التنوير واشكاليات التنمية البشرية

التنوير واشكاليات التنمية البشرية: ندوة ثقافية تنويرية ركزت على دور العقل العلمي في بناء الفرد والمجتمع ودفع حركة التطور والتنمية البشرية إلى أمام تلبية لشروط التغيير وإنهاء التشوهات البنيوية في مجتمعاتنا المنكوبة بتعقيدات الصراع الراهن.. التنوير ليس حصرا بطيف فكري أو سياسي ولكنه انفتاح العقل العلمي على ألوان الطيف الإنساني لتحرير البشرية ووضعها بطريق البناء والتنمية.. ومن هنا أتفاعل مع مختلف المجموعات لعلي أساهم ولو بتواضع الجهد، في خلق حوار موضوعي، مفتوح؛ يعزز الأنسنة وإنجازها البنيوي لغد أفضل..

هدير الشعوب وحركة الإنسانية وأنوارها يمضي على الرغم من عراقيل اختلاق أكاذيب تقسيم البشرية بين ضفاف متصارعة محتربة فيما الأصل فيها يجسده التعايش السلمي وقبول الآخر واحترام التنوع.. فمرحى بحوار يستند للعقل العلمي ونهجه ومنطقه وفلسفته

التنوير وإشكاليات التنمية البشرية

 

تحية بُعيد ندوتي وإياكم، امتنان لحضوركن وحضوركم البهي وإلى لقاءات جديدة في حوارات تنويرية أخرى

أتقدم منكنَّ ومنكم جميعا وكافة باختلاف المشارب والمذاهب الفكرية السياسية ومنطق الحوار والتعبير بكبير التقدير والاعتزاز ولقد شرفتُ بحضوركن وحضوركم بإشارات الدعم والتحية أم بالتداخل والتفاعل وبإبداء الملاحظة والاستفهام والتساؤل.. إن إدامة اشتغلاتكن واشتغلاتكم تعني تقدمنا معا نحو صنع عالم جديد عالم الأنسنة وتقدمها وانفتاحها على الحقوق والحريات ومستقبل تقرر الشعوب مصيرها بوعيها وأنواره وقدراتها الذاتية المؤثرة المشرقة الهبية .. أؤكد سعادتي بحضور كل تلك المئات البهية وأثق أننا معا وسويا (فقط) نستطيع الوصول إلى جمهورنا الحقيقي بتنوعات وجوده وتعدديته… محبة وتقدير وانحناءة لأحبتي رفيقاتي رفاقي وصديقاتي أصدقائي جميعا بطريق التنوير وانعتاق الإنسان .. باقات ورود من بساتين المحبة التي زرعتها وتزرعها شعوبنا مثمرة بالخير

تيسير 

لم نشهد لحظةً كالتي يمر بها العراق ومجمل منطقة الشرق الأوسط، لحظة تستدعي سؤالاً كالذي نطرحه اليوم هنا بعنوان أو اصطلاح: لمعالجة مفهوم التنوير ودوره في التنمية البشرية.. ولعل فحصًا ومساءلة ومراجعة، لهذه المسألة بكل إشكالياتها باتت جد متأخرة في حساب المعاصرة الزمنية والمعاصرة الأبستمولوجية في وقت تتلظى نيران حرائق أشعلتها حروب وحشية عبثية اصطنعتها صراعات اختلاق الخنادق والجبهات الطائفية وغيرها مما اجترَّ ويجتر الماضويات بمنظومة النزاعات المحتدمة المتضخمة بالعدمية  المنتجة للظلام فضاءً يلف الإنسان صانعاً بيئته اليوم ويُسيل الدمَ أنهارا وبحارا صانعاً طوفان غرقه في لججها، فتعميه عن رؤية واقعه وبدائل الحل لمشكلاته..  

تلكم هي

ضرورة الحديث عن (((التنوير))) وحركته الفلسفية والاجتماسياسية اليوم بالإشارة إلى النخبة التي ينبغي ان تتحدث في هذا الإطار تلك النخبة التي جرتها ضغوط الواقع وعنفه إلى خطاب سياسي مشوّه مبتور يُغرِق  الثقافي أو يرفضه أولويته وينحيه ولن أقول يحيده لأنني أقصد أنه يلغيه ويمحو أثره

 فالتنوير على حد مقولة لكانط: هو ابتعاد الإنسان عن انتفاء النضج الذاتي أو عن انعدامه. وعدم النضج الذاتي هذا يعود حسب كانط أيضا إلى عزلة الفرد التي تجعله يعتاد تلك السمة أي سمة عدم النضج حيث غفلة المرء تجاه ما يقع عليه.. أما تعريف عدم النضج فستجسده حالة الفشل باستخدام الذكاء الشخصي أو أنه لا يستخدم عقله إلا عند توجيه الآخرين له وقولبتهم إياه في مناحي واشتراطات على طريقة الإحالة لمرجعية لا تسمح بمناقشتها.. وفسحتها الوحيدة أن تردد اذهب أنت وربك وها أنا ذا أنفذ لك طبعا أما لكسل أو لجبن وأنا أستخدم اليوم لتكاسل أو خشية.. هنا لا وجود للعقل النقدي

ونقصد بالعقل النقدي ما يتجاوز إدمان القراءة التي لا تمدنا إلا بالمعلومة حياديا [لغة امتلاك معلومات تُسعف في حدود أداء مهمة بصورة روتينية] بينما إعمال العقل نقديا يعني التفكير الذي يمدنا بثقافة الفعل والبناء أو كما يقول جون لوك التفكير يجعلنا نملك ما نقرأ ما يوحي بأنه يمنحنا قدرة إعادة الإنتاج الإبداعي بعد المساءلة النقدية…

إن موقع العقل العلمي والفكر النقدي يمنح الشخصية قوتها في مجابهة مخرجات الفشل ليحول إلى تجاريب مفيدة ويتقدم نحو الفعل فيما الخاوي سيستجدي معونات أو صدقات تبقي على عبوديته واستغلاله وابتزازه وفرص تصفيته بلا من يأسف عليه حتى هو ذاته لا يملك مواساة ذاته ولذلك فهو يفضل المشي مع القطيع..

وتنويريا قال سبينوزا ق17 أكثر الدول حرية تلك التي تعتمد قوانينها على العقل السليم واي عقل سليم ذاك الذي ينتظر توجيهه من آخر يأخذ منه من دون جدل أو مناقشة نقدية!؟ إن من يجهل الحتمية التي يخضع لها يتوهم أنه حر فيما الحقيقة هو كما الحجر الذي يسقط بحتمية قانون الجاذبية يتوهم الحرية وهو محكوم بتلك الحتمية فأي حرية لإنسان لا يدرك ما يخضع له والأدهى يبرر لخضوعه بأنه يلبي (إيمانه وقناعته بمرجع) ينوب عنه بإعمال ما يسميه العقل بدل الحقيقة التي تؤكد إعماله قوانين وحتميات إدامة منظومة التخلف والتجهيل بقصد إدامة الاستغلال ومنع التنمية البشرية لمنع التنمية الأبعد والأشمل بفروعها الاقتصا اجتماعية والسياسية والسوسيوثقافية هنا لا مجال للجدل وحتى إن سُمِح به فبعده لا يسمح باستنتاج بل بتنفيذ فقط لا غير…

عندما يمتنع الجدل فالعقد الاجتماعي يقوم على مصادرة المجتمع ووصاية المرجع سلطة دينية مذهبية أو سياسية أو اجتماعية لاحظ الموقف من المرأة ومن الطبقات المسحوقة ومن يُصدر الأمر الوحيد غير القابل للجدل بخلاف كل ذلك التنوير يعني الحرية والقدرة على التعلم والفهم والجدل ….

إنه بخلاف التنوير فإن من يستطيع دفعك للإيمان بالسخافات والخرافات كما يقول فولتير يستطيع أن يدفعك لارتكاب لا الحماقات حسب بل والفظائع بحق نفسك وبحق الغير..

