تحالف العراق الآن.. تحالف الديموقراطية والسلام

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  04 \ 20

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

تنهش في جسد العراق اليوم قوى أغلبها من عصابات الموت القادمة من الشرق والغرب أيضا. أما من الداخل فقد هزمت الدكتاتورية العتيدة إلى الأبد ولكنَّ باقياها ما زالت اليوم تقاتل في ظل دعم لوجستي بل دعم بالمقاتلين ودخول للميدان بشكل مباشر من قبل قوى تقف على أعتاب حدودنا العراقية الشرقية بخاصة ولا نستثني من الحدود موضعا آخر كونها صارت مصدر التسلل والاختراق. وراحت الريح تلعب بستائر بوابات العراق حيث لا جيش ولا شرطة ولا بعض قوى سياسية [تدعي الوطنية] بميليشياتها المقدرة بعشرات الآلاف تحمي تلك البوابات المشرعة على مداها....

والداخل صار نهبا للعابثين والمجرمين يحكمون بسلطة متفجراتهم وقنابلهم المواطن الأعزل المسكين الذي لم يكد بعدُ يرى نور الحرية.. وطعم الحياة السلمية غير الخاضعة لآلات التعذيب والدمار والموت... علما أنَّ يومنا هو يوم الخلاص من الطاغية والتحرر من عبودية مقيتة انتهت إلى الأبد وكل تلك الحالة من الاستشراس التي تبديها قوى محلية أو دخيلة لن تعدو فورة أخيرة لآخر معاقل استغلال أهلنا وشعبنا.. فما الحل في الظرف الراهن بكل تفاصيل نواقصه؟

في نظرة عجلى لاصطفاف القوى السياسية في البلاد سنجد أنَّ القوى المستفيدة من استمرار حالة عدم الاستقرار والفوضى هي تلك التي أسميناها بالأمس القريب تجار الحروب وحيث انتهى زمن ادخال شعبنا في حروب الدمار والموت فإنَّ وسيلتهم ليست غير إشاعة الاضطراب وعدم الاستقرار...

ففي ظل مثل هكذا ظرف يمكنهم تمرير تجارتهم من أسلحة ومخدرات وحتى المتاجرة بالأشلاء وبالاختطاف واغتصاب حقوق الناس في ظرف لا يوجد في البلاد من قوة تحميهم في غياب قوة السلطة المركزية.. كما إنَّ حالة تشتيت مهمات السلطة المركزية ومشاغلتها بأمور جانبية وبالتحديد بأعمال الطيش هي وسيلة مهمة لهم في السطو على واقع ماساوي خلَّفه نظام الطاغية بعد حربه الخاسرة وهزيمته التكراء في ميدان ظل يتبجح فيه بقصد أسود كان يخفيه للبلاد والعباد...

إذن ما الحل؟ لابد أولا وقبل الإجابة عن الحل المقترح أنْ نقول بأنَّنا يجب أن ندعو كل كتابنا وباحثينا ليقدموا دراساتهم العلمية الموثقة للواقع العراقي الجديد ويقرأ كل منهم أسباب صعود التيارات الظلامية ووصولها إلى الناس وهنا بعجالة يمكننا أنْ نسجل المتاح بأيدي أولئك من فضائيات ما زالت تغني بأمجاد القتلة والمجرمين وتدفع لتوتير الأوضاع وتحرض على القتل والاغتيال واحتدام الأمور بالخصوص بين أطراف وطنية أساسية فضلا عما قلناه بصدد الدعم اللوجستي الحاصل..

أما ما بأيدينا والمتاح فليس غير وحدة كل القوى المخلصة والنزيهة ووقف الإعلانات الرنانة المحبطة للآمال حيث لا تنفيذ لها والتداول الفوري باشكال أو آليات العمل المشترك تحت مسمى العراق الآن إذ العراق اليوم يُحرق ويدمَّر ويخترق ليُنهى في غده فلا نقولنَّ عراق الغد فمن دون عراق اليوم [العراق الآن] لن يكون لنا [عراق الغد] ...

إنَّ تحالف العراق الآن هو تحالف السلم والحرية أو الديموقراطية تحالف تحقيق الأمن والأمان ولابد لنا من حملة وطنية حقيقية ضد العنف وقواه ضد الاحتكاكات حتى الصغيرة منها ولا يمكن لنا أنْ نتساهل مع أية قوة تخرج على فلسفة العراق الآن عراق السلم والحرية لأنَّنا بهذه الطريقة نستطيع لا تجميع قوانا السياسية الفاعلة بل تحشيد القوى الشعبية الواسعة ولفّها حول هذا الشعار الذي يجب أنْ يدوي سريعا بين أوساط كل العلمانيين والليبراليين والتقدميين والثوريين والتيارات الدينية السلمية المعتدلة التي تخضع للدستور الوطني المُجمَع عليه وكل قوة وطنية نزيهة ليس لها إلا البدء الفوري بالعمل من أجل عراق اليوم ..

إنَّ العراقي قضى ردحا مهولا من عمره في ظل الاستغلال وليس له من العمر ما يبعزقه على أنفار بعض قوى التأسلم السياسي المزيف بالتحديد وقوى الظلام والتخلف وقوى العصابات المنظمة  وقوى التخريب وغيرها من تلك التي تلعب بمصير العراقيين بمسميات وادعاءات شتى...

وليس للعراقي من العمر ما يضيّعه على مبادئ أيا كانت غير تلك التي تقدم له الأمان وهو يحيا حياة إنسانية كريمة مثله مثل بقية البشر في المعمورة اليوم. وليس لعراقي بعد ذلك أنْ يكون أمنه وسلامته وخيره في ظل يمين أو يسار أو في ظل هذه القوة أو تلك المهم تحقيق ذلك بوسيلة عملية مباشرة لا تضيع من عمره لحظة...

ولن يكفي جوعى الدم والمتعطشين إليه ولو امتصوا كل دماء العراقيين فهل بعد هذا ما يريده العراقي الشيعي أو العراقي السني أو العراقي [البرتكيشي] بعد أن طلع في رأس أحزاب الطوائف تقسيمنا بحيث تـُجبَر الزوجة الشيعية الأصل أنْ تتخذ من أحد الأدعياء مرجعية وأنْ تكون في عراق الغد تابعة لمقاطعة أو دولة الشيعة ويكون الزوج السني في دولة السنّة ويكون الأبناء في [منطقة الحياد] التي تمَّ التبرع بها..

أو في منطقة يأتيهم الرصاص من أعمامهم أو من أخوالهم!!! وياللعجب العجاب حين أجدني مكرها تحت سياط مبادئ أحزاب الطوائف على القول بأنَّني من قسم من العراق ولست من العراق أو أجدني أحتاج لأكثر من تأشيرة لأصل إلى صديقي في الإقليم الشيعي أو الإقليم الكذا أوالكذا ولبئس ما يدعون إليه أولاد الــ... الذين أتت بهم أمهاتهم من خلف حدود مكارم الأخلاق..

دعوة إذن هي اليوم لتحالف العراق الآن عراق السلم والحرية ولنلقِ بتعفف الدبلوماسية واللياقة التعبيرية وأساليب الخطاب [الأتيكيتي] مع أوباش البنادق الذين يعتقدون أنَّ أنصار السلام ضعفاء بلا سلاح يدافعون به عن أنفسهم وليكن سلاحنا جيش دولة العراق وشرطة العراق ومؤسسات أمن العراق وحركة شعبية عريضة من تحالف العراق الآن. وهذه اللغة ليست لغة موتورة أو جزءا من رد فعل انفعالي تجاه أولئك المخربين بل هي ضرورة للفصل بين الخطابات التي تخدم العراقيين وتلك التي تتخفى مخادعة وهي تنتمي إلى معاداة العراق والعراقيين ..

ولنؤكد بعد ذلك على بناء مؤسسات دولتنا ولنمشِ في طريق الحياة السلمية طريق الديموقراطية واقفين بحزم وشدة بمجابهة أدعياء العمل من أجل فئة أو طائفة على حساب أخرى وهم يعملون على حساب الشعب كله ومنه على حساب مَنْ يدعون العمل من أجله في ادعاء سافر رخيص للمتاجرة والتغطية على حقيقة الجوهر الذين يكنّون...

فإلى حركة العراق الآن .. عراق الديموقراطية والسلام. حيث كل قوة عراقية مخلصة تعمل من أجل العراق في ظل سلامة النهج والهدف...