الشيعي والسني المصير الواحد لدم الأخوّة العراقي

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  03 \ 03

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

كارثة مأساوية ومصاب العراقيين في دمهم الذي يُهرَق. كل ذلك من أجل مزيد من آلام وأوجاع  لطالما امتد زمنها تحت ضيم الطغاة. واليم وقد هُزِم مصاصو دماء العراقيين من صنّاع المقابر الجماعية.. يواصل أحفادهم من يقايا فرق الموت والدمار اللعب في الوقت الضائع من أجل أنْ يمزقوا وحدة نسيج العائلة العراقية علَّها تكون خليفتهم بعد انطفاء نيران حقدهم وتكسر معاول هدمهم وتخريبهم...

بالأمس حيث مشاعر النبل والتسامي والاحتفاء بسيّد الشهداء وباستعادة مجده في التضحية والعطاء, في الصبر والجَلَد على المصيبة, بالأمس يضرب الخبثاء من مرضى العصر وأوباشه فيطعنوا العراقيين في أبنائهم وفي جسدهم المثخن بمطاعن سيوف الجلادين. ولكن خاب فألهم فلم تفلِح كلّ محاولاتهم القديمة عبر عصور العراق المتعاقبة لتفلِح طعنة الغدر الأخيرة...

ولن ينجحوا في تحطيم وحدة نسيج العائلة العراقية ولحمتها. ولن ينجحوا في هدم الأخوة والمصير الواحد والانتماء الواحد. بل تتعزز تلك الوحدة ويسابق السنّي أخاه الشيعي للدفاع عن الدم الذي أُريق على الأرض المقدسة الطاهرة أرض الرافدين التي أعطى لها كل العرقيين حيواتهم على مرِّ العصور من أجل أنْ تبقى شامخة حرة أبية عصية على التمزق والتفتيت...

ولن يتنازل أخ سني عن دم أخيه الشيعي ولن يهدأ بالنا جميعا حتى نحقق للعراق أهدافه ونكنس كل الدخلاء والمتسللين وأوباش وصنائع الأجانب من ذوي المطامع والأحقاد الدفينة التي يوجهون بها مطاعنهم إلى النحر العراقي العصي على التبعية والذل والهوان والموت ...

هكذا كان العراقي الشيعي ثابت الجنان في قمة لحظة المأساة فصاح واأخاه السني. وهكذا كان وجد العراقي السني في قمة لحظة طعنه حيث طُعِن أخوه فصاح لبيك يا دمي وصوتي ونخوتي ووجودي. وكلاهما للعراق ابن بار وكلاهما للعقل يحملان منذ سومر وآشور ومنذ وقفة البطولة والشهامة والعطاء والتضحية وقفة العز لسيد الشهداء وحتى وقفة الشموخ لأبناء الحرة والحرية لبناة العراق ومجده اليوم وغدا وأبدا..

وهكذا فلسان العراقيين يقول وحدتنا أولا وفوق كل اعتبار فالمجرم تسلل من ثغرة لابد من ردمها بقوانا الموحدة الواحدة. ولا يذهبنَّ طرف في التخفيف من مسؤولية المجرم لجهة ترحيل المسؤولية والانشغال بمساءلة قوات احتلال عن دورها ومسؤوليتها القانونية فتلك انشغالات غير العراقي . أما العراقي فمهمته العمل وليس الجدل مهمته البحث في تشخيص المجرم وملاحقته لوقف أفاعيله بالمطلق..

ومهمة العراقي البحث في أدوات الجريمة وأهدافها وفي تشخيص ما فينا من مناطق ثغرة أو ممر تسلل لنسدّها ونعالجها ونزيلها فنزيل خطرا جاثما بين ظهرانينا يؤسس لمواطئ قدم له ويعمل على أنْ ينشب أضفاره في جسد العراق والعراقيين .. ولكن هيهات أنْ يسلِّم العراقي رقبته ورقبة العراق ومستقبله ومستقبل أبنائه وحرائره لأولئك الجبناء الدخلاء...

لا تخففوا من مسؤولية الجرم والجريمة والمجرم في تحول أنظاركم ولو لزمن رمشة عين وطرفة جفن بل لنركِّز على مَن ضرب فينا فلذات أكباد العراق والعراقيين ولنصلْ إليه اليوم قبل الغد ولمنع مطامعه في الطعن في وحدتنا وحدة عائلة عمرها عشرة آلاف عام..

لنحيي روح الكبرياء العظيمة ونظهرها رائعة بهية قوية متماسكة في لحظات الشدة.. وليكن ديدن العراقي نصرة أخيه والتلاحم وإياه ضد الدخيل وضد الأفاعيل مهما كبُر حجمها وتعاظم شأن مصيبتها والوجع الذي تُحدِث والدم الذي تريق. فلم يجف بعد دم شهدائنا ولن يجف حتى نحقق الهدف الذي من أجله استشهِدوا وهو نظافة العراق وطهره وحريته ومجده واستقرار أوضاعه وعيش شعبه بسلام ووئام ووحدة ورفاه وتقدم...

لنعيد حياة النماء والخضرة ونصرّ على أنْ لا كارثة تهزنا ولا مصيبة تخضعنا ولا ضغوط تطيح رقابنا وتذلنا أو ننصاع فنسير في تبعية لأهواء الدخلاء الأجانب.. فليحيا دم العراقي الواحد من أجل مجده ومصيره الواحد وليبق العراقيون شيعة وسنّة وكل أطيافهم على حدِّ ِ سواء جبهة واحدة عائلة واحدة لا تهزها ريح عاصفة بل يقفون وقفة العز والشموخ موحدين بعز دماء الشهداء ولن يضيعوا تلك الدماء هدرا فيحتربون أو يتقاتلون بل لمزيد من عزيمة الوحدة وتكاتف الأخوة والأخوات العراقيين والعراقيات لا فرق و اختلاف ولا خلاف ...

 

 

 

 

1