ما يجري للمؤسسات العلمية ودور الطلبة

 في

التصدي لتحديات المهام المستجدة [*جديد]

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

2003\11\21

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

                             قراءةُ الوضعِ العراقي اليوم يشيرُ لاتجاهين متعاكسين في الآن نفسه. الأول يؤشَّرُ  انعتاقاَ َ من زمنِ الظلمِ والظلامِ, والثاني يشيرُ إلى عملِ القوى المضادة من بقايا النظام المنهار ومن الحالمين بعودة التاريخ القهقري.. وكلتا القراءَتَيْن صادقتان وإنْ صحَّتْ الأولى كما تعتقدُ أغلبيةُ شعبِنا وترى الحقيقةَ بأمِّ العين, وأخطأَتْ الأخرى وعملَتْ على السَّيرِ بعكسِ التيارِ.

                                 وممّا يجري بخلافِ تيارِ الحريةِ عملياتُُ كثيرةُُ تتقاطعُ معَ مصالحِ العراقي ومطامحِهِ في وقتِ ِ تجِدُ فيهِ فرصتَها للتغطيةِ على حقيقةِ الجرائمِ التي ترتكبُها بادّعاءِ ِ واضحِ الزِّيف في كونِها جزءاَ َ من مقاومةِ ِ مشروعةِ ِ ضد الاحتلالِ وهي في جوهرِها ليسَتْ إلا جزءاَ َ من عملياتِ تخريبِ ِ تصيبُ مسيرة تطمينِ حاجاتِ شعبِنا وبلادِنا في حاضرِهِ ومستقبلِهِ.

                                 نركِّزُ هنا على ما يجري لدور العلمِ من جامعاتِ ِ ومدارسِ ِ معاهدِ ِ ومختبراتِ ِ ومؤسساتِ ِ بحثيةِ ِ, فنحنُ نرى استهدافاَ َ جديّاَ َ شاملاَ َ وفي جزئيةِ ِ خطيرة منه يلاحظُ المتابعون استهدافَ الطلبةِ في متابعتِهم التحصيل العلمي وحتى في حياتِهم حيثما شاءَتْ سياساتُ أطرافِ المصلحة في الهجومِ على الطلبة وفي اعتراضهم في غدوِهم ورواحِهم.

                                  فمِمَّا سجَّلَتهُ أحداثُ الشهورِ السبعةِ الماضيةِ مهاجمة المدارسِ وتخريب الأثاثِ والمحتويات وحرقَ الكتبِ والسِّجلاتِ وفي الإطارِ تهديدُ هيئات التدريسِ والطلبة لفرضِ إرادةِ الجهلِ والتخلفِ ومنعِ الطلبة من مواصلة دراستِهم مثلما حصلَ في مدرسةِ الموسيقا والباليه. وجرى الاعتداء على الطالباتِ على بوابة الحرم الجامعي في البصرة ومدن عراقية أخرى وتتمَّ عمليات بلطجة وشقاوات بالاعتداء على  طلبة متنورين طبعاَ َ لسنا هنا بصدد تسجيل ما يجري للأساتذة ما وصل حدّ الاغتيال ومنعهم من ممارسةِ أعمالهم البحثية والأكاديمية المعتادة...

                                وفي قراءةِ ِ للوضعِ من زاويةِ ِ أخرى يستفيدُ أنفارُُ من الطلبة من مثلِ مظاهرِ العنفِ الدمويةِ هذهِ سواء في بناءِ تشكيلاتِ ِ ومسميّاتِ ِ معينة أم في وضعِ اليد على سلطةِ ِ تستظلّ في برامجِها الظاهرة بظلال الصلاح والتقوى وتمثيلِ جموعِ الطلبة ضد مستلبيها من الحكّام الجدد؟!!! وبين هؤلاءِ وبين القوى الطلابية ذات التاريخ العريق تقف تشكيلات طلابية في محاولة لتجنّب الصراع القائم بين ذياك الطرفين. وهو اعتدال غيرُ موضوعي بل يقدِّمُ رأسَ الزميلِ لمذبحِ التضحياتِ ولكنَّهُ يتغافلُ عن كونِهِ التالي في المعركة بين النور والظلام؟

                                    ومن المهم في خضم الحدث التأكيد على وحدة الحركة الطلابية فهي حركة مهنية فئوية لاتستدعي الانقسامات العقائدية والسياسية بل هي في الحقيقة أرضية لملتقى تلك الاتجاهات في ميدان الجدل والمناقشة والتداول. وهي أرضية للقاء الاجتماعي بمعناه الواسع المتضمِّن للسياسي والفكري وبمعنى اللقاء في ميدان الحوار وسجالِهِ الموضوعي على أسس سلمية واعتبارات ترى في الطلبة فئة أكثر ميلا للتجانس والوحدة في إطار ائتلاف جدّ عريض في مستهدفاتِ ِ مشتركة متقاربة بالعودة إلى ألفة فئة الطلبة وانسجامها بخاصة المطلبي؛ وكذا خيمة الأنشطة والفعاليات التي تجابه هذه الفئة سواء من جهة المجايلة العمرية وما يلحقها من قراءة نفسية اجتماعية تربوية أم من جهة الاعتبارات الوظائفية الاجتماعية وما يلحقها من قراءة سياسية فكرية أم من أية زوايا أخرى قد ينظر المتابع فيها إلى الطلبة وحركتهم التنظيمية الممثلة في اتحادهم.

                                    إنَّ طلبتنا اليوم مدعوين للتصدي لمستجدات الوضع العراقي الخاص بهم ومن تلك التحديات:

1.      مجابهة أعمال التخريب التي يُراد إلحاقها بمؤسساتهم ..

2.      مجابهة أعمال الاستفزاز والتهديد لأساتذتهم ..

3.      مجابهة محاولات الاغتيال والتقتيل والبلطجة..

4.      مجابهة محاولات فرض رؤيا واعتبارات بأية عباءة تسترت حتى منها تلك التي تدّعي أو تنصِّب نفسها ممثلة للدين ولقوانينه وأعرافه ..

5.      مجابهة المصاعب التي تعترض استمرارية الدراسة والبحث العلمي..

6.      مجابهة المشكلات الاجتماعية بكلِّ تفاصيلها من مثل مسائل تتعلق بالسكن والصحة والنقل وغيرها..

7.      مجابهة المشكلات التنظيمية التي تعترض وحدة تنظيماتهم أو تحاول دق أسفين بين  تلك التنظيمات ومحاولات تفريخ تشكيلات هزيلة مرضية الوجود في الساحة الطلابية ..

 

والحقيقة الساطعة أمام طلبتنا هي في توحّدهم مع أساتذتهم في إدامة العملية التعليمية وإنجاحها والعمل بإصرار على تعزيز ديموقراطية التعليم والدفاع عن حرية الرأي وعلمية المعالجة والتناول لقضايا الساعة وللمعضلات كافة. وهم أشدّ عزيمة على إعادة بناء هياكلهم التنظيمية معتمدين سياسة ديموقراطية وطيدة في تعزيز اتحاهم اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية الديموقراطية الجديدة. وليس بعيدا عن أفق اتحادهم فإنَّ كلَّ التنظيمات الطلابية ينبغي لها استذكار تاريخها المجيد في المساهمات الخالدة في تاريخ حركتنا الوطنية, على أساس من أرضية تجانس تصوراتهم وانسجامها في بوتقة وطنية عامة...

                                          ولعلَّ من نافلة القول ما يُفترض في الأحزاب السياسية من ضرورات دعم تلك الحركة النابضة بالحيوية والاتقاد من دون التدخل المباشر أو التوجيه بوصاية  بطرياركية غير موضوعية تستلبهم حق العمل الحرّ. وما يُفترض في الطلبة من واجب الاتصال والإفادة من التجاريب السابقة في التعامل مع واقع جديد يحلّ على طلبتنا بكلِّ تعقيداته وتداخلاته ..

                                           إنَّ من اللازم اليوم أنْ تمضي الحركة الطلابية في مسار إجراء اتصالات داخلية وخارجية وعرض رؤاهم في القضية العراقية بما يُسنِدها ويعزِّزُ من مسارها الصحي القويم ويمنع التدهور ويقطع الطريق على اللاعبين من خفافيش الظلام. ومن الطبيعي أنْ نجدَ دور الطلبة مهما وحيويا لأنَّه يتعلق بإشكالية تنويرية المعرفة بالضد من ظلامية الجهل وقواه الناشطة اليوم في أفعال التخريب وتمزيق أشرعة الحياة .. ومن الطبيعي أنْ يكون الدور مهما وخطيرا لأنَّه من دون المعارف والعلوم والبحوث والدراسات الأكاديمية لا يقوم بناء ولا تنهض حضارة وبغير الشموع (الطلبة) لا يندحر الظلام.

                                             لابد لهم اليوم من نشرة في كل فصل دراسي ومن صحيفة في كل مدرسة ومن دورية في كلية ومعهد وجامعة ولابد لهم من زوايا في الصحف اليومية والأسبوعية ومن مساحات جدية في الدوريات الشهرية والفصلية.. مضى عهد العبودية والظلام. ولابد للطلبة من ممارسة تطبيقية فاعلة في كلّ ما يلائم تخصصاتهم في إطار الشركات والمؤسسات العاملة في البلاد على وفق توجهات جديدة مناسبة. فإعلامنا الطلابي مهم لإعلان رؤاهم ولملتقياتهم ولقاء تصوراتهم ولتشكيل أرضية التنسيق والائتلاف, وللتدريب المهني أهميته في صحوة لإنتاجية اقتصادنا ولتطوراته اللاحقة...

                                          إنَّ خلاصة ما أردنا التفاعل به مع قطاع الطلبة هو أهمية نهوضهم ببرامج مدروسة ترى التحديات وتنهض للتصدي لها بموضوعية وثبات على طريق البناء وإعادة إعمار الحياة المخرّبة والشروع بعمل تنظيمي يدعِّم وحدة الحركة الطلابية ويفعِّل دورها الاجتماعي السياسي من أجل غد أفضل... ولموضوعنا بقية حوار مع مجريات الواقع الطلابي في داخل بلادنا من غير إهمال لطلبتنا المنتشرين في بقاع المهاجر المختلفة...

                                      

 

 

 

1