فإذا كان التنوير قد اتضح ببعض معالمه بهذه المقولات بالاستناد لتوافر الحرية والشجاعة والجرأة والاحتكام للعقل العلمي وإعماله في إنتاج جدلي لثقافة الأنسنة فإن ربطه بالتنمية البشرية سيتضح بعيد التعرف لمعاني التنمية وجوهرها

فالتنمية أو ما نقصد به لغةً من زيادة لثروة مادية و\أو معنوية ونماء ووفرة وتكثير أو مضاعفة في أمر بمعنى تحقيق مخرجات إيجابية مضافة؛  تمثل اصطلاحاً: توكيد النهوض بالفرد و\أو المجموعة ودفعهما لتحقيق الرفاهية في هدف يركز عليه طرف أو آخر.. والتنمية بهذا المعنى هي تغيير (إرادي) موجَّه بمحور من محاور التطور اجتماعياً، اقتصادياً أو سياسيا بما يغير الوضع الراهن إلى وضع مستهدف يتم فيه أفضل ما متاح من استثمار الموارد والطاقات بوضع كل أمر أو كفاءة مناسبة في المكان المناسب..

إنَّ إحداث هذه (التنمية) أو ما فسرناه بإحداث التغيير بوساطة التنوير؛ إنما يعتمد جوهرياً وبالأساس على جهد الفرد تجاه نفسه وبيئته وفي المستوى الجمعي يعتمد على مشاركة أغلب أفراد المجتمع بأنفسهم؛ أيّ الاعتماد على إنجازية جهودهم وهو ما سيخضع على مستوى الذات الفردي \ الجمعي في الأداء بما يعكس ويجسد قوة الشخصية أو ضعف استعدادها وجاهزيتها بما سنركز فيه على التنمية البشرية

وهكذا فالتنمية اصطلاحاً؛ مرتبطة بصورة دائمة بتغييرات جوهرية في بنية الوجود  المؤسسي أي منهجها وقدراتها وهويتها وليس بالتأكيد ما يقتصر على مخرجاتها.. فالتنمية ليست مجرد (نمو) الدخل أو ما يرد ريعياً أو لسبب ما يتوافر أو يرد لسبب خارجي إطاري آخر بل هي [أي التنمية] ما يجسد من ينهض بها ومستواه وهوية شخصيته.. وهنا نتأكد من الفارق بين (تنمية ونمو)، فالأولى تؤثر في الفرد \ الإنسان وتفرض وجوبا إعادة بنائه وتشكيل وعيه فيما النمو قد يأتي سلبيا من واردات قابلة للنضوب بأي وقت وفي أي ظرف أو عثرة..

[وقفة للإشارة إلى النفط عراقيا دع عنك الغاز المحروق اليوم وثروات أخرى مهدورة راهنيا ] 

إذن فـ

التنمية تستلزم فعلاً واعيا ينشأ عن مشاركة الفاعل فرديا جمعيا بخلاف النمو أو الزيادة الكمية الناجمة عن أسباب خارجة عن فعل المجتمع وأعضائه

أذكّر بأن العراق حظي بتسلسل بحدود تقارب 85 من بين 170 بالدخل لكن ما نفع ذلك أو مردوده على أفراد المجتمع العراقي؟

 

في ضوء ذلك فإنّ تنمية المجتمعات هي عملية (شاملة) تتضمن: الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي، الثقافي والإداري القانوني وعليه كان لها محاور وأنماط أو أنواع هي:

  1. التنمية الاقتصاديّة: وهدفها تفعيل أعضاء المجتمع في أداء  العمل، وزيادة الإنتاج، بصورة تنبع من إيمان وقناعة وضمير حي، يحرص على المصلحة الجمعية المشتركة.
  2. التنمية الاجتماعيّة: وهدفها ضمان الاستقرار والأمن والأمان مجتمعياً عبر تفعيل المشتركات والأنشطة التضامنية وإيثار الآخر واحترام حال التنوع..[الافتقاد عراقيا حيث تتعالى نبرات شوفينية بمجرد العزف على ترحيل مشكلات الاقتصاد من طرف على آخر فيما يُخلى سبيل من ينهب الثروة فعليا…..كورد إيزيدي مندائي مرأة رجل…]
  3. التنمية السياسيّة: بهدف إشراك أكبر نسبة من المجتمع في إدارة خيار نهج الدولة وتوجيه برامج العمل في صنع القرار العام. هوية اللعبة السياسية في إعادة إنتاج النظام باستبدال وجوه [[تركيز على النيل من اسم يجري لاحقا تهريبه من حتى ما يقع عليه من عقاب  وإنهاء لعبة تحميله وزر اللعبة ليجري إحلال آخر يتم تكريس النظام به]]
  4. التنمية الثقافيّة: بهدف تعزيز الاتجاه التنويري في الغذاء الثقافي بما يتبنى العقل العلمي يمنحه القدرات والكفاءة والدربة عبر التعليم والتثقيف و\أو محاربة الأميتين.

إنّ تحقيق التنمية أو التغيير  يحدث بدءاً في البنية الأساس للمجتمع. وذلك بصورة ممنهجة وفعل يلتزم التخطيط بما لا يتحقق من دون تحديد الأهداف الرئيسة والفرعية بأسلوب علمي منظم يقوم على استثمار الموارد البشريّة والماديّة المتاحة لتلبية المخرجات المستهدفة.

هنا سنحتاج إلى كفاءة تخطيط وكفاءة إدارة وتنفيذ ونظرة شاملة تجمع كل الطاقات بتضافر بنيوي بما يحقق الهدف بأفضل السبل.[[أين الإحصاء؟ كيف يمكن قراءة الأمور بدقة وموضوعية إن لم تتوافر الأرقام؟]]

بهذا نؤكد ما اشرنا إليه من أنّ التنمية لا تعني حجم الثروة الطبيعية مثلا ومردودها الريعي لأن الأصل معالجة الاختلال (البنيوي) الاقتصادي منه والاجتماعي وتحقيق عدالة توزيع الثروة بدءاً بين التشغيلي والاستثماري بما لا يجور على الجيل وبين طبقة وأخرى بما لا يوجِد طبقة كربتوقراط وطبقات فقيرة حيث تتسع الأخيرة بخلفية انهيار ميزان العدالة وسحق الطبقة المتوسطة وتعمّق الاستقطاب الطبقي بمسميات تضليلية..

كمسمى طبقة العاطلين من ناهبي الثروة من المافيات كيف تنشر منطق الخرافة ضد منطق التنوير ووعي العقل العلمي وحذاقته إذ معاناة الفقر تزيد من جرعات الاستسلام مقابل ما يثيره العقل والوعي الفردي والجمعي من طاقة الاعتراض والبحث عن تحقيق حلول بديلة مع إحالة صريحة لإشكالية التنمية البشرية اعتمادا على العنصر البشري أولا وتأسيسا وهو ما نريد البحث التمعن فيه أكثر

إن قضية الوعي بالتنمية غير متاح وغير ممكن من دون أن يستند إلى حركة تنوير حقيقية تستطيع أن:

  1. تغير في الارتباط الداخلي من هوية العلاقات في المجتمع وتعيد للنخبة المثقفة مرجعيتها وارتباط المجتمع بخياراتها فتكسر دور الفئات النفعية الكسولة غير المنتجة مثل تضخم طبقة الكربتوقراط بعناصر تسمى رجال دين من تلك التي تتلفع بالعمة والجلباب، طبقة اللصوص…
  2. حركة تنوير تضيء على إشكالية كشف مخاطر الارتباط الخارجي القائم على الارتهان في العلاقة بين دولة نامية وأخرى متقدمة أشير هنا إلى نموذج الارتباط بـ صندوق النقد والبنك الدولي وشروطهما التي تفرض الإذعان والتبعية والارتهان الأبدي
  3. كما لا ننسى أن التنوير سيكشف لنا حال التلاعب والمراوغة مما يستغل مسخ أو تشويه قراءة إشكاليتين بأخذ  وجهٍ أحادي من كل إشكالية بصيغة المشكلة لا المسألة أو القضية وسنجد إشكاليتي: التحقيب الزمني والتحقيب الأبيستمولوجي للفكر الإنساني بما يحيل إلى منطق أو فلسفة استدعاء و\أو اجترار الماضوي الذي يتم بوساطة إسقاط القدسية والعصمة والأبدية على مادته المنقرضة حتى منها تلك التي كانت حية في بيئتها وظرفها الزمني فيما التحقيب الأبستمولوجي سيتم ولوجه بطريقة تأويلية مشوهة تبتسر أو تقطع ما يكمّل أو يتم الفكرة..

وددت التوكيد وأنا أتابع هذه الومضات على أنني أستخدم اصطلاح (إشكالية) بما يفضي إلى توكيد وجود (قضية) كما لاحظتم من سياق اشتغالي هنا فمعادلة قضية بإشكالية يتم بما تمتلكه من طابع وسمات أو هوية؛ حيث تمتلك الإشكالية، هنا أية إشكالية، وجهين، أحدهما ما يكشف فيها من صدق فيما يكشف الآخر ما فيها من كذب؛ ليتولد التناقض في (القضية) \\ (الإشكالية) أو ليقال بصورة أخرى إن كل إشكالية تحمل تناقضها في داخلها..

ومن هنا فنحن نقرأ التنمية بوصفها إشكالية تتطلب بل تعني اتجاهاً إيجابيا تزيح في تقدمها إلى أمام أو إلى الهدف ما يعترضها من عراقيل وفي التنوير وفي أية إشكالية أخرى تبقى وحدة الأضداد [التناقض المشار إليه هنا] سببا في الحركة لكن تلك الحركة ستكون إلى أمام بخيار وإلى الخلف بخيار آخر وما يحسم أي الخيارين هو مستوى التنوير من عدمه لدى الوجود الفردي و\أو الجمعي وقدرات الخيار الإيجابي على ممارسة التحدي والتقدم بمجابهة ضغوط الواقع التي عادة ما تستغل العنف في قمع العقل العلمي وتنويريته…

ولهذا السبب أجاب الفيلسوف الإنساني العظيم كانط  عن سؤال: ما التنوير؟ 1784 بقوله ما معناه:  أن تمتلك الجرأة والشجاعة في إعمال عقلك

فالشائع تختزله مقولة ابعد عن الشر وغنيله!!!

إذ أننا هنا سنجابه الخشية من (المقدس)؛ تلك الخشية التي تسبب بها ما اصطنعه التأويل الذي أراده الغزالي في تفسيراته الأمر الذي رد عليه ابن رشد فكان في ذاك الحوار بين التنويري والظلامي مؤلفات  في تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت وانطلاق مقولات التنوير على ألسنة فلاسفته حيث خرجت الإنسانية من ظلمتها في ضوء مخرجات أو معطيات فلسفة التنوير الوليدة آنذاك باعتمادها العقل العلمي حسما للمعركة التي ظلت تلح على إشاعة الخرافة وإحالة الروحي إلى قيود وأصفاد تعطل العقل لتمرر جرائم منظومتها

فأين سنجد أزمة العقل في يومنا، سواء الإنساني أو العربي شرق الأوسطي والعراقي منه في إطار إشكالية التنوير وما توصلت إليه؟

لقد أشرنا للتو إلى مقولة كانط في ((إعمال العقل بشجاعة وجرأة)) لكننا سنجد من أن تلك الشجاعة وما يلازمها من ضرورة لوجود الجرأة قد تراجعت لجملة أسباب منها:

  1. تغييب العقل (العلمي) فأولا يطال التغييب المنهج العلمي للتفكير ويندفع أكثر ليطال العقل نفسه وإحالته إلى مجرد متلقٍ سلبي مخدّر أو معطَّل..
  2. من التغييب حجب الاتصال بأصحاب العقول أو حتى تصفيتهم الجسدية أو إبعادهم عن أماكنهم وتسقيط مكانتهم.. [من يدير المؤسسة!؟ جهلة باسم التدين والجلباب]
  3. ومن التغييب تقديم فلاسفة التنوير من دون نهج توكيدهم على العقل وأولويته كما يحصل بتقديم ابن رشد وحواراته على أنها مجرد خطاب ذي نبرة انفعالية لتجنيب فضح انكسار (الأصولية الدينية ومنطق التأويلات الظلامية وما غذَّى الخرافة والتخلف!) باعتماد تجميد النصوص ومنحها (مطلق) الصواب والعصمة على حساب رؤى العقل لحركة الواقع..
  4. سطوة العنف والانفعال بتخريب السلم الأهلي وأي شكل للاستقرار والأمن أي سطوة الاحتراب على حساب التفاهم والتعايش بإرادة العقل ومنطقه أو نهجه العلمي.. [الميليشيات، العنف الأسري]
  5. سطوة منطق الخرافة بمسمى رجال دين يسقطون القدسية على أفعالهم وأقوالهم بضمنها مالا يقره لا عقل ولا أخلاق….

لقد تعرضت التنمية لانتكاسات في أجواء سطوة التخلف والجهل وسوء الإدارة لكن بديل الأمم المتحدة بات أكثر دقة بمحاولة لتجاوز التجاريب التي مرت بها أغلب الدول النامية حيث قررت أن التنمية هي: “تنمية الناس من أجل الناس وبوساطتهم أي بالناس”

الأمر الذي تطلب التركيز في التنمية على الأس البشري فيها حيث لا تنمية من دون:

  1. الصحة أمراض حادة، مزمنة، خَلْقية، نفسية صدمات الهزات الراديكالية اجتماعية علاقات أسرية الهجرة المخدرات
  2. التعليم نسبة التعليم والتسرب ومخرجاته الفعلية
  3. الدربة والمهارة

من جهة ثانية إلزام تحقيق:

  1. التوزيع العادل للثروة ومعالجة مشكلة الفقر باستئصالها كليا.
  2. مساهمة الأفراد في مجمل عملية التنمية

ولمعالجة مقدمات إشكاليات التنمية البشرية كان لابد من النظر في مشكلات:

  1. البنية التحتية صناعة وزراعة وركائز استراتيجية وما تعرضت له من تخريب
  2. التعليم والصحة والخدمات النوعية الأساس وما تكتنفه من علامات انهيار كما في الأميتين الأبجدية والحضارية وانهيار التعليم ومستوياته والتلوث بأشكاله البيئية المناخية وغيرها \ التلوث الإشعاعي
  3. منظومة القيم الثقافية المعرفية والسلوكية وما نراه من معضلات السلبية والاحباط والانكسار والخضوع لمثالب المخدرات…

وفي ضوء ذلك تولد رؤيتنا لمجابهة تخريب رأس المال البشري.. دعونا نرصد ملامح شخصية الفقير في ضوء تعريف الفقر وقبله وبعده الفقر المدقع تلك الشخصية التي تعاني من:

  1. اقتصاديا عدم القدرة على تحقيق ما يمكّنها من حياة حرة كريمة بمعنى عدم توافر المال للغذاء والدواء والماء وفضاء السكن ووقوعه بامتهان الكرامة وفرص الاستغلال والابتزاز..
  2. أما سياسيا فينحجب على الفقير قدرة المشاركة السياسية الحرة والحصول على حقوق الإنسان أو الحريات الأساس
  3. فيما سوسيوثقافيا يحتجب منطق المشاركة الاجتماعية وإنتاج ثقافة العمل التي تربطه بالبيئة التي ينتمي إليها……….. لا سينما لا مسرح لا نقابات وجمعيات أدبية أو ثقافية هي بالمحصلة ليست أكثر من حالات عرجاء بأفضل صورها أو تشوهات شكلية تحاول تفويت الفرص بصيغ السماح بها فعليا الرسمي وغير الرسمي من الجمعيات والنقابات

 يقول فولتير الجهة التي تتحكم بحياتك هي تلك التي لا يُسمح لك بانتقادها ونحن ندرك ونلمس في محيطنا كيف ومن يجري (حظر) انتقادهم سواء بذريعة دينية أم اجتماعية أم سياسية ومتى تم حظر النقد بأمر كان ذاك الأمر خطيئة ظالمة تضطهد وجودنا وتصادر حقوقنا وتعلن ابتزازنا ومصادرتنا لمآرب طرف يُفترض أن نتساوى في العيش معه بوقت يتأكد منطق امتناع الكرامة والحرية الإنسانية على الامتهان…

فلتزهو حركة التنوير والتغيير سببا موضوعيا للتنمية البشرية بمعنى تحقيق الحرية في الاختيار وإنهاء  زمن الخرافة وظلامها الذي يلف العقل فيستعبد الإنسان ويبتزه ويستغله ويعطل بناء شخصيته وبيئته..

***************************

 

للانتقال إلى رابط الندوة في فيس بوك يرجى التفضل بالشغط هنا

***************************

المعالجة بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن تفضل بالضغط هنا  

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *