الوضع الإنساني في العراق ومسؤولية قوات الاحتلال

      دعوة عاجلة لوقف آلة الموت وضمان سلامة شعبنا وأمنه بشكل فوري

                          

                    جرحى ومرضى بلا رعاية طبية, المستشفيات في حالة نقص خطير في كلّ شئ .. إنها بلا كهرباء ولا ماء ولا مواد اسعافات ولا نقول عمليات وما تبقى من المستشفيات العاملة تفتقد للعناصر الطبية الكافية التي يمكنها تغطية الحاجات المتصاعدة مع ازدياد عدد الجرحى والمرضى.

                   المدن العراقية تشهد حالة من التسيّب الأمني, إذْ يلاحظ المتابعون أعمال شغب وحالات سلب ونهب بخاصة للأموال العامة ويتطور الوضع باتجاه اشتباكات بين المواطنين بالارتباط مع اعتداءات تحت خيمة الفلتان الأمني .. يجري كلّ هذا وغيره قريبا جدا من مواقع قوات  الاحتلال وتحت سمعهم وبصرهم. ونحن هنا نسمع المحللين والمتابعين يبررون ذلك باختفاء الإدارة الحكومية فقط فإذا أضافوا سببا آخر للأمر قالوا إنَّه العراقي الفقير الجائع..

                           ولكنّنا لا نجدُ أية معالجة جدية للوضع أو أية إشارة إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراءه. ففي وضع الاحتلال وفي ظلّ لحظات مأزومة باستمرار الاشتباكات وتداعيات الفعاليات العسكرية  ما الذي يمكن أنْ يفعله العراقي المواطن المدني بالتحديد لضبط الشارع الذي لا يوجد فيه أية سلطة إلا سلطة الدبابة أو بندقية المحتَل الأجنبي؟

إنَّ مثلَ هذه اللحظات العصيبة كانت قد درستها المنظمات الدولية المسؤولة وقرأت ما تجرّه الحروب من ظروف طارئة شاذة وأصدرت قراراتها التي تشدّد على مسؤولية قوات الاحتلال بشكل مباشر في مجالات ضبط الأوضاع  الأمنية ومنع ارتكاب الجرائم وفي تلبية الحاجات الإنسانية الأساسية بخاصة منها المتعلقة بالحفاظ على حياة الإنسان .. وبقراءة الوضع القائم اليوم في العراق لا نجد أياََ مما ذكرناه موفورا للعراقيين فأعمال السلب والنهب طاولت المواطنين أنفسهم ما دفع لتصادمات واشتباكات يمكن أنْ تتطور باتجاه تعقيدات أخطر مما نشهده اليوم ولعلنا هنا نشدّد على مسؤولية كل الحكومات والمنظمات الدولية على الضغط الفوري على حكومتي الاحتلال للقيام بمهماتها وواجباتها في الوضع الحالي تجاه :

      ضبط الأمن والمحافظة على استقرار الأوضاع وانسيابيتها بما يضمن سلامة حياة المواطنين وأملاكهم.

   ضمان عمل المؤسسات الصحية وتلبية حاجاتها الطارئة فورا.. ودعوة المنظمات الدولية المتخصصة لتوسيع دائرة أنشطتها بما يلبي الحاجات المتعاظمة...

       فتح مراكز تلبية مطالب الحياة الإنسانية من المياه والأغذية والحاجات الضرورية, والعمل على تطمين وصول المساهمات الدولية بهذا الشأن..

                           وفي الوقت الذي تفرض دواعي الحاجات العاجلة والفورية تأجيل مسألة مناقشة أمور خطيرة ومهمة أخرى فإنّنا نؤكد على وجوب عدم مساس  قوات الاحتلال بثروات البلاد وعلى منع تصرفها بالمؤسسات الحكومية وبالوثائق الرسمية التي نشدّد على عائديتها لشعبنا ولقواه التي تعبر عن إرادته السياسية وعن تطلعاته في إنهاء الوجود الأجنبي وإقامة سلطته الوطنية المعبرة عن آماله بعد دفن عهد الدكتاتورية الدموية الغاشمة بلا رجعة  .. 

فما الذي يضمن لنا ألا تتلف أو تنقل  تلك القوات وثائق ومواد خطيرة تهمّ مستقبل البلاد وأمن مواطنيها ؟ وما الذي سيحصل بنقل وثائق إدانة نظام الطاغية البائد أو اتلافها ؟ ماالذي سيحدث في كل مفاصل وجود الدولة العراقية أمام  لصوص العصر وغزاته؟ إننا نطالب بإشراف فوري للأمم المتحدة تعجّل فيه بتسليم السلطة إلى إدارة عراقية مؤقتة تتمثل فيها كل مكونات المجتمع العراقي . وفي هذا المجال نحمّل دول مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والدول العربية والصديقة أنْ تنهض بمسؤولياتها بالضغط من أجل حل فوري وعاجل للقضية العراقية التي تنذر بكارثة إنسانية ولات ساعة مندم.. فلن تغفر القوى الإنسانية الحية  ولن يتسامح شعبنا مع كل من سيقف متفرجا على مأساته مشاركا في استمرارها أكثر مما دارت به دوائرها عليه طوال أيام المعارك التي أمطرت عليه متفجرات موت ودمار وخراب؟؟؟  

 

 

الدكتور  تيسير عبدالجبارالآلوسي

2003/04/09

1