حول ضرورة وجود إعلام

باسم منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  05 \ 24

E-MAIL:  tayseer54@maktoob.com

 

تأتي الذكرى السنوية لولادة موقع عراق الغد لتثير عددا من التساؤلات المهمة بخصوص الإعلام في العراق الجديد من جهة وبخصوص التعبير عن مبادئ المجتمع المدني وحقوق الإنسان ومن ثمَّ تصورات منظمة عراق الغد بوصفها منظمة تُعنى بهذه الشؤون وتحمل راية توطيدها في بلادنا بعد سنوات قحط حلـَّت ببلاد القوانين ومجتمع المدنية الأول..

وتظل عملية الولادة الأولى لمثل هذا الموقع المتخصص من الخطورة والأهمية بمكان حيثما تذكرنا الوضع العراقي المخصوص وهو ينتقل من زمن الدكتاتورية والطغيان, زمن مصادرة الحريات ومنع قيام المؤسسة المدنية ومن ثم الحظر المطلق لمزاولة أية أنشطة تعبر عن حقوق الإنسان بكل تفاصيلها, إلى زمن الحريات زمن العراق الجديد..

وليس من السهل عبر أرض ملأى بأشواك الطغيان والأحادية والحكم الشمولي القمعي وبقاياه المستأسدة من أجل إعادة دورة الحياة والرجوع بالزمن إلى الوراء, ليس من السهل بعد كل ذلك الانتقال إلى زمن العمل المؤسساتي بديلا عن طغيان الفردية وقوانينها العدمية المطلقة..

من هنا كانت مسألة ولادة موقع عراق الغد على تواضعها تحمل على أكتاف موجديها أعباء هائلة ومهمات عظيمة تخط بوساطتها طريق التعريف بآليات العمل المؤسساتي المدني وبقضايا حقوق العراقيين الإنسانية التي حُرِموا منها طويلا.. بمعنى من المعاني ليس وجود عراق الغد مفردة بسيطة بين المواقع الأخرى بل هو موقع يعبر عن حقيقة يتم تأسيس عراق الغد عليها حقيقة لا يزعم أصحاب عراق الغد امتلاكها لوحدهم ولكنّها لغاية اللحظة ما زالت تراوح بتخصصيتها عند تلك الأوليات التي يخوضون غمار العمل بها والتأكيد على مبادئها ومحاولة توطيد أسسها..

وعليه فإنَّ المنتظر من عراق الغد هو التحول إلى مستويات الفعل النوعي وعدم الانتظار والتقوقع على دائرة ضيقة من الفعل والخطاب الإعلامي المحدود بمعنى ضرورة بل حتمية التوجه نحو العمل الصحفي الواسع في الداخل من جهة وإيجاد مراكز البحث المتخصص على وفق منطلقات المنظمة التي يعبر عنها موقع عراق الغد وهي منظمة واسعة الأرضية متينتها وإنْ كانت ما زالت بعيدا عن الأضواء التي تتناسب وحجم المهمة الكبرى التي تضطلع بها..

كما ينبغي التفاعل مع فضائيات عراقية وعربية ودولية وتشكيل جهاز اتصال إعلامي بالخصوص وتعزيز هيأة التحرير بالمتخصصين وبأعضاء المنظمة بما يفعِّل العمل ويرتقي به نحو المستوى المنتظر منه.. والمنظمة فيها من الكوادر الكبيرة والطاقات المعرفية وهو ما يتطلب بوضوح تفعيل تلك الطاقات بتكليفها بوضع دراسات للأوضاع القائمة وما ينبغي التحرك فيه خطوة فخطوة ...

وبالتحديد في مجالات العمل الإعلامي لا يمكن التراخي والتلكؤ لأنَّ العصر يتجه نحو منافسة حادة تطيح بأكثر الأجهزة رسوخا وقوة وهو ما يعني ضرورة التقدم نحو المهمات المؤمـَّـلة بخطوات مدروسة.. وتجنب مواضع التنافس ولكن ولوج عالم الفعل من أوسع أبوابه ولتكن نشرات الاتصال الإعلامية التي توزَّع على الفضائيات من أوليات المهام التي تقوم بها عراق الغد..

بمعنى أنْ تكون عراق الغد جهة تزويد بدلا من جهة استهلاك وأخذ ويمكننا بالخصوص أنْ نقدِّم بعض تلك التقارير التي يبعثها زملاؤنا في الداخل مع معالجة تحريرية مخصوصة إلى أجهزة الإعلام بصفة رسائل كما يمكن أنْ نهتم بتحرير زوايا بحثية أو مقالية يومية أو أسبوعية ونسجِّل لها النشر في عدد من الصحف العراقية بوسائل اتصال مناسبة..

وينبغي الاهتمام  بقضايا تخص إخراج المواد على سبيل المثال فإنَّ "كتـّاب الموقع" هي صفحة غير منظمة في الوقت الحاضر ولا ترتقي لمستوى الاهتمام المناسب بها من جهة وتوضع الأسماء صغيرها وكبيرها بطريقة عشوائية غير مدروسة ما يلغي النتائج المرتجاة من كتابة المتخصصين وغيرهم. وعلينا من أجل التطوير والتطور أنْ نقرأ بين الفينة والأخرى ما نحن فيه..

ومثل هذه الزاوية أو الصفحة عدد آخر ينبغي التعاطي معه بقراءة إعلامية متخصصة.. وغير مسائل الإخراج الفني لابد من الاهتمام بمسائل النشر على مستوى الدراسات في شأن المجتمع المدني وتوزيعها بمحاور مخصوصة وترتيبها بما يجعلها أكثر تأثيرا وفاعلية في الوسط العراقي القاحل بعد سنوات عجاف ومجتمعنا بحاجة قوية ماسة لهذه المعلومات ..

ومن المناسب البدء بقراءات تخص العمل البرلماني وأشكال أو طرق الانتخابات الفردي والقائمة والتوزيع الدوائر ومسائل عديدة أخرى متنوعة يتعرف إليها العراقي قبيل إجراء الانتخابات للمرة الأولى صحيحة في بلادنا بعد كل زمن العبث والتمثيل والتشويه لتلك العملية التي تشكل الحق الأساس للمواطن وهذا محور من المحاور المهمة المنتظرة..

وعلى عراق الغد التحول إلى مؤسسة جدية لكي تنهض بالمهمات الكبرى الملقاة على عاتقها ويمكنها ذلك بالمباشرة بالاتصال بجرائد وصحف عراقية والتنسيق معها في حملات إعلامية تديرها كوادر منظمة المجتمع المدني على وفق دراسات ومحاور وندوات مخطط لها بعلمية وأكاديمية مناسبتين كما يمكن لعراق الغد عقد الدورات أو الندوات أو ماشابه من أنشطة في كلية الإعلام ببغداد ونقلها عبر فضائيات عراقية معروفة ومنها الفضائيتان الكرديتان..

الاحتفال بعراق الغد بمستوى بسيط غير صحيح ولا صائب.. وينبغي تجاوز مسألة الإمكانات المادية والدخول في أعمال تنسيق وعقد لقاءات إعلامية مع عدد من الفضائيات التي تتيح مثل تلك الفرصة ومازال لدينا الوقت الكافي للاتصال ومن ثمَّ الحديث عن احتفالية تفتح آفاق التحول النوعي كون عراق الغد ليس موقع إنترنت بل هو صوت منظمة كبيرة الأهمية في مجتمعنا الجديد...

ومن الطبيعي التساؤل عن طبيعة تسجيل عراق الغد في مواقع الأنترنت ومكائن البحث لتوسيع القراء ومن الضروري وضع آليات اتصال بقراء الداخل فورا بوضع استفتاءات واستبيانات وقراءة النتائج والتحرك في ضوء ذلك.. وعلينا أنْ نتصل بكل جهة مهما صغـُر حجمها في الداخل ولكنها يمكن أنْ تمنحنا فرص اللقاء مع جمهورنا ولكن من أول تلك الجهات ستكون مؤسسات أكاديمية جامعية والعمل على جذبها للمساهمة ببحوثها والتأكيد على صفحات نشر في زاوية تخضع للتحكيم الأكاديمي على سبيل المثال..

كما سيكون من المجدي تشكيل لجان علاقات عامة فورا وقبل انعقاد مؤتمر المنظمة لأنَّ الإعلام هو التأسيس الأهم في حركة منظمة المجتمع المدني وحقوق العراقيين. وعلينا إذن أنْ نكون عبر آليات عملنا منطلقا لتحريك أجواء إعلامنا الحيوي في عراق جديد يشع حياة وإعلاما يوقف مدّ أبواق تستهدف بلادنا بالخراب والتضليل والتشويش..

ولكن.. وتلك اللكن اللعينة لابد من أنْ تخضع لوقف ومصادرة داخل عراق الغد حتى تستطيع أنْ تنفتح على عالم أرحب وأوسع وتكون جهة إعلامية بحجم كوادرها الكبير وبحجم الأمل المعقود عليها..

وبحق سنفخر بعراق الغد واحتفاليتها كونها أداة إعلام حر ينتهج الديموقراطية ومبادئ العدل ويعمل في ظل أعقد الظروف ولكنه يحقق النجاحات العريضة الكبيرة على الرغم من كل المصاعب..

 

 

خاص بعراق الغد   www.iraqoftomorrow.org