البديل المدني الديموقراطي: بديل سلام لا بديل ثأر وانتقام، بديل إصلاح لا بديل تضليل وظلام

 

بدءا، لابد من توكيد أنّ من يتقدم بحلٍّ لمشكلةٍ أو بديلٍ لمتسببٍ بها، ينبغي أن يكون حله حلاً موضوعيا ناجعاً أو بديلُهُ بديلاً ناضجاً سليماً. وأن يتجنب الادعاء والزعم، يتجنب التضليل حيث الزيف والدجل والكذب. وعراقيا لابد من التوكيد أن من سطا على الوضع وأداره طوال السنوات العشر العجاف هو نتاج ثلاثي (الطائفية، الفساد، الإرهاب)؛ الذي بقي يستخدم وسائل التضليل مستغلا ما يشيعه من ظلام وظلامية لأسر الجموع. وعليه فالحل يلزمُهُ أن يعالج هذا الثلاثي.. والبديل يلزمُهُ أنْ يتجنب الوقوع بمصيدة تأسره في خانة أحد هذا الثلاثي المرضي.. بمعنى تجنب الوقوع بدائرة تداول كرسي السلطة محصورة في أجنحة الطائفية وبمعنى الخروج بالمسؤولية من توزيعها بوصفها غنيمة بين تلك القوى وأجنحتها. فالبديل لا يمكن أن يكون بالإتيان بطائفي مكان طائفي آخر أو استبدال فاسد بآخر.

إنّ البديل هنا هو الذي يتجسد بالقوى الوطنية الديموقراطية من بناة الدولة المدنية. وهؤلاء لم ولن يأتوا بتبديلات شكلية اسمية، ولكنهم سيأتون ليجسدوا التغيير النوعي الكلي الشامل في عمق جوهر الأوضاع وآليات العمل فيها. بمعنى أنهم يأتون لإزالة أسس الفساد وتفاصيله. ومجيئهم لا يكون بوضع أحد على حساب أحد آخر؛ بل بتفعيل الموجودين في واقعنا نفسِهِ، بجميع العناصر النزيهة وبإصلاح تلك التي أصابها الوهن، ومعالجة تلك التي أصابها المرض والعطب، ولا وجود لفكرة استيراد كائنات خارجية بل التغيير يأتي بميدانه الواقعي الفعلي..

فالبديل المدني الديموقراطي لا يوظف ملائكة وأنقياء من الحلم أو الوهم ولكنه بديل يحمل المشروع الأنجع والبرنامج الأنضج والآليات الأسلم والأنسب للتغيير موظِّفا وجودنا الإنساني.. طبعا بقيادة الأنزه ممن يُجمع عليه الصوت الشعبي وبمشاركة من يكون مستعدا للإصلاح ولقبول العلاج بمعانيه القيمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أي بمجمل تفاصيل الشأن العام.

وهكذا، فالديموقراطيون لا يعتاشون على أخطاء الآخرين ولا يتصيدون بالمياه العكرة، لأنهم بدائل سلام لا انتقام بدائل إصلاح لا تضليل وظلام. فأما كونهم بدائل سلام لا انتقام فلأنهم رسل السلام وحملة راياته وهم يبحثون  عن إشاعة الإخاء والتفاهم والألفة والتعايش سلميا  وهو ما جعلهم دوما يعالجون الثقافة العامة من أمراضها لينشروا قيم الإيجاب بدل خطاب الثأر وآلياته..

إنّ اختيار قوى البديل المدني الديموقراطي تعني اختيار من يمكنه تحقيق الاستقرار والطمأنينة، وافتتاح دروب التقدم والبناء والتنمية.. ويعني اختيار البديل المدني الديموقراطي اختيار طبيب المجتمع الذي نلجأ إلى عيادته وعلاجاته لينقذنا من أمراض وأوبئة نالت من وجودنا، وأصابتنا بجراحات فاغرة طالت قيمنا وممارساتنا وعلاقاتنا...

إننا إذ نختار البديل المدني الديموقراطي، نقرّ بما أصابنا ولا ندعي ولا نزعم أمرا خارج واقعنا الفعلي وهو أول الطريق لمعالجة الأمراض والنكبات والاحباطات وإزالة أسباب اليأس والانكسار.

بالمجمل نحن الديموقراطيين لسنا بقادمين من الفضاء الخارجي أو نهبط من أبراج عاجية بل نحن من هذي الجموع المتطلعة لحياة إنسانية آمنة مستقرة كريمة، نحن لا نأتي على حساب أحد ولا نعتاش على أخطاء الآخر أو نتصيد له مثالبه. إننا بحالة تداول المسؤولية بقصد البحث عن أفضل البرامج وأنجع الحلول وأنضج البدائل.. وبالمحصلة أو الحقيقة التي أكدتها الوقائع، فنحن الديموقراطيين لسنا بدائل انتقام بل نحن بدائل سلام حيث تعزيز الإخاء وإنصاف الآخر بمؤازرته وتلبية حقوقه أو بمعالجته وإصلاح حاله من كل مرض...