أمسية أدبية وسياحة في انثيالات شعر فلسطيني الهوية والهوى

جرت ندوة أدبية في رحاب الأدب الفلسطيني وشبيبة أنجزت النص الشعري الجديد وبين صورة جد موجزة لجوانب من الأدب الفلسطيني وتطبيقات وقراءات في نصوص جديدية كانت الحوارات وما سُلِّط من اضواء فرصة جدية لتوكيد روائع التميز والتألق في خلق جماليات التعبير أسوة بمسيرة عظماء الشعر والأدب الفلسطينيين.. تجدون التسجيل الكامل للأمسية وما تضمنت من قراءة نقدية جمالية مع تمنياتنا لـ ((منصة جماليات الشعر الفلسطيني)) التي ظهرت اليوم بمبادرة أستاذ خليل نصار كل التوفيق… ألواح سومرية معاصرة

حلقات المشاركات النقدية والشعرية: الحلقة الأولى دكتور تيسير الآلوسي 1

حلقات المشاركات النقدية والشعرية: الحلقة الثانية  دكتور تيسير الآلوسي 2

د خليل حسن قادوس سمية وادي

حلقات المشاركات النقدية والشعرية: الحلقة الثالثة دكتور تيسير الآلوسي 3

مقاربة نقدية أ. خليل نصار للشاعرة هبة أبو ندى

حلقات المشاركات النقدية والشعرية: الحلقة الرابعة دكتور تيسير الآلوسي 4

مقاربة نقدية أ أمل أبو عاصي الشاعر منتصر أبو عمرة

*****************************************************************************

فلسطين المنجز الجمالي الأدبي عمق الجذور وتنوع البحور

محاور أولية لتقديم معالجات في جوانب من الأدب الفلسطيني مع بعض علامات في النصوص المعروضة للنقاش والقراءة النقدية.. هناك ارتجالات عديدة في المداخلات جاءت بقراءة مباشرة:  الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

((سيجري نشر القراءة بوقت لاحق))

مذ أول عصرنا الحديث كانت ظواهر الغليان والتفجّر تعتمل في الوجود الفلسطيني ليس في الجغرافيا بحدودها ومحدداتها ولكن أيضا في مجمل تلك العناصر التي ربما أسموها خارجية لكنها تظل بنيوية بكل تفاصيل وجودها الموضوعي من منظومة قيمية اجتماسياسية وأخرى من رجع صداها النفسي ذاتيا غنائيا بالمعنى الأوسع للمصطلح وطبعا من قدرة الفعل الإبداعي الخلاق.

وهكذا كانت عوامل تطور الأدب بعامة والفلسطيني بالتحديد مع اندغام محاور اشتغاله بمجمل الأدب العربي إلا أنه يبقى بخصوصية تفاصيله وما تعنيه تلك التفاصيل من علامة للمنجز جمالياً مضمونياً…

لقد أعطت تجربة الأدب الفلسطيني عبر علاقة امتلكت كل التناقضات والتوافقات مع الحياة.. أعطت مساهمة كاملة في تلك التجاريب الثورية التي شهدها الأدب العربي خلال القرن 20،فوجدنا الموضوعات المصطبغة بألوان الواقع منذ عهد النكبة والرؤية المأساوية التي رافقتها في معالجة أو تلك الرؤية البطولية المقاومة في معالجة أخرى لكن بكل الأحوال من دون التخلي عن الأمل والإيمان بانتصار العدالة في النهاية.

بودي في هذه الإطلالة السريعة أن ألتقط ما يمسّ الثيمة الأساس لهذي الأمسية فهناك بالحتم انعكاسات وحالات تقمص وتجسّد لقضايا من قبيل ما يُفرَض من تشطير بين الداخل والمنفى وبين شتات ومهجَر وبين 48 و67 وبين جغرافيا التشظي المفروض قسراً.. فهل حقاً هناك ثنائية تعبير جمالي يسمونها الداخل الخارج أو المنفى أم أنّ القضية تأخذ أبعاداً أخرى للانتماء وتفاصيل اليوم العادي لحالات العيش وموضوعاته بإطار مشتركات جمالية للتعبير؟

إنّ قراءة في تاريخ المنجز وجغرافيا وجوده الإبداعي الجمالي سيساعد حتما في استحضار قراءة منصفة لا تسمح للخرق في خطابات غير جمالية وغير أدبية تسطو على فلسفتنا الجمالية المنسجمة الصادقة.. فمنذ القرن زمناً سنجد أعلاماً مستحقة القراءة بطريقة تنتمي لهويتنا الجمالية الإبداعية لا لخلافات غير أدبية فرضتها أوضاع تخص ضعف الدرس النقدي وفلسفة الفكر النقدي وقدرات العقل العلمي على تحقيق قراءة  إيجابية مستحقة من منطلقات الأدب والشعر في التعبير الفلسطيني المرجعية والأداء..

سنشير إلى أسماء قامات ابنة عصرها كما: إسعاف النشاشيبي (1885 – 1948). و  إبراهيم طوقان (1905 – 1941)، الذي مزج الهجاء السياسي بالسخرية اللاذعة بتعددية طبقات اشتغاله، لنستذكر بوقت لاحق أعمال إميل حبيبي، وامتلاك ناصية الكوميديا المأساوية ومحمود درويش (1942-2008) وآخرين وما ساد كتابتهم من أجواء جادة تراجيدية مأساوية و\أو بطولية.

سنستثني  أعمال مطلق عبد الخالق (1910 – 1937) وفدوى طوقان (2003-1917) بأول عهدها، لنؤكد أنّ شعراء فلسطين أكدوا التمسك بالقضية ثيمة لاشتغالهم وأن الاستثناء كان ويبقى مفردة من خطاب النص الذي تم إبداعه من اي من شعراء أو كتّاب الأدب الفلسطيني..

كانت رومانسية مطلق عبد الخالق المتأثرة كما ببعض قراءات له بتجاريب شعراء المهجر بأميركا الشمالية، فقيل إنها كانت تتسم بالتشاؤم والكآبة ورغبة الفناء..لكننا يمكن أن نقدم رؤية أخرى بالموضوع ونعالجه بصورة مختلفة

سنشير أيضا إلى عبد الرحيم محمود(1913 –1948)  وأبو سلمى(عبد الكريم الكرمي: 1911 – 1984) عندما نستدعي ثيمة المشاركة السياسية وظهور الانفعال أو العاطفة المجسِّدة للغنائي حيث التعبير عن وحدة الذات والموضوع في تعبيرات شعراء القضية انطلاقا من تحول الموضوع إلى بنية الذات الجمعي أو تقمصه بتعبير ذاتوي غنائي محدد ومقيد بالتعبير المعروف للغنائي بالمعنى الموسوعي للغنائي هنا.. وحتما سيكون طبيعيا أن يتجه الأدب والأدباء لفن القصة والرواية عندما تنضج تجاريب التعامل مع القضية من مدخلات جمالية مختلفة أكثر ارتباطاً بمعالجة العامل الموضوعي كما خليل بيدس (1875 – 1949) وأحمد شاكر الكرمي (1894- 1927) وجميل البحري ليأتي منجز إسحاق موسى الحسيني الروائي وتشفيرات رموزه باستخدام مذكرات على ألسنة الحيوان إذ البطل دجاجة تُظهر قدراً من الحكم الصائب بشأن قضايا قيمية أخلاقية وتوجيهها بصواب للخير وسلامة البدائل..

ومثلما تطور الأدب العربي سار الفلسطيني بذات المسار جمالياً

على الرغم من صدمة النكبة والنكسة وفعلياً لابد من الإشارة لحجم التراكم الكمي والمتغير النوعي للفكر النقدي وولادة المدارس والمراكز البحثية بجانب تشكيل الجماعات الأدبية والروابط التي أفضت لتنمية مؤثرة ملموسة في المنجز..

فشهدنا حجم النضج الفنّي للإبداع الأدبي بعامة والشعري بخاصة سواء قصصيا روائيا كما عند غسان كنفاني في:  رجال في الشمس1963 و ما تبقى لكم1966  قبل عام 1967 (عام 1963 وعام 1966 على التوالي)، لنشهد ثراء: إميل حبيبي بجماليات التناول البيّنة تلك التي قدمت موضوعات حرب الـ 67 وآثارها، ((أذكر مع توضيحات رواية: الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل))، مثلما شاهدنا حنين زيتونة فلسطين أبو سلمي للوطن المفقود  ومثلما فدوى طوقان التي طوّرت أسلوبها الخاص لتغني الشعر العربي برشاقة بعيدة عن التكلف، واكتشاف الأنثى لذاتها وتحقيقها ذاتها بعناصر مصداقية  العشق العاطفية، ورفض المفاهيم أو منظومة القيم البالية، معربة جماليا عن أصدق فهم للتحرر الذي حتما تطلَّب الجرأة والشجاعة وبناء الذات بسلامة..

لنستذكر قصيدتها في العُباب التي أنجزتها قبيل حرب الـ 67، وذاك التحرّر العميق ولربما سطوة الغريزي على أدواتها التعبيرية الجمالية ومزجها مفردات الحب والرغبة بما وحَّد التحليق الروحي بفضاء التعبير الشعري مع الحرّية الجسدية

الأمر الذي سنجده أيضا في اشتغالات  جبرا إبراهيم جبرا وتوفيق صايغ قبل أكثر من نصف قرن عندما جاء بقصيدة النثر ووظف رموز كأساطير آلهة الخصبوسنذكرابنة عكا ورحلاتها بين دول إقليمية كقبرص وبيروت وغيرها كانت تلكم هي سميرة عزام(1924 – 1967) وتجاريب المرأة وتنوعات مساراتها جماليا مضمونيا بلا أي فرصة لابتذال…

وفي الضفة الغربية اشتهر في ستينات القرن الماضي كتّاب مثل: محمود شقير وخليل السواحري وإبراهيم نصر الله ورشاد أبو شاور ويحيى يخلف وسحر خليفة وأكرم هنيّة ومحمود شاهين بكل ما حملت منجزاتهم من آثار تعبوية عرّضت بعضهم للترحيل…

ويحيى يخلف هو أول فلسطيني يتجاوز حقاً مجال السياسة الفلسطينية الحالي ليصف عمليات الانتقام المرعبة التي تمارسها النظم القمعية الأصولية في بعض الأقطار العربية ضدّ من يثورون عليها.

شعر ومعالم بنية الشخصية وتطلعاتها

نلاحظ عند أية قراءة لأدب الشتات، ضعف علاقة الفلسطيني بجغرافيا وجوده بعيدا عن الوطن وتعبيراته عن ارتباط وجودي بوطنه كما نقرأ في شعر مريم قاسم السعد، التي عاشت في الولايات المتحدة، ففي قصيدتها بعنوان رؤية تقول:

السنون تمضي

والانتظار يستمر

والإيمان الواثق يبقى

هالة تضيء الأجيال

الرؤية تبقى حية.

 الشعر الفلسطيني في النصف الثاني من القرن العشرين

مر الشعر الفلسطيني بمرحلة من الاضطراب،  ربما برز فيه الموضوع على حساب الجمالي لكنه سرعان ما اتخذ من الثورة بأسلوبه نقلة إلى منهج مختلف أوغل في الترميز والتشفير اسوة لبعض ما ظهر لدى بعض المبدعين العرب في تلك الفترة التي أبرزت بعض غرابة تعبيرية وجرأة في التصوير…

كتب محمود درويش قصيدة يخاطب فدوى طوقان قائلاً:

نحن في حلٍّ من التذكار

فالكرمل فينا

وعلى أهدابنا عشبُ الجليلِ

لا تقولي: ليتنا نركضُ كالنهر إليها،

لا تقولي!

نحنُ في لحم بلادي .. هي فينا!

لم نكن قبل حُزيران كأفراخ الحمام.

ولذا لم يتفتّت حبّنا بين السلاسل.

