بيان رابطة بابل للكتّاب والفنانين العراقيين في هولندا

حول المخاطر التي تتهدد التراث الثقافي والحضاري العراقي

 

 

                            عشرة آلاف عام من الحضارة هي ما تختزنه كنوز المتاحف الوطنية العراقية , آلاف الإبداعات الثقافية لتلك الحضارة من ألواح مقدسة  ومخطوطات نفيسة وكتب وغيرها هي ما تحتويه المكتبة الوطنية العراقية .. في كل زاوية مِعْلَم من معالم الخلود: الزقورة , الجنائن المعلقة وأسد قوة الحضارة ,أعمدة مدينة الشمس وثورها المجنح, الملوية , شناشيل وبيوت عريقة ...وغيرها  كثير؛ كل ذلك  وغيره تهدّدته وأضرّت به الحرب التي جرّها النظام الدكتاتوري  البائد على بلادنا .. وأمعنت التخريب فيه وعلا معول الدمار محاولا محوه عبر تلك اللغة المرضية الخطيرة التي أصابت الشارع من فـلتان أمني أدى لظاهرة النهب والسلب التي طاولت هذه الثروة الوطنية العظيمة, وهو ما لم يحصل إلا في ظروف شبيهة لغزوات وحروب همجية ألمّت بعراقنا في تاريخه البعيد عندما أحرق هولاكو مكتبات بغداد وألقى بثروتها الكبيرة في دجلة!

                          إنَّنا في الظرف الدقيق القائم الذي  نتابع فيه بارتباط روحي مباشر  مصير بلادنا وما يتعرض له شعبنا , لا ننسى في هذا الظرف [أيضا] ثروات شعبنا الثقافية وكنوزه الحضارية , تلك العلامات الخالدة التي ظلت مرافقة ليوميات  وادي الرافدين وشاهدة على رقيِّه وعلوّ كعب إسهاماته في الحضارة الإنسانية , ونشدّد على المسؤولية  الوطنية الخطيرة لأبناء شعبنا لحراسة ثرواتهم وسجل معارفهم وإبداعاتهم وتاريخ نتاجاتهم الفكرية العظيمة , ولقد أثبت نشاط عديد من الغيارى من أبناء الحضارة والمدنية العراقية ذات الجذور التاريخية البعيدة , ذلك مؤكدين أنّنا شعب المدنية الأولى..

                            لكن طبيعة الظرف القائم وحقيقة مجريات السلطة الموجودة في هذه اللحظة التاريخية العصيبة تجعلنا نؤكد على مسؤولية قوات الاحتلال في الظرف الراهن على ما يجري  من نهب وتدمير لتلك الثروات , مشددين على حتمية التزامها بواجباتها التي فرضتها القوانين والمواثيق الدولية بهذا الشأن , ولن تكون مساءلة شعبنا لهم عن هذه المسؤولية الخطيرة بعيدة, لحظة قيام سلطته الوطنية المنتخبة بحرية والمعبرة عن آماله وتطلعاته في معاودة مسار مساهماته الإبداعية  الحضارية. ونحن هنا ندعو المؤسسات والمنظمات الدولية ومنها تلك المتخصصة بهذا الحقل من الأنشطة الإبداعية الإنسانية لتلعب دورها الفاعل ولتضغط من أجل تحقيق الغايات المنشودة, ونتطلع لمساندة كل أبناء الحضارة لوقف التأثيرات السلبية ومنعها من الوصول بثرواتنا الثقافية إلى حضيض الكارثة.

                                فلنتحرك سويا وفورا من أجل الحفاظ على ثروة هي خزين البشرية جمعاء وتاريخها الإنساني الحضاري المشترك, ولن يتحقق ذلك إلا  بتحقيق روح السلم والحرية ومنع حرائق حروب أخرى من الامتداد أكثر في وادي حضارة سومر وآشور وأكد. لا تتركوا لهمجية العصر وعواصف الحروب وفعل تخريبها وتدميرها بالاستمرار أكثر .. إنَّ كتّابنا وأكاديميينا وصحفيينا وفنانينا ومثقفينا عامة في لحمة واحدة من أجل غد السلم والديموقراطية الكفيل بصنع أجواء الإبداع والتمدن والحضارة...

                  

                 رابطة بابل للكتّاب والفنانين العراقيين في هولندا

                                                لاهاي   2003/ 04 / 09

 

 

 

 

1