كرنفال النخلة العراقية 2014

عندما انطلق هذا الكرنفال في فكرته، التقت أصوات العراقيات والعراقيين مع حفيف سعيفات نخيلنا لقراءة الممكن المتاح في انعقاده عراقيا. ثم جاء (كرنفال النخلة العراقية) بنسخته الأولى بفضل مساهمة آلاف من المواطنات والمواطنين سواء منهم من حضر ميدانيا الاحتفالية الأولى أم من شارك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شبكة الأنترنت؛ وأروع ما بالمشهد أن الناشطات في الكرنفال كنَّ يتقدمن الصفوف لعقد النشخة الأولى من الكرنفال. يومها لم نستطع عقد الكرنفال بالبصرة لضيق ذات اليد ولعدم توافر الإمكانات لدى الجهات المسؤولة وإلا فإنَّ النيات والإيمان بالفكرة موجودة مع وجود مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية.

ولقد كشفت اللقاءات والتغطيات الإعلامية والصحفية حجم الإهمال الذي عانته وتعانيه مؤسسات البحث والدراسة والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية! ضمنها مركز بحوث النخيل في البصرة الذي يكاد يكون المركز شبه الوحيد في ميدانه ومع ذلك فهو أشبه بخالي الوفاض مالياً بلا ميزانية تدعم تلك العقول العلمية الكبيرة التي تتطلع لتشغيل طاقاتها في خدمة هذه الشجرة وإمكان وضعها بين  قوائم المحاصيل الاستراتيجية بثمارها المتنوعة..

كما كشف توجهنا نحو عقد كرنفال النخلة بنسخته الأولى حجم الكارثة التي أصابت النخلة العراقية سواء في زمن الحروب العبثية أم طوال العقد الأخير بعد سنة 2003. إذ شهد قطاعها مزيد نكبات من أمراض بلا علاج ومن عمليات تجريف وبمثل مصطلحات القانون الجنائي عندما يتحدث عن جرائم إبادة جماعية فلقد تعرضت النخلة العراقية لجرائم إبادة جماعية بمختلف الطرق والوسائل والأفاعيل ومنها ما جاءت تحت ستار القانون بخاصة عندما تعلقت الأمور بحقول النفط!؟ وببناء الدور السكنية!؟ وكأن مسطحات البلاد المتروكة كلها بُنيت ولم يبق إلا بساتين النخلة العراقية المسكينة المبتلاة!!

ومع ذلك ساهمت المرأة العراقية بروعة عطائها في الترتيب لعقد الكرنفال بنسخته الأولى في مدينة الديوانية وكانت من بين الفاعلين المشاركين به على بساطته لكنه كان رسميّ الانعقاد وساعد على إعلان يوم 14 آب أغسطس يوما للنخلة العراقية  وهي خطوة مهمة وتأسيسية على رغم تواضعها. لكن مفخرتنا نحن المبادرين أننا حشدنا وسائل إعلام فضائية ومحطات إذاعية وصحف محلية ومواقع ألكترونية وصلت لعشرات ألوف إن لم نقل مئات ألوف أهلنا المعنيين بكرنفال النخلة العراقية بمضامينه وتطلعات أهدافه.

هذا العام كنا أطلقنا المحاولات والاستعدادات بوقت مبكر منذ أشهر وجرت محاولات واتصالات عديدة؛ لكن أمرين عرقلا إمكان الانعقاد الميداني اليوم بمدينة عراقية فكل مدن النخيل متضامنة مع أهلنا يُقتلعون من بيوتهم وقراهم ومدنهم حيث المسيحيون والأيزيديون اليوم تحت وقع حوافر الجريمة والمجرمين يعانون من مقاتل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، هذا فضلا عن صمت وطمس رسمي متجذر بسبب الفساد وبسبب انعدام وجود خطط وبرامج عمل حقيقية ما جعلنا نجابه بحائط الصمت المقيت!!؟

لقد التحق بالكرنفال وصفحته الرسمية المتواضعة في مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المشرقين بأمل تفعيل الكرنفال تلبية لرفع صوته وتعريفا بأهدافه سواء منها الثقافية والعلمية أم تلك التعريفية الإعلامية وكل أدوات التوجه نحو خلق صناعة سياحية ثقافية وأخرى إعلامية تؤكد واجباتنا في حملات استزراع بملايين مستهدفة لغابات تعيد بساتين الوطن جنائن بهية بثمارها... وسيكون من أولوياتنا في العام التالي فتح الموقع الرسمي وتعزيز العضوية فيه على أساس أن وجود كل عراقية وعراقي في الموقع هو مساهمة جدية فاعلة بديلا للصمت الذي يُراد له أن يكون وسيلة أخيرة للإجهاز على آخر نخيلاتنا الصامدة بوجه عمليات الإبادة التي حولت الـ30 مليون نخلة في ستينات القرن الماضي والمرتبة الأولى بين بلدان العالم إلى ذيل تلك البلدان بينما باتت بلدان صحراوية غير مؤاتية البيئة إلى البلاد المحتفلة بعشرات ملايين شكلت غابات لها بداية وليس لطموحها نهاية حتى تغطي تراب الوطن بوجودها الوارف ظلالا وثمارا...

إننا أيتها العراقيات أيها العراقيون معنيون بنخلة ستكون ثروتنا الوحيدة بعد نضوب خزانات النفط المحدودة بينما نخيلنا باق ما بقيت الأرض والإنسان.. فضلا عن أمور أخرى.. تدفعنا للتمسك بكرنفال النخلة العراقية نؤكدها وأكدناها في رسالة الكرنفال بنسخته الأولى هي مستحقات أنسنة وجودنا وضمان بيئته الأنسب والأغنى... ولهذا فنحن نطالب بكسر الصمت الرسمي ولا نرى فيه سوى فشلا وخطلا خطيرا يواصل تخريب حاضرنا ومستقبلنا ونرى أن تحريك البركة الراكدة سيكون من مهام لقائنا العراقي الأوسع والأشمل  في هذا الكرنفال وبرامجه من أنشطة إعلامية وسياحية ثقافية وأخرى معرفية علمية بحثية..

وإذا كنا لا نستطيع نطق كل عام وأنتم بخير إلا بغصة مستشكلة، فإننا على ثقة بأن الآتي سيكون أبلغ وأروع بفضل تحولنا إلى أدوات عمل مثابرة نوعية التأثير؛ مطالبين أحبتنا جميعا بمختلف ميادين وجودهم الرسمي الحكومي والمنظماتي الشعبي أن ينهضوا باستجلاب ما يمكن من طاقات وقدرات ومشروعات تساعد على استنهاض الجهد..

ولنستعد لتوصيات من قبيل أقسام دراسية بالجامعات والمعاهد وتركيز على البحوث المتخصصة فيها، وإلى مختبرات نوعية متخصصة وإلى حملة استزراع بأحدث الأسس لملايين فسائل جديدة وإحياء بساتين اغتالوها وإلى مؤتمر دولي ينعقد في بصرة النخيل في ظلال مركز بحوث النخيل في 14 آب أغسطس 2015 ولنستعد لكرنفال النخلة العراقية 2015 بمساهمات محلية وإقليمية ودولية وبوجود إعلامي تغطيه قنوات تصل أبعد مشاهد في كوكبنا ولنكن بأهبة المشاركة نحشد لأفكار تبدأ باعتماد يوم 14 آب أغسطس يوما للنخلة العراقية رسميا في الحكومة الاتحادية ونشرعن برلمانيا لقانون يخص النخلة بوصفها أساً وطنياً لا يمكن تركه بلا اعتماد جوهري استثنائي يرفض مشروعات ترقيعية.. ولنكن على مستوى مسؤولياتنا تجاه وجودنا حاضراً ومستقبلا ولن يفيدنا حال التشتت باحثين عن مهرب من وطن يمكننا أن نحيله إلى بساتين خير وجنان كوكبنا...

شكرنا وامتناننا وتقديرنا لكل من اشتركت هنا بكرنفالنا بنسخة عامنا هذا، وثقتنا بأن جهدنا لم ولن يذهب سدى بل سيتجه إلى حيث الأهداف  المرسومة وسيأتي الكرنفال بهيا كبيرا مشرقا بوجودكم التأسيسي.. بورك فيكم وأهلنا ونخيلنا وحتى نلتقي في العام القابل لينعقد كرنفال النخلة العراقية الجديد، نحن نحتفل اليوم ونعمل على مدار العام من أجل هذا الكرنفال العتيد بين كرنفالات العراق الجديد عراقنا عراق السلام.

لكم التحية بيومكم هذا وندعوكم لوضع بصماتكم بالانتقال إلى صفحة المناسبة لنحتفظ بها في سجل ينمو بكم وبأدواركم الفاعلة وبكل تصوراتكم المعطاء المثمرة. ولتقرع طبول كرنفال النخلة العراقية، كرنفال السلام لتعلو على أصوات الحروب ومواجعها وتمحوها معالجةً إياها نهائيا وللمرة الأخيرة في بلادنا التي تعود بلادا لبساتين الخير وريحين السلام، ودمتم.

 

 

تيسير عبدالجبار الآلوسي

عن

لجنة تنظيم كرنفال النخلة العراقية 2014