المؤتمر الوطني إشكالات ومعالجات؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  07 \ 19

E-MAIL:  t.alalousi@chello.nl

 

ينعقد في غضون الأسبوعين القابلين المؤتمر الوطني العراقي لتشكيل جمعية وطنية أو هيأة برلمانية الصيغة والوجود المستهدف. ولقد جرى التوافق في الإطار الوطني بأغلبية الرؤى المشارِكة على إجراء انتخابات فرعية تؤدي لاختيار ألف عضو بالأساس انصب الجهد على توصيف اختيارهم أو انتخابهم داخل العراق.. بما يعني استبعاد ملايين خمسة من العراقيين الذين شرّدهم ونكَّلَ بهم النظام الدكتاتوري السابق فضلا عن آلام الاغتراب وتعقيدات المنافي والمهاجر التي اُكرِهوا عليها...

وتلك أولى الإشكالات التي انتقصت من الواقع التمثيلي المرتجى من هكذا مؤتمر وطني يُراد له تمثيل العراقيين كافة بمختلف أطيافهم.. ومن الطبيعي فإنَّ عددا من المجابهات يمكن للجان المتخصصة التي تتابع مهمة التحضير أنْ تسردها ويُفترَض أنَّها نهضت بمسؤولية التشاور لأخذ الرأي العام بغية المعالجة...

ونحن هنا بالتأكيد نضم الصوت مع الجهود المثابرة والنجيبة الرشيدة التي تسير بها قوى شعبنا الحية من أجل ذياك المؤتمر المنتظر.. كما نستوعب الظروف المعقدة التي أدت لبعض الإشكالات التي فُرِضت على الجهات المعنية بفعل ظروف موضوعية محيطة..

ولكننا هنا بحاجة للتأكيد على حقيقة مهمة تفرضها حالة من التنوّع أو حتى الاختلاف والمعاكسة أو المغايرة والتنافر بين الأوساط التي تشارك في المؤتمر الذي دُعي لحضوره أبعد توجهات الطيف في المشهد السياسي العراقي الراهن في طبيعة البرامج والرؤى والسياسات.. ولكن مكونا كبيرا كعراقيي الخارج لم يحظوا بأية نسبة مشاركة!؟ إنَّ ما نريد التأكيد عليه هو كون بعض الثغرات التي نجمت عن ظروف وملابسات موضوعية يمكن تلافيها بالنية الوطنية الإيجابية وبالعمل المثابر الحكيم والرشيد..

أي بالاستجابة لمعالجات  تستجيب للصوت الانتخابي العراقي لملايين اضطرت لركوب مصاعب البحار السبع قبل أنْ تجد نفسها في شتات يمتنع عن استقبالهم حتى يومنا هذا ويهدد برميهم مرة أخرى للبحار التي جاءت بهم.. وهم في أية حال من الأحوال لم يتخلوا عن بلادهم ووطنيتهم ومشاركتهم أبناء شعبهم مسارات السراء والضراء, ولم يبعدهم عن روح المشاركة من أجل غد أفضل لعراق جديد لا منغصات المنافي ولا مغرياته...

وعليه فهم يجدّون في العمل من أجل ترسّم الطريق المناسب الذي يخدم بناء عراقنا الديموقراطي التعددي الفديرالي الموحد.. ولقد بقوا على وعدهم ووفائهم فتنادوا دائما في منظمات وجمعيات ظلت تثير روح الهمة وتربية الأجيال التالية على القيم والمبادئ الوطنية, فحملوا رايات التضامن وتشديد حملات الانتصار للقضية العراقية وجذب كل القوى الحية الشريفة في أرجاء العالم للانتصاف لشعبنا المبتلى...

إنَّ العراقيين يبقون حالة من الانسجام عبر توحد طيفهم الواسع ولا وجود في قواعدهم لأية مظاهر اختلاف أو تشطير وانقسام وإذا كان هناك من إشارات إلى أبناء جنوب وشمال وشرق وغرب وإلى أبناء محافظة أو إقليم أو آخر فإنَّه من الطبيعي أن يستخدموا تلك الإشارة بين عراقيي الوطن والمهجر ولكن من باب تحديدات جغرافية وتوصيفات مكانية ليس لدى العراقي من ورائها أي معنى تقسيمي أو تنافري بالمطلق..

ولكننا هنا لسنا من السذاجة لنعتقد بسلامة توجهات جميع القوى والقيادات السياسية وبرامجها المخصوصة.. بما يكشف وجود عناصر أو حتى بعض القوى [وهي أقلية نادرة الوجود] ولكنَّ التخريب له فرص التأثير السلبي الأسهل بخاصة عندما يمثل أصابع خفية للتدخل الخارجي الإقليمي وغيره. ولذا فتلك القوى أو العناصر [الأقلية]  الساعية بغرضية وأهداف تتستر وراء اختلاق أو افتعال مشكلة اسمها خارج وداخل وهي إشكالية لا قاعدة لها كما نعايش ونعرف نحن العراقيين بعضنا بعضا..

وما ينبغي اليوم من أجل توكيد حقيقة وحدتنا وحرصنا على تعزيز تفاعلنا والإفادة من كل صوت عراقي , هو في الاستماع إلى أصواتنا المتنوعة من دون أية حالة من حالات الإقصاء أو الاستثناء وعليه فإنَّ من المجدي أنْ ترسل القوى العراقية وتشكيلات منظمات المجتمع المدني المنتشرة في المهاجر برؤاها ودراساتها  المتخصصة التي تشير إلى المستهدفات الراهنة ..

ومن الطبيعي أنْ يستقبل المؤتمر الوطني الموسع تلك القراءات بوصفها [أصوات]  لازمة لتوطيد حركة شعبنا التطورية.. والإشارة هنا دعوة لإرسال الرؤى المخصوصة بمهمات المؤتمر الوطني التي تنصب تأسيسا في انتخاب جمعية وطنية مؤقتة للتفاعل مع التصويت الوطني الموحد لصالح مشاركة بلا استبعادات..

هنا يمكن للمؤتمر أنْ يخصص عددا من كراسي الجمعية الوطنية لممثلي الجاليات العراقية المستقرة في الخارج أو يكون لهؤلاء صوت مسموع بقصدية الإفادة من جهودهم وخبراتهم والقدرات المتوافرة لدى منظماتنا العراقية ممثلة جالياتنا العراقية... ومن تلك المنظمات أبرزها إلماما ودراسات وبحوثا وأبرزها توافرا على الخبراء والعلماء والمتخصصين وهي منظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين التي ينتمي إليها من خيرة قادة مجتمعنا الجديد.. فضلا عن تسجيلها في بغداد بقصد نقل أنشطتها إلى الداخل..

بعامة لا يمكن إلا أنْ نجد التفاتا إلى الصوت العراقي مثلما  ابن البصرة تجاه بغداد ومثبما ابن الموصل تجاه الأنبار ومثلما ابن الكوت تجاه كربلاء يكون العراقي ابن هذا المكان تجاه المكان أو العنوان الآخر فليس ابن المهجر إلا ابن العراق الذي لم يوجد في منفاه إلا لحرصه على وطنيته ودفاعه عن شرف انتمائه ما اضطره لمنافي الشتات...

إنَّ مسؤولية المشاركة في بناء عراق جديد لن تشرع في طيرانها إذا حاولت الطيران بجناح واحد فجناح إقلاع طائرة تقدمنا من عراقيي المنافي والمهاجر ما زال يخفق بدورة دم واحدة في الجسد العراقي الواحد.. ولا حياة طبيعية صحيحة وصحية بعمل جزء وبتعطيل أو استغناء عن جزء آخر فلن يكون سهلا وبلا عقيات ومصاعب عمل جزء من دون الآخر...

نحن نثق بزملائنا في الداخل ونمنحهم المباركة ونشاركهم كل تطلعاتهم من أجل نجاح مؤتمرنا الوطني العراقي, طائر العنقاء العراقي الذي سيخفق بقلب واحد وجناحين وتلك هي ثمرة وفاؤنا لعراقنا ووحدتنا وتمسكنا بشعار العراق أولا وعراقنا الديموقراطي الفديرالي الموحد الآن...