس نظام (طائفي كليبتوقراطي) مافيوي مفسد يستند بوجوده لعسكرة ميليشياوية هي الأبشع على مر التاريخ العراقي المعاصر…

وحتى اليوم مازال النظام يقدم صورته بصيغ التعددية ولكنها تعددية مكوناته من مجموعات مسلحة همجية المبادئ والمقاصد، وبصيغ احترام التنوع وهي ليست سوى وهم شراء (الآخر) ليعبر عن تنوع مزيف بلا هوية حقة، يوم ندرك أن أي ممثل للاخر وللتنوع يجب بصورة حتمية أن يرضى عنه الولي السفيه لكي يدخل في قائمة من يدير اللعبة!

وحتى اليوم مازال النظام يدعي التزاماً بدستور تكتنفه كل التناقضات بخاصة منها تلك التي تبيح اللعب لغرس قوى الإسلام السياسي بوصفها أحزابا تقوم على الطائفية فكراً وفلسفة وآليات سياسة وبرامجها وهو ما يُفترض حظره دستورياً، الأمر الذي يجري تمريره بمختلف أشكال استغلال الثغرات والآليات…

ويوم انتفض الشعب مطالبا بما اختاره من طريق الديموقراطية وبناء دولته (المدنية بجوهرها العلماني) شكَّلوا من ذات الأحزاب (الطائفية الظلامية) تشكيلات أسموها أحزاباً مدنية، أو وطنية،  وما طاب ولذ من تسميات مخادعة مشوهة مفرغة من معانيها على طريقة ما اشار غليه الشاعر الوطني العراقي:

علم ودستور ومجلس أمة كل عن المعنى الصحيح محرَّف ولكن اليوم أسوأ من ذلك محرّف ومشوّه ومضلل!

ها هم بين الفينة والأخرى يرتكبون أبشع جرائم التهجير القسري والتغيير الديموغرافي نينوى وديالى نموذجا وأبشع جرائم الإبادة الجماعية الإيزيديين والمسيحيين وقبلهم المندائيين نموذجا ومحاولة إبادة اشمل حجماً بتوجيه سموم الكيمياوي المختلط بالمواد المشعة من نفايات يصمتون عليها لتمر عبر وادي الكارون إلى مياه شط العرب حيث ملايين البصريين تحت رحمة جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة!

الأنبار تسطو عليها جحافل انكشارية بويهية بتحالف يريد ترويض أهلها مستغلين دفقات المخدرات لشبيبتها وسطوة بلطجة الميليشيات وقطع شرايين الحياة عن أهلها وتخريب مدنها وقراها بالاستباحة بذرائع بلا منتهى ولا حصر!

أما البسطاء المكتوين بكل محافظة ومدينة وقصبة وقضاء وقرية فلطالما تظاهروا ملتزمين السلمية والانضباط بالقوانين واللوائح ولكن تلك التظاهرات ما أن هددت مصالح رؤوس الفساد الطائفية وظلاميات ما يرتكبون حتى استخدموا الرصاص بوجه تظاهرات 2011 والحديد والنار بوجه التالي منها كما فعلوا بالبصرة والبصريين..

حتى حق التظاهر يجري استلابه لا بقمع و\أو تضليل فحسب بل وبانتزاعه عبر تشويهات واختراقات وتفصيله بمقاس يُصادر ممثلي الشعب الحقيقيين في حراكهم!!! ما قراءتنا للتظاهرات الجارية من دون مطلقات تلغي اشتغالا أو آخر؟؟ موضوع يتطلب حلقات تسلط الضوء فلتستعيد الحراك بقدرة تنوير وتلبية لمسيرة التغيير

أما التظاهرات التي حاول بعض المخلصين تطويرها فإنها وقعت بفخاخ الروتين والتفريغ من المحتوى بترويضٍ أو تدجين لعناصر لم تستطع المتابعة فيما انفض الجمهور الواسع بعد أخطاء غير تكتيكية بخاصة لأولئك الذين يريدون وضع مقاليد الحراك الشعبي بيد لجان مركزية أو جهات تحكّم وإدارة على فصال مسبَّق مرتب على مقاس قوى النظام بما لا يهدد ضبطها زمام الأمور لأغراضها وأهوائها!

إن الكارثة الحقيقية هي تلك التي صاغت حرية التعبير والتظاهر بمنظومة قيود واصفاد نقلت التظاهرات من أداة للنضال السلمي الشعبي إلى ديكور للنظام وآلياته ومنهجه الذي يعيد إنتاج عناصره مع افتضاحها فيقدم أكباش فداء واضاحي بلا منتهى لدوران مطحنته الهمجية…

لا يوجد حل اليوم بتلك المظاهرات التي يديرها مدجنون أو متلاعبون يجيرون الأمور لمصلحة النظام وعليه فإن بديل الشعب الجدي الحقيقي اليوم، يستند إلى ((انتفاضة)) شعبية لا تخضع لنير نظام الطائفية وألاعيبه التي يعتمد فيها توزيع الأدوار على قواه ليعيد إنتاج وجوده…

إن كل مظاهرة تخرج بخيمة دجالي السلطان وطباليه لا فعل لها سوى استهلاك طاقات الشعب وتكريس النظام بمزيد إحباط يصيب الناس.. ولابد من شحذ الهمم والتنبه على مجريات اللعبة التي اخترقت قوى الديموقراطية والوطنية عبر تشكيلات ترتدي أسماء مضللة وعبر عناصر مباعة وأخرى مترددة أو مراوغة بطريقة يسهل تجييرها للنظام ..

لابد هنا من بديل يقوم على وجود ((قيادة)) تولد من رحم الحراك الشعبي وتنتمي إليه وتقطع سبل التأثير والتجيير أولا باستقلاليتها عن النظام وآلياته وبرامجه وثانيا بوحدة كل قوى التنوير والديموقراطية بتحالف عريض ليس بينه أدعياء التمدن والعلمنة من حاملي الأسماء فيما الجوهر خاوٍ بائس ومريض…

فلتكن تظاهرات الشعب مستقلة بأدائها وبقيادة وطنية ديموقراطية موحدة صلبة قوية الإرادة ومؤكد أن الشعب سيلتف حولها وستنتعش آماله وحراكه بفضل الوحدة والاستقلالية وسلامة النهج وتطهيره من الاختراقات كما حصل ويحصل اليوم…

 

 

  • حسن متعب للاسف فشلت توقعاتنا في ان الشعب سيتحرك هذا الصيف لانهاء معاناته ولكن على مايبدو ان الحمل ثقيل جدا وقد ملت الجماهير من الحراك السياحي الذي لن يقدم شيئا لها سوى المزيد من المعاناة، لو كان للعراقيين قادة راي مثلما لدى السودانيين مثلا لتمكنا من فعل شيء ولكن دون وجود قيادة ميدانية وفكرية حقيقية وجادة فان الامل بعيد.. علينا ان ننتظر فرجا من نوع اخر.. تحياتي
    أبرز المعجبين

    بدءاً اشكر مرورك المشرق وأؤكد أن القضية موعد انتفاضة الشعب تحكمها كما تدرك وتعرف شروط موضوعية وذاتية وأن سطوة البلطجة مازالت قائمة مؤقتا بكل طاقات المصادرة والقمع والتضليل ولكنها أؤكد مجددا مؤقتة وإمكانات الرد ليست بعيدة أمام مثل تلك الأوضاع التراجيدية.. ويومها ستفرز الانتفاضة قيادتها الناضجة

  • باقة ورد
    شكري وتقديري لمرورك وقراءتك ومرحى بالصوت التضامني
  • Adham Ibraheem لقد تم افراغ المحتوى الوطني للمظاهرات وتدجينها . كما ان غسل الدماغ الديني والطائفي يعتبر حجر عثرة امام انتفاضة شعبية شاملة الى حين تحقق محصلة الجمع الكمي المتجانس ضد الطغمة الفاسدة واحزابها المافيوية . مثل هذه المقالات تنمي الصحوةالانسانية لاولئك المخدوعين والمظللين . وتحقق في النتيجة درجة الاشتعال النهائية . احسنت في فضح اساليب الاحزاب المافيوية في تضييق عقول الناس كالاخطبوط
    مع خالص تحياتي
    أبرز المعجبين
    ممتن للمرور المشرق البهي والإضافة التي تؤكد سطوع اضواء التنوير حيث مسار التحشيد لانطلاقة مؤملة للانتفاضة التي تلبي طموحات الشعب في التغيير وكل ما ذُكر هو مجرد إثارة عثرات وتأجيل مؤقت عابر مهما كانت آلامه فالتغيير آتٍ

     

  • Khairia Al-Mansour الكاتب د. تيسير الآلوسي من زاويته نوافذ واطلالات تنويرية يكتب .. مظاهرات بين هدف التغيير أو بيعها للمروِّضين ..
    Tayseer A. Al-Alousi Adham Ibraheem Husham Kamil Tameem Amjad Tawfiq عبد الحق الناصري عبد الحفيظ محبوب رائد الهاشمي Ayad Al Yasiri د. شوقي الموسوي مصطفى اسمر Faisal Jassim حسن متعب حيدر صبيAmer Amer Alomary قاسم محمد داوداحمد أحمد غانم عبد الجليل
    أبرز المعجبين
    تحية للصدى ولربانة مسيرتها وللجمع البهي من أحبتي التنويريين في الصدى وفي هذه الباقة المشرقة بوجودها هنا
  • مصطفى اسمر ممتاز استاذ
    أبرز المعجبين
    ممتن للمرور الطيب الكريم وللقراءة التضامنية ومعا وسويا من أجل الهدف الأسمى

     

*

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *