كلمة يوم المثقف العراقي 2022

كلمة يوم المثقف العراقي 2022 التي أرسلها الدكتور تيسير الآلوسي لاحتفالية في داخل الوطن بوصفه مساهما بين شخصيات ثقافية عديدة أخرى بالمبادرة بهذا اليوم واحتفاليته.. وقد جسدت الكلمة ذكراً نوعيا لأبرز مهمة لمنصة الاحتفالية ممثلة بمكافحة الجهل والتخلف ولغة ظلامية تحاول مزيد تكريس خطاب الخرافة وما تفعله من تفريغ وتسطيح للذهنية العامة بينما الثقافة تلتقي بالتنوير والتقدم وتلتحم بها حركة للأنسنة ولإضاءات العقل العلمي في مسيرة بناء وتنمية بكل محاور شمولها الأغنى والأعمق ثقافة في معالجة قضاياه..

كلمة يوم المثقف العراقي 2022

الصديقات الفاضلات والأصدقاء الأفاضل

الحضور الكريم

أصالة عن نفسي ونيابة عن جامعة ابن رشد في هولندا ومجمل أنشطتها المؤسساتية الثقافية ومراكزها البحثية المنبثقة عنها، أتقدم منكنّ ومنكم ومن جميع مبدعات ثقافتنا ومبدعيها ممن يسمو بالثقافة وإنتاجها، أتقدم بكبير التهاني وبالتقدير لمجمل الجهود الثقافية التنويرية البهية تلك التي جسّدت دائماً، عصارة العطاء ومعاناة التضحيات الجسام من أجل عالم جديد يحيا سعيداً ويمتلئ مسرةً ومنظومة ألفة وأنسنة تنشر السلام والاستقرار والتقدم.

إنّ احتفالية يوم المثقف العراقي ليست حدثاً عابراً أو احتفالياً مجرداً فارغا أو مسطحا، بل هو منصة قيمية غنية ثرة عميقة؛ لا تقف عند حدود الشخصيات المساهمة مباشرةً فيه، ولكنها تتسع باتساع دائرة المجتمع ومنجزه الثقافي (القيمي) بكل ما يرسمه من علامات التحديث والتقدم بما يجسد مسيرة تاريخية وانتماءً وهويةً وطابع منجز إنساني عميق يخلده في سِفْر الثراء المكلل بتيجان الغار..

ومن هنا جاءت ظواهر مهمة مرافقة لهذا اليوم، منها التكريم ليس بوصفه قضية خاصة فردية أو محدودة، بل جاءت كونها المعنى القيمي الذي يشمل تضافر الجهد الإنساني ويعلي من شأن أنسنة وجودنا. وانطلاقا من هنا كانت مؤسسات العنقاء الذهبية وسومر للعلوم والآداب والفنون والبرلمان الثقافي العراقي في المهجر قد تأسست لتنهض بمهام تمّ إغفالها و\أو إهمالها طويلا حيثما كان التكريم للثقافة والمثقف. إنّ تلك المؤسسات ظلت دائما رافعة وجودية لقيم الثقافة بأطرها فكرياً فلسفيا وبمسار تنويري ملموس..

إنّنا إذ نحيّي عناصر المبادرة منذ سنوات بعيدة لنخص بالذكر الأديب السيد محمد رشيد وما تركز طويلا على عاتقه وكتفيه وعديد الشخصيات المبدعة المثمرة المعطاءة معه في داخل الوطن وخارجه.. وهو ما يدفعنا في ذات الوقت لنؤكد الفخر بريادة ميدانٍ مميز مهم، وحمل رسالة تنتمي لتراثنا وجذورنا السومرية بامتداد نحو مهد التراث الإنساني الباقي ببقاء منجزاتنا الحديثة المعاصرة بوساطة عقولنا العلمية التنويرية ومنجز شخصياتنا الثقافية وحركة الثقافة التنويرية بمختلف ميادينها..

اليوم إذ يرتقي العراقيون فمنصات الكفاح ضد قوى العنف الإرهابية ومنها المنتظمة بميليشيات وعصابات مسلحة بمنطقها الهمجي الوحشي وإذ يمضي مثقفونا في تنوير طريق معالجة الأزمات والقضايا العقدية بمختلف مساراتها فإنهم يحملون كذلك أسمى رسالة إنسانية تقتضيها ثقافة التنوير والتقدم بمجابهة فروض الخرافة وأنشطة التخلف والتجهيل التي حاربت وتحارب العقل العلمي الوطني العراقي منذ العقدين من سنوات الشدة العجاف..

 ونحن نعي هنا بهذا اليوم وما يمثله من منصة تنوير ظروف شعبنا وهو يخوض بتنوعات مكوناته معركة فكرية ضد الجهل والتخلف وأمراضهما وضد ما حاولت قوى الظلام والتضليل تكريسه من أباطيل الدجل لكن ردّنا وتفاعلنا الثقافي المتسامي يبقى بتأكيده على التمسك بقيم السلم الأهلي والتسامح ثقافةً ومنهجا لوجودنا ومنطقاً لحركة التآخي بين مكونات مجتمعنا وشعبنا وتعميد تحالفاتنا الاستراتيجية إنسانيا بإطار الوطني القائم على احترام الآخر ومنطق التنوع والتعددية ومن ثمّ الوحدة بيننا جميعا مؤمنين بقيم الإخاء وقدسية التعددية الإنسانية ومنجز الهويات المحتضنة للوحدة في التنوع وبما يتمسك بإعلاء بصمات الآخر مستقلة حرة، بفضاء يوفر مناخ الإبداع والتقدم والعطاء الأغنى ثراء بالمحبة وبأنسنة وجودنا

أصل هذه اللحظة إلى توجيه أسمى رسالة يمكن أنْ تصاغ بأصوات شخصياتكن وشخصياتكم الأغنى بهويتها الثقافية النقية الزكية، حيث احتفالنا بهذه اللحظة البهية المباركة بيوم المثقف العراقي تكريما وتشرّفا وإعلاء شأن مستحق؛ محاولين بهذا الوصول إلى قامات مثقفينا الشامخة نخيلا عراقيا باسقا..

واسمحوا لي بهذي المناسبة العزيزة المهمة والاستثنائية في زمننا، أن أذكر بقامات ثقافية كبيرة كانت قد غادرتنا جسداً ولكنها القامات التي نحمل بها ولها جليل المكان والمكانة بمنجزاتها وعطائها خالد الأثر بيننا فلنقف إجلالا للراحلات والراحلين كما فنان الشعب الموسيقار الدكتور حميد البصري والقامة الوطنية الديموقراطية الأستاذ الدكتور كاظم حبيب وشاعر الشعب، المناضل الجسور مظفر النواب والقائمة تمتد وتطول ولكننا نحتفظ بها نسغا في العروق وإقامة أبدية في الأفئدة والقلوب..

دمتم أيتها السيدات، أيها السادة قامات إبداع وعطاء

دمتم شموس محبة وتسامح

ونلتقي دوما بمسارات بناء بلادنا مجددا لإعادة إعمارها شامخة كما كانت سومر الحضارة والمجد واليوم لا نتكئ على وسائد الماضي، بل نشيد وجودنا بفعلنا المميز منجزاً مشرقا من جديد

والسلام

البروفيسور الدكتور تيسير عبد الجبار الآلوسي

*********************************

في جريدة الزمان

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *