من أجل سلامة مسيرة دمقرطة الحياة واستعادة اتزان الخطى والتمسك بمبادئ سامية ومنهج أنسنة الحياة

رؤية أولية بين النظري بإيجاز والتطبيقي لحالة تجري اليوم وما يمكن أن يُستفاد منها أو ربما نقع بخسارة بعينها إن ارتكبنا خطأ مفارقة الخطاب الديموقراطي وآلياته لأي سبب كان.. والرؤية المقترحة هنا لا تدعي صوابا مطلقا وعصمة تصادر أحدا بل تؤكد أنها تعبير عن منطق الحوار وقبول حكمة مخرجات التنضيج بالتفاعل البناء

جرى في الآونة الأخيرة بعض اختلاف بين طرفين في تنسيقية التيار الديموقراطي بهولندا، ولأن القضية تتعلق بمسار الأداء وخطاه وليس بفلسفة العمل ومنهجه ولأنّ طرفي الاختلاف يؤمنان بذات النهج فإن القضية تتحدد بمدى بعينه من التقييم وبدائله الممكنة للحل، بما لا يستدعي مشاغلة جمهور التيار من الديموقراطيين بعقد مؤتمر مخصوص!

ومن أجل مزيد إسراع بالحل فقد انطلقت مبادرتان لتسوية الاختلاف حظيتا في البدء بترحيب من طرفي العمل المباشر، أعضاء التنسيقية. لكن التداعيات التالية دفعت من جهة لتعقيدات (الشخصنة) بخلفية التوتر والشد وما كان يغذيه من ضغوط تفاصيل اليوم العادي وظروف الأعضاء المباشرة وغير المباشرة وتداخلات تعدد أماكن العمل في أكثر من مكان وضغط ما يعود إليه؛ ومن جهة أخرى كان هذا الحدث (منصة) للتحدث عن تمترسات وتخندقات تستند أحيانا إلى توهّم وجود أعداء والتنافس أو التسابق باتجاه من يقصي من بتخيل الصواب لدى كل طرف ما فاقم الأمور ودفعها إلى منطقة الخلاف والتقاطع السلبي المركب المعقد!!

وإذا كان طبيعيا أن تجابه حركة الديموقراطية والتنوير مثل تلك العراقيل والعقبات وأن تسعى جميع الأطراف بإطار مهامها إلى تجاوزها وحلها، إذا كان ذلك عاديا في المسيرة فإن غير العادي هو التمترس بصورة تستغلق على الحل حيث يتخذ كل طرف قرار إقصاء الآخر بما يخرج على اللوائح الناظمة للعمل الديموقراطي سواء عن جها و\أو تجاهل أم عن تعمد استثمارا للموقف بما يزكي كل طرف في توجهه وكأن القضية قضية انتصار هذا الطرف أو ذاك..

وعليه فإن الخطأ الأكيد هو أن يمضي اي طرف نحو قرار يدرك أنه:

مخالف للمنهج الديموقراطي فلسفة وآليات فكرية سياسية

مخالف للوائح العرفية و\أو المكتوبة الموثقة بكل الصياغات المتاحة

نخالف للقوانين التي تحكم العمل (المنظَّم) في بلد يحترم الديموقراطية ويتبناها كما هنا ببلدان أوروبا

إن الإصرار على عقد (مؤتمر استثنائي) أولا أودى بفرص الحوار (المباشر) ودفع لمزيد تأزم واحتقان حد إغلاق جسور العلاقة الإيجابية الطبيعية وفاقم القضية الثانوية وضخ فيها تضخما سلبيا سيكون له تأثيرات أكثر بتداعياتها على طريقة أحجار الدومينو لكن بصورة تنحدر بكارثيتها لتتسع لمناطق أخرى عبر طرحها بصيغة طرف يتحدث عن أوهام (وجود أعداء يتقصدون إبعاد حزب أو ممثليه)! وطرف يتحدث عن (محاولة بعض ممثلي الحزب إياه الهيمنة على الآخرين) بما يلغي استقلالية العمل ويُصادر الشخصيات المستقلة.

والقضية ليست كذلك فلا وهم وجود عداء أو أعداء بصائب وإن ظهرت أخطاء محايثة للفكرة ولا مصادرة الاستقلالية بصائبة عندما يتم الالتزام باللوائح الاعتبارية أم العينية المصاغة بنظم العمل على وفق كل دولة يلزم التمسك بقوانين العمل فيها بلا جدال..

