مربد الحرية وعطاء الديموقراطية والسلام

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  04 \ 05

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

  "تحية للشعر العراقي حيثما ينداح معبرا عن شمس الحرية وأرض السلام, تحية لملحمة الخلود الجلجامشية السومرية "

انعقاد مهرجان للشعر العراقي الجديد في ظل الظروف التي يعيشها العراق أمر يسجل علامة كبيرة في كتاب الشعراء وأدباء العطاء والحرية. يأتي ذلك اليوم في ظل انعتاق العراق من ضيم الدكتاتورية وأعمالها الإجرامية الهوجاء التي طاولت كل مفاصل مجتمعنا ولم يستثنَ من ظلمها الشعر ولا الشعراء حيث طالهم الموت والسجن والمصادرة والاغتيال...

 وفي احتفالياتنا هذه ستظل شموع البريكان المُغتال والجواهري والبياتي  المنفيان رمسا وكل نجوم الشعر اللامعة مضيئة في سماء عراقنا وسماء الشعر لتحضر باستمرار شعلة من أجل الوطن والناس والشعر...

اليوم ما الذي قاله ويقوله الشاعر الأديب في مهرجان ليس فيه لسلطة الجلاد صوت ولا سياط؟ يتضح جواب التساؤل من انتفاء حضور طبالي السلطان وانعدام أصواتهم المبحوحة التي طالما أزعجت الأذن العراقية. فيما يعلو صوت الخير والسلم والحرية...

اليوم لا يوجد من يُـلزم أو يجبر مبدعا على قول شئ أو كلمة أو عبارة لا تأتي في سياق إبداع فني أدبي جمالي أولا ومن ثمَّ وبالتأكيد في تعبير ذياك الجمال عن نقاء الروح وصفائها وعن شفافية الأعمال وتطريزها ما يرسم صورة الإنسان العراقي كما هو في حقيقته كما جوهره كما يريد ويهوى ويتطلع لا كما أراد له سوط العبودية...

 لذا لم يلتفت الشعر لقنابل تفجير البلاد وقتل العباد بوجه أسفر عنه قوى الهمجية والتطرف وأعداء الحرية والإنسان فالشعر الذي لم ترهبه سياط جلاد الأمس لن تستفزه أصوات زعيق جرذان الأرض وخفافيش الظلام الذين يزرعون الموت والدمار باسم المقدّس كذبا وزيفا وادعاء..

فلقد كان لنا موعد اليوم مع شاعرنا الأصيل   ليطربنا بما انداحت به السليقة المتحررة من كل قيد. لتعطي ما يجود به روح الإبداع وجوهر الجمال الإنساني الصادق. هنا تلتئم الأصوات وتشرئب الأعناق لتلتقي في ميدان فسيح بلا حدود ولا قيود. وهكذا يرفض الشعر العراقي الظلم وهكذا قاوم وفرض قسطه من العمل من أجل يوم كهذا يوم للحرية والسلام والإبداع...

وهكذا يرضى الشعر والشعراء عن يومهم بتعبير أدبي وبخطاب الشعر لا غير خطاب ليس فيه من زيف الأمس وريائه الذي طغى على المسامع فرضا وقسرا فيما كان الشعر الحق يمد جذوره تحت الأرض هادرا مزلزلا من أجل يوم كهذا...

ليستمر عطاء شعرائنا من أجل غد أفضل وليكن ديدنهم كما كان في صتع الجمال ومنح الحياة الإنسانية شمسها المعطاء في طريق الديموقراطية والسلام... وإلى مهرجانات الشعر العراقية الحرة الخلابة كسمائنا الزرقاء الربيعية الصافية لنعمل سويا من أجل نجاحات جديدة موطدين مسيرة الحضارة العراقية السامية حضارة السلم والحرية...