هذه ومضة تتناول أوضاع المرأة العراقية على وفق مقياس دولي ظهر مؤخرا وقرأ عددا من محاور وجودها واشتغالها وموقع النتائج بين نساء العالم بمختلف الدول.. وهذي الومضة تؤكد من جهة روعة الأداء والشخصية القوية للمرأة العراقية وقدراتها على العطاء الإنساني وظروف المصاعب والمظالم التي تجابهها وتحاول استلابها ومصادرة إرادتها.. لكنّ ولكم فرصة التفاعل تنضيجا وتوكيدا للنقاط المضيئة في ضوء التقارير الجديدة

أوضاع المرأة العراقية بين المظالم والبؤس وبين ثورتها إثباتا لوعيها وقدراتها

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

مقتبس: “المرأة العراقية تمتلك خبرات نضالية اجتماعية وعمقا معرفيا مثمراً بهيا، ولهذا فإن محاولات استعبادها وإذلالها مهما تفاقمت لن تستطيع منعها من التعبير الحر عن إرادتها ودورها الرئيس في الأنسنة“.

خبر يرد وتعتم عليه سلطة الظلام وقوى الإسلام السياسي الطائفية الفاشية، لكنه من بين براهين ينبغي التوقف عندها بتمعّن.. إذ يقول الخبر: إنَّ العراق احتل المرتبة 179 عالمياً بأوضاع النساء فيه من بين 190 دولة اي أنه من قائمة الـ 11 الأكثر سوءاً بأوضاع المرأة! فغلى وفق تقرير البنك الدولي الذي يقيس أوضاع المرأة في مجالي العمل والقانون لهذا العام 2020، لم يحصل عراق الطائفية ونظامه على أكثر من 45 نقطة في المعيار المخصوص ليحتل تلك المراتب المتأخرة جداً…  

إذ جاء بتحليل التقرير، بنسخته السادسة، توصيف القوانين والتنظيمات التي تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة في الدول التي خضعت للمقياس، عبر ثماني مؤشرات مخصوصة بتفاعل المرأة مع القانون مع بدء عملها وفي أثنائه، فضلا عن قضية التقاعد، وقدرة اتخاذ القرار الاقتصادي المستقل في أي مرحلة من مراحل حياتها وهو الأمر الذي اظهر معاناة المرأة ومأساتها في بلد تحكمه قوى التخلف بتعقيداتاستغلالية مركبة من فلسفة ذكورية وثقافة بنى وهياكل ما قبل الدولة الحديثة كالسلوكيات القبلية ومفاهيم تقليدية محافظة رجعية ظلامية تنبع من خطاب الإسلام السياسي وتخلفه..

وبقراءة مؤشرات تقرير البنك الدولي على وفق ما ورد بوكالات الأنباء المختلفة، فإنّ تلك المؤشرات كشفت نتائج سلبية المعطيات وعلى وفق الآتي:  النقل 25% ؛ مكان العمل 100% ؛ الرواتب 50% ؛ قياس القوانين المتعلقة بالزواج 0% ؛ الأمومة 20% ؛ ريادة الأعمال 75% ؛ فيما قدرتها على امتلاك الأصول 40% ؛ أما حقها بالتقاعد فكان 50%.

لقد أكدت تلك المؤشرات حجم الفجوة القانونية والإجرائية المتحققة فعليا بين الذكور والإناث، فضلا عن مستوى التشغيل وفرص الريادة في الأعمال.

وبالنظر إلى النساء في بلدان العالم سنجد أن ما حققته المرأة في كل من: بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، أيسلندا، لاتفيا، لوكسمبورغ والسويد هو صدارتها في الترتيب العالمي، بـ 100 نقطة، وحظيت نسوة إستونيا وفنلندا على نتيجة: 97.5 نقطة وهكذا، بخلاف أوضاع المرأة في ظل نظم إسلاموية ظلامية.

إن حقيقة قدرات المرأة العراقية تتمثل في مقارعتها الظلم والضيم ومشاركتها في الثورة الشعبية بقوة ووضوح على الرغم من كل محاولات التشويه والتهديد والابتزاز بسياسة لا تقف عند انتهاك حقوق نصف المجتمع بل تتجه إلى أسر المجتمع برمته بتقسيمه بين جبهتين مفتعلتي التعارض بقصد إضعاف حراك التحرر فيه وتحديدا حيث ندرك ألا مجتمع متحرر متنور والنساء فيه يعانين فيه من الاستعباد…

وها هي المرأة تدفع الثمن باهضا قرابين الحرية المنشودة، ليس لها وحدها بل للمجتمع وما أصابه من تجهيل ومن إشاعة لظواهر التخلف والتراجع ليقبع خلف أحجبةٍ ظلامية نالت من إنسانية الإنسان..

إن مساهمة فاعلة للمراة العراقية في ثورة أكتوبر الشعبية، هي رد طبيعي على ما وقع ويقع عليها من ظلم مضاعف وهي مساهمة يمكنها أن تضمن للثورة منطقا أكثر نضجا وسلامة؛ عبر ثقافة تنوير تعتمد العقل العلمي ومعالجاته ومن ثم تغيّر في الخطاب المرضي الشائع باتجاه خطاب إيجابي بديل في التعامل مع المرأة وأدوارها المجتمعية الصائبة..

إن إطلالات المرأة العراقية عبر بوابات إنتاج الثقافة في مختلف مناطق وجودها في داخل الوطن والمنفى والمهاجر القصية إنما تبرهن على قدراتها الفعلية الحقة في الانتصار لحرياتها وحقوقها ولمجتمع جديد ينتمي للعصر وثقافته الأنجع والأكثر صحة وسلامة..

إن المرأة في ميادين الثورة لم تكتفِ بأعمال هامشية أو فعلا ثانويا أو مجرد مساعدات طبية أو صحية ولكنها تشارك فعليا بقوة في جوهر حركة الثورة واعتصاماتها ما يؤكد حقيقة وجودها الإنساني المتساوي مع أخيها الرجل وما يؤكد جدارة المرأة العراقية في النهوض بمهامها وواجباتها وهو ما كان علامة تاريخ مجتمعنا منذ مشاركتها في معركة الجسر في انتفاضة 1948 وما قبلها ومرورا بانتفاضات الشعب وتقدم مسيرة البناء والتنمية فيه وحتى يومنا..

والمرأة العراقية رفضت لعبة الكوتا وتعيين نسوة من طراز يخضع لإرادة قادة أحزاب الفساد وكتلها بمؤسسات ما بعد 2003 وسلطتها ساقطة الشرعية بقرار الشعب صاحب السمو الدستوري.. وهي تؤمن بقوة بأنها قادرة على المنافسة وملء مسؤوليتها بإرادة واعية وعقلية قادرة على الإنتاج وعلى اتخاذ القرار والمساهمة الفعلية الجادة لا البقاء أسيرة صدى لتحكم ذكوري ماضوي رجعي الجوهر…

عليه لنقل إن ذاك القرار الذي فضح موضع المرأة في ظل السلطة الطائفية الظلامية وهويتها الفاشية إنما لا يقصد عدم قدرة المرأة ولكنه يقصد بوضوح وصف ما يجابهها مثلما وصف نضالاتها وتحدياتها وتقديمها الأعمال البطولية نضالا وكفاحا من أجل الحرية والسلام والتقدم..

فتحية للمرأة العراقية ومنهن المرابطات في ميادين الحرية والانعتاق والمناضلات بمختلف مواقع العمل من مواقع التعليم وبيوت العلم حتى معامل إنتاج الثروة الوطنية والتقدم بالمجتمع.. تحية لرابطة المرأة العراقية مدرستهن النضالية بين منظمات النسوة في الوطن والمهجر وكل التضامن والمؤازرة والدعم لحراكهن البطولي بمختلف الميادين أسوة بكل أبناء المجتمع بخاصة أولئك المؤمنين بالمساواة ومنع التمييز وحظر خطاب الكراهية والعنصرية وأولئك العاملين من أجل أنسنة حيواتنا بأسس العدل والإنصاف وسلامة العلاقات بوجود إنساني حر كريم…

******************************************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/