دور الجاليات العراقية  في إعادة إعمار العراق

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  02 \ 17

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

مع السنوات العجاف للمنفى استطاع العراقيون أنْ يرسِّخوا لأنفسهم فرص تكوين جاليات متماسكة لها دورها المقبول وإنْ كان مازال في أوليات ليست كما الجاليات العريقة الأخرى.. اليوم يغذون السير وهم في مهاجرهم من أجل دعم إعادة إعمار البلاد وتلك أبسط حالات الصلة بالوطن وأولها, وهم في الحقيقة يمتلكون الحسّ الوطني العميق لتلك الصلة ولعملية تفعيلها والتواصل مع الوجود الأم لثقافتهم ولتكوينهم الاجتماعي والروحي الحضاري ولمعطيات تفكيرهم وتوجهاتهم الحياتية...  

من هنا كان التساؤل الجوهري ينصب على عملية توظيف تشكيلات الجالية العراقية بمدِّ الجسور المنظـَّمة معهم وعدم التوقف عند المبادرات الفردية أو التعويل عليها بل ستكون مبادرات بعض منظمات الجالية مبادرة ميتة أو تفشل قبل ولادتها أو تتوقف عند حدود الإحباط والتراجع والتكسر على حواجز تقطـّع الأواصر وإمكانات الدعم الحقيقي وفتح الفرص أو البوابات المناسبة لإنجاح المشروعات المتفاعلة مع طبيعة المرحلة والمستجيبة لمطالب عراق الداخل حيث المحنة الحقيقية...

ومن الطبيعي أنْ نقول إنَّ من أول الفرص الصحيحة هي توجيه السفارات العراقية نحو لقاء منظمات الجالية واستقراء تصوراتها وإمكانات عملها من أجل عراق الغد المنتظر الواعد. والعمل على تسهيل فرص مدخلات إعادة الإعمار. ويمكن في الإطار للمنظمات والأفراد أنْ ينظموا أنسفهم في إطار مكاتب تنسيقية أشبه بمكاتب العلاقات العامة من جهة وبمكاتب توفير القراءات الصائبة التي تنشط وتفعل توجهات المستثمر المطلوب من بلادنا لمصلحة إعادة الإعمار..

ولابد لمثل هكذا مكاتب من تلقي الصلات الكافية من وزارة التخطيط العراقية ومن الوزارات ذات العلاقة بما ينشط فاعلية مناسبة من جهة وبما يعمق الفعاليات التنسيقية ووضوح الأهداف التي تسير على وفقها كل الأطراف.. ومن جهة ثانية على مكاتب من هذا النوع أنْ يكون لها خبراؤها ومتخصصيها وأنْ تجمع الأفراد والمنظمات والجمعيات بالشكل الصحيح الصائب لأداء المهمة..

ومن الطبيعي أنْ تفتح مكاتب إعادة الإعمار خطوط اتصال بالإعلام المحلي للدول التي تتأسس فيها كما تسجل الدعاية الكافية لمشروعات قيد التساؤل عن مستثمرين وداعمين .. وهكذا سيكون من الصحيح عدم الاكتفاء أو التوقف عند الإمكانات المحدودة للمكتب وأعضائه بل الإفادة من كل الممكنات المتاحة عراقيا وأجنبيا..

وعليه فإنَّ تصورا واضحا من هذا القبيل سيكون من الصائب التعامل معه منذ اللحظة الأولى لإعلان وجود مثل هكذا مكاتب وعلينا ألا نقلل من شأن أبسط الجهود وأصغرها فنحن بحاجة لكل جهد يصب في إعادة البناء بعدما وجدنا بلادنا في مصيبة الخراب الشامل الذي نراها عليه الآن...

كما أنَّ من الصائب منع حالات الإحباط التي تصادف كثير منّا في حالات الضياع بين الروتين والإهمال وعدم الاهتمام وغض النظر والتشتت وعدم التركيز وفقدان الخطة الصحيحة المناسبة .. هنا لابد من التواصل وتكثيف العمل المؤسساتي بما يعطي استجابات تفعيلية بدل المعرقلات والمصدات المسببة للإحباط..

ولا ينبغي لطرف أنْ يترك روح المبادرة على الطرف الآخر فالمكاتب المؤسسة حديثا عليها الاتصال عبر القنوات الصحيحة بالجهات المعنية وعليها الاهتمام بالخطط المناسبة للنهوض بالمهام التي سيتكلفون بها وسيكون من باب أولى أنْ يتصلوا بالجهات العراقية للسؤال بصدد الأولويات وبصدد إمكان عقد مؤتمرات تنشيطية وللقاء أو للجمع بين أطراف الإنجاز والفعل..

ومن جهتها الحكومة العراقية عليها الالتفات لمثل هذه التجاريب بوصفها منافذ قد تتيح فرصا أوسع لولوج عالم الاستثمار ودعوته المشروطة بخطوط التصورات العراقية وترسيمهم لحدود حاجاتهم التي يرومونها.. ومن ثمَّ يُنتظر منها دعم التجاريب بالممكن في الظرف القائم..

إنَّ لقاء مباشرا بين ممثلي الأطراف كافة مناسبا اليوم قبل الغد لتأدية أول الحركة والتفعيل والتنشيط ولكل دولاب دافعه الذي يحركه بالطريقة الملائمة..

هنا لابد من التذكير إلى كون هذه المكاتب صاحبة علاقة بالجالية العراقية ما يترتب عليه مهمات لكل عراقي هنا في المهجر فالفنان له دور ةالكاتب له دور والمثقف والأكاديمي وأعضاء منظمات حقوق الإنسان والجمعيات والفاعليات المتنوعة الأخرى ومنها الأفراد ومبادراتهم من مواقع وجودهم وتخصصاتهم..

وبالتحديد ستكون هذه المهمة ذات حيوية في رصد الدعم وفي رفع مستوى الرصيد الاستثماري لإعادة الإعمار.. إذ هذه المكاتب ليست دوائر هندسية للمقاولات ولكنها أشبه بمكاتب علاقات عامة فضلا عن كونها جهات تنسيقية تفيد من خبرات العراقيين وغيرهم بهذا الخصوص..

وبلادنا تتطلع اليوم إلى حميم العلاقة وصميمها وطيبها ومفيدها من رحمها وأبنائها الذين تأقلموا مع المهجر وما عاد من الممكن عودتهم اليوم بشكل مباشر ولحين تحقق العودة يمكنهم أنْ ينهضوا بمهمة وطنية شريفة سامية وهذه كلمة تتطلع إلأى مزيد من التركيز والفعل والتواصل اليوم وليس غدا....

 

خاص بصوت العراق   www.sotaliraq.com

 

1