نحنُ يا أختاه، من عشرين عام

نحنُ لا نكتبُ أشعاراً، ولكنّا نقاتل

   خيري منصور ومريد البرغوثي وأحمد دحبور

تحرر الشعر الفلسطيني من بعض نزعات وعلامات سلبية كانت تفشت فيه بمرحلة سابقة فبرز مبدعون يمتلكون أدواتهم الحداثية. نشير هنا إلى: خيري منصور (1945) ومريد البرغوثي (1944) وأحمد دحبور (1946)، وليد خازندار 1950 إذ كان أمامنا

أسلوب شديد التكثيف، وصور تتسم بالدقة والتعقيد في آن معاً. ولغة شعرية صافية تقارب المحكي

سيظهر معنا مبدعون: مثل زكريا محمد (1951) وغسان زقطان (1954)، الملئء إحساساً بمأساة الآخر، وبارتفاعه بالتجربة اليومية المتواضعة إلى فضاء الشعر الراقي، وباختياراته من وسط البسطاء ممن حوله ليتحول بالتجربة إلى مواقع أشمل وأعمق.. 

اختفاء الصرخات العالية المعبّرة عن الاحتجاج المأساوي وعبارات الغضب والقدح والتبجّح، وحلّ محلّها صوتٌ مهذّب، مدني، مشذب اللهجة، كيف نقرأ :

قبائلنا تستردّ مفاتنها

في زمان انقراض القبائل!

سميح القاسم …            تابع سميح القاسم (1939-2014) سيرة شعرية باهرة مميزة، وقد استطاع أن يفرض تجاربه الشعرية المتجددة باستمرار، تلك التي لم تتوقّف، أن يفرضها على الجمهور العربي داخل حدود بلاده وخارجها ونال شهرة عالمية بإبداعاته ومنجزاته النابضة بروح الكفاح والمقاومة والرفض للشرور السياسية وما حيك بوجه  الشعب الفلسطيني ومصيره. ل

من ناحية ثانية، اتّصف هذا الشاعر بـ(المرح والدعابة والشعور بالراحة مع نفسه ومع الآخرين) مما لا يشبهه بهذا محمود درويش نتيجة اختلاف المزاج زالطبع والطابع، فـ تمكّن سميح القاسم من ابتكار طريقة يضمن بها مشاركة الجمهور في أثناء إلقائه القصيدة، إذ جعل من الجمهورببعض تجاريبه جزءاً لا يتجزّأ من قصيدته، إذ كان يلجأ لنوع من الأداء التمثيلي فيقف على المنصة لإلقاء لقصيدة ويطلب من الجمهور أن يردد معه اللازمة في القصيدة أو أن يشترك معه في التصفيق.

أما محمود درويش فإنه، على النقيض من ذلك، يلتزم موقف ((الجد التام)) مفضلاً الطريقة التي ظلّ يواجه بها جمهوره في كل أنحاء العالم العربي، حيث يخاطبهم كما (نبي) وينشدهم شعره بلهجة (رؤيوية) تتحدّث عن مصير الفلسطيني وقدره

تنقّل سميح بشعره بين عدد من الأنماط والصيغ التعبيرية ومناهجها، فنجده ينتقل من التراجيدي إلى الكوميدي بسهولة ويسر، فيجسد بمرات رؤيا قد توضف مرعبة يعبّر عنها لا (بالصورة الفنية ومعالجة الموضوع) حسب، إنما من خلال أسلوب أو نبرة تصير بحال من تضخم و\أو ما يمكن وصفها بالمرعبة أيضاً

وثانياً في محاولاته (العرضيّة)، من حين لآخر، لخلق (معارضات) مثلما أصدر في عام 1983 ديواناً صغيراً أو مجموعة بعنوان كولاج.. وكان خليطاً من كل أنواع الكتابة، مما تراوح بين الشعر والنثر بشعرية النص المكتوب إلى جانب صيغة البيانات الصحفية.

أما توفيق زيّاد (1932 – 1994)، فإنه يمثّل في نظر شعبه صورة المكافح الذي لا يكل، بصلابته وثباته وحفاظه على رؤيته الخاصة بالعدالة

 

 

 ملاحظات عامة وأولية في نص الشاعرة: هبة أبو ندى وحسان أبو قادوس

ستشاهدون الانزياحات والتنقل الجغرافي بفضاء الأفكار وفلك الأقدار الإنسانية وكل انزياح هنا يفضي لكسر رتابة الفكرة وتسلسلها الجغرافي النحوي ليذهب بالمتلقي نحو فلك آخر هنا انزياج في تركيب الجملة النحوية وانزياح في اللغة معجمية واصطلاحية وانزياح بالرؤى البصرية وخلق الصور في فضاء الإبصار وانزياح في تتابع حلقات السبب والنتيجة بما يكسرها ليقدم عوالم تفارق الواقع لإعادة بنائه  وانزياحات بلا منتهى تتقصد تحطيم مرايا لا للغور إلى ما وراء كل منها بل للعودة إلى المتلقي وتفاصيل وجوده ومسيره

 بعض اشكال وتمظهرات الانزياحات التي تُرصد:

انزياح عنصر من العناصر المكونة للنص عن مقصود عنصر سابق عليه

انزياح النص عن وحدته المنطقية، واحتواؤه على المتناقضين

مخالفة النص لنفسه وانزياح العبارة فيه عن غاية المتكلم

انزياح النص عن الشيفرة اللغوية المتعارف عليها، هذا يعني أن الوظيفة هي التي تعطي الأسلوب هيأته المخصوصة بمخالفة المعيار والانزياح عنه

الانزياح المتعلق بجوهر المادة اللغوية مما سماه كوهن” الانزياح الاستبدالي

الانزياح التركيبي: ويُعمل هذا الانزياح بربط الدوال بعضها ببعض في العبارة الواحدة أو في التركيب والفقرة بـ “الانزياح النحوي  كالحذف والزيادة والتقديم والتأخير

 

تبزغُ لا شمس أو لا مصدر سطوع بل مقلتاك سرعان ما يحيد الانزياح بنا نحو السنابل تلك الحامل بأجنة الولادات وغذاء النمو لتُتلى لا لتزرع ولا لتؤكل .. لماذا لأن البزوغ أمر بصري يغتني بالسمعي حيث موسيقا التلاوة

أما سجلات وثائقي دفاتري فهي وطني الذي أسكنه وإن كان حلُميا في رومانسيات الخيال وهي باستمرار أنين موسيقا تتقمص القلوب الكسيرة وأوجاعها

الكثافة والحساسية والجرأة عندما تختزنها طاقات بين السطور

أبعاد جمع الفلسفي بالمعاش اليومي

……………………………………….

……………………………………….

*****************************************************************************

نصوص شعرية

*****************************************************************************

الشاعر حسن أبو قادوس

قراءة نقدية أ.د. تيسير الآلوسي

أنا مظهرُ الكونِ لمّا تبدّى

وسرُّ احتمالاتِه حيثُ ردّا

أقَهْقِهُ في الأمسِ نارًا تلاشى بها أمرُ هذا الزمانِ وأبدى
تراءتْ على الأمنياتِ حياةٌ وصُبَّ عليّ الهوانُ المُفَدّى
يَمرُّ الرّصيفُ عليّ ويرمي     احتضارًا من الأمس، بالرّوحِ هدّا
يصُدّ ويحظى ويحملُ سِرّي فتمشيّ عليه، عليّ لأندى
تميدُ شوارعُها إذ بِساطٌ يُهدهِدُ مَشْيَتَها حيثّ مدّا
ولا تتّقي الحبَّ، تمحو حنينًا تأجّج، والأمسُ عاندَ نَدّا
لأمنيةِ المستحيلِ أُصَلّي بأنْ تستحيلَ الصباباتُ وُدّا
وأنْ يرجعَ العُمرُ غَمْرًا ويهذي وتُوفي الأمانيُّ للحبّ وعدا

 

                               

 

قصيدة للشاعرة هبة أبو ندى

قراءة نقدية أ.د. تيسير الآلوسي

مِن حيثُ تبزغُ مُقلتاك

سنابلٌ تُتلى

وقمحٌ يعرجُ

.

وندًى يسبِّحُ لهفةً

مذ كانت الأضلاعُ

باسمكِ

تلهجُ

.

مكسورةٌ تمشي لكَ

الأبياتُ فوقَ مجازِها

لكنها

تمشي

إليكَ

وتعرُجُ

.

تبكي بلادُ دفاتري

وتئنُّ موسيقى

عليكَ

وتنهَجُ

.

كلُّ الكلامِ هناكَ فيها

جاهزٌ

ومرتبٌ

من ألفِ أغنية مَضَتْ

لكنهُ لا يَخرجُ

.

كيفَ الوصولُ إلى

الغناءِ

وكيفَ نلمسُ

روحَنا

والشوقُ كيفَ

يسيَّجُ؟

.

والطفلُ فينا

كيفَ سوفَ يحبُّ

ثانيةً

ولا يتأجَّجُ؟

.

والقلبُ مثلُ البحرِ

في عصيانهِ لكنْ

بحارُ الأرضِ

تسكنُ

والفؤادُ يظلُّ دونَ

توقفٍ

يتموجُ

.

إني سأدخلُ هذهِ الحربَ

الأخيرةَ

يا انهزامي

والفؤادُ كما ترى

بالياسمينِ

مدجَّجُ

.

من غيمتي تمتدُّ خيطانٌ

من الأشواقِ أفتلها

وتفتِلُني وشمسكَ

تنسجُ

.

هذا الهوى في كلِّ

فوضاهُ انتظارٌ

واثق

ومؤكَّدٌ

وممنهجُ

.

لو أطفؤوا كلَّ النساءِ

العاشقات بكوننا

لصَحَت شظاياهنَّ بِيْ

تتوهَّجُ

.

في الحبِّ تنهمرُ القنابلُ

يسقطُ الشعراءُ قتلى

والنصوص على حوَافِ

 أصابعي تتغنَّجُ!

**********

 

الشاعر منتصر أبو عمرة (التغريدة الفلسطينية)

قراءة نقدية الأستاذة أمل أبو عاضي

لسمائِنا العَطْشى خيالُ سحابةْ                ولخيمةٍ ثكْلى غبارُ ربابةْ

ولقسوةِ المنفى ارتعاشةُ طائرٍ                         ناجى عجوزَ الرِّيحِ دونَ إجابةْ

يا أيّها الغرّيدُ فوقَ ضلوعِنا،                  إنَّا امْتلأنا غُربةً وغَرابةْ

إنَّا عناقيدُ الشَّتاتِ إذا انْتشى                 عَصَرَ القلوبَ، فأوَّلتْ أعنابَهْ

بستانُنا فوقَ الصَّليبِ مُمَدَّدٌ                   عَرَّوا ثراهُ وضاجعُوا أعشابَهْ

فنجانُ قهوتِنا الأخيرُ ضحيّةٌ                  للبردِ، ترشفُ من دِماهُ ذُبابةْ

يا أيُّها الغرِّيدُ، دمْعُكَ حائرٌ                    يتلو عليكَ حضورَهُ وغيابَهْ

في موسمِ الأحزانِ قمحُكَ تائهٌ                 وفراخُكَ الجوعى تلوكُ سرابَهْ

منذُ انقراضِ الغيمِ نبذرُ حزنَنا                 في صوتِ درويشٍ رثى سيَّابَهْ

صدِئتْ حناجرُنا وما من سامعٍ                        لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ الغابةْ

هابيلُ ينزفُ فوقَ صَدرِ قصيدتي              شكَّلتُ من طينِ الحروفِ غُرابَهْ

 

يا أيُّها الغرِّيدُ صوتُكَ كافرٌ            قبضوا عليهِ وصادروا إعرابَهْ

من ريشِكَ المنزوْعِ فوقَ قبورِنا               نسجوا الإلهَ وغلَّقوا أبوابَهْ

بسطوا دِمانا كي يسيرَ مُبَجّلاً         حتى نكونَ نعيمَهُ وعذابَهْ

نَعْرى؛ فنلتحفُ الضَّبابَ ليرتدي               مِنْ بَرْدِ رجفتِنا اليتيمِ ثِيابَهْ

يا أيُّها الغرِّيدُ هَبْنيْ همسةً            ضوئيةَ المعنى تذوبُ صبابةْ

خُذْ من رفاتِ الذِّكرياتِ قصيدةً        وامسحْ عَنِ السَّطْرِ الأخيرِ ضَبابَهْ

واسكبْ بقايا العمرِ في زيتونةٍ        وأعِدْ لعِطْرِ البُرتقالِ شبابَهْ

لا تُطْفئِ المِصباحَ عندَ رحِيلِنا؛                قلبي هناكَ فراشةٌ مُرتابةْ

تهوى الخطيئةَ كي تموتَ شهيدةً      ولكي تُعِيْدَ إلى الصَّوابِ صوابَهْ

لا تسألِ المنفيَّ عَنْ أوجاعِهِ          يكفي السُّؤالُ بأنْ يكونَ إجابةْ

من حكمةِ الكلماتِ أنْ تفنى سُدًى    فتموتُ صمتاً أو تموتُ كتابةْ

من حكمةِ الأوجاعِ أنْ ترقى بنا               فاطرقْ سماءَ اللهِ دونَ كآبةْ

 

الشاعرة هبة أبو ندى

مطرٌ مراهق

قراءة نقدية الأستاذ خليل نصّار

بــلا كـللٍ تـسيرُ إلـى فـؤادي            سـمـاويًا بـمـختلفِ الـطـرائِقْ

وحـيـثُ تـسيرُ يـنمو فـيَّ وردٌ          لـكثرةِ مـا بـقلبكَ مـن حدائِقْ

لــروحــكَ فــطــرةٌ ألَّا نــراهــا             سـوى ضـوءٍ يـعانَقُ أو يـعانِقْ

ومــن عـيـنيكَ تـنعقدُ الـوصايا          وفـيـها تـلـتقي كـلُّ الـحقائِقْ

فـماذا قـد نـسمِّي الـماءَ حقَّا           إذا انـطفأت ببسمتكَ الحرائِقْ

يقولُ القلبُ: هلَّا كنتَ طفلي          وغـايـةُ مــا يـريـدُ بـأن تـوافِقْ

وهــلَّا كـنتَ عـطرًا لـيسَ فـذَّا            وهـلَّا كـنتَ نجمًا غير شاهِقْ

تـعـالَ إلـى مـواسمِ أُمـنياتي             بـما أخـفيتَ من مطر مراهِقْ

تـخلَّى عـن غـرورك لـو قـليلًا          وكـن ولمرِّةٍ في الحب صادِقْ

تـخـافُ أنــا أخـافُ وذاكَ طـبعٌ          قـديمٌ في حقيقةِ كلِّ عاشِقْ

أَجَـــلُّ قـصـيدة كُـتِـبت بـبـحرٍ            بـهـا قَـلَـق وشـاعـرةٌ وغـارِقْ

نــذوبُ بـهـا مـجـازًا سـرمـديًا            ونـلغي بـاسمها كـلَّ الفوارِقْ

 

مجموعة قصائد

سمية عصام وادي

قراءة نقدية د. خليل قطناني

ما تبقى لنا

(في ميلاد السرد العربي غسان كنفاني)

بين عينيكَ اللامكانُ تَماهى        في يديكَ استحالَ جدبٌ مياها

كلُّ وقتٍ عدا رؤاكَ إليهِ              قد تَلاشى ولمْ نعرْه انتباها

كل أرضٍ عدا خُطاك عليها          سقطُ ليلٍ من الضياع أتاها

صوتُ ميلادكَ الهوى، وصلاةٌ               لغدٍ ضلّلَ العيون وتاها

يومَها كلُّ أرضِ مجدٍ تمنَّتْ          أن تُيَتَّمَ كي تصيرَ أباها

كم لآفاقِ حدسكَ امتدَّ بُعدٌ           فحسبناكَ في الخيالِ إلها

عالمُ الرواياتِ ما فيه إلا            أنتَ… والآخرون كانوا اشتبِاها

يا نبيًّا لم يسترحْ مذْ تجلّى          يبعثُ الريحَ في السكونِ تِجاها

يا جداراً كم دقّنا فالتفَتنا             وعناوينَ أرشدت من تلاها

بيتُنا فلسطين قبلكَ ظلٌّ              ترقب الضوءَ، حينَ كنتَ،، أتاها

يشتهي البدءُ أن تكون انتهاهُ       تشتهي النهاياتُ منك ابتداها

 

 

هدوءٌ أثناء العاصفة

ليس وجهيَ هذا الذي تلمحون أمام المرايا خيالَهْ

ليس صوتي الذي تبصرون على طرقِ الذكرياتِ انسياله

ليس وزني الذي قد يزيد عن الستين قليلا

ولا قامتي حين يمثل ظليَ مترًا وخمسًا وستين

ليس ما في سجلّ حياتي

سوى أحجياتٍ تزيد الأمور غموضاً

وليس لديَّ اعتراف أقدّمه لأكون أنا

أنا ببساطةْ

ودون تكلّفْ

كيانٌ مزيَّفْ

يحاكي حقيقته الغائبةْ

ويسقي تطلُّعه الأزليَّ لتورقَ أحلامه الذائبةْ

أنا مفرداتي التي تمتطيني

أنا أمنياتي التي تحتويني

وصوت انبعاث الحياةِ إذا تمتم الليل في عنقي

وأباح دخول النجومِ إلى كهفِ صمتي المعنّى

وجرحٌ إذا لعبت فيه قيثارةُ الملحِ غنّى

ربّما أتمشّى على قلقي لأصير الثبات

ربّما أتدلّى مع العنبِ المتشابِك حين يعانقُ كلّ الجهاتْ

ربما أستعدُّ لطقس الحياةِ الملوّن بالعثراتْ

لا أجيد اكتمالي،

أنا وجه ضعفي!

لا أحبّ الصمودَ

أنا بنت خوفي

كلما دار قلبي حول خطوط المقدّس من زمني

كلّفته المسافة جرحاً جديدًا

وكم مرةٍ جمعته المقادير بالعارفين

وعاد وحيدا!؟

 يداري الكثير ويبدي القليل،

ومع ذبذبات السكون العنيدة

تسيل العناوين منه

فتنمو على جانبيّ الطريقِ قصيدة

أنا الآن أكبر مما ترون وأصغر مما ترون

سديمٌ يشكّله الحبّ ناياً يغني لتهدأ هذي المجرة

ونقطة معنى يهيم بها باحثٌ عن كمال الحقيقة

ولا شيء أو كل شيءْ

لا يريد الوصول يريد الحقيقة

لا يريد الطريق يريد الطريقة!!

 

 

هادئٌ لا يهدأ

القمح في خدّيكَ أطول سنبلةْ          واللوزُ في عينيكَ أعنف قنبلةْ

العابرون على دماكَ مراحلٌ            ودماك تعبرهم وتنهي المرحلةْ

لا شيءَ يُعطي السنديانَ جماله       إلا التفاتَك نحوَه لتجمّله ..

وردٌ من الأشواك،، صرخةُ هادئٍ      وبقلبك اجتمع التصبّر والولهْ

قدماك أشرعةٌ، يداكَ منارةٌ             شفتاك أجوبةٌ، وصمتك أسئلة

كتفاك عاليتان، صدرك عاشقٌ         وهواك سكينٌ، وروحك مذهلة

الجــاذبيـــةُ فيـــك أنك متعــبٌ            وتمارس الإغراء تحت المقصلة

والحلو فيك إذا التفتَّ لفكرةٍ            أربكتَها وبنيت فيها الأخيلة!

لو ضمّك المعنى الأخير لركبهِ         يتفكّك المعنى لتصبح أولَه …

لا عيبَ فيك سوى اكتمالك، والذي    كملت رجولته، الدنا لن تقبلَه!

فاصعد وحيداً نحو غيمِ عذابنا        لتحرّرَ المطرَ البعيدَ وتُنزله !!

ما أجمل الرجل الذي اختتمت به      بلدي فصولَ جراحها، ما أجمله!

 ******************************************

 

***************************************************************************************************************************************************************************************************************************************

ألواح سومرية معاصرةإذ تنشر مثل هذه الموضوعات والمعالجات وما تتناوله فإنها تتطلع لتداخلات وتفاعلات بكل اتجاهاتها من القارئات والقراء وفضل رؤاهن ورؤاهم جميعاً، كي نُعلي معاً من مكان ومكانة حملات التنوير ونشر خطاب الثقافة المتفتح بقيم التسامح والأنسنة.. ولنمنع ضخ التخلف ومنطق الخرافة في الذهنية العامة كما تحاول فعله قوى الظلام فنستعيد منطق التحضر والعقل العلمي في المنجز 

*****************************************************************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *