ماذا فعلنا عراقيا بثقافة نزع خطاب الكراهية بخاصة في اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة

ماذا فعلنا عراقيا بواجباتنا لتعزيز ثقافة نزع خطاب الكراهية بخاصة في اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة؟؟؟ التساؤل يجابهنا محليا وطنيا في إطار افتراض أن يجمعنا اتفاق إنساني وطني لدولة كونفيديرالية تحمي مكوناتها انطلاقا من احترامها وجوديا ومن فتح الجسور بينها إنسانيا عبر وسائل المأسسة وإغنائها بثقافة تمارس رفض الكراهية ودحرها وإنهاء كل أشكال الشوفينية والتمييز، ثقافة للإخاء والتعايش والاعتراف وجوديا بالآخر وبحقه في تقرير المصير يلا ؤتوش الاشتراطات والمواقف المسبقة.. والأنجع هنا أن نبدأ بإنهاء سطوة سلطة تتسبب بكل تلك الأمراض وتهيّئ لجرائم كبرى منها الجينوسايد فتدفه لتكرار ارتكابها!!! فهلا تفكرنا وتدبرنا قبل فوات أوان!؟؟؟

اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة

09(A/RES/69/323)كانون أول ديسمبر

في الطريق لتلبية قرار إنهاء جرائم الإبادة الجماعية تمَّ تثبيت شعار يجسد مقاصد البشرية في تلك المهمة السامية فكان الشعار الأممي: “السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة”.  أما كيف نقرأ تلك الجريمة ونشخصها فقد ورد في تعريفات أممية أنها: التدمير المنهجي المتعمد، سواء كان كلياً شاملاً أم جزئياً، على أن يتسم ارتكاب الجريمة بالأسس العرقية أو الدينية المذهبية أو الهوية الوطنية. ويرد التعريف في المادة الثانية من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية الصادرة عام 1948 كونه: «أي فعل من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي، أو الجزئي لمجموعة وطنية، أو إثنية عرقية، أو عنصرية، أو دينية مذهبية، من قبيل قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى أو ضرر جسدي أو عقلي روحي جسيم بأفراد الجماعة، وفرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة، و\أو نقل الأطفال قسراً من مجموعة إلى أخرى.»

ومن الطبيعي أن يكون منع جريمة الإبادة الجماعية منطلِقاً من منع الإبادة الجماعية بالفهم الأعمق والأشمل لأسبابها الجوهرية الجذرية التي عادت ما تتأسس على (الهوية) وصراعاتها المختلقة؛ بالإشارة إلى المجتمعات التي تضم ظواهر التعددية والتنوع بمرجعيات الهوياتية: من قومية و\أو عنصرية و\أو عرقية و\أو دينية ويجري دفعها نحو الاشتباك في نزاعات تتذرع باختلاف الهوية وتستهدفها في ادعاءات يدخل بعضها بالتطهير أو النقاء العرقي العنصري لكن القصد حتما يكمن في السطو على الثروة والسلطة ما يتم تغذيته بالتمييز وإثارة خطابات الكراهية والاحتقان والتوتر والحقد حد التحريض على العنف والاقتتال التصفوي الوجودي الأبشع. .

ونجدد هنا التوكيد على أن منع الجريمة يبدأ من منطقة حظر أشكال التمييز بكل دوافعه ومكافحة خطاب الكراهية.. واعتماد روح المسؤولية تجاه حماية التجانس والتعايش السلمي والتسامح بين مختلف الانتماءات الهوياتية.. وهذا يقع على كاهل الحكومات والزعامات والقادة والمنظمات النوعية المتخصصة في أطرها الوطنية وحدود سيادة الدول كلا بصورة مستقلة مع استقطابها أشكال التضامن الأممي ودعمه، عند الاقتضاء، انطلاقا من مبدأ المبادرات الوقائية كونها الأساس لمبدأ المسؤولية عن الحماية وهو الأمر المثبت بوضوح ودقة في القانون الدولي بالإشارة إلى عوامل الخطر المحددة في الإطار التحليلي للتنبؤ بالجرائم الوحشية بوصف ذلك جوهرا لعمل المتخصصين الأمميين بالخصوص أي بشأن تلبية سبل الوقاية…

وبعد هذه الوقفة التمهيدية الضرورية لابد من تأكيد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في اعتماد يوم إصدار اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في العام48، أي يوم 9 ديسمبر كانون أول يوماً دولياً أممياً ليكون منصة لمزيد تثقيف تنويري يعزز مهام الحماية من تلك الجريمة الكبرى، عبر مهمة ((إحياء ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية وتكريمهم منعاً للجريمة ذاتها)).

إنّ تلكم الطموحات الإنسانية السامية التي تمّ صبها في اتفاقات وعهود وقوانين دولية لم تُنهِ الجينوسايد بصورة حاسمة فمنذ جرائم إبادة السكان الأصليين ربما غير الموثوق بأسباب حدوثها الكارثي بدقة فإن جرائم إبادة وقعت في العصور الوسطى لمراحل المسيرة البشرية والعصر الحديث من قبيل ما اُرتُكب لسكان الأميركتين الأصليين بما تمت تسميته مثلا:  مذبحة الركبة الجريحة عام 1890 وترحيل قبيلة شيروكي على طول درب الدموع وغيرها من الفظاعات بالإشارة إلى ما وقع قبلها من إبادة ارتكبها جنكيز خان في القرن الثالث عشر من إبادة جماعية ومثله تيمورلنك بوحشيته المتطرفة حتى أنه أباد مسيحيي تكريت ما كان يعني تدمير كنيسة المشرق الآشورية. كما يمكننا الإشارة إلى المجازر الحميدية ومذابحها تجاه الأرمينيين في الإمبراطورية العثمانية نهاية القرن التاسع عشر..

ومثل تلك الجرائم ما وقع في أفريقيا كما في الكونغو والجزائر وجنوب غرب أفريقيا [الألمانية]؛ إذ تعرض شعبا الـ Herero والناما، للاضطهاد الجماعي مطلع القرن العشرين لتنقرض مجموعة كبيرة من السكان نتيجة الحملات العنيفة وسياسة الأرض المحروقة التي اتبعها الاستعمار آنذاك.

ونتيجة إذكاء الصراعات ومنطق التحريض على العنف دمرت مملكة زولو قطاعات كبيرة من جنوب أفريقيا وزيمبابوي وأذكّر هنا بدارفور وحجم الفظاعات الهمجية الوحشية التي اُرتُكبِت فيها…

وإذا عاودت للأمريكتين فأشير إلى مجريات ما اُرتُكِب في الأرجنتين تجاه باتاغونيا، وفي المكسيك والأكوادور وغواتيمالا وهاييتي والدومينيكان. أما في آسيا فيمكننا ذكر ما بين البشتون والهزارة في أفغانستان حيث استعباد الهزارة ونتائجه وأن نذكر ما بين الهندوس والمسلمين مما جرى في الهند وباكستان بقسميها دع عنكم ذكر ضحايا هوكايدو والصينيين على يد زعماء يابانيين ونتذكر مذابح الأرمن وإبادتهم قبل قرن ونيف وما وقع للمسيحيين في أضنة مطلع القرن العشرين ومثل ذلك معاناة الموارنة والمجاعة الكبرى وهي ليست إلا جريمة إبادة لتعمد سرقة الغذاء لصالح العسكر العصمللية على حساب حيواتهم..

لنأتي في وقت أقرب لمذبحة سوميل 1933 وجينوسايد حلبجة والهولوكوست النازي..

إنها سلاسل من المذابح بصيغ الإبادة الجماعية المبررة بثقافة الكراهية وبالتحريض على العنف وفعل الانتقام وصب غضب المتعصبين المجرمين على جماعة أو جزء منها يجري ارتكاب جريمة إبادة مادية أو روحية. نلخصها بما أكدته الاتفاقية بالآتي:

  • قتل أعضاء من الجماعة أو أتباع فيها.
  • إلحاق الضرر أو الأذى البدني منه أو الروحي الخطير حد التأثيرات الوجودية في الجماعة أو جزء منها..
  • إخضاع جماعة بعينها بسبب الهوية، عمداً، لظروف معيشية يمكن أن تتسبب في تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
  • فرض إجراءات بهدف منع إنجاب الأطفال داخل جماعة..
  • نقل أطفال جماعة بعينها، بصورة قسرية أو عنوة، إلى جماعة أخرى.

وعراقياً حيث الدولة بدساتيرها المتعاقبة تؤكد تشكيل الدولة والمجتمع بجناحيه العربي الكوردي التعددي بكل مكوناته نشهد تفشي ثقافة شوفينية استعلائية من جهة عند قطاع غير صغير من الأغلبية العددية على وفق الانتماء القومي والديني ليلحقه إغراق في مفهوم الأغلبية المذهبية والتحول بظاهرة التعددية والتنوع إلى منطق تعبئتها في إطار أسوار فاصلة وتمكين منطق التمييز بين تلك الفئات المكونة للمجتمع أو الشعب وتشكيل الدولة على أسس كانتونات مع إثارة خطاب كراهية يتسلح به منطق التمييز والتفرقة وإثارة الشقاق وتحريض الجموع على الاحتراب والاقتتال ليس بصورة الحرب الأهلية وتكافؤ أطرافها بل أنكى وأدنى حيث سطوة القوى الميليشياوية المتعطشة لأنهار الدم تمكينا لزعماء الحرب الطائفية من نهب الثروة كونها غنيمتهم من إسقاط رمز النظام السابق ومن فرض سطوتهم على السلطة على أنهم أخذوها وبعد ما ينطوها كما يقول أحد زعماء تلك الحرب وخطابها الطائفي للاحتراب ولارتكاب جرائم الإبادة..

إن الشعب العراقي برمته يتعرض لإبادة فعلية سواء مادية بدنية عبر إبادة جماعية لفئاته المكونة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تم فرضها عليه دع عنكم جرائم العدوان المستمرة من طرفي مصادر سلطة كليبتوفاشية أي من طهران وأنقرة غذ تقع جرائمهما بتنوعاتها واختلاف مستوياتها ومعانيها في إبادة جماعية بخلفية فرض منطق التصحر والجفاف وإحالة أرض السواد والنماء إلى صحراء قاحلة غير ذات زرع وضرع بقطع الأنهر وألمواه عن البلاد وبإرسال السموم وأشكال التلوث وبإرسال نفايات ومواد منتهية الصلاحية وبسرقة الثروات والخيرات وبمنع فرص الاستثمار والبناء والتنمية! دع عنكم ما يسمى كسب لمذهب بعينيه وهو ليس سوى غطاء لجرائم إبادة ثقافة وتشويه لخطاب الأنسنة والتنوير في العراق ما بعد 2003 واستبداله بخطاب يجسد الخرافة نهجا وفلسفة فكرية تفرض التخلف والتجهيل..

إن الإبادة الجماعية متفشية ممتدة بجرائم فرعيية مضافة لكنها تعود لتمنح الجينوسايد فرص تكرار ومعاودة ارتكاب بالخلاف مع محاولات منع جرائم الإبادة..

فكيف بعد ذلك يمكننا إقناع كوردي، مسيحي، مندائي صابئي و\أو إيزيدي بأنه في دولة تحميه من تكرار جرائم إبادة تعرض لها طوال مسيرة آلاف السنوات الشداد!؟

إن ممثلية الأمم المتحدة في العراق ومجموع المنظمات الأممية تمالئ حكومة منتهكة بنيويا مخترقة هيكليا وهي بين يدي قوى تمثل نهجا مافييويا ميليشياويا أو كليبتوفاشيا ما يمهد لاحتمالات وجودية خطيرة ويقتضي موقفا جديا لتغيير النظام بجوهر تغيير النهج والهدف وبجوهر تأمين معاني الحماية بتناول جوهر السباب لا مجرد إطلاق شعارات تسويفية للمماطلة والتضليل ولتمرير ما يكرس تلك السلطة ويجدد جرائمها المرتكبة على مدى عقدين بات العراق فيه بلا سكانه الأصليين من مسيحيين ومندائيين وإزيديين ومن كورد وكلدوآشوريين سريان دع عنكم كل الطيف العراقي بخاصة منه الذي يحيا بطيبته وألفته وسلامة نهجه في التنوير العقلي ومن ثم في الأنسنة حيث التسامح والتعايش السلمي والعمق الكونفيديرالي..

إن مجرد فرض اعتذار عن جرائم الإبادة لن تكون سوى منطلق تاسيسي لخطاب يرفض الكراهية ويؤكد معاني احترام الآخر وقدسية التنوع ما يعيد الأنسنة لمسيرة الشعب والدولة ويمكنهم جميعا من مأسسة وجودهم بسلامة نهج تلك المؤسسات لا بتشوهاتها القائمة راهنيا ما مرر ويمرر الجرائم الكبرى بلا منتهى!!!

فلنتفكر ونتدبر ونعيد تنقية خطاباتنا وثقافاتنا قبل لات ساعة مندم!!

***********************************************

هنا بعض ما يساعد على تنويرنا بالجهود الأممية السامية التي ينبغي تحويلها إلى فعل مادي ملموس في مسيرتنا

وثائق مقتبسة من معالجة أخرى بالمناسبة وتستند تلك الوثائق لجهود وإصدارات أممية

روابط ذات صلة

مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية

الإطار التحليلي للجرائم الوحشية

برنامج التوعية على الإبادة الجماعية في رواندا والأمم المتحدة برنامج الأمم المتحدة للتوعية بالهولوكوست

***************************

المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=776280

***************************

اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *