العراقي بين مطرقة النظام (الديكتاتوري) وسندان قوانين اللجوء (الجديدة)

[1]

توقفت حرب الخليج الثانية عند حدود إخراج قوات صدام من الكويت والحد من تهديداته العدوانية وتقليم مخالبه.. لكنها أفرزت بشكل خطير تدميرا للبنية التحتية للعراق وأحرقت كل معالم البناء والحضارة ومقومات الحياة الإنسانية ودورتها الطبيعية فيما جاء الحصار الاقتصادي ليصب الزيت في نيران الطاغية ويساعده في استغلاله للشعب واستباحته لحرماته وليكون بذلك أكثر وحشية من دون رادع يكبح جرائمه بل وفّر له ذرائع همجيته مع أبناء الشعب الذين غزاهم فقر الحصار ومجاعته وأمراضه { يُنظر بهذا الخصوص الاحصاءات الدولية الرسمية} وكل نتائجه السلبية الوخيمة.. ولم يمنع هذا الحصار وبقية الإجراءات امتداد تهديدات الديكتاتور صدام لكل أرجاء البلاد ومن ضمنها إقليم كردستان المحرر إدارةََ ولكنه الخاضع بشكل غير مباشر لكل مؤثرات الحرب والحصار ونتائجهما؛ حيث لم تمنع الحماية المفترضة من اجتياح صدام الدموي للإقليم مشرّدا مليونين من أبنائه باتجاه سفوح الجبال بكل المخاطر الناجمة عن ذلك. كما أنه اليوم لا يتورع عن مدّ أخطبوط أذرع أجهزته الأمنية والمخابراتية بالاغتيالات والاختطاف والتفجيرات. وامتدادا لاستخدامه السلاح الكيمياوي ضد عشرات المدن والقرى الكردية وأعمال الإبادة والتدمير والاضطهاد , لا يتورع عن دعم كل الفعاليات الحربية والقتالية المستندة (اليوم) إلى أنشطة ال(حزب العمال الكردستاني) وغيره من جهات إثارة الإحتراب والتقتيل . كما أن هذا الأخير ( ح.ع.ك ) يشكل ذريعة مستمرة لتكرار اجتياح القوات التركية لمدن الإقليم وقراه ملحقة أفدح الأضرار المادية والبشرية ومثيرة كابوسا مفزعا مستمرا تجاه ما ينجم عن استمرار هذه الحملات وزاد الطين بلة دخول قوات الدمار الأسود من إرهابيي العصر الذين يلقبون أنفسهم بجند الإسلام وغيرهم من فرق التأسلم المتطرفة التي عاثت تقتيلا وتدميرا في كردستان.

 

[2]

 

ولعل هذه الصورة المأساوية هي التي جعلت عشرات ألوف العراقيين بخاصة من حملة الشهادات العلمية والمثقفين والأدباء والمفكرين والساسة المتنورين , يحزمون أمر رحيلهم إلى بلاد المنافي القسرية , منافي الاضطرار .. فهم لم يأتوا للنزهة ولا للاسترخاء في أحضان مهاجر اللجوء فبلادهم بلاد خيرات وفيرة حيث أرض السواد المليئة بغابات النخيل وسهوب القمح وآبار آخر قطرة نفط في العالم. لكن سوء (حظهم) أوقعهم في مصيبة ومصير لا يرحم. وهم إذْ يطلبون حق اللجوء في ظل أوضاع مأساوية دموية أقر توصيفها المجتمع الدولي في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات التابعة لهما.. {وكمثال على هذه القرارات :

القرار ( 688 ) وهو الوحيد من قرارات مجلس الأمن الذي يقرأ مأساة الشعب العراقي على ما هي عليه , وهو الوحيد الذي لم يُنَفًذ ولم تأتِ صياغته على وفق الباب السابع الملزم التنفيذ}..

إنً العراقيين إذ يطلبون حق اللجوء فإنهم يسجلون احتجاجا صريحا ومباشرا على استلاب حقوقهم في الحياة الاستقرار الأمني والنفسي . وإذا كانوا قد سجلوا احتجاجهم الجماعي على ما أصاب أوضاعهم في ظل نظام ديكتاتوري فاشي دموي وعدواني ارتكب جرائم الإبادة , وجرائم الحرب , وجرائم ضد الإنسانية.. فإنه من المستغرب جداََ أنْ يصادفهم مَنْ يقرأ في وسائل وطرق رفض طلباتهم المشروعة ويعمل على إيجاد الذرائع التي تدفع بهم إلى محرقة الإعادة إلى بلادهم أو لجزء منها ( إقليم كردستان) بحجة عدِّهِ منطقة آمنة.

و في الوقت الذي ينتظر طالبو اللجوء إنصافهم وإجابة طلباتهم على وفق القوانين المقرَّة دوليا .. يسمعون بأنباء قرارات سياسية أو إدارية تقرأ الأوضاع المأساوية المعقدة قراءة ذرائعية باتجاه غلق ملفاتهم و إعادتهم إلى حيث يقعون من جديد تحت وطأة مطاردات النظام وأنشطته في البطش والتنكيل بهم , فضلا عن أرضية لدمار والخراب الاقتصاديين حيث لا يمكن للطاقات (المحدودة جدا) استيعاب إعادة كل هذه الأعداد بقرارأحادي...ومن المفترض دراسة الأمور بالرجوع إلى قراءات المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي وقراءات حكومتي الإقليم والأحزاب السياسية ...

وجملة القول فإنً اللاجئ العراقي الذي ينتظر دعمه في تقديم رأس المظالم والاضطهاد ومشعل الحروب ومسبب الدمار إلى المحاكمة الدولية , يعتمد على عدالة القضاء في بلاد ديمقراطية لينصفه القرار.. ويدعم فرص حصوله على حقه في الحياة الحرة الكرية بعيدا عن المآسي والضيم وقلق الملاحقة التي سببت طلب اللجوء...

فليس من المعقول بعد مضي سنوات اندمج فيها اللاجئ العراقي وعائلته ( بخاصة من الشبيبة والأطفال الذين وُلِد بعضهم هنا) مع الحياة الجديدة .. ليس من المعقول أنْ يقعوا من جديد تحت مطرقة النظام الذي يفرحه سندان أي قرار يصدر بحقهم... ولا يعقل أن تكون آلية قرارات المجتمع الديموقراطي الحر سنداناََ يساعد مطرقة النظام الدموي .. وذلك في الحقيقة لن يخفى على عيون عدالة القضاء الذي سيقرأ المشكلة بكل أبعادها القانونية والسياسية و(الإنسانية) ... كي لا نوجد إشكاليات من نمط جديد مضاف إلى كل الإشكالات التي تنطوي عليها جوانح معاناة الشيوخ والأمهات والأطفال...

ولعلنا نسير معاََ لبناء حياة جديدة توقف المعاناة الإنسانية وتلجم مشعلي الحروب ومسببي الكوارث والمآسي بل وتزيحهم من أجواء الحياة في عالم جديد...

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

ديسمبر \ 2001

website:www.geocities.com/Modern_Somerian_Slates 

Email:TAYSEER1954@naseej.com

1