التعداد السكاني العام ومشكلة العراقيين الموجودين في الخارج

 

أوميد كوبرولو- البديل

 

رئيس تحرير مجلة توركمن شاني العراقية

 

turkmensani@yahoo.com

 

لم يبقى أمام العراقييون سوى شهرا وبضعة أيام لخوض أكبر وأصعب عملية إحصائية يشهدها العراق في تاريخه الحديث وهي أول من نوعها بعد سقوط النظام الدكتاتوري الصدامي المجرم. حيث لم تكن جميع الإحصاءات السكانية في العهد البائد صحيحا ودقيقا. فنتمنى هذه المرة وبعد زوال الظلم والتجاوزات والانتهاكات والممارسات الإجرامية بحق العراقيين وعودة الحياة الحرة والديمقراطية إلى العراق كما يدعونها الأحزاب والمنظمات العراقية التي بيدها مقاليد حكم البلاد، أن تكون تعدادهم السكاني العام لهذه السنة صحيحة وأكثر دقة.

 

يبدو الصيغة التعدادية الجديدة تختلف كثيرا كما كانت عيها في العهود السابقة بخصوص العراقيين المقيمين في خارج الوطن. حيث كانت العوائل العراقية تدرج أبنائها المتواجدون خارج البلاد في حقل خاص بهم ضمن نفس الاستمارة التي يستلمونها من السيد العداد . ولكن وحسب دعوات قوميات وطوائف العراق جميعا بعربه وأكراده وتركمانه وكلدانه وآشورييه وبقية طوائفه الأخرى أبنائها حضور التعداد السكاني العام الذي سيجري يوم الثاني عشر من تشرين الأول يدل على عدم إشراك العراقيين المقيمين خارج الوطن في العملية المهمة لو لم يحضروها بنفسهم.

 

ترى لو كانت صحيحة لماذا هذا التغيير المتعمد في العملية الإحصائية؟ أليس من الصعب على  العراقيين المقيمين في الخارج قطع ارتباطاتهم الوظيفية والدراسية ومواعيدهم المهمة والذهاب إلى بلدهم لحضور التعداد؟ لماذا تريدون هدر أموال العراقيين الطائلة بسبب  تثبيت وجودهم؟ ألم يكن الأفضل أن تعطى الحق لذوي العوائل في درج أبنائهم في استمارتهم التعدادية كما كان يحصل في السابق؟

 

من وراء هذه الفكرة الجهنمية في عدم إشراك الملايين من العراقيين الموجودين في الخارج في الإحصائية السكانية؟ وما هو هدفه من ذلك؟ ألم يكون التعداد ناقصا لو لم يدرج أعداد العراقيين وأديانهم وقومياتهم ومذاهبهم جميعا فيه؟ 

 

قبل يومين فقط اتصلت بالسيد القائم بأعمال السفارة العراقية في فنلندة وسألته عن كيفية اشتراكنا في التعداد السكاني؟ فأجابني بأنه ولحد الآن لم يستلم أية معلومات من وزارته الخارجية التي يديرها العقل النابغ هوشيار الزيباري.

 

أمر عجيب وغريب للغاية التعداد السكاني على أبوابها والحكومة العراقية الانتقالية تدعي بأنها أكملت جميع التدابير والسبل لإنجاحها ومصير الملايين من العراقيين في خارج البلد غير معروف! أتريد الحكومة العراقية المؤقرة أن تستغني عن عراقيتنا كما أسقط النظام الصدامي المجرم الجنسية العراقية عن جميع العراقيين في الخارج عدا أزلام نظامه المقبور؟ وإذا كانت الحكومة العراقية الفاضلة تريد إنجاح التعداد السكاني هكذا، فكيف ستجري العملية الانتخابية في البلاد والمزعم إجرائها في بداية العام الجديد؟ وكيف ستكون ناجحة؟ وكيف تصبح مصداقيتها ومصداقية الديمقراطية في البلاد؟ نتمنى أن لا يبلع الحوت الكبير السمكة الصغيرة في عراقنا الحبيب ولا يتجاوز القوي على حقوق الضعيف وينال الكل حقوقهم المشروعة الكاملة ويتحقق الديمقراطية في بلادنا ويسود المحبة والتآلف بين طبقات شعبه المقدام ويتفرغ العراقيون إلى بناء وطنهم وأعماره بدلا من التخريب والدمار وقتل الأبرياء والاعتداء على الآخرين.