عليه وإجرائياً فإنني أعلن عن (وقف) مبادرتي لإعادة طرفي الحوار إلى طاولة العمل المشترك وسحبها (حالياً). لأنَّ أحد الطرفين يُدخل اليوم عدداً من الديموقراطيين إلى ما يسمى خطأ مؤتمرا استثنائيا بما يلغي فرص الحوار الحر المستقل ويوحي بالإلغاء والإقصاء وفرض الشروط التي لا تعني سوى الهيمنة الفعلية ما يتعارض والهدف السامي للعمل الديموقراطي المشترك الذي تحدده لوائح وليس (تفصيل) طرف لتلك المحددات!

إن وجود مبادرة كان قائما على وجود طرفي حوار يتقبلان ويقران العمل المشترك وهما طرفان عضوان بتنسيقية واحدة تضبط عملها لائحة مشتركة سواء كانت مكتوبة أم اعتبارية عرفية متعارف عليها…

فيما اليوم لم يعد من وجود لطرفين بالتحول إلى ضفتين (منفصلتين): ضفة لطرف أصر على دخول خيمة ما يسميه مؤتمرا، بمعنى توقف عن أي تفاعل مع مبادرة الحوار واشتراطه أن يكون الحوار بخيمة مفصلة على وفق منطق أحادي يلغي التعددية والتنوع ويصادر الآخر!! وطرف اضطر  لإعلان استقالته من تنسيقية تمت مصادرة القرار فيها من ثلاثة من أعضائها واعتماد قرار الثلاثة المتخذ خارج التنسيقية قرارا (مشرعنا)!

إنني إذ أعلن وقف المبادرة حالياً أرى أن وجود صوت ديموقراطي حقيقي، لا يجامل طرفا فيما يوقع به حضور (المؤتمر)، يرد التوجه السلبي يمكن أن يعيد الأمور إلى نصابها بوقت لاحق بتراجع عن تلك الفروض ومنطقها الإقصائي بأية ذريعة تعكزت!

أتمنى أن ننفتح جدياً على آفاق عمل أكثر نضجا واحتراما لمعاني التعددية وحملا لثقافة التنوع وما يتبنى احترام الآخر بأسس المساواة ومن ثم العمل المشترك..

ندائي اليوم،

أن ننتصر لأنفسنا جميعا بصورة موحدة مشتركة تلغي من معجمها خطاب التشكك وانعدام الثقة وتمظهراته ومن ذلك مظهر اتهام الآخر بصورة تسقيطية تزعم وضعه بخانة العداء لهذا الطرف أو ذاك بخلفية ادعاء الصواب المطلق حصريا عند طرف بعينه!!

ندائي اليوم،

أن ننتصر لأنفسنا بمراجعة شجاعة للمجريات ونزع فتيل تبادل مفردات تشخصن الحوار وتضعه بمنطقة جد ضيقة وبعيدة عن فروض العمل الديموقراطي سواء سياسيا أم بأطر المجتمع المدني ..

ندائي اليوم،

أن تكون مخرجات اجتماع اليوم ألا يضفي اي مشارك فيه عليه تسمية المؤتمر وأن يعيد من دعا إليه إلى حيث واجباته في التنسيقية التي تتحدد باللوائح بالتنسيق (الجمعي) المؤسسي على وفق القوانين المعمول بها هنا لنبرهن أن ما جرى كان رؤية لا باحتمالات الصواب والخطأ لم تكن ولا يمكن لديموقراطي أن يسمح لها بأن تكون وصاية وهيمنة من اي طرف بالمخالفة مع وجود تيار (ديموقراطي بحق)..

إنني هنا إذ أعلن موقفي بمزيد تمسك بقيم الديموقراطية وآليات عمل تشكيلاتها كافة يصادف أن يكون هذا متفقا مع (كل) من التزم بتلك المحددات الديموقراطية ومارسها فعليا من دون انحياز يشخصن الأمور مع طرف وضد آخر..

فالأصل الواضح الجلي هو العمل لتعزيز نشر ثقافة دمقرطة اشتغالنا وتمسكنا بقيم الديموقراطية وعدم اتفاقنا مع طرف ابتعد عن الديموقراطية لا يعني المسّ به ولكنه يعني بدقة عدم الانجرار إلى ما وقع به من خطأ كما يعني دعم شجاعته على تجاوز الخطأ بالحوار والتفهم والتفاهم على وفق منطق العمل الديموقراطي القائم على تنضيج الرؤى باتجاه أفضل مخرجاتها وأكثرها صوابا وسلامة..

من هنا أملي وثقتي بأن كل مخلص لحركة التنوير والديموقراطية سيؤكد موقفه في تبني الصواب بعيدا عن مجاملة طرف لمجرد قوله أنه يمثل طرفا له تاريخه واسما فاعلا بمسيرة التضحية من أجل الأنسنة والتقدم .. إذ بين الخطأ والصواب لا وجود لمجاملة شخصية بل من نصرة رفيق التنوير أن ندله على خطا ما ارتكبه في لحظة ما من دون قصد…

عسانا نتعظ من الدرس موضوعيا ونؤكد سلامة الخيار وان يكون حضورنا من سيحضر سببا في إعادة الأمور إلى مجاريها بعد أن كان هناك خطأ في عدم حضور لقاء مشروع لموسع جرى تنظيمه على وفق اللوائح وليس بالمخالفة معها وكان تغيب بعضهم إشارة ليست بمحلها تقاطعت مع فرص الحوار الحر المستقل غير المشروط بمصادرة أو إقصاء

هل هناك ما بقي تأشيره؟

بلى، إنه رؤى كل من تعز عليه حركة الديموقراطيين التنويريين.. أدعوكم جميعا بلا استثناء أو تمييز وبمنطق المساواة وتشارك الجميع في مهمة التنوير وأنسنة وجودنا أن تتخذوا من كل منصة موضعا لتوكيد معنى الانتماء للديموقراطية وحركتها وليس الانتصار لطرف أو آخر بمجاملة أو (فزعة) تنتمي لثقافة مناطقية أو عشائرية أو ما شابه من لغة لا تنتمي لعصرنا وثقافته الأنجع بروح الديموقراطية والتقدم واحترام الإنسان وتعددية وجوده وغنى تنوع منجزه ثقافة إنسانية سامية…

كل الديموقراطيين (بحق) هم واحد بوجودهم وبآليات اشتغالهم وتفاعلاتهم بينيا…

بخلاف المزيفين من أنصار التلحّف\ التعمية والتستر على جواهرهم باتخاذ الأسماء البراقة عنوانا لهم للتضليل والمخادعة مثلما يفعل أدعياء المدنية والوطنية من أحزاب التأسلم التي رفضها الشعب وأدرك أنها سبب البلاء بخلاف هؤلاء فالديموقراطيون ينبغي أن يحتفظوا بوحدتهم وألا يقعوا بخطيئة تحويل التعددية والتنوع إلى خلافات تناقضية غير موجودة في الوهم أو فيما لا يقع في سليم القرار..

احترامي وأملي أن تكون قراءة هذي التجربة موضوعيا ديموقراطيا سببا في منع التداعيات التالية التي ستكون عقبة كأداء لزمن قبل أن نعاود تضميد ندب العثرات التي نوقع أنفسنا فيها ما لا ينبغي ولا يجوز..

هل سنمتلك الوعي الكافي والجرأة لقول لا لمسار التشظي بخلفية مجاملة طرف تضخم الطرح عنده ليدفع لمؤتمر بصورة مزاجية!؟

دعونا نتطلع للضمائر الحية، للنقاء وللعودة إلى منطق ولوائح وآليات عمل

وأتمنى هنا، أن يرتقي الحوار لمستوى المسؤولية في مسارعة جدية تدخل بها جميع أطراف الحوار الديموقراطي بقوة مؤثرة فعليا ومن دون تلكؤ أو تراخٍ

وإلا، فــ “لات ساعة مندم”، من إصرار وركوب موجة من آلياتٍ لا تنتمي للفكر الديموقراطي ومنهجه والناس بحاجة لا لتحديات الحزبنة مرةً والشخصنة في أخرى والابتعاد عن الديموقراطي في ثالثة!

فهل سنفعل هل سنعاود بجدية وشجاعة ووعي نمتلكه سوى انه يحتاج للتفعيل؟؟؟؟  

 

 

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *