بيان المرصد السومري لحقوق الإنسان في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الـ71

تنشر ألواح سومرية معاصرة بيان المرصد السومري لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للحقوق والحريات

بيان المرصد السومري لحقوق الإنسان في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الـ71

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول ديسمبر 1948؛ وذلك رداً على الخراب الكارثي والانتهاكات الواسعة التي نجمت عن الحرب الكونية الثانية وتداعياتها وفي إطار ما اتخذته البشرية في التفاعل مع كل تلك التداعيات القيمية .

لقد شكل هذا الإعلان الحقوقي نقطة تاريخية فاصلة في تثبيت منظومة قيمية حقوقية بديلة تمّ نشرها بأكثر من (500) لغة! وعُدَّت تلك المنظومة التي تم الإجماع عليها قضية غير قابلة للتصرف، بخاصة في مجال وقف الانتهاك والتمييز على أي أساس أو ذريعة كانت؛ سواء كانت العرق أم اللون أم الدين أم الجنس أم اللغة أم الرأي السياسي أم المستوى الاجتماعي مما يعود لفروق في الثروة [في ظل الاستقطاب الحاد بين الفقر والغنى بخلفية توزيع غير عادل للثروة] أو المولد أو أي عامل آخر. إنَّ الإعلان ينص على حفظ الكرامة والمساواة وعلى كل ما يؤنسن وجودنا بشكل متكامل تام…

ولقد كان الهدف من إعلان حقوق الإنسان بمعايير عالمية مشتركة متفق عليها؛ يكمن في كفالة تمتُع الأفراد والجماعات في مختلف أماكن وجودهم بحياة حرة كريمة، بروح المساواة والعدل..

ولعل العالم يحتفي بهذا اليوم بالقضايا الحقوقية في ضوء مراجعات جدية لمستوى تنفيذ بنود الإعلان، في أرجاء المعمورة، حيث يقرأ مستوى التزام الحكومات وأية أطراف معنية، بتلك المعايير العالمية التي  تم صبها بالإعلان المخصوص أو في تلك الوثيقة الحقوقية الأممية، بقصد الدفع باتجاه تلبية ناجعة لما تفرضه من محددات…

وفي ضوء مجمل ذلك، فإننا اليوم إذ نقرأ الصورة الحقوقية في العراق فسنجابه حالا ماساوية شديدة السواد والطابع الكارثي! إذ أنّ الانتهاكات بنيوية خطيرة ولا تقف عند حدود منطقة خلافية في تفسير مادة من مواد الإعلان الحقوقي العالمي بل تمس جوهره بالإشارة إلى حق الحياة نفسه وهو حق مصادر مسلوب وكأننا نحيا في عصر العبيد حيث حياة الإنسان مصادرة تُنهى، بوحشية وبارتكاب فظاعات بلا حدود!!

ومنذ الأول من أكتوبر 2019 حتى يومنا ذهب ضحية استهتار الميليشيات وكل المجموعات (الإرهابية) المسلحة وسلوكها الفاشي في العراق، مئات القتلى وآلاف المعوقين وآلاف أخرى من المصابين والجرحى!! فضلا عن آلاف من المختطفات والمختطفين ممن يعانون من أسوأ أنواع التعذيب النفسي والجسدي حد ممارسة الاغتصاب السادي والتصفية الجسدية بالاغتيال ورمي الجثث في قارعة الطرقات…!!

وحتى التقدم النسبي في الميادين الاجتماعية والاقتصادية في البلاد مما تحقق في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تم تفكيكه وتدميره بوقف الصناعة وتبوير الأرض وتخريب الزراعة وتعطيل عجلة الاقتصاد ما أوقع المجتمع بمختلف الأزمات والصراعات..

لقد أضاف النظام الطائفي ظاهرة غريبة على المجتمع حيث عمّق التخندقات الطائفية والتمترسات القائمة على تغذية الكراهية والتمييز العنصري وإثارة أشكال الصراعات المختلقة! فيما تراجعت أية فرصة للخيار الديموقراطي بخلفية سيادة منطق العنف وسلوكه العدواني بالاستناد إلى كل تلك التخندقات وصراعاتها فضلا عن ما أضفاه التخلف ومنطق الخرافة من فرض قيم ماضوية بخاصة تلك التي كبلت المرأة والشبيبة بقيود العبودية وبفلسفة ذكورية مرضية بائسة…

والكارثة أن الحكومة بين ضعفها وبين فلسفة حكمها تسترت على جرائم الميليشيات؛ بخاصة منها مجريات مجابهة شبيبة الثورة ومطالبها في الشهرين المنصرمين. ما أوقع أفدح الخسائر البشرية والمادية وسط أبناء الشعب المتظاهر سلميا في الميادين..

ونحن نشير إلى رصد الحركة الحقوقية لما جابهته الفئات الهشة من النساء والفقراء ومن المكونات المهمشة بخلفية الانتماء القومي والديني لما يُسمى مصادرةً وظلماً (الأقليات) حيث لم تكتفِ السلطات وجناحا الميليشيات الإرهابية من دواعش ومواعش بأشكال الاستغلال الأولية أو البسيطة العابرة بل فتحت أسواق النخاسة والاتجار بالبشر سواء الاتجار بالأعضاء ام الاتجار الجنسي وأيضا فرض أعمال السخرة وكل أشكال الاستغلال ومنها استغلال الطفولة بأبشع الممارسات…

دع عنك ظواهر التدخلات الخارجية وما تعنيه من تأشير قوائم سوداء للمواطنات والمواطنين ما عرَّضهم للتصفية الجسدية على مدار حوالي 17 سنة من الحكم الطائفي المافيوي الذي فتح أوسع البوابات للجريمة التي وقعت بآثارها الثقيلة على عموم الفقراء الذين تفاقمت نسبهم وتضاعفت عدة مرات عدا عن اتساع رقعة البطالة والأزمات العاصفة الأخرى وسحق الطبقة المتوسطة وتكريس الاستقطاب الكارثي الفاحش..

  إننا في المرصد السومري لحقوق الإنسان، ننحني إجلالا للرعيل الأول الذي صاغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ  نحوالي 71 عاما، مثلما نحيي الحركة الحقوقية العالمية والوطنية مناشدين قواها الحية والضمير الإنساني لتعزيز التضامن بخاصة اليوم لوقف الجريمة المرتكبة بحق الشعب العراقي وثورته وهي تتسم بما شخصه القانون الجنائي الدولي بكونها: جرائم ضد الإنسانية ومعها جرائم حرب وجرائم إبادة بما يقتضي تقديم المجرمين للمحاكم الجنائية الدولية بقرار من مجلس الأمن، لأن الحكومة وأجنحتها الحزبية المسلحة بأذرع ميليشياوية تنفرد بالصدور العارية للمواطنين وتوجه إليهم الرصاص الحي ومختلف الأسلحة بصورة قاتلة وعن عمد ومن مسافات قريبة تتعمد القتل إلى جانب حملات الاغتيال اليومية والاختطاف والإصرار على مواصلة ظاهرة السجون السرية والتغييب القسري وغيرها من جرائم!

إننا نثق بالحركة الحقوقية العالمية ودورها في تفعيل العمل بالإعلان العالمي وفي التضامن الفعلي المؤثر والحاسم مع الشعب العراقي ومطالبه في استرجاع وطن منهوب منه وليس مجرد مصادرة حق خاص أو عابر لا قيمة له! بل استلاب الحقوق والحريات باسترقاق واستعباد مفضوح كونه منهجية ثابتة للنظام..

إن الحسم وتفعيل التضامن يأتي من قرار أممي مناسب يستجيب لمطلب الثورة الشعبية وتحديدا مطلبها الرئيس في تغيير النظام واستعادة الوطن والدولة، لإشادة منظومة قيمية بديلة تحقق النظام الديموقراطي ، نظام العدالة الاجتماعية…

ولأنّ الوضع العراقي ومصادرة الحقوق مركبة معقدة بمحمول من 17 سنة، فإن المطلوب يتجسد بالمساعدة على بناء منظومة قضائية قادرة على مطاردة عناصر الفساد وتفكيك منهجه مع ملاحقة أية قوة مسلحة خارج السلطة بعد حلها وتفكيك وجودها نهائيا…

كل التحية لتضحيات الحركة الحقوقية والانتصار لكل مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. النصر للشعوب في تلبية فرض قيم السلام والتقدم والتنمية والعدالة الاجتماعية وتحية للثورة العراقية المعنية بالأساس باستعادة الوطن وحق الحياة الحرة الكريمة فيه

 

المرصد السومري لحقوق الإنسان هولندا

 العاشر من ديسمبر كانون أول 2019

عضو المنتدى العراقي لمنظمات حقوق الإنسان

إيميل المرصد وموقعه الإلكتروني:

Sumerian Observatory for Human Rights <sohrh@somerian-slates.com>

 

 

 

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *