العدالة الانتقالية في العراق!!؟

في قناة زاكروس ركزت حلقة برنامج ملفات ساخنة للإعلامي فلاح الفضلي على موضوعة (العدالة الانتقالية) من بوابة توضيح مجرياتها الفعلية.. هل كانت عراقياً، متسقة مع تعريفها ومنظومتها القيمية أم تناقضت معه؟ وما الثغرات الخطيرة التي تكتنف الحديث عن العدالة الانتقالية في (لادولة) عراقية أو بعبارة أخرى في الدولة الأكثر فشلا كما يشخصها الرصد الأممي وإحصاءاته

هل من فرصة حقة لوجود العدالة الانتقالية في العراق!!؟

في قناة زاكروس ركزت حلقة برنامج ملفات ساخنة للإعلامي فلاح الفضلي على موضوعة (العدالة الانتقالية) من بوابة توضيح مجرياتها الفعلية.. هل كانت عراقياً، متسقة مع تعريفها ومنظومتها القيمية أم تناقضت معه؟ وما الثغرات الخطيرة التي تكتنف الحديث عن العدالة الانتقالية في (لادولة) عراقية أو بعبارة أخرى في الدولة الأكثر فشلا، كما يشخصها الرصد الأممي وإحصاءاته

ومبدئيا غطى الضيف المتحدث في الاستوديو القراءة الكوردستانية، بوقت وافر في البرنامج استطاع فيه أن يقدم تصوراً كافٍ نسبيا؛ فيما حاول الضيف من بغداد تغطية الموضوع بتوضيح ما أصاب [العدالة الانتقالية] من شروخ المفهوم سواء ببغداد أم في مجمل المنطقة العربية من العراق؛ الأمر الذي يتطلب مزيد تغطية ملموسة .. من جهتي اضع هنا ما كان سيكون أكثر وضوحا في التلقي بظروف ((ضبط التقنيات)) الهندسية في نقل ((الصوت)) لمشاركتي المتواضعة التي أرجو التفضل بالاطلاع على جانبٍ ضاف منها هنا بصورة مفرّغة بنص مكتوب مقروء:

بدءاً لابد من التوكيد أنَّ ما يحيلنا لموضوع العدالة الانتقالية وافتراض تطبيقها عراقياً هو الانتقال الراديكالي الذي جرى في العراق غب 2003؛ من نظام سياسي مركزي انتهج القمع السياسي وخطاب الدكتاتورية وطغيانها إلى وضع ارتهن لوضعين جديدين:

  1. أولهما ما حدث من محاصرة تطلعات الشعب في محاولته بناء دولة ديموقراطية فوُضِعت تطلعاته تلك بمنطقة الحلم البعيد!؟
  2. وثانيهما تكريس ظاهرتي انهيار الدولة بديلا واحتواء مخرجاتها من قوى مافيوميليشياوية مثلت حصان طروادة بهوية تقمصت الدور أو الشخصية العراقية وتجلببت بجلابيب الملالي والقدسية الزائفة تمريرا لغايا ومآرب غير عراقية بكل تفاصيلها..

من هنا التبست ظروف اللقاء بالعدالة الانتقالية أو جرى ابتعاد الأداء عن مهمة تحقيق جوهرها بتعريفه الدقيق، وتعريفها المحدّد الدقيق كما تعارفت عليه أنشطة أممية بتوثيق صيغ التعرف إلى تلك المهام وآلياتها وهو ما سنوضحه في أدناه…

إذ نظر الاتفاق الأممي للتعريف بما أكَّد ويؤكد أن العدالة الانتقالية: هي مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية التي تقوم بتطبيقها أية دولة من أجل معالجة ما ورثته من (انتهاكات جسيمة) لحقوق الإنسان بوقت سابق؛ وأنها تتخذ تلك التدابير مؤقتاً لحين إعادة الاستقرار وإنهاء الانتهاكات بما يلبي كون تلك التدابير ملزَمة بضمان أداءها السليم في إطار محاور إنجازها من قبيل:

  1. فحوى الملاحقات القضائية ونهجها.
  2. لجان الحقيقة ومخرجات أعمالها.
  3. برامج جبر الضرر وهويتها.
  4. متنوّع إجراءات إصلاح المؤسسات بإطار استعادة بناء الدولة بسلامة.

إذا كان النظر للعدالة الانتقالية كما في أعلاه، سينصبُّ على ما أشرنا إليه؛ فإنَّ (جذرية المساءلة) و(دقة الأداء  وسلامته)، هي التي كان يمكن أن تأتي جبراً لـ(ضررٍ) أصاب الضحايا واعترافاً بكرامتهم بوصفهم مواطنين بشراً بكامل الاستحقاق الذي يمكنه أن يُنهي ظواهر مثل (تجاهل الانتهاكات أو التساهل بها حد إفلات المجرمين من العقاب)، ونقول (كان يمكن أن تأتي جبرا لضرر)لأن ذلك لم يشهده الشعب العراقي؛ لجملة أسباب دعت إلى ثورة حراكه السلمي عليها [أي على تلك الأسباب] بوقت لاحق؛ وذلك لتعديل أو تغيير الأسباب التي منعت من تطبيق  ليس العدالة الانتقالية وحدها بل وقضايا إنصاف وسلامة مسار بنيوي أخرى كثيرة!

وبالمناسبة فإن تأخر الرد الشعبي من أجل التغيير، جاء بعد ممارسة عدد من الانتفاضات؛ أخذ بممارستها الخبرة من جهة وفي تبيّن الحقيقة وفضح تلاعب السلطة التي قطع الشعب علاقته بها بأغلب قوى حراكه الواعية المدركة  لاحقا.. ولو أن قرار قطع الشعب لعلاقته بسلطة الخراب والإررهاب وبأباطيل أضاليلها التي افتضحت بعد طمطمة جاء متأخرا إلا أنه جاء واضحا متكامل الرؤية والنهج !

ودعوني بهذه المعالجة الموجزة التي أقترحها عليكم [بسبب خلل تقني حجب ما قدمتُهُ في اللقاء المتلفز] دعوني أقدم تصوراً للعدالة الانتقالية عبر ما يقابلها واقعيا في عراق ما بعد 2003 ولو بإيجاز قد يكون مخلا لهول وحجم ما وقع فعليا وهو يستمر بكل كوارث حدوثه على حساب الشعب وكاهله:

  1. فالعدالة الانتقالية افتراضا طبعاً، تسعى إلى إنشاء قوة (مؤسسية) للمساءلة بقصد استعادة الثقة بالدولة، بعد أن تُرِكت هشة منخورة؛ والتساؤل هل حقا يمكن لحال اللادولة أو نظام الدولة الفاشلة المنهارة أن يتبنى أي مفهوم (مؤسسي) لاستعادة ثقة! وإذا قبلنا افتراضاً بالأمرفـ عن أية ثقة ومن أي شكل هي تلك الثقة التي يمكن التحدث عنها!؟ أشير لانعدام خطير في الثقة مع أجهزة حكم قائمة على (احتكار الغنيمة) بما يحتكم لمن يدير فوضى النهب والسلب واللصوصية 
  2. والعدالة الانتقالية ينبغي أنْ توفر فرص الوصول إلى (العدل والإنصاف) وأن تجعلَهُ أمراً متاحاً ممكناً للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع في أعقاب الانتهاكات التي يُفترض أنها انتهت بسقوط رمزها سنة 2003؛ فهل حقا انتهت (الانتهاكات) الفظة لكرامة الإنسان بل هذه المرة لمصيره وجودياً..!؟ أؤكد حجم مهولا للضحايا بعد 2003 سقطوا خسائر لصراعات النظام القائم ومسار أباطيله
  3. ويُفترض للعدالة الانتقالية أن تضمن أدواراً فاعلة تسمو بالكرامة وتحمي الحقوق والحريات لكل الفئات الهشة الضعيفة مثل النساء ومثلهنّ المجموعات المهمشة (من أتباع الديانات والمذاهب والانتماءات القومية..) وأن توفر فرص أن تلعب تلك الفئات دورا فعالاً في السعي لتحقيق مجتمع المساواة وكل سمات الأنسنة. فهل يمكن منح تلك الفئات فرصتها بوقت تتسع ظواهر التهميش واستفحال وقائع استغلالها
  4. وطبعا تضمن [العدالة الانتقالية] توفير احترام سيادة القانون ووجود دولة تحمي ذلك وتمارس دورها البنَّاء في ضمانه فعليا لا ادعاءً وتمظهراً كاذباً. فأين الدولةنفسها!؟ واين احترام القانون وسيادته وقد سطا الانفلات من سلطة الحداثة والعقل والموضوعية…!؟؟
  5. ومن المؤكد أن منطق العدالة ينبغي له كفالة تسهيل عمليات إشاعة الاستقرار والسلم الأهلي أو عمليات السلام، بتعزيز حل دائم للصراعات المصطنعة منها والواقعة فعليا. لكننا برصد الواقع العراقي سنجد أن نهج السلطة الجديدة منذ 2003 قام على تكريس اختلاق الصراعات وليس حلها حتى باتت سمة بنيوية للنظام القائم! فدابت الأوضاع تنتقل من انهيار وصراع وأزمة إلى إلى أخرى أكثر انحداراً وسوء مخرجات
  6. والمفروض أن تضمن العدالة الانتقالية توفير أسس معالجة الأسباب الكامنة وراء أي صراع وكل ظواهر التهميش والمسّ أو الحطّ من كرامة الإنسان وازدرائه، سواء انتمى لهذه الفئة أو تلك ولكن القضية أوغلت حتى بتنا بمشاهد أسواق النخاسة والإبادة الجماعية لأتباع ديانات ومذاهب وتهجير قسري وتغيير ديموغرافي وغير ذلك كثير كما لظواهر ووقائع شملت [إيزيديين ومندائيين ومسيحيين وغيرهم].
  7. ومن الافتراضات في فرص العدالة الانتقالية دفعها قضية المصالحة الوطنية باتجاه تحولها إلى واقع حال يرفض عقود الإكراه لحساب طرف على آخر وتصفية الحسابات كما يجري اليوم وذلكم هو ما ترتب حيث تحتل اليوم الميليشيات المسلحة أو أذرع الملالي كل المحافظات العربية من العراق لتلحقها بملالي الشؤم والشر ومآرب صراعاتهم.

وهكذا كان على العدالة الانتقالية أن تركز منهجياً على الآتي:

  1. في مجال الملاحقات القضائية، التركيز على من يتحمل المسؤولية من المتهمين لكن الواقع كان بخلاف ذلك؛ على سبيل المثال في قضية ما أُسمي اجتثاث البعث تحول من إدانة لمنطق الدكتاتورية الإقصائي الإلغائي إلى استهداف خارج على منطق القانون ونهجه بتحوله إلى أفعال ثأرية انتقامية اتسمت بتصفية الحسابات واستثناء مجرمين ملطخة أيديهم بدماء العراقيين من انتهازيين باتوا اليوم يرتدون عمامة النظام وجلبابه بعد أن كانوا يرتدون برنيطة ما سبق فيما طورد آخرون بفجاجة خلقت صراعات جديدة من قبيل قطع رواتب وفرض حصارات دفعت قطاعات أما لنهج استرجاع حق بالعنف أو بنهجه أو لممارسة سلوك اجتماعي تحت (الاضطرار) من قبيل ما وقع بمنطق الانهيار القيمي الأخلاقي وسقوط العلاقات الاجتماعية السوية.
  2. وبمجال جبر الضرر، الذي تعترف (الحكومات) من خلاله، بالأضرار المتكبَّدة وتتّخذ خطواتٍ لمعالجتها من جهة أولوياتها بعض عناصر مادية: من (أمور مالية نقدية أو خدمات صحيّة وغيرها على سبيل المثال) وأمور معنوية أدبية رمزية: كـ(الاعتذار العلني أو إحياء الذكرى واعتماد أيام رسمية سنوية)؛ أمامنا عشرات آلاف بلا تعويضات مقابل إغداق مليارات على فئات تم تزييف حقيقتهم من قبيل منح أعلى الرتب العسكرية على عناصر كانت ومازالت من أعداء العراق والعراقيين تمّ إسقاط ألقاب (جهادية) عليهم وإذا كان مقبولا لتيار فكري أو حزب سياسي حق إطلاق ما يراه من ألقاب لكن لا يحق لأي طرف أن يفرض تلك الألقاب على الدولة وأن يحيلها إلى اختراق بنيوي لمنظومة سيادية كما حصل ويحصل مع تخريب المؤسستين العسكرية والأمنية تحت أي تفسير!
  3. إصلاح المؤسسات بتغيير مؤسسات الدولة القمعية من القوات المسلّحة، والشرطة والمحاكم لتفادي تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومنعاً لوقوع ظاهرة الإفلات من العقاب لكننا شهدنا تخريبا فعليا للقضاء وإفلاتا ممنهجاً من العقاب سواء للمفسدين أم للقتلة ولعل الأمثلة ليست فردية أو بمجموعات بل هي منظومة متكاملة من الخراب الشامل ومن باب التمثيل الحي أشير هنا إلى قتلة المتظاهرين وإلى ظواهر التغييب والإخفاء القسري والسجون السرية والاغتيالات والتقتيل ومثال فردي يمثل ظاهرة التعذيب الوحشي ما فضحته (واقعة البصرة نموذجاً) مما يجري خلف القضبان من وفاة شاب يُسلّم لأهله جثة ويُكتفى بتصريحات فجة بشأنه..!! أو وقوع الاغتصاب خلف القضبان وغيرها…
  4. هل سنشير إلى ضرورة وجود لجان الحقيقة أو أية وسائل أخرى للتحقيق في أنماط الانتهاكات الممنهجة والتبليغ عنها ونؤكد غيابها بظل تحكم أجنحة ميليشياوية إرهابية بالسلطة!؟ الأمر ليس غريبا هنا ولكننا بالمقابل وبمنطقة أخرى سنشير إلى أن أغلب الجرائم يتم الطمطمة عليها بتشكيل لجان تحقيق وهي غير لجان الحقيقة التي لم تكشف وثيقة مادية ملموسة عن نظام سابق ولا بالتأكيد عن النظام الحالي مع أن البديل الجديد استفحلت فيه المقاتل حتى تحول العراق من أرض سواد لكثرة الخضرة والحياة إلى أرض سواد من كثرة دماء بناته وأبنائه تغطي أرضه القاحلة وتسقيها عسى تسطيع استردادها وتحريرها..

