بين شعار كفاح تضامن ووهم منح الفرص وبين واجب إدامة ثورة الشعب؟

نحن لا نؤيد امرئا خضع لضغط الثورة بتنفيذ  قرار انتزعه الشعب بدماء أبنائه ولكننا نقر الخطوة لننتقل إلى التالي من الخطى والمطالب، بخلافه سنمنح لا فرصة تلبية المطالب بل فرصة عودة النظام لامتلاك المبادرة التي كسرتها الثورة والاستئثار بالسلطة حيث يكسرون عظم الثورة؛ الأمر الذي لا يمكن أن نعود بها لعنفوانها من دون مواصلتها ومتابعة الخطى.. فلنكفَّ عن صيغ التأييد المجاني الاتكالي القائم على تعطيل فعل الثورة ونؤكد هنا أن ما ربحه الشعب هو انتزاع بطولي ثمنه دماء أهلنا من تضحيات جسيمة وليس نهجا جديدا فنهج السلطة مازال سكينا غادرا في خواصر الثوار!!!؟… 

بين يئس من الحركة السلمية للشعب واحتمال تراجعها كما يتوهمون وبين تضاغطات ظرفية بعضها مما يُحسب خارج الإرادة مثال كورونا يندفع بعض التنويريين لفكرة دعم الحكومة ورئيسها مسارعين لتقويم الوعود على أنها (متغير) محسوب (للكاظمي) ولكن بشيء من التمهل سنرى أن ذلك استعجالا يفتح الطريق لإبراز ما يخدم النظام وأركانه ونهجه بخلاف لو فكرنا بانتزاع المطالب وإقرارها للتقدم إلى غيرها وتعزيز الثورة الشعبية بقيادة وطنية تتناسب وإرادة الشعب وخياراته الاستراتيجية… فلنختر الشعار المناسب للمرحلة ولنختر الأسلوب \ النهج المناسب للتفاعلات الجارية.. أما كيف فلنقرأ ونتفاعل معا للانتهاء إلى أفضل سبل الانتصار الشعبي لإنهاء الطائفية ونظامها وفلسفته ونهجه بأقل كلفة واقل خسارة وبأوسع حجم من العراقيين نجذبهم للتغيير ومن بينهم الكابينة نفسها… وتحايا للنيات الطيبة المخلصة لكن ليس بالنيات ولا بالتمني نغير ولكن تؤخذ الدنيا غلابا…

يطرح بعض رفاق التنوير فكرة منح الفرصة للكابينة الجديدة ورئيسها السيد مصطفى الكاظمي؛ في وقت لم تجف دماء شهداء الفرص التي منحها الشعب لحكومات وشخصيات هي ابنة النظام المافيوي الفاشي ورصاص غدر الطائفية! ولعل تجاريب الشعب منذ 2003 حتى يومنا أكدت نجاح أحزاب الطائفية في استراتيجية المناورة والالتفاف ومن ثم تطبيق تمسكن حتى تتمكن وهو ما كرّس سلطتها فانتكس بالتغيير الراديكالي وسلّمه لقمة سائغة وغنيمة أخذوها وبعد ما ينوها على حد تعبير أحد زعماء الطائفية ووكلاء الملالي واجندتهم في الاستعباد والإذلال!

إذن، فلقد أكدت التجاريب أنّ منح الفرص أدى لهزائم للشعب منها على سبيل المثال لا الحصر تلك المائة يوم التي كسبها المالكي لمناورته وغيرها ليس قليلا مما لم ينسه الشعب الأمر الذي دفعه للثورة والانتهاء من لعبة الوعود الإصلاحية..
إنّ منح الفرص مقابل ((بعض)) تنازلات لم تحدث إلا بانتزاعها بتضحيات جسام؛ لا يعني إلا منح فرصة (فوز وربح) للنظام وأركانه ونهجه!! (فالنظام بتلك التنازلات، مهما بدت كبيرة توهماً، لا يتنازل إلا للمناورة فقط) وعليه فإنّ مجمل ما يُطرح تحت هذا المعنى، يؤدي إلى منحه فرص الالتفاف استراتيجيا والعودة حتى عما تنازل عنه، حيث يعاود السيطرة وضبط أموره وتوازنه..
والشعب لم يقدم مئات الشهداء وبحار دماء الجرحى من عشرات الآلاف هدية مجانية رخيصة!!! ليتنازل بعدها ليس عن تلك التضحيات وحجم الدماء المهول بل وعن استقلالية إرادته [بالاستكانة والاتكال على شخصية أتت بالنهاية والمحصلة من رحم النظام وتوافقاته واستراتيجياته بضمنها التي ناور بها بتنازلات محسوبة]..
منح الفرصة يعني منح الثقة لشخصية وكابينتها لتمارس الدور نيابة عن الإرادة الشعبية!! فهل يصح مثل هذا!؟
إن الصائب في حركة الشعب الجارية ثورتها اليوم، تستمر وتتقدم بإقرار ما تم (انتزاعه)؛ فالثورة ليست نهلستية عدمية بحركتها، ولا ترفع شعار: كل شيء أو لا شيء وهي أيضا لا تحمل شعار لا مساومة تحت الاضطرار..
ولكنها تدرك معنى تراجعات النظام أمام الغضب الشعبي في كل مرة، ومعنى انتزاع (مطالب) بعينها منه.. وهي تقر ذلك على أساس أنه جاء بفضل التضحيات الجسام وليس على أساس حدوث تغيير في نهج النظام أو إقراره اقتسام الكعكة الغنيمة مع الشعب! فهو لا يقدم ذلك هدية لسواد عيون الفقراء! إن الحدث تم انتزاعه ويستدعي إدامته…
والثورة بهذا الإقرار لمتغيرات جزئية في التوازنات، تؤكد تمسكها بالاستراتيج، إلى جانب إقرارها وجود التكتيكات التي حققت وتحقق تقدما تدريجي الخطى وهو ما يقنضي التقدم إلى أمام لاستكمال بناء منصة الشعب أي فرض شروطه لبناء مرحلة انتقالية تستجب للأولويات من المطالب وتمهد تأسيسا نوعيا مختلفا…
وعليه، فلابد هنا من تعزيز الثقة بالإرادة الشعبية وقدرتها على التقدم والحسم في استكمال الثورة الوطنية وهو ما لا يُنجز من دون استيلاد قيادة موحدة، أقصد وحدة قوى التنوير كافة بإعلان جبهة الشعب العلمانية الديموقراطية بمقابل جبهة الإسلام السياسي وظلاميات نهجه وأضاليله..
وبالعودة للعنوان فإن فكرة تضامن مع حكومة مازالت تحت وطأة تاثير النظام ومخرجاته [بقصد منحها (فرصة) تحديدا] لا تعني سوى التخلي عن استقلالية الإرادة وكون الشعب الضاغط الأول والأساس في مسار الأحداث لصالح الحكومة لتأتي المخرجات كما أرادتها مناورة التنازل المؤقت والجزئي من النظام وأركانه من أحزاب الطائفية وفلسفتها ونهجها أو ألاعيبها…
لا مجال لتطبيق تضامن هنا وحصرا لا تقر الثورة أو تستسلم لفكرة منح فرصة للنظام ليناور بها ويلتف على الثورة ومن ثم لن تسلم الثورة إرادتها واستقلاليتها بل الثورة مستمرة لانتزاع مطالب أخرى وجذب الحكومة لمنطقة تهيئة أرضية تحرير خيار الشعب بانتخابات نزيهة لا وجود لسلطة المال السياسي الفاسد ولا للسلاح ولا للمرجعيات الدينية الزائفة وأضاليل تجييرها لنظام مافيوي فاشي…
إن تشكيل حكومة بالإطار الجاري هو مفردة بكل ما حدث من قرارات تتطلب مزيد ضغط واستمرار بذات الاستراتيجية التي تؤكد إدامة الثورة وخطاها بتكتيكات تتناسب والمتغيرات المعبرة عن مناورات (تنازلات) السلطة التي لم تخضع لها إلا عبر ضغط الثورة وليس عبر انصلاح أمر طائفي ونهجه!!
ومن الخطى التالية وأولوياتها هي تقديم أولئك الطائفيين لمحاكمات عادلة وإيقاع الجزاء المستحق مع منع إفلات الجناة وتلكم قضية ليست كما عبدالفلاح السوداني وكل زمرة الطائفيين المافيويين وتذكروا (كل) أو كافة ولا استثناء لمن أجرم بحق الشعب ودماء بناته وأبنائه الزكية…
فكرة الفرصة الممنوحة لا تتضمن مطلقا ونهائيا وضع أي خيار بيد الكابينة فالخيار بيد الشعب وثورته لإدامة ضغطها على النظام وأحزابه وزعاماته ونهجهم لكنها يمكن أن تكون بدقة في منطقة انتزاع المطالب بإدامة الضغط على النظام وكسب ما يقرّب من منصة التغيير لا الترقيع والمناورة..
لنتحاور جديا جيدا ولا تسبقنا حماسة موقف تجاه انتصار انتزعه الثوار بدماء غالية ولا تصادر موضوعيتنا وسلامة بل دقة قراراتنا وحساباتها الاستراتيجية والتكتيكية حال انجرار لمناورة لا تعني سوى فخا مصيدة للاتفاف!
محبة وتقدير لكل قيادات حركة الثورة الشعبية في الميادين ولكل رفاق التنوير وهم يغذون المسيرة نحو إعلان وحدة تدعم ما وصلت إليه الثورة الآن الآن وليس غدا

 

 

******************************************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *