مرة أخرى بصدد أوضاع طالبي اللجوء العراقيين وضرورة حسم ملفاتهم إيجابيا

نشر في جريدة البيت العراقي العدد 22

 

تنسجم تصريحات السيد وزير العدل والإجراءات المتخذة مع ملفات طالبي اللجوء العراقيين مع ما سبق أنْ تم َّ تاكيده من قراءة الوضع العراقي العام و تفاصيل وقائع الأمور في إقليم كردستان حيث أشارت جميع الشواهد إلى جرائم نظام صدام الدموي في متابعته قوى المعارضة العراقية بفصائلها المتنوعة بل شرائح الشعب العراقي المختلفة حتى وهم في بلاد الشتات أو المنافي والمهاجر القسرية .. ولقد أكد القرار الذي اتخذه البرلمان الأوروبي منتصف آيار مايو الماضي جملة حقائق بهذا الصدد منها دموية النظام وجرائمه واتساع حملة قمع الحريات العامة لتشمل جميع أطياف المجتمع العراقي و استمراره في التعاطي مع الإجراءات القسرية المعادية لمصالح هذه الفئات الرافضة لوجوده ...

مطاردته قوى المعارضة العراقية في الداخل والخارج و تعاطيه المستمر مع أعمال الإغتيال و الاختطاف وهو ما حصل ويحصل الآن حتى في نطاق إقليم كردستان مما يشكل تهديدا جديدا واضحا و صريحا لحياة المقيمين في الإقليم ويعرضهم لأخطار أقلها الاختطاف وليس آخرها الموت تحت رحمة التعذيب السادي الذي يمارسه أزلام النظام المريض الآثم في معتقلاتهم وسجونهم وزنازينهم التي لا حصر لها...

إنَّ القراءة الجديدة المنصفة للأوضاع في بلاد ما بين النهرين هي عمل إيجابي يخطو باتجاه إنصاف حقوق الإنسان التي استلبت من أكثرية عراقية مكرهة على البقاء في المنافي ( التي استقرت بها طوال سني العقد الأخير).... ولكن القرار الحقيقي الفعال لا ينبغي أنْ يقف عند حدود قراءة الوضع وإدانته وترك المئات( أو الآلاف ) من طالبي اللجوء فريسة انتظار سلبي يستهين بكرامتهم ويستخف بحقوقهم الإنسانية ..بل ينبغي في ضوء هذا الإقرار بواقع الحال والتهديدات التي يتعرض لها طالبو اللجوء في حال إعادتهم بالإكراه إلى الوطن ( مثال ذلك الإعدامات التي تعرض لها أولئك الذين أعيدوا قسرا من لبنان والأردن والتفاصيل ما عادت سرية على متابع منصف ).. نقول ينبغي إتخاذ قرار جدي يحسم أوضاعهم ويحقق لهم الاستقرار ويمهد الطريق لاستكمال اندماجهم في إطار المجتمع بعد أنْ قطعوا وأبناؤهم أشواطا بعيدة في التأقلم والتكيف بخاصة من ذلك إتقان اللغة الهولندية , والانخراط في المدارس والمعاهد والجامعات ومؤسسات العمل المسموح بها قانونيا...

إنَّ هذه المشكلة ليست إشكالية قانونية حسبْ ( حيث إن الحالة تتعارض مع ما ورد بهذا الشأن في وثيقة ضد التعذيب و إتفاقية حقوق الإنسان ومع المواثيق والإتفاقيات الدولية المعروفة الأخرى ومع التشريع الهولندي الذي يلتزم احترام حقوق الإنسان والقوانين الراعية أو المنظمة لها , ولكن المشكلة هي أبعد من الإشكالية القانونية إنها تتعرض لما ينجم عن إطالة أمدها من ظروف إنسانية قاسية ومعقدة تطال مئات من النساء والشيوخ والأطفال والشبيبة خالقةَ َ أجواء إشاعة الأمراض النفسية و حساسية الرؤى نحو الآخر ومصداقية تعامله مع المواثيق والأعراف الإنسانية و الدولية مثيرة انعدام أو اضمحلال الثقة بين الجالية والدولة ومنشطة لعوامل الإنفصال والحذر بين الطرفين في مقابل إمكان تعزيز علاقات الإندماج عبر إجراءات منصفة .. وغير هذا وذاك فإنَّ حرمان القادرين على العمل من حقهم فيه طوال مدة الانتظار السلبية التي تتجاوز أبعد مما سمحت به التشريعات لتصل إلى سنوات ـ هذا فضلا عن المشكلات الاجتماعية الخطيرة لامتداد فترة السكن القسري في المخيمات... لذلك كله ولتفاصيل حيوية أخرى لا يمكن للكلمات أنْ تختزله من العذابات الإنسانية نمتلئ أملا في سرعة حسم هذه القضية على أقل تقدير على وفق القناعات الجديدة التي توافرت لدى وزارة العدل بصدد أولئك الذين تقطعت بهم سبل الحياة وخرجوا من وسط العراق وجنوبه وليس من الممكن عودتهم إلى مقصلة الموت ولا إلى إقليم كردستان حيث تُسَلَّط سيوف التهديد لمختلف القوى التي لها المصلحة في تأزيم الأوضاع هناك وإنهاء أي شكل من أشكال الاستقرار التي حظي بها الإقليم بجهود محلية ودولية طوال العقد المنصرم ...

إننا هنا نعيد التأكيد على مواقف جميع التيارات و القوى الهولندية التي قدمت تصوراتها المنسجمة مع حل هذه الإشكالية حلا عادلا وإنسانيا كما نؤكد على ااقوة القانونية التي منحتها التصريحات والإجراءات الأخيرة لوزارة العدل لحل هذه القضية بشكل شامل وموضوعي يكفل الحقوق الإنسانية الكاملة لطالبي اللجوء العراقيين من دون تعريضهم لجديد آخر من دوامة العذابات ومسببات الآلام الإنسانية. ونعوِّل على تضافر جهود جميع القوى المعنية بحقوق الإنسان و الجهات ذات المسؤولية والاختصاص للبت فيها بما ينسجم مع مصالح الجميع من دون إضافة آلام أو تعريض آخر للمخاطر والعذابات..

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

Dr. Tayseer Al-Alousi

website:www.geocities.com/Modern_Somerian_Slates 

Email:TAYSEER1954@naseej.com

1