هموم طرح العدالة الانتقالية غير متاحة في ظل اللادولة أو الحكومة الضعيفة الخاضعة لسلطة زعماء أحزاب القوى المافيو ميليشياوية واضمحلال وجود الدولة وما لم نستعد الدولة لا مجال لأي شكل للعدالة

برجاء تابع معي بضع عبارات أدليتُ بها في لقاء مشترك مع قناة قناة زاكروس والإعلامي الأستاذ فلاح الفضلي معتذرا عن ارتباك الصوت تقنياً ببعض المواضع ما اضطر لتقليص إطلالة مستحقة، كنتُ سأتحدث عبرها عن هذي المعالجة بالإشارة إلى جرائم لم يتم السماح بمعالجتها عن قصد وتبييت مسبق كما بجرائم الإبادة وغيرها..

لابد من التذكير عن تعويض الضحايا بخاصة ماديا تبقى قضية إنسانية وليس بوابة فساد كما تم ارتكابه من جرائم اليوم بإطاره وستاره إنها قضية أخرى لأن تحويلها لبوابة فساد هو ما جاء على حساب الشعب وتحويله إلى فئات من الجياع حيث نسب الفقر والفقر المدقع أحالت عاشر أغنى موارد مالية إلى عاشر بلد الأكثر فشلا وسوءاً وتردي أوضاع الشعب بكل ميادينها!!

بقي أن كل لعبة عدالة انتقالية لم ترتقِ بأي مفردة منها إلى حيث جزئية من نهجها المعروف بقدر ما تم تمرير بعض تصورات منها غطاء لجرائم تصفية الحساب ونهب الثروات وتحويلها إلى احتياطي لبنك الإرهاب الدولي لنظام الملالي والمافيات الدولية الأخرى..

من هنا فإن الحديث سيكون عن تغيير النظام استجابة لإرادة الشعب ومتابعة لمطلب ثورة أكتوبر 2019 التي تتطلع الآن وعاجلا لقيادة وطنية ديموقراطية موحدة واستراتيجية عمل تُنهي اللعبة وجرائمها

https://fb.watch/76cQYfL1_9/

للانتقال إلى التسجيل الكامل لحلقة العدالة الانتقالية من ملفات ساخنة 

***************************

المعالجة بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن تفضل بالضغط هنا 

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726898

***************************

شكراً لتوقيعك حملتنا المدافعة عن حقوق شعوبنا بـ(((مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما)))

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *